الجزائر- “القدس العربي”: كشفت عمليات أمنية أخيرة في الجزائر عن ضبط كميات معتبرة من الكوكايين على متن بواخر قادمة من دول أوروبية، وذلك في وقت تشن السلطات الجزائرية حربا على تجار المخدرات بكل أنواعها والأقراص المهلوسة، في ظل تفشي خطر الإدمان خاصة في أوساط الشباب.
طغت على شهر تموز/ يوليو المنصرم أخبار ملاحقة مافيا الكوكايين بشكل خاص. وفي أبرز العمليات التي شهدها الأسبوع الأخير، تمكنت فرقة بحرية تابعة للمجموعة الإقليمية لحرس السواحل بالجزائر العاصمة بالواجهة البحرية الوسطى من إحباط محاولة إدخال كمية من مادة الكوكايين تُقدر بـ35 كيلوغراما و800 غرام، كانت مُحملة على متن سفينة تجارية تحمل راية دولة مالطا وهذا على مستوى ميناء الجزائر.
وأكدت وزارة الدفاع الوطني أن العملية جاءت بفضل استغلال معلومات بالتنسيق مع مصالح الأمن الوطني حول تواجد كمية من الكوكايين مخبأة داخل السفينة التجارية “هاريس” القادمة من دولة مالطا، والتي كانت راسية على مستوى الرصيف 33 بميناء الجزائر، إذ تم توجيه وحدات عائمة لحراس السواحل قصد تأمين مسرح العملية. وبعد الحصول على إذن النيابة، تم إخضاع السفينة وفق نفس المصدر للتفتيش الدقيق من طرف أعوان حرس السواحل، مما أسفر عن كشف وضبط الكمية سالفة الذكر كانت مخبأة على مستوى رافعة على متن السفينة.
وخلال فارق زمني بسيط، أعلنت مصالح الأمن الوطني عن عملية أخرى تمثلت في إحباط محاولة لإغراق الجزائر بـ 79 كيلوغراما و400 غرام من مادة الكوكايين. وجاءت هذه العملية التي وصفتها مصالح الأمن بأنها من الأكبر في تاريخ الجزائر، استنادا على عمل استعلاماتي عالي المستوى دام لأكثر من 3 أشهر. وقد مكنت التحريات من توقيف 16 شخصا ينحدرون من ولايتي الجزائر العاصمة والبليدة، شمال وسط البلاد، متورطين في العملية.
واللافت أن الشبكة التي أشرفت على العملية، يقودها واحد من أكبر بارونات الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية المدعو “ش. شعيب” المكنى “الحاج زقابوج” الهارب بفرنسا، وهو نفسه المتورط في عملية أخرى شهر نيسان/ أبريل الماضي تتعلق بإدخال مليون ونصف من الأقراص المهلوسة للجزائر، وهو حاليا يواجه 5 مذكرات توقيف دولية.
ومن خلال التحقيقات، توصلت مصالح الأمن إلى كشف مخطط تحويل هذه الكمية المعتبرة من الكوكايين من تمنراست (ولاية حدودية جنوبا) إلى الجزائر العاصمة، مع تحديد هوية عناصر هذه الشبكة بداية بالشخص الذي اختير لنقل هذه الشحنة البالغ من العمر 60 عاما حيث تم توقيفه يوم 23 تموز/ يوليو، بمدينة بريان بغرداية، على متن مركبة رباعية الدفع.
وتأتي هذه العملية بعد نحو أسبوعين من تفكيك شبكة إجرامية دولية تتاجر في المخدرات الصلبة، على مستوى ميناء وهران غرب البلاد، مع حجز أزيد من 5 كيلوغرامات من الكوكايين، وتوقيف شخصين مشتبه فيهما، تبلغ أعمارهما 45 و50 سنة على التوالي، وينحدران من المناطق الحدودية مع المغرب.
وكانت الجزائر في أيار/ مايو الماضي، قد تجنبت كارثة حقيقية، بعد اعتراض حاوية معبأة بأكثر من 3 قناطير من الكوكايين كانت متوجهة إلى ميناء وهران غرب البلاد انطلاقا من ميناء ألجزيراس في إسبانيا، في تكرار لسيناريو 2018 حين تم اكتشاف شحنة 7 قناطير من الكوكايين والتي تسببت حينها في ضجة كبرى أدت لإقالة مسؤولين كبار في نظام الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
تمثل موانئ إسبانيا محطات عبور رئيسية للسفن القادمة من أمريكا الجنوبية قبل مواصلة السلع المصدرة رحلتها إلى بلدان المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط عموما، وهو ما يجعل هذا البلد حلقة مهمة في تعقب تجارة الكوكايين الدولية
وبالنظر للأبعاد الخطيرة التي أخذتها ظاهرة تعاطي المخدرات، كثفت السلطات من عمليات الملاحقة ضد صغار التجار والبارونات، في حملة تستهدف تطهير البلاد من هذه الآفة.
وخلال الأسبوع الماضي، تمكنت قوات للجيش بالتنسيق مع مختلف مصالح الأمن خلال عمليات عبر النواحي العسكرية، من توقيف 36 تاجر مخدرات وأحبطت محاولات إدخال 174 كيلوغراما من الكيف المعالج (الحشيش) عبر الحدود مع المغرب، فيما تم ضبط 271007 أقراص مهلوسة، وفق حصيلة أعلنتها وزارة الدفاع.
وتنسق المصالح الأمنية لملاحقة الشبكات الدولية مع نظرائها الأجانب. وكانت نهاية حزيران/ يونيو الماضي، موعدا للإعلان عن صيد ثمين يتمثل في أكبر بارون للمخدرات في مارسيليا المسمى محمد جحا الشهير بـ”ميمو” والذي قبض عليه في عملية نوعية قرب مدينة وهران غربي البلاد، دفعت السلطات الفرنسية لتقديم الشكر على هذا الإنجاز الكبير.
وأقرت الجزائر مؤخرا قانونا جديدا لمكافحة المخدرات ينص على عقوبات أكثر تشددا قد تصل إلى 30 عاما سجنا إذا كان الفاعل موظفا عموميا سهلت له وظيفته ارتكاب الجريمة، وترتفع العقوبة إلى السجن المؤبد في حال ارتكبت هذه الأفعال من قبل جماعة إجرامية منظمة”.