تابع قادة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الانتخابات الأمريكية منقسمين إلى ثلاثة معسكرات: معسكر الضالعين فيها والمعنيين بها بشكل مباشر. معسكر المحايدين الذين عليهم بذل جهد يمَكّنهم من تحمّل أيٍّ من المتنافسَين والتعايش معه كرئيس. وأخيرا معسكر الراغبين في خسارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب. لا يوجد معسكر في المنطقة انخرط بقوة وصراحة لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن.
الانخراط في الانتخابات، بالنسبة للمعسكر الأول، كان لصالح ترامب. بذل أصحاب هذا المعسكر جهدا وأنفقوا أموالا ووضعوا أنفسهم تحت تصرف ترامب ووفروا الأسباب السياسية والاستراتيجية لتسهيل فوزه. يضم هذا المعسكر الرباعي المتمثل في السعودية والإمارات كمحرك أساسي، ثم مصر والبحرين كمجرد ملحقات. جعل قادة هذه الدول من ترشح ترامب قضيتهم الشخصية لأنهم وضعوا كل بيضهم في سلّته وبنوا خططهم وسياساتهم واستراتيجياتهم معه لا مع أمريكا، وعلى فرضية أنه خالد في البيت الأبيض.
انخراط هذا المعسكر في الانتخابات تحركه مصالح شخصية سياسية واستراتيجية لقيادات الدول المعنية، يحميها ترامب، دون أن يتوفر لدى قادة هذه الدول ما يدل على أن جو بايدن سيصمت عنها أو يدعمها.
تضمَّن المعسكر الثاني دولا لا تريد التأثير في مصير المنطقة، ولا تستطيع حتى لو أرادت، مثل الأردن والجزائر والمغرب وتونس والكويت. الموقف المحايد لهذه الدول يجد تفسيره في ابتعادها عن الأزمات الإقليمية، افتعالا أو مشاركةً، عكس المعسكر الأول، وخوفها من تبعات أيّ حرب أو أزمة تنشأ هنا أو هناك. لذلك لم يكن يعنيها بشكل مباشر فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية أو خسارته، طالما لم تنخرط معه في طريقة إدارته لأزمات المنطقة، ولم تشعر بأن عليها أن تراهن عليه عندما حانت لحظة الانتخابات.
بينما يضم المعسكر الثالث دولا مثل سوريا وإيران ولبنان والسلطة الفلسطينية. انحازت هذه الدول لبايدن كرها في ترامب لا غير. وانحيازها سببه سياسات الأخير المتطرفة وغير العقلانية حيال إيران وإسرائيل. فتشدده مع إيران ينعكس سلبا على لبنان وسوريا، وانبطاحه لإسرائيل ينعكس جحيما على السلطة الفلسطينية وشعبها.
مع فوز بايدن وهزيمة ترامب، يستطيع المرء أن يجزم بأن الموقف كان، لحظة إعلان النتائج النهائية مساء السبت الماضي، جنائزيا في أبوظبي والرياض والقاهرة. وكان مغمورا بمزيج من مشاعر الارتياح والفرحة في عواصم المعسكر الثاني، مقابل بهجة كبرى في المعسكر الثالث.
في كل الأحوال، لا خلاف على رحيل ترامب سيجعل العالم أفضل بالنسبة للكثيرين في القارات الخمس. ولا خلاف على أن هزيمته الانتخابية هي خسارة شخصية له ولعائلته وأصدقائه، لا أكثر، وللمتعصبين البيض في أمريكا الذين يعتقدون أن العالم ينتهي عند مخرج بلدتهم أو كنيستهم، وأخيرا لحلفائه الأشقياء وقصيري النظر من عرب وغير عرب.
يجب النظر إلى جو بايدن كجزء من المؤسسة السياسية الأمريكية، وليس بمعزل عنها. والمؤسسة السياسية الأمريكية ثابتة وعميقة ولها مقدسات، ليست كلها في صالح العرب
أيضا، الذين يزعمون أن ترامب لم يشن حروبا في منطقة الشرق الأوسط (بالمفهوم الجغرافي الواسع) كما فعل رؤساء أمريكيون آخرون، ينسون أنه، بعقلية المقاول التي تستبد به، زرع بذور الحروب والانقسامات والشقاق وأبقى المنطقة على صفيح ساخن تطلب المزيد من الأسلحة والخدمات الأمنية والعسكرية الأمريكية.
هناك ثلاث حقائق سيتحتم مراعاتها في العالم وأمريكا بعد ترامب: الأولى أن ترامب خسر لكن إرثه البائس سيبقى، محليا ودوليا. الثانية أن بايدن ليس «السوبرمان» الذي سينقذ العالم ويحقق له كل أحلامه وآماله الضائعة. الحقيقة الثالثة أن أيتام ترامب في المنطقة العربية لن يتأخروا في الانقلاب على ذواتهم والقفز من المركب الهالك.
إذًا، نهاية ترامب ليست بالضرورة نهاية «الترامبية» كطريقة تفكير شعبوية عنصرية تحتقر الآخر. على العالم ألا ينسى أن نحو 70 مليون أمريكي صوَّتوا له حُبًّا وإيمانا، ويوجد مثلهم ضعفان أو ثلاثة اضعاف عبر العالم. لهذا فالخطر على العالم سيستمر طالما استمر إرث ترامب، وطالما وُجد في أمريكا وأوروبا وأستراليا، وحتى بين العرب، من يحتفي به ويمجّده ويعتبره نموذجا يُحتذى.
سيحتاج بايدن إلى معجزة لترميم انكسارات المجتمع الأمريكي. وسيحتاج عقلاء العالم إلى جهود مضنية للتغلب على تركة ترامب ودفنها إن استطاعوا.
في المقابل، من الحكمة عدم التعويل كثيرا على بايدن. يجب النظر إليه كجزء من المؤسسة السياسية الأمريكية، وليس بمعزل عنها. والمؤسسة السياسية الأمريكية ثابتة وعميقة ولها مقدسات، ليست كلها في صالح العرب ومصائبهم، لن تضحّي بها. يجب أيضا نسيان خطابات بايدن ولغته أثناء الحملة الانتخابية، والإيمان بأن هناك واقعا صعبا سيصطدم به حالما يتسلم مفاتيح البيت الأبيض. أخيرا يجب مراعاة، عند الحساب مع بايدن، أنه سياسي تقليدي صقلته «الإستبليشمنت» في واشنطن وراكمت سوابق سياسية كسيناتور وكنائب للرئيس أوباما. مساره ليس ناصع البياض كالثلج.
أخيرا، وبما أن هذا الجزء من العالم يحفل بالتقلبات والانقلابات، ليس من المستغرب أن يسارع الذين وضعوا كل بيضهم في سلّة ترامب، إلى إعلان براءتهم من ماضيهم القريب وتقديم الولاء لبايدن. القيادي الفلسطيني السابق محمد دحلان مهَّد للانقلاب بمنشور على حسابه في فيسبوك يقدم فروض الطاعة والولاء في الساعة التي أعقبت إعلان فوز بايدن. من المؤكد أن دحلان، الذي يعمل مستشارا لدى حكومة أبوظبي، عبّر عما يجول في خواطر قادة الإمارات أكثر مما تكلم باسمه الشخصي.
تعوَّد العرب على دفع الرهان على رجال البيت الأبيض، ودفع ثمن التغييرات التي تفرضها الانتخابات. لكن التغيير هذه المرة أعمق ويتطلب فاتورة أكبر سيدفعها قوم يأبون أن يتعلموا من خطاياهم ومن تجارب الآخرين.
كاتب صحافي جزائري
هؤلاء ينطبق عليهم في علاقتهم مع ترمب قول الشاعر:
و ليت الذي بيني و بينك عامر و بيني و بين العالمين خراب
إختصروا علاقتهم حتى مع أمريكا بفرد واحد مع نتوءاته و خربوها مع باقي القوى السياسية. خربوا علاقتهم مع شعوبهم و إخوانهم و جيرانهم و مع الحق و العدل و الخير و القيم الإنسانية و عمروها مع فرد واحد هو و نتوءاته.
“يجب النظر إلى جو بايدن كجزء من المؤسسة السياسية الأمريكية، وليس بمعزل عنها. والمؤسسة السياسية الأمريكية ثابتة وعميقة ولها مقدسات، ليست كلها في صالح العرب”
ألا تعتقد أن “المعسكر الثاني” ، مثل الأردن والجزائر والمغرب وتونس والكويت … ، أكثر فهما للمقولة التي تبنتها أمريكا صادقة : “في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم هناك مصالح دائمة” . ألم ولا يكرر رؤساء أمريكا ، ديموقراطيون وجمهوريون ، بل وحتى المسلم منهم ، بأن “أمن إسرائيل من من أمريكا” ؟ . هل سمعت ، يوما ، ولو واحدا منهم ، ولو مرة واحدة فقط ، يقول ولو بشفتيه وليس بقلبه : أن أمن دولة عربية ما (حتى ولو كانت خليجية ، حتى ولو أيدت العدوان الإسرائيلي على غزة ، حتى ولو اعتبرت أن عدوها هي إيران وليست إسرائيل ، حتى ولو وهبت 480 مليار دولار للعم سام ، حتى ولو شرهت زورا بالسلاح النووي الإيراني وتناست النووي الديموني ، حتى ولو طبعت ، حتى ولو كان رئيسها ديكتاتورا مفضلا ، … ) من أمن أمريكا ؟ .
اكتر البلدان التي لا تتمني بايدن هيا تركيا لي افكار الديموقراطين وسياسة بايدن في التعامل مع تركيا والعراق لانه يتخوف من عدول بايدن عن قرار ترامب بي الخروج العسكري او تقليله من العراق ..في المقابل اكتر البلدان التي لا تتمني لي ترامب بي الرحيل هم السعودية وسوريا اسباب الأولي معروفة وتانية ..لي تخوفها من عودة سياسات اوباما في سوريا اي مزيد من التدخل ودعم قيام دولة كردية الخ ..بايدن او ترامب لا يشكل هاد التنائي قلق لي ابوضبي والقاهرة فكلا الدولتين لهما علاقات متميزة مع اسرائيل التي لها اكتر نفود في الحزب الديموقراطي منه للجمهورين كما انا سياسات هيلاري كلنتون ودعم الإسلام السياسي في منطقتنا لن تعود بل تاب منها حتي اوباما نفسه ..وبإستتناء ايران وسوريا كل تلك الدول سالفت الدكر هيا دول حليفة او تابعة او محتلة من واشنطن ..ايران تدعم بايدن ..كلام غير معقول وان صح هاد التحليل ممكن لي ايران ان تختار الكوليرا عوض الطاعون