بوليتيكو: زيارة النائب جمال بومان للخليل والضفة تحولت لعامل يهدد فرص إعادة انتخابه في نيويورك

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا عن النائب الديمقراطي جمال بومان الذي غيرت زيارة لإسرائيل مواقفه السياسية وربما كلفته إعادة انتخابه.

وفي التقرير الذي أعده كالدر ماتشغو جاء أن بومان نزل في نهاية عام 2021 من حافلة سياحية في مدينة الخليل. وكان النائب عن منطقة نيويورك في زيارة لمنطقة “أتش2” وهي المدينة القديمة والتي لا تزال تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية ومحاطة بأسلاك شائكة وتغطيها نقاط التفتيش. وكان بومان في زيارة لمدة ثلاثة أيام للشرق الأوسط، ولكنه كان يشاهد أشياء لم ير مثلها وتغير مواقفه من النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني ودعمتها مجموعة جي ستريت الليبرالية الصهيونية في أمريكا.

 وفي ذلك اليوم زار مدرسة تديرها الأمم المتحدة حيث كان يسمع من نوافذها صوت الرصاص الحي وتنشق الجميع رائحة العجلات المحترقة التي تسربت من نوافذ المدرسة.

وعاد بومان بمعنويات متدنية و”هناك شوارع لا يمكنك المشي فيها وأماكن لا يمكن الذهاب إليها، فقط لأنك فلسطيني” حيث كتب تغريدة أرفقها بصورة له مع التلاميذ و”عندما سألت عن أحلامهم، كانت إجابتهم بسيطة: الحرية ويجب أن ينتهي الاحتلال”.

واستحضر ما حدث لاحقا، قائلا: “تستطيع أن تشعر بمدى الاختناق الذي تعيشه الضفة بسبب المستوطنات”. وكانت الرحلة لحظة تغير بالنسبة له، واحدة تركت ظلالا من الشك حول منظور حل الدولتين، وهي السياسة التي تتبناها الإدارة الأمريكية.

وقال “كان حل الدولتين هو ما تقوله للجميع حتى لا يزعجوك وتستطيع من خلاله إرضاء الجميع، حرية للفلسطينيين ودولة يهودية”، لكن ما أخذه معه بعد رحلة استمرت خمسة أيام هو أن الحكومة الإسرائيلية ليس لديها متابعة لحل الدولتين أو رغبة بدعم عملية سلمية مستدامة وأن استمرار الولايات المتحدة في تقديم الدعم لإسرائيل بدون شروط أمر غير حكيم.

وبعد الرحلة غير بومان موقفه ليصبح واحدا من أشد نقاد إسرائيل في الكونغرس بدلا من متابعة دعم الموقف الرسمي للحزب. وانتقل من التصويت لدعم المساعدات لإسرائيل وجهود التطبيع إلى دعم حركة المقاطعة لها.

 ولاحظ الناخبون في دائرته الانتخابية التي يعيش فيها أكبر تجمع لليهود الأمريكيين، أن هذا الموقف لم يعد قابلا للدفاع عنه بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. وهو يواجه تحديا في الانتخابات التمهيدية من مدير شركة ويستشتر كاونتي، جورج لاتيمر، الذي جعل من دعم إسرائيل جزءا من حملته الانتخابية.

وقبل الانتخابات في الأسبوع المقبل يبدو أن استراتيجية لاتيمر أثمرت جهودها. ففي واحد من استطلاعات المنطقة أجراها مركز بيكس-11 في بداية حزيران/يونيو أظهر تقدم لاتيمر بـ 17 دقيقة على بومان.

 ومع استمرار المنافسة بين بومان ولاتيمر اندلعت معركة أخرى بين اليسار والوسط في الحزب الديمقراطي، وبين النائبة الديمقراطية ألكسندرا أوكاسيو كورتيز وجماعة اللوبي المؤيدة لإسرائيل إيباك. ومن هنا أصبحت رحلته عام 2021 إلى الضفة الغربية علامة هامة قد تنهي مسيرته السياسية. وكان بومان مدير مدرسة حيث دخل في حلبة النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي في أول لحظة أصبح فيها سياسيا. ففي عام 2020، هزم النائب المفضل لإيباك إليوت إنجل الذي مثل الدائرة لمدة طويلة.

