في معرض شرحه للتطور الديني السياسي بعد وفاة النبي، يقول سيد القمني في مقاله «الملجمون في الأرض» بأنه «قد ارتبط الإسلام بالخليفة، وتم تحويل الإسلام إلى مبرر للسلطان وقراراته، ومن بعده أصبح الدين ورجاله في خدمة السلاطين على اختلافهم، واستبعد المسلمون من طرح فهمهم لدينهم في ضوء المتغيرات، وتم ربط الفهم للدين بمعارضة السلطة أو موافقتها. وتوافقت السلطات الدينية والدنيوية على احتكار فهم نصوص الدين وتكفير وتبديع ومطاردة وتصفية أي فهم مختلف معارض» (73، من كتيب هناك خلل في الضمير).
تبدو حالة الربط بالسلطة واحتكار فهم النصوص والتكفير والتبديع كلها مستمرة لحد الآن، ولربما لا أشد شاهداً عليها من التغييرات التي تحدث في بعض الدول العربية بشكل مفاجئ وحاد، ومع الصمت المطبق من رجالات الدين الذين يخرجون أحياناً على مضض واستحياء لتبرير هذا التغيير أو ذاك الانقلاب. لم تتغير وظيفة وعاظ السلاطين منذ فجر بزوغ الدين الإسلامي كعقيدة روحانية ونظام سياسي؛ ولذا، دائماً ما نجد حالة من التواؤم الديني السلطوي في دولنا العربية، وحتى الاستثناءات تكون قليلة ومتفرقة ويتم قمعها بعنف وقوة. الإخوان المسلمون أعنف وأشد الجماعات الإسلامية المعارضة، هم أوضح مثال على معارضة دينية لم تستطع الوقوف في وجه السلطة، بل ولم تستطع إحراز نجاح كبير بين الشعوب العربية بحد ذاتها، التي رغم محافظتها وتدينها، لا تزال تنظر للإخوان، سواء عن حق أو باطل، بعين المرتاب وبحس الاتهام بالإرهاب.
موضوع مقالي مختلف تماماً عن مقدمته وإن كان مؤسساً عليه. لا تتغير أوضاع المرأة في عالمنا العربي، ليس لأن رجال الدين لا يريدون، فهؤلاء كما يقول عجم الخليج «بيو بيو، برو برو» أي «اذهب فتذهب، عد فتعود» بمعنى أنهم، في أغلبية عددية مهمة، عبد مأمور. لا تتغير أوضاع المرأة عندنا؛ لأن هناك اتفاقاً مبيتاً بليل لإبقائها في مكانها، فابتعاد المرأة عن الحيز العام وحرمانها من كل سلطة لها على نفسها، على زواجها، على أبنائها، وعلى مصيرها واختيارات حياتها، كلها لها منافع اقتصادية، بخلاف السياسية والسلطوية، في الدول الأبوية الشمولية. دخول المرأة المعترك العام، المشاركة في صنع القرار، والأخطر والأدهى، امتلاكها لأي قوة اجتماعية تسيطر بها على حياتها الخاصة سيقلب الموازين المجتمعية ومعها الاقتصادية والسياسية في أي مجتمع، وهذه «تضحية» أنظمة العالم العربي غير مستعدة لها.
لقد أحرزت تونس بعض التغيير، رغم محافظتها الشديدة والقوة الهائلة للتيار الديني في داخلها، حين قرر النظام ذلك، فتغيرت الكثير من القوانين الخاصة بالمرأة في «مجلة الأحوال الشخصية» وصولاً إلى التعديل، الذي لطالما بدا مستحيلاً، في نصيب المرأة في الإرث. كذلك أحرزت مصر تغييرات طفيفة في إقرار وتنقيح بعض القوانين الخاصة بالمرأة بمعية السلطة، ومثلها فعلت السعودية وبعض دول الخليج الأخرى بقوة سلطتها. لم يكن لرجالات الدين حقيقة دور كبير أو صغير في أي تغييرات تقدمية، وتركيا العلمانية تشهد تاريخياً على ذلك. وهذا شيء حزين، حزين بحق.
إن ربط التغييرات التشريعية المهمة بقرار السلطة، التي في عارض صنعها لهذا القرار تأمر «الكليرجي» الديني بتغيير موقفه ليساندها، هو توجه غاية في الخطورة، موقف يشل فعلياً التغييرات الحقيقية والثورات الفكرية ويجعل مصائر البشر قيد المصالح السياسية لا النظريات الاجتماعية والحقوقية والفلسفية المواكبة للزمن. مُستحق اليوم بعد طول تأخير وبعد شديد معاناة تحصُّل المرأة على كامل حقوقها الإنسانية وعلى تساويها المدني التام، ودون مواربة، وهذا يعني أن يكون للمرأة البالغة، تماماً كما للرجل البالغ، الحق المطلق في تزويج نفسها، في تطليق زوجها، في نصيب معادل للذكر من الإرث، في الوصاية الكاملة المعادلة لوصاية الأب على أبنائها، في تقرير مصيرها وعيش حياتها بكامل حرية قراراتها التي تشكل هذه الحياة. المرأة المواطنة لا علاقة لها مباشرة بالمرأة المؤمنة، هذا وجود مدني والآخر وجود أيديولوجي ديني، طبعاً يتداخلان، يتأثران ويؤثران، لكن يبقى أن تشكيل كل كينونة يجب أن يكون له خصوصياته التي لا يجب التعدي عليها.
لن تتحقق هذه التغييرات في عالمنا العربي ما دام هناك «احتكار فهم نصوص الدين وتكفير وتبديع ومطاردة وتصفية أي فهم مختلف معارض» حيث كانت تلك هي مصائر باحثين إسلاميين تنويريين مثل د. نصر حامد أبو زيد، ود. فاطمة المرنيسي، بل والسيد قمني بحد ذاته، ولن تتحقق هذه التغييرات ما بقيت هناك حكومات وأنظمة شمولية أبوية يقويها ضعف العنصر النسائي، ويخدم مصالحها الاقتصادية عوز المرأة واعتمادها التام على الرجل واستمرار حاجتها اقتصادياً ووصائياً له، مما يجبرها على البقاء تحت ظله، ومما يشل حركتها تماماً خارج حيز إرادته. لن تنجدنا حكوماتنا إذا ما انتفت أي مصلحة لها في نجدتنا، ولن يخدمنا «الكليرجي» الديني الذكوري ما دام يهدد تحرير المرأة واستقلاليتها قواهم الاجتماعية وسيطرتهم الأسرية واستحواذهم الاقتصادي. مَن مِن كل هؤلاء الرجال «الذكوريين» فعلياً «سيقص الحق من نفسه» ويتنازل عن سلطاته ليخدم الحق والعدالة والمدنية؟ الأمر متروك لنا، والتضحيات مستوجبة منا، نحن النساء.
جاري العزيز عبد الكريم, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أما بعد:
سؤال: ما الذي يمنع المرأة أن تكون في السلطة الدينية أو أن تكون مفتية؟
العتب على المرأة التي شاركت الرجل في شتى العلوم, ولم تشاركه علوم الشريعة!
هل تعلم بأن أمنا عائشة إختلفت ببعض فتاويها عن عموم الفقهاء السابقين واللاحقين ولا حول ولا قوة الا بالله
أخي العزيز داود.
مشكلتي مع دمج المقدس الثابت الذي لاحوار ولامناقشة حوله في أمور حياة آنية متحولة متغيرة بحسب الظرف والزمان , يجوز مناقشتها وتنقيحها إلى مالا نهاية إلى أن تأتي على مقياس الفرد والجماعة والمجتمع بأكمله بما تكون فيه الفائدة والخير على الجميع. أما وإن يطرح علي نص كتب قبل مئات السنين يكبل يدي فربما أنت تعرف جوابي.
ما دام هناك نفس نوعية الدروس و الخطب في المساجد و في الجوامع ….لن يتغير شيئ في أمة الإسلام اليوم و غدا …..الإسلام إنحرف عن مقاصده الروحانية و الدنياوية عند وفاة محمد . البرمجة تغيرت و أختزلت في …” القواعد الخمسة ” النتيجة ..؟ هي ما نراه اليوم على الأرض …الأمة عصية على أي تنوير ….السعيد من تمكن من مغادرة …” القطيع ” …. وهيى سعادة لا نظيرة لها ….
تحية للدكتورة ابتهال وللجميع كما ذكرتي يا سيدتي ان جميع القوانين التي تخص المراة تم طرحها من قبل السلطة وعندما لا يستطيع رجال الدين تغيير الامر يبداون بمؤامراتهم من تحت الطاولة وهذا ما حدث لعبد الكريم قاسم في العراق فقد اصطفت المرجعية الدينية بالنجف مع البعثيين وتم قتله بعد ذلك بمى يسمى انقلاب شباط فقد اعطى قاسم للمراة العراقية الكثير من الحقوق وكذلك بسبب قانون الاصلاح الزراعي الذي انهى الاقطاع وبنفس الوقت حرم رجال الدين الشيعة من الخمس فوقفت مرجعية النجف ضده بقوة وتحالفت مع البعثيين ونفس الامر حصل مع البعثيين اول الامر فبعد 17 تموز 1968 حصلت المراة على بعض الحقوق من قبل السلطة والان بعد ان اصبحت السلطة فعليا بيد رجال الدين يريدون تزويج المراة بسن 8 او 10 سنوات
مشهد الدولة في العالم العربي وجميع دول الجنوب بمفهوم التقسيم الدولي للعمل ١- المرأة ٢-الرجل ٣- الحكام ؛ نفس معاناة المرأة والرجل من السلطة الحاكمة ، ليست قضية موروث ثقافي ولا رصيده المشكل المركزي الاستبداد ، المرأة ام والرجل اب والأطفال ابناء خلية الاسرة تحكمها ليس فقط نصوص إنما مشاعر وإحساس الانسان ، يبقى في الوقت الراهن التخلص من الطغاة ، وانقاذ الخيرات التي تزخر بها الاوطان وتحريرها من فكي المفترسين وتوزيعها بشكل عادل وحسب الاستحاق ، محور القضية الانسانية في عصر الحداثيين .
الموضوع ياسيدتي أبعد في مكوناته ومضامينه..من أن يحصر في رؤى انطباعية تفسر التاريخ على المقاس…وتنتقي العناصر التأويلية على المزاج…؛ لأن التخلف لم يكن فرضا دينيا في مجتمعات متطورة حضاريا واجتماعيا….ولكنه كان بالعكس من ذلك اختيارا فرديا وجماعيا لمجتمعات متخلفة في الأصل…ضاقت ذرعا بالتطور والقوة الحضارية والاستراتيجية التي منحها لهاالإسلام…فعاودها الحنين إلى جاهليتها…التي كان قوامها التبعية السياسية للآخر….والنعرات العصبية البدائلية …وتقصير الأزمنة والليالي بمتع الاستهلاك البطني وما جاوره….؛ والدين الحقيقي…وليس تزييفات المذهبيين…وايتام الوثنيات…من المتكسبين بالفتن والبهتان التاريخي ..، كان لحظة إشراق سامية اضاعها من لم يكن في مستوى الأمانة العظيمة…ممن باعوا التاريخ والجغرافية والسياسة والعزة….وركنوا إلى الاستهلاك….مستوطنين لهامش حركية التاريخ والحضارة….وشكرا للجميع..
(سورة الأحزاب (59)
هذه هي الآية الرئيسية التي يعتمد عليها الشرع الإسلام في فرض الحجاب ،والسؤال هل كان هناك حجاب قبل الإسلام، الجواب نعم وما الدليل ،الدليل هو ان النساء المسيحيات في بلاد الشام حنى وقت قريب يلبسون زياً مختلفا في كل منطقة بموجبه يجب على الامرأة ان تغطي رأسها ،وعلى الرجال ان يلبسوا (جلابية) وان يلبسوا الكوفية والعقال ( وهو لباس آرامي) اما لباس الرجال عند العرب فهو العمامة على رؤوسهم ،اما معنى جلابية فعليك ان تبحث عن الفعل في القاموس تجده( جلبب ) ولا اثر لمعناه سوى ان القاموس يشرح لك معنى جلابيب ويصفه لك بأنه ثوب واسع اما معنى جلبب فالله وأعلم ،وانا قمت كما ادرس الفيروس بوضعه تحت المجهر ورؤية سلسلتين من الحموض الأمنية المكونة له ،قمت بوضع كلمة جلابيبهن تحت المجهر ونزعت التنقيط (لأنك لا تستطيع أن تعتبره أساس للغة العربية ) ومن بعد نزع التنقيط حاولت قراءة الكلمة بعدة معاني ،ثم مزقت الكلمة إلى كلمتين جلا بيبهن ونزعت النقاط عنهما وقرأت (لانه لا يجوز بحال من الأحوال ان يقوم عثمان بن عفان بتمزيق ٦ قراءات للقرآن او اقل او اكثر تحت أي حجة كانت لأنه ليس مخولا بمعرفة من هي القراءة التي تحوي كلام الله ،فالمسيحيون لم يمزقوا إنجيل برنابا لأنهم لو مزقوه لشك الناس بصحة اناجيلهم الأربعة
القرآن الذي نسخه عثمان لم يكن منقطاً, وقد شاهدت نسخة منه بمتحف إسطمبول!
التنقيط بدأ بعهد الخليفة علي بن أبي طالب!! ولا حول ولا قوة الا بالله
إذا كنا نريد النموذج الغربي الأوروبي في مسألة المرأة فعلينا تقصي الحقائق الواقعة هناك، إنها تعاني من استغلال الرجل حيت الذي أراد لها المساوات و الحرية التي لا حدود لها ، فهي تعمل في المصنع و البيت و تعرض صورتها في الإعلانات و الإشهار و الملصقات بصور عارية يتاجرون بها و يستغلون جسدها، إنه التشيء بأبشع مظاهره، الأسرة في اوروبا تكاد تنقرض لعدم رغبة كثيرا من النساء في الإنجاب، معدلات قتل النساء في اسبانيا من طرف أزواجهم بصل إلى الخمسين سنويا و قوانين تبيح للرجل الزواج بالرجل و المرأة بالمرأة و بعض الأحيان بالحيوانات ناهيك عن نسب الإنتحار المتزايدة بسبب الفراغ الروحي و إيداء أنفسهم و أجسادهم بالوشم حتى أصبحو كالشياطين، أهكدا يريد العلمانيين أن نصل إلى ما وصل إليه الغرب تحت عباءة و مسمى الحرية و المساواة
مقال رائع جدا! … اعتد قراءة هذه الافكار المستنيرة من رجال من بين الذي ذكرتهم في المقالة … و ان ياتي هذا التحليل من امراة راقية الفكر جعلني اتوقف عن كل كلمة
انا تونسي و وضع المراة هو نتاج لفكر موسس الدولة التونسية حبيب بورقيبة و وجود فلة من علماء الاسلام المستنيرين مثل العلامة بن عاشور. مجلة الاحوال الشخصية التي تتناول مكانة المراة في المجتمع بصفة عامة في تونس لا تتناقض مع تعاليم الاسلام ١٠٠٪. رغم كل الاختلافات مع المجتمعات الاسلامية الاخرى
الفرق بين تونس و دول عربية اخرى هو شجاعة بورقيبة و عبقريته و فهمه للدين من منضور غير تقليدي. الغى بورقيبة المحاكم الشرعية وامتيازات مشاءخ الزيتونة … ما تسمى البورجوازية الدينية! علماء الدين و رجالاتها في العالم العربي ينعمون ببحبوحة معيشية!
شكرا لمقالك الراقي …
ألاحظ يا دكتورة أنك دائما تأتي بالأشخاص الذين يسيرون على هواكي. القمني ونصر حامد أبو زيد وفاطمة المرنيسي ومن ذكرت قبلا نوال السعداوي كلهم إما علمانيين أو ملاحدة لا شأن لهم بالدين يتهجمون عليه بدون منطق ولا دليل سوى أنهم يكرهونه.
المتنورون الحقيقيون في الإسلام يتم تجاهلهم في مقالاتك على هذه الصفة ولهم باع طويل في الفكر الإسلامي كالمرحوم محمد عمارة الذي ناضر حامد أبو نصر ورفض ما أقدم عليه الأزهر بالدعوة لتطليقه من زوجته بدعوى أنه مرتد.