بوليتيكو: هاريس بين اتهامات الجمهوريين بمعاداة السامية ومطالب المؤيدين لفلسطين بموقف واضح من غزة

ابراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا حول الهجوم الذي تتعرض له كامالا هاريس، المرشحة المفترضة للحزب الديمقراطي في انتخابات رئاسة 2024 واتهام الجمهوريين لها بمعاداة السامية، والسبب أنها لفتت الانتباه لمعاناة أهل غزة.

وجاء في التقرير، الذي أعده بليك جونز وسالي غولدنبرغ ويوجين دانيالز وشيا كابوس، أن هاريس واقعة بين اتهامات الجمهوريين الذين يقولون إنها تبنت خطاب معاداة السامية وبين التقدميين في الحزب الديمقراطي الذين يريدون منها تحدي أعمال إسرائيل في غزة.

وتقول المجلة إن هذه الثنائية تحول إسرائيل إلى موضوع مهم ومتقلب في بداية حملة هاريس وتمتحن قدرتها على المناورة وسط سياسة خارجية محفوفة المخاطر.

وعلى جانب الجمهوريين تقوم “نيويورك بوست” التي يملكها روبرت ميردوخ بحملة ضد هاريس بعناوين صارخة وتقارير سلبية انتقدت فيها قرارها تجنب خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس يوم الأربعاء. وفي عنوان صباح ذلك اليوم “إسرائيل تركت في الخلف” وفوق صورة لهاريس.

ومن جهة أخرى، يحاول التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي البحث عن طرق للتأثير على هاريس في موضوع يتردد صداه بين قواعد الحزب والناخبين غير الراضين عن الدعم الأمريكي لإسرائيل. ونقلت المجلة عن حاتم أبو دية، رئيس شبكة المجتمع الفلسطيني في الولايات المتحدة قوله: “في الأشهر الستة الماضية، عندما كنا نتحدث كل مرة عن الإبادة الجماعية ومن المسؤول أو المتواطئ كنا نقول “جو الإبادي” و”هاريس القاتلة”.

عبرت هاريس عن دعمها للمتظاهرين المؤيدين لفلسطين، مما عرضها لتهمة معاداة السامية من الجمهوريين

ووجدت هاريس نفسها وعلى مدى خمسة أيام متورطة في موضوع مستعص من شأنه أن يوقع أي مرشح بالفخ. وكمرشحة ملونة عبرت هاريس عن دعمها للمتظاهرين المؤيدين لفلسطين، مما عرضها لتهمة معاداة السامية من الجمهوريين. مع أنها حاولت أن تقدم نبرة فيها تسوية، فمن ناحية أكدت يوم الخميس بعد لقائها مع نتنياهو على الدعم الثابت لإسرائيل، وعبرت من جهة ثانية عن مخاوفها من معاملة المدنيين في غزة. إلا أن المجلة ترى في الموقف الوسط البادي من كلامها “مقامرة”.

وفي حملة انتخابية بنورث كارولينا، قال الرئيس السابق دونالد ترامب لأنصاره الذين أصدروا أصواتا ساخرة لغياب هاريس عن جلسة الأربعاء “إنها تهرب من إسرائيل”. وقال “إذا كنت ضد إسرائيل فأنت ضد الشعب اليهودي، احضر واستمع للمفهوم ولكنها معادية بالكامل للشعب اليهودي”. وقد عززت هذا الكلام مذكرة للجنة الوطنية في الحزب الجمهوري نشرت يوم الأربعاء وشجبت غياب هاريس عن كلمة نتنياهو.

وجاء فيها “لم تكن مفاجأة أن تتجاهل حليفا قويا لأمريكا، فقد استسلمت هاريس وبالمطلق لليسار الراديكالي وتخلت عن أي دعم لإسرائيل”. واتهمت المذكرة هاريس “بالثناء على المحتجين المعادين للسامية” ورددت دعاية حماس.

ويقول الجناح التقدمي في الحزب إن الطريقة التي يمكن فيها لهاريس استعادة الدعم للحزب وبخاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميتشغان التي صوت فيها ديمقراطيون بـ”غير ملتزم” أثناء الانتخابات التمهيدية، مشروط بمواجهتها لنتنياهو. ونقلت المجلة عن نهاد عواد، مدير مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية قوله” لو أرادت أن تتجنب مصيره [بايدن] فعليها أن تأتي بسياسة مختلفة وبخاصة بموضوع غزة”. وأضاف أن “الناخبين الشبان في الولايات المتأرجحة والذين صوتوا ضد بايدن، يتوقعون سياسة مختلفة، ليس في النبرة ولكن تحولا قويا باتجاه نهج إنساني يعترف بكرامة الشعب الفلسطيني”. ولكن هناك أراء مختلفة داخل الجناح الديمقراطي، وقال شخص في حركة غير ملتزم “لم ينتبه أحد إلى أن هاريس كانت أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين من بايدن ومتعاطفة مع الطلاب المحتجين وأمهاتهم”.

وقال عباس علوي، الذي عمل سابقا في الكونغرس وساعد في بناء حملة “غير ملتزم” في ميتشغان: “عبرت نائبة الرئيس هاريس، عن تعاطف أكبر مع مأساة المدنيين في غزة وأكثر بكثير من الرئيس بايدن. وهذه إشارة إيجابية”. وقال علوي إن الخطوة المقبلة لحملة هاريس المبتدئة هي مقابلة المحتجين وأن تكون واضحة من أن إداراتها ستكون مختلفة.

