‘بيبي’ على موعد مع التاريخ

حجم الخط
0

‘اذا كان يوجد إطراء يستحقه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فهو الحذر في استعمال القوة. وعدم الابتهاج بالضغط على الزناد، وهذه صفة ذات قيمة في نظري على الأقل. تورط في ولايته الاولى لحظة مع فتح نفق حائط المبكى، وفي ولايته الثانية اتجه الى عملية محدودة قصيرة في غزة باسم ‘عمود السحاب’. لكنه في الحاصل العام أبدى ضبطا كبيرا للنفس في اوضاع لو كان فيها رؤساء وزراء آخرون لبدأوا اطلاق النار.
‘يترجم خصومه هذا الحذر بأنه جُبن. وأنا أفضل أن أراه تقديرا للامور ووزنا صحيحا لها.
إن كبار قادة الجيش ورؤساء الاجهزة الامنية الذين عملوا ويعملون مع نتنياهو يقولون إنه حتى في الموافقة على عمليات وطلعات جوية، وعمليات قريبة وبعيدة وراء الحدود، يتعمق ويدقق ويزن الامور قبل أن يوافق، لا مرة ولا مرتين بما يسبب امتعاض قادة الاجهزة الذين يكونون قد أعدوا العُدة وتأهبوا لعملية، فيرفض العمليات.
‘والسؤال الكبير هو ماذا يريد أن يفعل حينما يصبح عظيما. وبأية صفة لرئيس الوزراء يرغب في أن يُكتب في تاريخ اسرائيل.
‘اعتاد التاريخ أن يقسم الزعماء الى ثلاثة أنواع وهم: مُخترقو الطريق ومُحولو الاتجاه واولئك الذين يفشلون في امتحان النتيجة ما الذي حصلوا عليه من الذاهبين وما الذي أبقوه للورثة.
‘كان دافيد بن غوريون مُخترق طريق. وحوّل مناحيم بيغن الاتجاه باتفاق سلام مع مصر، كانت احدى نتائجه اعادة اسرائيل الى الحدود الدولية في حين دس الرئيس المصري السادات في جيبه قطاع غزة زيادة. وبيغن مُوقع ايضا على الموافقة على وجود الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة ومطالبهم العادلة. برغم أنه سمى الفلسطينيين في رسالة مُصاحبة بصورة ممتعة له، عرب ارض اسرائيل. وحول اسحق رابين وشمعون بيرس الاتجاه باتفاق اوسلو، واريئيل شارون بالانفصال، ومن المنطق أن نفرض أنه لو بقي شارون في صحته ولم يرقد رقاده الطويل لوسع الانفصال ليشمل أجزاءا كبيرة من الضفة الغربية.
‘كان رئيسا الوزراء اللذان تلقيا الدولة في وضع جيد وخلفا وراءهما أنقاضا هما غولدا مئير واهود باراك. أما غولدا فبحرب يوم الغفران. وأما باراك فبالهرب السريع من لبنان والانتفاضة الثانية. وخجلت غولدا ومضت الى بيتها، ومنذ سنين يعترض المقربون منها على العقوبة. أما باراك فيجمع لبيته وبناته. وهو يتصرف الى اليوم وكأنه يستحق زيادة.
‘يمكن تشبيه نتنياهو باسحق شمير من كل رؤساء الوزراء في الماضي. فقد جمع كلاهما سنوات كثيرة في المنصب. فقد تولى شارون ثلاث ولايات وأصبح نتنياهو في ولايته الثالثة. ويوصف كلاهما بأنه سلك سلوكا دقيقا ولم يشأ سوى كسب الوقت.
‘ويحسن الى الآن أن نتذكر أن شمير ضبط نفسه في حرب الخليج الاولى ومنع عملية اسرائيلية في العراق كي لا يمس الحلف بين الولايات المتحدة والغرب والدول العربية. وقد كان مسؤولا أو ساعد على الأقل عن صفقتي أسرى كبيرتين احداهما صفقة جبريل الذي كان اسمها الشيفري ‘نغمات جديدة’ والسيئة الذكر. واتجه شمير ايضا، أي قادته الادارة الامريكية، الى مؤتمر سياسي هو مؤتمر مدريد مُرغما وتحت احتجاج. وقد أدرك آنذاك ما يدركه نتنياهو اليوم كما يبدو وهو أنه توجد لحظات’ لا تستطيع أن تقول فيها ‘لا’. لأنك اذا تجرأت وقلت ‘لا’ فستكون النتائج أخطر من نتائج قولك ‘نعم’.
‘في هذه الايام يُحضر نتنياهو لوثيقة تفاهمات اسرائيلية فلسطينية بوساطة جون كيري. ويُفترض أن يظهر من الورقة المشتركة استعداد لازالة المستوطنات وموافقة على وجود أمني في غور الاردن خلافا للسيادة، واعلام علامات بين القدس وشرقي القدس. ومن السابق لأوانه أن نعلم كيف ستبدو الورقة النهائية وكيف ستكون صورتها.
‘رأى نتنياهو نفسه في خياله يهاجم ايران ويُزيل الخطر النووي، ويبدو أن هذا لن يحدث. بيد أن تسوية سياسية ايضا ستُدخله التاريخ. بل يوجد تشابه ما بين الرسالتين وهو أن امكانهما ضعيف جدا. كان الشيء الأساسي في ايران هو الرسالة لا تنفيذا بلا هدف. والشيء الأساسي مع الفلسطينيين هو انهاء الاحتلال أو تضييقه وازالة خطر الدولة ذات الشعبين والعودة الى أسرة الشعوب، لا السلام خصوصا.

يديعوت 7/1/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية