لندن – “القدس العربي” – إبراهيم درويش: أوزرا ضيا هي دبلوماسية أمريكية عملت قائمة بأعمال ونائبة السفير الامريكي في باريس والقائمة بأعمال المساعد للأمين العام لمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، وهي الآن باحثة في مركز التقدم الأمريكي، كتبت في مجلة “بوليتكو” تقول إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقوم بتحويل الدبلوماسية الامريكية كما كانت من قبل “بيضاء ورجولية” ولا مكان فيها للتنوع العرقي والثقافي الأمريكي.
وقالت “عندما انضممت للخدمات الخارجية الأمريكية في عام 1990، كنت أمزح دائما أنا وزملائي من جنوب آسيا- الأمريكيين ونشعر بالارتياح وقبولنا على الطاولة. فببشرتي البنية وشعري الأشعث واسمي الذي لا يشي بأصولي الأنغلو- ساكسونية فلم أشبه الرؤية التي يحملها الأجانب عن الدبلوماسي الأمريكي- أبيض ورجل وربما بنظارة صغيرة لتكمل الصورة”.
وتضيف أنها واجهت أسئلة كثيرة عندما كانت تعمل في السفارات الامريكية في جامايكا ومصر وعمان وسوريا والهند حيث كان يظنها البعض موظفة محلية وعادة ما كانت تأخذ وقتا وهي تشرح للسائلين أن أمريكا ليست كما يظنون. وأن كل شخص مهما كان لونه أو معتقده يمكنه أن يكون أمريكيا وينضم إلى السلك الدبلوماسي الأمريكي.
وتقول إن شابا سوريا عبر عن تلك الرؤية عندما قال لها “حقيقة انك دبلوماسية أمريكية هو ما يدفعني لان أكون أمريكيا”.
فلم تعد وزارة الخارجية ناد للوزراء الشاحبين في ظل كل من هيلاري كلينتون وكولن باول اللذان طالبا بالتنوع في الوجوه وفرص العمل في الوزارة المسؤولة عن تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية.
وسمحت برامج توظيف مثل بيكرينغ ورانغيل لمئات من الرجال والنساء الموهوبين الذين ينتمون لأقليات غير ممثلة الدخول في السلك الدبلوماسي.
وبحلول حزيران (يونيو) 2018 كانت نسبة الأمريكيين من أصول آسيوية 6.8% من مجمل العاملين في الخارجية وهي نسبة أعلى من عدد السكان الأمريكيين من أصول آسيوية حسب إحصاء 2010، فيما تصل نسبة الهسبانو 6.0% والأفروأمريكيين 5.4% أما الأمريكيين الأصليين فلا تتعدى نسبتهم 0.3% ونسبة هذه الأقليات هي أقل من عددها حسب الإحصاء السكاني.
وتعلق ضيا أن تقدم الولايات المتحدة نحو التنوع ليس متناسبا بالدرجة الكافية ولكن تجربتها مع الإدارات الجمهورية والديمقراطية تكشف أن الحكومات المتعاقبة ترغب ببناء سلك دبلوماسي يبدو ممثلا لكل الأمريكيين.
وتقول إنها كابنة مهاجر هندي- أمريكي وتفخر بكونها من الجيل الاول المولود في الولايات المتحدة فقد تدرجت في سلك الخارجية الأمريكية بدون شعور أن عرقها أو دينها أو جنسها هو معوق لكي تتقدم في العمل الدبلوماسي.
وبقي الحال حتى وصل ترامب إلى الحكم. ففي عام 2017 حيث انشغل الإعلام بوصف فترة ريكس تيلرسون المتفجرة وعلاقته المتوترة مع البيت الأبيض جرت عملية موازية لاستبعاد الأقليات من المراكز الرفيعة في وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية في الخارج. وبدا هذا واضحا في الصف الأعلى من الخارجية، حيث استقال أو عزل ثلاثة مسؤولين بارزين من أصول أفريقية ولاتينية من مراكزهم في الخمس أشهر الأولى من إدارة ترامب وحل محلهم مسؤولون بيض.
وتقول إن الأشهر التي تلت خروج المسؤولين من الاقليات لاحظت موجة جديدة تقوم على استبعاد الدبلوماسين من الأقليات من اجتماعات وزارة الخارجية التي يحضرها المسؤولون البارزون. وتم تخفيض مسؤولياتهم لمهام أقل من مراكزهم وتم تجاوزهم في التعيينات للمراكز الكبرى وفي السفارات.
ولم تكن المسألة متعلقة بالطريقة التي جرت فيها التعيينات بل إن البيانات عن الخدمات الدبلوماسية الخارجية تؤكد استبعاد الأمريكيين غير البيض من المراكز العليا، فبحسب جمعية الدبلوماسيين الأمريكيين فإن 64% من السفراء الذين عينهم ترامب هم بيض أي بزيادة 7% عن فترة باراك أوباما.
ولم يعين ترامب على خلاف الرؤوساء الستة السابقين له ولا سفيرة أمريكية من أصول أفريقية. وكانت نسبة السفيرات الأمريكيات من أصول أفريقية في عهد أوباما 6% و5% في عهد جورج دبليو بوش والذي عين وزيري خارجية من أصول أفريقية، كولن باول وكوندوليزا رايس. وفي الفترة ما بين إيلول (سبتمبر) 2016 إلى حزيران (يونيو) 2018 تراجع عدد العاملين في الخدمات الدبلوماسية الخارجية من 4.6% إلى 3.2%.
وتم وضع قيود أوسقف لوصول العاملين في الخدمات للمراكز العليا فنسبة السفيرات في إدارة ترامب هي 26% وهي نقطيتن أعلى من إدارة بوش ولكنها أقل بنسبة 7% من تعيينات أوباما. وتقول ضيا إن تحولات ربع قرن بدأت من عهد بيل كلينتون بزيادة السفيرات قد تم وقفها وإعادتها للوراء في عهد ترامب.
وتقول الخارجية إنها تعمل على معالجة الأمر حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية هيذر نوريت إن وزير الخارجية مايك بومبيو يقوم بملء المناصب الشاغرة ويأخذ بعين الإعتبار التنوع. ورغم عدم نفي الوزارة تراجع عدد السفراء من أصول أفريقية ولاتينية وآسيوية إلا أنها تقول أن عدد النساء اللاتي تم تعيينهن كسفيرات من الأقليات قد زاد في الفترة ما بين 2016- 2017.
وهذا أمر مشجع على المستوى الوظيفي ولكن عدد المسؤولين من الأقليات في المراكز البارزة يظل منخفضا. وهناك فرصة أمام بومبيو لوقف الموجة خاصة أن هناك الكثير من المراكز والسفارات بدون سفير ويجب ملؤها، وكان لدى اوباما وبوش الفرصة لتشكيل الخارجية خلال فترتين رئاستيين، إلا أن السلك الدبلوماسي في عهد ترامب يبدو أبيضا وأقل تنوعا.
وتقول إنها قادت السفارة الأمريكية في باريس وسط ثلاث هجمات إرهابية على العاصمة الفرنسية ونظمت زيارة ترامب في يوم الباستيل لباريس وعندما عادت إلى أمريكا فقد تم منعها ثلاث مرات من مراكز بارزة. وأخبرها مسؤول في مرتين أنها وأفريقية أخرى أنهما لن تنجحا ما أسماه “امتحان بريتبارت” و”بعد عام من الإدارة التي ضحدت فكرة أمريكا التي دافعت عنها ولـ 27 عاما في الخارج، علمت أنني لن أكون جزءا منها وتركت الحكومة بداية هذا العام”.
وتكشف الدراسات أن أمريكا تكون في أنجح حالاتها عندما تعيين مواهب متنوعة. ومجلس الأمن القومي ليس استثناء حيث أظهرت دراسة لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في آذار (مارس) 2018 أن على الولايات المتحدة أن تعتمد على كل مواهب كل السكان لكي تحافظ على مركزها القيادي الدولي.
وتختتم بالقول “خلال عملي شاهدت الأثر المثير للإعجاب الذي تركته الفرق المتنوعة- رجال ونساء من كل الخلفيات الإجتماعية- حيث شكلوا ردا متعددا على هجمات 9/11 وساعدوا ضحايا الإرهاب وطوروا حماية دولية للمدافعين عن حقوق الإنسان المحاصرين ووقف انتشار الأمراض المعدية”.
ومن الصعب استخدام التنوع في ظل خدمات نسبة العاملين البيض فيها هي 88.8%. ويجب أن لا يكون لدى أي شخص وهم من أن الرئيس الذي يعتمد على العرق الأساسي في التوظيف واتخاذ القرارات ويهاجم بشكل روتيني الأفرو- أمركيين والمسلمين الأمريكيين والنساء سيدافع عن الذي لا يشبهونه في لون البشرة. والخطوة الوحيدة لبناء وزارة خارجية تشبه الأمريكيين هو انتخاب رئيس يدافع عن تراث المهاجرين وتنوع كجزء مهم يزيد من قوة الدبلوماسية الامريكية.