بيربوك تقدم رؤية ألمانيا لغزة ما بعد الحرب وتحذر من التصعيد مع لبنان

علاء جمعة
حجم الخط
0

برلين- “القدس العربي”: في سياق زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى الشرق الأوسط، طرحت رؤية جديدة لدور بلادها في إعادة إعمار غزة وتحقيق الاستقرار في المنطقة بعد النزاع. وحذرت بيربوك من عواقب لا يمكن التنبؤ بها في الشرق الأوسط في ظل تزايد التوترات في الصراع بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

وقالت بيربوك في تصريحات لمحطة “دويتشلاند فونك” الألمانية الإذاعية، اليوم الأربعاء، “حرب أخرى ستعني تصعيدا إقليميا بأبعاد يصعب علينا جميعا تخيلها”.

وأشارت الوزيرة إلى أن إسرائيل ولبنان يخاطران بالانزلاق إلى مثل هذه الحرب، وقالت: “وهذا بالضبط ما نحتاج إلى منعه، منع التصعيد اليومي المتمثل في إطلاق المزيد من الصواريخ. وعلى الرغم من أن قطاعات كبيرة من الجانبين لا تريد هذه الحرب، فإننا ننزلق إليها”.

وذكرت بيربوك أنه خلال محادثاتها، أمس الثلاثاء، في بيروت تولد إليها انطباع بأن الحكومة اللبنانية تنظر إلى الأمر بهذه الطريقة أيضا، مضيفة أنه للأسف ليس لديهم “قبضة فعالة حقيقية محليا، بما في ذلك على حزب الله”، مشيرة إلى أن المحادثات التي تجرى هناك بالتعاون مع الولايات المتحدة وفرنسا لها أهمية أكبر.

وأكدت بيربوك أن الخطوات التالية في حرب غزة تعتبر أيضا حاسمة بالنسبة للتطورات اللاحقة على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان، وأضافت: “إذا تم التوصل في النهاية إلى وقف إطلاق النار الذي تشتد الحاجة إليه في غزة، فإن هذا سيعمل أيضا على تهدئة الجبهة الشمالية”.

وترى الوزيرة أن انفتاح جبهة أخرى للحرب ستكون ذات عواقب فادحة، مشيرة إلى أن خطة وقف إطلاق النار في حرب غزة التي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن تحظى بدعم الحكومة الإسرائيلية، مضيفة أنه يتعين على حماس أن تقبل هذه الخطة.

وبحسب صحيفة زود دويتشه تسايتونغ، فإن الرؤية الألمانية التي أعلنتها وزيرة الخارجية ترتكز على مبدأ حل الدولتين، وإيجاد دور واضح للفلسطينيين لإدارة أنفسهم، وهو ما يتعارض مع كل الخطط الإسرائيلية المعلنة.

وقد أكدت بيربوك في خطابها على مبدأ أمني رئيسي سبق أن طرحته المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، وهو أن أمن إسرائيل جزء من سياسة الدولة الألمانية. كانت هذه المرة الأولى التي يتم فيها تفصيل هذا المبدأ بشكل واضح، حيث عرضت بيربوك خطة رباعية النقاط لمستقبل غزة.

فيما يلي أبرز ملامح الخطة الألمانية التي ستسعى لفرضها أوروبيا وعبر القنوات الدبلوماسية:

1. حل الدولتين كضمان للأمن المشترك:

أشارت بيربوك إلى أن الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين يمكن تحقيقه فقط من خلال حل الدولتين، مؤكدة أن هذا الطرح قد لا يكون مرحبًا به في إسرائيل في الوقت الحالي، خصوصًا بين المتشددين. تعتبر بيربوك أن وجود دولة فلسطينية مستقلة يمكن أن يساهم في تقليل التوترات وضمان حقوق الفلسطينيين.

2. الالتزام بالقانون الدولي:

شددت بيربوك على ضرورة التزام إسرائيل بالقانون الدولي، معبرة عن قلقها من تقارير حول سوء معاملة الأسرى الفلسطينيين والعنف الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وأشارت إلى أهمية محاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات لتعزيز الثقة وتحقيق العدالة.

3. دعم خطة بايدن للإفراج عن الرهائن

دعمت بيربوك خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، والتي تتضمن مراحل متعددة تبدأ بالإفراج عن الجرحى وكبار السن والنساء، وتنتهي بالإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. تعتبر بيربوك أن تنفيذ هذه الخطة يمكن أن يكون خطوة مهمة نحو تهدئة الأوضاع وبدء عملية إعادة الإعمار.

4. دور السلطة الفلسطينية والدعم الدولي:

دعت بيربوك إلى أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة غزة بعد انسحاب إسرائيل، مشددة على الحاجة إلى تحالف دولي يضمن الأمن في المنطقة. هذا التحالف قد يضم دولاً أوروبية، الولايات المتحدة، وشركاء عرب من المنطقة. وأكدت أن السلطة الفلسطينية يجب أن تتبنى إصلاحات سياسية واقتصادية لضمان نجاح هذا الانتقال.

التحذيرات والمواقف الإقليمية

أكدت بيربوك على أهمية دور النساء في عمليات صنع السلام، مشيرة إلى أن السلام المستدام يتطلب مشاركة المرأة. ورغم الترحيب بخطتها، يواجه تنفيذها تحديات كبيرة، بما في ذلك التعاون مع دول مثل مصر والإمارات والسعودية، والتي تربطها علاقات معقدة مع إسرائيل والفلسطينيين. وتعتبر بيربوك أن تحقيق هذا التعاون ضروري لضمان دعم دولي واسع وإعادة إعمار ناجحة لغزة.

يظل دور ألمانيا في إعادة إعمار غزة وتحقيق الاستقرار في المنطقة محور اهتمام دولي، حيث تتطلب رؤية بيربوك دعمًا دوليًا واسعًا وتعاونًا إقليميًا لتحقيق الأمن والسلام المستدامين. تعتبر هذه الخطة خطوة جريئة نحو تحسين الأوضاع في غزة وتعزيز الأمن في المنطقة، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتطلب جهودًا مكثفة وتعاونًا مستمرًا من جميع الأطراف المعنية.

المطالبة بوقف إطلاق النار

تطالب بربوك بوقف إطلاق النار في غزة كخطوة أولى لإنهاء الحرب، وذلك ضمن خطة من ثلاث مراحل توافق عليها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. تتضمن الخطة الإفراج عن جميع رهائن حماس، ووقف إطلاق النار، وانسحاب الجيش الإسرائيلي، وتقديم المساعدات الدولية لإعادة إعمار غزة.

التعاون مع الولايات المتحدة والانتقادات المحلية

تنسق الحكومة الألمانية بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، لكن هناك انتقادات من بعض الأطراف في ألمانيا التي تطالب بمواقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل. ومع ذلك، تدرك برلين حدود إمكانياتها وتواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

دور الشركاء العرب

تشدد بربوك على أهمية الضغط من الدول العربية على حماس لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن. وتؤكد أن إسرائيل يجب أن تلتزم بالقيود المفروضة بموجب القانون الدولي الإنساني.

جهود إنسانية

تعتبر ألمانيا من أكبر المساهمين في المساعدات الإنسانية لغزة بعد الولايات المتحدة. وتعلن بربوك عن زيادة في المساعدات الإنسانية المقدمة لغزة بمقدار 19 مليون يورو إضافية، ليصل الإجمالي إلى 319 مليون يورو.

التأكيد على الحاجة إلى حل سياسي

تختتم بربوك بالتحذير من أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء دوامة العنف المستمرة. وتقول: “لا يمكن الاستسلام لليأس، فهذا لن ينهي معاناة الأسر التي فقدت أحباءها أو معاناة الأطفال الأبرياء في غزة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية