لندن – أ ف ب – يخوض بوريس جونسون الاثنين في بروكسل، غمار الدبلوماسية الاوروبية وسط اجواء حساسة اشاعها تعيينه وزيراً للخارجية البريطانية، بعدما قاد معسكر خروج لندن من الاتحاد الأوروبي.
والعاصمة البلجيكية ليست غريبة عن جونسون. فقد كان مراسلاً فيها لصحيفة “دايلي تلغراف” بين العامين 1989 و1994 في فترة شهدت توتراً شديداً بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ومساء الاحد، يلتقي رئيس بلدية لندن السابق الذي عينته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاربعاء وزيراً للخارجية، مسؤولة الدبلوماسية الأوروبية فيديريكا موغيريني “في اتصال اول” في اطار عشاء خاص.
وأكدت متحدثة ان موغيريني “مستعدة للتعاون” مع جونسون “كما مع جميع وزراء الخارجية الآخرين”.
ولكن تم إلغاء عشاء غير رسمي في اليوم نفسه، كان سيجمع جونسون بنظرائه الأوروبيين لمناقشة خروج لندن من الاتحاد.
وأوضح دبلوماسي رفض كشف هويته، ان عواصم عدة رفضت عقد هذا اللقاء كونه يشكل بداية ل”مفاوضات غير رسمية” مع لندن، قبل ان تبلغ حكومتها رسمياً الاتحاد الأوروبي نيتها الخروج عبر تفعيل المادة خمسين من معاهدة لشبونة.
وبناء عليه، سيلتقي وزراء الخارجية الأوروبيون الـ28 الاثنين في اطار اجتماعهم الشهري، على ان يعرضوا الملفات الدولية الكبرى (سوريا وليبيا وعملية السلام في الشرق الاوسط) مع نظيرهم الأميركي جون كيري الذي يقوم بجولة اوروبية.
لكن هذا الاجتماع سيكون خصوصاً، مناسبة لـ”اكتشاف” جونسون المعروف بتصريحاته الحادة والمسيئة، في “زي” الدبلوماسي.
وأثار تعيينه وزيراً للخارجية البريطانية انتقادات شديدة في اوروبا. واعتبر نظيره الفرنسي جان مارك ايرولت انه “كذب كثيراً” خلال الحملة التي سبقت الاستفتاء حول بريكست.
– المفضل لدى تاتشر –
تذكر عودة بوريس جونسون الى بروكسل بالأعوام التي امضاها صحافياً في “ديلي تلغراف”. يومها، كان الكاتب المفضل لدى رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر (1979-1990) بسبب مقالاته اللاذعة وتعابيره الجارحة.
ويقول كريستيان سبيلمان الذي كان مراسلاً لوكالة فرانس برس في بروكسل في تلك الفترة، “الواقع انه لم يكن يخترع الأحداث لكنه كان ينحو الى المبالغة”.
منذ كان مراسلاً، هاجم جونسون ما اعتبره اموالاً مهدورة في اطار المساهمات الأوروبية. وظل متمسكاً بحجته هذه وصولاً الى الحملة التي سبقت الاستفتاء.
يتذكر الصحافيون الذين عايشوه خصوصاً، اسلوبه الاستفزازي في طرح الاسئلة وشعره الأشقر المشعث.
واذا كان يهوى اثارة الجدل والعناوين البراقة، فانه كان ملماً بكواليس بروكسل اكثر من معظم البريطانيين، علماً بأنهم من بين الأقل معرفة على صعيد القارة بآلية عمل الاتحاد الاوروبي.
عمل والده ستانلي في المفوضية الأوروبية قبل ان يصبح نائباً اوروبياً محافظاً. وجونسون نفسه كان طالباً في المدرسة الاوروبية في بروكسل قبل ان ينتقل الى جامعة ايتون الشهيرة في شرق لندن.
لا شك ان شخصيته اثارت اعجاب رئيس تحرير “دايلي تلغراف” آنذاك ماكس هاستينغز حين كان يبحث عن مراسل جديد في بروكسل.
لكن هاستينغز لم يوفر جونسون من انتقاداته مذذاك. ومثله مجمل وسائل الاعلام البريطانية التي استقبلت بريبة كبيرة تعيينه وزيراً للخارجية كون شخصيته تتنافى مع كل ما يتصل بالدبلوماسية.
وقد تجلى ذلك خلال ظهوره الرسمي الاول الخميس في سفارة فرنسا في لندن، لمناسبة 14 تموز/يوليو. فجونسون الذي حضر ليطمئن منتقديه الى انه ليس عدواً لأوروبا، القى خطاباً تخللته صيحات الاستهجان اكثر من التصفيق.