ويأمل فريقها أن يتوصل لتوازن بين الطرفين. وبعد لقائها مع نتنياهو، تحدثت هاريس للإعلام عن لقائها وجها لوجه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقال مسؤول في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته إن تعليقاتها للإعلام “فيها شيء للجميع، فقد تحدثت عن دعم ثابت لإسرائيل وذكرت الجميع بالجرائم التي تحدث للمدنيين الفلسطينيين”. وأشارت المجلة إلى خلاف بينها وبايدن، حيث ظلت تخبر زملاءها في البيت الأبيض ومنهم الرئيس بأهمية إظهار موقف علني وواضح من غزة. ولم يتبق أمامها سوى مئة يوم لكي تقنع الأمريكيين أنها قادرة على المناورة وسط التضاريس المعقدة لواحد من أعقد الموضوعات التي تواجه أمريكا اليوم.

ورغم تسامح الحزب الجمهوري مع عناصر من الخطاب المعادي للسامية إلا أنه أدرج إسرائيل وبالضرورة الناشطين اليهود في برنامج مؤتمره. وبالمقابل، حاول الحزب الديمقراطي منع الخلافات والانشقاقات من خلال السماح بانتقاد نتنياهو والتأكيد على أن دعم إسرائيل لا جدال عليه. وخلافا للطبيعة المتجانسة عند الجمهوريين في التعامل مع هذه القضية، فقد انقسم الديمقراطيون وترسخت المعارضة العالمية للحرب في غزة بين التقدميين في الولايات المتحدة. ومع أن الاستطلاعات تظهر أن هذه القضية لا تحتل مرتبة متقدمة في أذهان معظم الناخبين، إلا أن كتلا حاسمة سجلت أصواتا احتجاجية في الانتخابات التمهيدية كتحذير للديمقراطيين.

مع أن الاستطلاعات تظهر أن قضية إسرائيل- فلسطين لا تحتل مرتبة متقدمة في أذهان معظم الناخبين الأمريكيين، إلا أن كتلا حاسمة سجلت أصواتا احتجاجية في الانتخابات التمهيدية كتحذير للديمقراطيين

وما يزيد الأمر تعقيدا بالنسبة لهاريس هي الشكوك التي يبديها البعض بشأن إمكانية اختيارها حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، وهو يهودي، كنائب لها على البطاقة الرئاسية، مع أنه انتقد المتظاهرين في الحرم الجامعي واتهمهم بمعاداة السامية. ويقول مارك ميلمان، رئيس الغالبية الديمقراطية من أجل إسرائيل: “في الواقع، نائبة الرئيس هاريس لديها سجل واضح بدعم إسرائيل”. وأنفقت المجموعة هذه ملايين الدولارات من أجل الانتخابات حيث قال ميلمان “لقد اتخذت مواقف مؤيدة لإسرائيل ومن وقت طويل، وليس مثل بايدن، لأنه موجود منذ وقت. وطالما لم تغير موقفها بشكل كامل، وهو ما لا أتوقعه، فيجب على الناخبين التعامل معها كمؤيدة لإسرائيل”. إلا أن الجمهوريين يرون أنها غيرت موقفها، فبالنسبة لحاكم تكساس غريغ آبوت، فقرارها المشاركة في مناسبة مرتبطة وعدم حضور كلمة نتنياهو هو دليل على تحالفها مع جماعات “اليقظة” المعادية للسامية.

وتعرضت هاريس لانتقاد من حزبها بسبب قرارها. وقال نائب ديمقراطي رفض الكشف عن هويته “ليس من المنطقي على الإطلاق ان تتجنب أهم حليف لنا، فقد تجاهلت الخطاب” و”قامت حفنة منا بمكالمات لمكتبها تسأل “ماذا تفعل؟”. مع أن عددا من الديمقراطيين تجاهلوا الخطاب ومنهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، الذي وصفته بأنه أسوأ خطاب يلقيه زعيم أجنبي أمام الكونغرس. وتجنب جي دي فانس الخطاب، وهو المرشح على بطاقة ترامب. وقال مساعد لهاريس إن خطط نائبة الرئيس “يجب ألا تفسر بأنها تغير في موقفها من إسرائيل”.

يستخدم الجمهوريون الآن أي ملمح من ملامح عدم الولاء لإسرائيل كسلاح وحاولوا ربط هاريس بالمعسكر الناقد لإسرائيل في الحزب الديمقراطي

وأمسك الجمهوريون بتعليقات لها عن المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في الجامعات هذا الربيع. وأكد فريقها بعد لقائها مع نتنياهو على ضرورة أن تظل معاناة الفلسطينيين جزءا من الحوار. وسيقوم التحالف اليهودي الجمهوري بإنفاق 50 ألف دولار على إعلان رقمي هاجم غيابها عن الكونغرس وسيستخدمه للتركيز على الناخبين اليهود في بنسلفانيا وأريزونا وجورجيا ونيفادا وويسكنسن وميتشغان. ويتهم الإعلان هاريس بأنها وقفت مع مؤيدي حماس الذين هتفوا شعارات معادية للسامية وعرقلوا الحياة في حرم جامعاتنا وتحرشوا بالطلاب اليهود. ويقوم الجمهوريون الآن باستخدام أي ملمح من ملامح عدم الولاء لإسرائيل كسلاح وحاولوا ربط هاريس بالمعسكر الناقد لإسرائيل في الحزب الديمقراطي. وفي نفس الوقت يضغط المؤيدون لفلسطين على هاريس للتعبير عن موقف أقوى من إسرائيل، حسب مسؤول سابق في الإدارة استقال احتجاجا على طريقة معالجتها للحرب في غزة. ويقول عواد من مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية: “لا أعرف ما هو موقف هاريس من موضوع حقوق الإنسان والعدالة لفلسطين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية