لندن- “القدس العربي”: نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا أعدته نحال توسي ولارا سليغمان وبول ماكليري قالوا فيه إن المسؤولين الأمريكيين يشعرون بالقلق من أن يتطور العنف بجوار إسرائيل إلى حرب إقليمية أكبر، مثل ضربات صاروخية من اليمن أو عمليات قتل في الضفة الغربية وهجمات على القوات الأمريكية في سوريا، وذلك قبل أن تشن إسرائيل رسميا غزوا بريا لغزة.
ويشعر مسؤولو إدارة بايدن بالقلق بشكل خاص من أن الجماعات المسلحة المدعومة من إيران تستعد لإراقة المزيد من الدماء. وإلى جانب حماس، تشمل تلك القوات الوكيلة حزب الله في كل من لبنان والعراق والحوثيين في اليمن.
يشعر مسؤولو إدارة بايدن بالقلق بشكل خاص من أن الجماعات المسلحة المدعومة من إيران تستعد لإراقة المزيد من الدماء
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع للصحافيين يوم الإثنين، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، “نرى احتمالا لتصعيد أكبر بكثير ضد القوات والأفراد الأمريكيين على المدى القريب. دعونا نكون واضحين بشأن ذلك، الطريق يؤدي إلى إيران”.
ويشعر المسؤولون العرب بالقلق أيضا. وهم يحثون واشنطن على المساعدة في نزع فتيل التوترات باستخدام نفوذها لدى إسرائيل. ويقول البعض إن الولايات المتحدة يجب أن تدعو إلى وقف إطلاق النار، لكن فريق بايدن غير مستعد للقيام بذلك، قائلا إن لإسرائيل الحق في الرد على هجمات حماس.
ومن الصعب بشكل خاص احتواء العنف لأن الشرر يتطاير في العديد من الأماكن المختلفة. وإذا لم تتراجع التوترات قريبا، فإن “المنطقة بأكملها سوف تتأثر”، كما توقع أحد الدبلوماسيين العرب، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لنفس السبب، قائلا “لن ينجو أحد”.
وأشارت المجلة إلى بعض النقاط الساخنة المرشحة للتوتر، وهي العراق وسوريا حيث تعرضت القوات الأمريكية بالفعل لهجوم من المسيرات والصواريخ أكثر من 12 مرة في الأسبوع الماضي. ويشعر المسؤولون بالقلق من أن هذه الهجمات صغيرة النطاق، التي ألقى البنتاغون باللوم فيها على الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، يمكن أن تستمر – بل وتتفاقم. وهناك قلق من أن الهجمات قد تتوسع إلى ما هو أبعد من العراق وسوريا – حيث يوجد 2500 و900 جندي أمريكي، على التوالي – إلى آلاف الأفراد الأمريكيين الآخرين المتمركزين في جميع أنحاء المنطقة، من البحرين إلى الإمارات. وحتى السفن التجارية في الخليج يمكن أن تتعرض لتهديد متزايد، وفقا لمسؤول أمريكي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة موضوع حساس. وقال مسؤول عسكري أمريكي كبير للصحافيين: “بشكل عام، نعلم أن هناك تهديدا كبيرا بالتصعيد في جميع أنحاء المنطقة، وسيشمل ذلك القوات الأمريكية”.
وجه وزير الدفاع لويد أوستن قوات إضافية إلى المنطقة ردا على الهجمات في العراق وسوريا، بما في ذلك إعادة توجيه مجموعة حاملة طائرات هجومية في طريقها إلى شرق البحر الأبيض المتوسط إلى قيادتها في الشرق الأوسط يوم السبت. وقال البنتاغون إنه نشر أيضا قدرات دفاع جوي إضافية بما في ذلك كتائب باتريوت ونظام دفاع منطقة عالي الارتفاع (نظام ثاد) في مواقع في جميع أنحاء المنطقة، هذا بالإضافة إلى مجموعة حاملة طائرات أخرى تعمل حاليا في شرق البحر الأبيض المتوسط، وآلاف من القوات المجهزة بأوامر الاستعداد للنشر على مدار 24 ساعة في حالة الحاجة.
أما النقطة الثانية فهي الحدود الإسرائيلية- اللبنانية، التي أصبحت هذه بالفعل مسرحا لهجمات متبادلة مكثفة على ما يبدو بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله. وتقوم إسرائيل بإخلاء القرى القريبة من الحدود وسط إطلاق الصواريخ ومخاوف بشأن توغلات المسلحين.
وبحسب خالد الجندي، المحلل في معهد الشرق الأوسط، إن مثل هذه المناوشات مثيرة للقلق ولكنها ليست غير مسبوقة، ولا يزال من الممكن منعها من المزيد من التصعيد. وقال “يواجه حزب الله ضغوطه الداخلية، ولبنان بالفعل دولة تعاني من أزمة اقتصادية خانقة. إنهم لا يريدون أن يحدث لهم هذا النوع من الموت والدمار الذي يحدث في غزة”. وقد اعتمد المسؤولون الأمريكيون على الزعماء اللبنانيين لتوضيح ذلك لحزب الله. وفي مكالمة هاتفية حديثة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، أكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن “أهمية احترام مصالح الشعب اللبناني، الذي سيتأثر بانجرار لبنان إلى الصراع الذي حرض عليه هجوم حماس على إسرائيل”، بحسب بيان رسمي لوزارة الخارجية الأمريكية.