وأنفقت المنظمات المؤيدة لإسرائيل مليوني دولار على الحملة، لكن بومان فاز بدعم من منظمة العدالة الديمقراطية وفي ذروة انتشار حركة حياة السود مهمة. وفي البداية، حاول بومان التقليل من حملة اللوبي المؤيد لإسرائيل مشيرا إلى أنه دعم حل الدولتين وعبر عن رفضه لحركة المقاطعة والتي يدعمها الكثيرون في اليسار.

وعندما هزم بومان إنجيل لاحظ موقع “ذي انترسيبت” أن “ما هو واضح أن خسارة اللوبي الإسرائيلي ليس بالضرورة انتصارا مباشرا لحركة حقوق الفلسطينيين”.

وعندما دخل الكونغرس، كان هذا التقييم صحيحا، حيث صوت خلال 10 أشهر من انتخابه على رزمة 3.3 مليار دولار دعما لإسرائيل ولتمويل القبة الحديدية. ودعم مشروع قرار لتعزيز اتفاقيات إبراهيم بين إسرائيل ودول عربية منها الإمارات والبحرين والمغرب.

ورغم كونه جزءا من المجموعة في الكونغرس المعروفة بـ “الفرقة” إلا أنه انفصل عنها واختار متابعة الموقف الديمقراطي الرسمي فيما يتعلق بمساعدة إسرائيل، مع أنه دعم مشروع قرار لتحديد الدعم لها. وأغضب اليسار عندما زار إسرائيل فيما نظر إليها على أنها دعم تكتيكي للحكومة الإسرائيلية وبخاصة بعد ظهوره في صورة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، إلا أن الرحلة غيرت نظرته وجعلته قريبا من اليسار.

وتضمنت رحلته لقاءات مع مسؤولين في منظمات إنسانية وحقوقية ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية. وزار القدس والقبة الحديدية ومتحف ياد فاشيم وأجزاء من الضفة الغربية وقال إنه ذهب إلى الحدود مع غزة وحاول العبور إليها ولكن الحكومة منعته نظرا للمخاطر. وبعد عودته غير من مواقفه، ففي شباط/فبراير 2022 سحب دعمه لمشروع يقوي اتفاقيات إبراهيم ودعم مشروع قرار للاعتراف بيوم النكبة. وبعد نجاته من تحديات عدة دعمتها الجماعات المؤيدة لإسرائيل، صوت ضد قرار في مجلس النواب يؤكد أن إسرائيل ليست “دولة عنصرية” وشجب معاداة السامية وقاطع خطاب رئيس إسرائيل اسحق هيرتسوغ، مع أنه التقى به في إسرائيل.

 وبحلول 2023 زاد غضب عدد من الحاخامات الذين كتبوا رسالة مفتوحة “13 حاخاما من نيويورك يقولون لبومان: توقف عن مهزلة معاداة إسرائيل”. دعم نفس الحاخامات لاتيمر وساعدوا بجمع أصوات لهزيمة بومان. ورغم شجبه هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر إلا أنه كان أول من دعا لوقف إطلاق النار في الكونغرس وصوت لصالح تحديد الدعم لإسرائيل، مما دفع مجموعة جي ستريت للتوقف عن دعمه، مشيرة لخلافات في النهج.

وتقول المجلة إن إيباك والجماعات المرتبطة بها ضخت ملايين الدولارات لهزيمة بومان ودعم لاتيمر الذي يتهم النائب الحالي بأنه لم يفعل الكثير لمساعدة دائرته. ويعتبر السباق بينهما الأكثر كلفة لمجلس النواب. وقال بومان في مقابلة أخيرة “دعمت إيباك ماغا (حركة ترامب) واليمين المتطرف الجمهوري وهم نفس الجمهوريين الذين حاولوا تغيير نتائج عام 2020، ويقوم المعارضون الأشداء لي في الحزب الديمقراطي بالتعاون مع هؤلاء الناس للتخلص مني”. و”كان لدى إيباك قبلي إليوت إنجيل ولهذا كانت لديهم السيطرة الكاملة على المنطقة، كما لديهم السيطرة الكاملة على الكونغرس”. لكن بومان يشعر الآن بانفصام مع ناخبين في دائرته، ومنذ هجمات حماس تحول من كانوا في صف اليسار إلى اليمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية