حلل رئيس ‘الشباك’ السابق يوفال ديسكن في مؤتمر عُقد في الاسبوع الماضي احتفاءا بمرور عشر سنوات على مبادرة جنيف في وضوح كبير، العلاقات بيننا وبين الفلسطينيين، وعبر عن تشاؤمه من احتمال تسوية ووصف السيناريوهات المحتملة التي قد تتحقق نتاج عدم وجودها. لكن برز في كلامه أكثر من كل شيء الصراخ لعدم وجود قيادة في الطرفين. وقال إنه من غير خطوات تبني الثقة أساسها وقف البناء في المستوطنات ينتظرنا نشوب ‘ربيع عربي’ هنا ايضا، عندنا. برغم أن الكلام قيل في تقدير للامور وبصورة غير متحمسة، فانه لم يؤثر في رئيس الوزراء ومن حوله الذين ردوا بقولهم: ‘لن يتأثر رئيس الوزراء بكلام مُستعاد وبمواعظ منافقة تنبع من خيبة أمل شخصية’. يمكن بالطبع أن نخالف ديسكن فيما قال، لكن ذلك الرد على الكلام الذي قاله من اشتغل سنين كثيرة بالشأن الفلسطيني من جميع جوانبه هو رد رئيس وزراء ضعيف مستكين تعوزه القدرة على القرار واجراءاته كلها ترمي (وتنجح في ذلك) الى تخويف الناس. لنفرض حتى أن كلام رئيس الوزراء حق وأن ديسكن يعاني خيبات أمل شخصية فلماذا لا تكون التعليلات الموضوعية التي أثارها مستحقة للفحص الدقيق عنها؟ أفليس يشهد رد من حول رئيس الوزراء على أن ‘العائب يعيب لعيبه’؟. وقد أعظم داني دنون، نائب وزير الدفاع، الصنع، فلولا أنه ظهر في وسائل الاعلام لكنت أشك في حقيقة وجوده. فهل يمكن أن يوجد شخص كهذا في الحقيقة؟ تلخص رده في جملة ‘اولمرت وديسكن يهاجمان الحكومة لأجل العناوين الصحفية’. ومن هذا الساخر من ديسكن؟ إنه الرجل الذي جرى الى نهاية العالم الاصولي كي يحظى بعنوان صحفي. وهو يعمل شبه متحدث للادارة في الواقع الهاذي الذي نحيا فيه. إن رئيس الوزراء، الذي يؤمن بأن ادارة الصراع مع الفلسطينيين ومع اوروبا ومع الادارة الامريكية أفضل من دخول صراع مع نفتالي بينيت وزئيف إلكين واوري اريئيل هو رئيس وزراء يزرع اليأس عند مؤيديه وعند معارضيه ايضا. فمؤيدوه يرون العالم الذي يُصوره زعيمهم ويُقنطهم ما يرونه. ومعارضوه يغرقون في يأس كبير. لأن العالم كله يرى أن تسوية الدولتين هي الحل الممكن الوحيد ثم يأتي رئيس الوزراء ويعارض الداعين الى تحقيقه بادعاءات شخصية. مهما يكن مصير التسوية مع ايران فان كل ما سيحدث هناك لن يغير خيبة الأمل الفلسطينية المستمرة ولن يطمس على عدم قدرة رئيس الوزراء على أن يدفع الى الأمام بالتسوية التي تطلع إليها في خطبة بار ايلان. إن اليأس الذي يُشيعه رئيس الوزراء ومن حوله خطير. حاول أكثر قادة اسرائيل أن يخطوا طريقا ويبعثوا الأمل. فاذا أراد نتنياهو حقا أن يضمن وجود الدولة ونماءها كما يزعم فعليه أن يقوم بتحول استراتيجي على شاكلة خطبة بار ايلان. وعليه أن يخطو خطوات تبني الثقة كزيارة رسمية منه الى رام الله وزيارة محمود عباس للكنيست. وعليه أن يعلن أن تقديم التفاوض مع الفلسطينيين في مقدمة الاهتمامات الوطنية، فاذا لم يكن فهم ذلك من قبل فقد كان يجب أن يُبين له كلام ديسكن ذلك. صحيح أنه يمكن الاستمرار في الاختباء خلف الواقع والأمل في نشوب أحداث من قبل الفلسطينيين يستغلها أنصار إلكين ليقولوا ‘لقد قلنا لكم’. فماذا يكون آنذاك؟ سيحل السلام على اسرائيل.