النقطة الثالثة، هي الضفة الغربية التي قتل فيها العشرات من الفلسطينيين منذ هجوم حماس. ويشتبه في أن العديد منهم لقوا حتفهم على أيدي المستوطنين الإسرائيليين الذين يقيمون في المنطقة، وربما يستغلون هذه اللحظة لزرع الخوف في المجتمعات الفلسطينية ومحاولة الاستيلاء على أراضيهم.
كما شن الجيش الإسرائيلي غارات ونفذ غارة جوية واحدة على الأقل في الضفة الغربية، استهدفت مسجدا قال مسؤولون إسرائيليون إن حماس تستخدمه كقاعدة للتخطيط لهجمات.
المسؤولون الأمريكيون قلقون للغاية من أن تتحول الاشتباكات في الضفة الغربية إلى صراع أكثر خطورة
وقال جون ألترمان، المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يتحدث مع مسؤولي الإدارة، إن المسؤولين الأمريكيين قلقون للغاية من أن تتحول الاشتباكات في الضفة الغربية إلى صراع أكثر خطورة. وكانت التوترات مرتفعة بالفعل على نحو غير عادي في الضفة الغربية قبل هجوم حماس، ويعود معظم ذلك إلى الإحباط الفلسطيني بشأن المستوطنات الإسرائيلية حيث يبدو السكان أكثر استعدادا للتصرف بعنف. وأضاف ألترمان: “الضفة الغربية هي مكان خاص في الوسط. لديك مستوطنون مسلحون، بعضهم لديه آراء مسيحانية. لديك ولايات قضائية معقدة – أي قانون يطبق على من، وما شابه”.
ظهر اليمن كجبهة جديدة محتملة عندما اعترضت مدمرة بحرية أمريكية 4 صواريخ باليستية وأكثر من 12 طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون في شمال البحر الأحمر
ويعتبر اليمن هو النقطة الرابعة، هو اليمن الذي ظهر كجبهة جديدة محتملة يوم الخميس عندما اعترضت المدمرة البحرية الأمريكية، يو إس إس كارني، 4 صواريخ باليستية وأكثر من 12 طائرة مسيرة أطلقها المتمردون الحوثيون اليمنيون في شمال البحر الأحمر. وقال متحدث باسم البنتاغون إن الصواريخ كانت متجهة شمالا باتجاه إسرائيل عندما تم إسقاطها. ويعتقد على نطاق واسع أن الحوثيين المدعومين من إيران يمتلكون صواريخ باليستية قادرة على ضرب إسرائيل. ومن غير الواضح كم عدد هذه الصواريخ التي يمتلكها الحوثيون، لكن عرضا عسكريا في العاصمة اليمنية صنعاء الشهر الماضي أظهر العديد من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى الجديدة التي صنعتها إيران وزودتها بها.
وتمتد نقاط السخونة لعواصم الشرق الأوسط الأخرى، التي نظمت فيها احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين مع انتشار الكلمات والصور من الحرب بين إسرائيل وحماس. وكانت المرافق الدبلوماسية الأمريكية والإسرائيلية بمثابة نقاط محورية لمثل هذه المظاهرات، واستخدمت الشرطة في دول مثل الأردن ولبنان الغاز المسيل للدموع لتفريق بعض المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مثل هذه المباني. ورغم خوفهم منها، سمح حكام المنطقة الديكتاتوريين لهذه المظاهرات من أجل التنفيس عن غضبهم ضد الإسرائيليين، حتى أولئك الذين لديهم اتفاقيات سلام مع إسرائيل. لكنهم غالبا ما يكونون أنفسهم بدون قاعدة شعبية كبيرة، وهناك دائما خطر أن تنقلب الاحتجاجات ضدهم. وقد يتصاعد الإحباط تجاههم بشكل خاص مع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين.
رغم خوف بعض الحكام العرب من المظاهرات إلا أنهم سمحوا بها من أجل التنفيس عن غضب الشعب ضد إسرائيل، وأولئك الذين لديهم اتفاقيات تطبيع يشعرون دائما بخطر أن تنقلب الاحتجاجات ضدهم
وهناك قلة تتوقع ربيعا عربيا ثانيا، إلا أن دبلوماسيا عربيا ثانيا قال إنه “ستستمر الاحتجاجات وسيكون هناك ضغط قوي للغاية على السلطات والقادة. عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية… فهي قضية مشتركة. إنها في دمائنا”. وهناك خوف من انتشار العنف حول العالم، وربما يبث هجوم حماس حياة جديدة في الحركات الإسلامية المتطرفة التي حظيت قضيتها بقدر أقل من الاهتمام نظرا للتركيز الدولي المتزايد على حرب روسيا على أوكرانيا والتنافس الأمريكي مع الصين.
على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كانت تلك الهجمات لها صلة مباشرة بالصراع بين إسرائيل وحماس، إلا أنها جميعها أخذت في الاعتبار مخاوف الاتحاد الأوروبي المتزايدة بشأن التمحيص في المهاجرين وطالبي اللجوء بشكل أفضل. كما تم الإبلاغ عن العديد من الهجمات المعادية للسامية والمسلمين في الأيام الأخيرة، بما في ذلك في الولايات المتحدة. وفي إلينوي، قتل صبي أمريكي من أصل فلسطيني يبلغ من العمر 6 سنوات وأصيبت والدته عندما تعرضا للطعن في جريمة كراهية. وقالت الشرطة إن المشتبه به، وهو مالك المنزل، كان غاضبا بسبب هجوم حماس على إسرائيل.