إسطنبول- “القدس العربي”:
حجبت السلطات التركية بشكل جزئي أو كلي مواقع إعلامية تديرها أو تمولها السعودية والإمارات، وذلك بعد أيام من حجب السعودية مواقع إعلامية تركية بينها وكالة الأناضول الرسمية وموقع التلفزيون التركي الرسمي “تي آر تي” الناطق بالعربية، في ظل تصاعد الخلافات السياسية بين هذه البلدان.
وفي ظل عدم وجود إعلان رسمي تركي حول تفاصيل هذه الخطوة، تحدث متابعون عن تعذر الوصول إلى العديد من المواقع السعودية والإماراتية من داخل تركيا، وما صعب من إمكانية حصر المواقع التي يسري عليها قرار الحجب، أن القرار نفذ بشكل جزئي أو تدريجي، دون وجود حجب كامل لهذه المواقع بعد.
وبحسب ما رصد مراسل “القدس العربي” في تركيا، فإن الحجب شمل العديد من المواقع السعودية والإماراتية، أبرزها موقع النسخة التركية من موقع إندبندنت الممول من السعودية، وموقع قناة سكاي نيوز الممولة من الإمارات، وموقع قناة العربية السعودية، وصحيفة عكاظ السعودية، وموقع قناة الاخبارية الرسمية السعودية، بالإضافة إلى وكالتي الأنباء السعودية والإماراتية، وهو ما لم تؤكده مصادر رسمية تركية، ولم يعرف ما إن كان هناك قرار فعلي بحظر جزئي أو كلي لهذه المواقع، أم أن الأمر ناجم عن أسباب أخرى.
وأكدت إدارة النسخة التركية من موقع إندبندنت، أن الجهات الرسمية التركية حجبت بالفعل إمكانية الوصول إلى الموقع، مشيرة إلى أن المتابعين من داخل تركيا تعذر عليهم الوصول إلى الموقع منذ الساعات الأولى لصباح الأحد، في خطوة فسرت على أنها رد تركي على القرارات السعودية المماثلة.
وكانت المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق قد حصلت على امتياز إنشاء نسختين عربية وتركية من موقع صحيفة إندبندنت البريطانية، وعلى الرغم من أن النسخة التركية للموقع تعمل بطواقم تركية من مدينة إسطنبول، إلا أنها لاقت انتقادات واسعة في الداخل التركي بأنها تتبع سياسات تحريرية معارضة للحكومة التركية، وأنها “تنفذ سياسات سعودية معادية لتركيا بشكل عام”.
وقبل أيام، أثار كاتب سعودي في صحيفة عكاظ يدعى “بدر بن سعود” الجدل، بعدما كتب في مقال له بعنوان “الصفر التركي”: “حجب مواقع الإعلام التركي العربي مفيد كحل مؤقت، والمفروض أن نبحث عن حل دائم، ولعل الأنسب هو معاملة الأتراك بالمثل، ونقل المعركة إلى أرض الخصم، ويكون ذلك بالعمل على إيجاد منابر إعلامية سعودية ناطقة بالتركية، والاستعجال في تشغيل مشروع موقع الإندبندنت الناطق باللغة التركية، والذي استحوذت على حقوقه المجموعة السعودية للأبحاث والنشر قبل ما يقارب السنة”.
وكتب نوزت تشيشيك رئيس تحرير إندبندنت التركية: “يتعذر الوصول إلى موقع إندبندنت التركية في بعض الأماكن بقرار إداري من هيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات”، واعتبر أن القرار لا يتعلق “بأي تجاوزات للموقع” وإنما نتيجة للخلاف السياسي بين تركيا والسعودية، ورداً على القرار السعودي بحجب موقعي وكالة الأناضول و”تي آي تي” العربية، منوهاً أن ما جرى هو قرار حجب إداري ولا يوجد بعد قرار يتعلق بحظر الموقع أو إغلاقه.
وقبل أيام، حجبت السلطات الرسمية السعودية عدداً من مواقع المؤسسات الإعلامية التركية الناطقة باللغة العربية، في إجراء لم يُعلَن عنه رسمياً. وظهرت رسالة للمتابعين من السعودية جاء فيها: “عفواً، الموقع المطلوب مخالف لأنظمة وزارة الإعلام”، بجانب عبارة أخرى تقول: “لطلب رفع الحجب عن الموقع يمكنكم التواصل بشكل رسمي من خلال العنوان التالي”، ويظهر عنوان إدارة النشر الإلكتروني التابعة لوزارة الإعلام السعودية.
وقبيل هذه الخطوة ظهرت حملة ووسم على موقع تويتر لمهاجمة وسائل الإعلام التركية والمطالبة بحجبها في السعودية، يتصدرها حسابات وهمية تديرها الرياض تُعرف بين النشطاء والمغردين بـ”الذباب الإلكتروني”، وهو إجراء معتاد تلجأ إليه السلطات السعودية قُبيل اتخاذها مثل هذه القرارات، في محاولة لإظهار أن القرار جاء نتيجة مطالبات شعبية.
وترافقت هذه الخطوة مع موافقة محكمة تركية على لائحة الاتهام التي أعدّتها النيابة في قضية مقتل خاشقجي بإسطنبول يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وشملت لائحة الاتهام 20 شخصاً، أبرزهم أحمد بن محمد عسيري وسعود القحطاني، وهما من أبرز المقربين إلى وليّ العهد محمد بن سلمان، ومتهمان بالتخطيط للعملية وإعطاء الأوامر لفريق الجريمة، حيث تعتبر قضية قتل خاشقجي من أبرز ملفات الخلاف المتصاعد بين أنقرة والرياض.
سياسة الرد بالمثل! وإن عُدتم عُدنا!! ولا حول ولا قوة الا بالله