بين آخر الملوك وصانعهم… لمن ستكون الغلبة في الانتخابات المقبلة؟

حجم الخط
0

لم يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومة ائتلافية جديدة عقب الانتخابات التي جرت خلال نيسان/ أبريل، فاضطر إلى تحديد موعد لإعادة غير مسبوقة للانتخابات في أيلول/سبتمبر.
مطلع آب/ أغسطس، قدّمت كافة الأحزاب الساعية إلى خوض المعركة الانتخابية المقبلة لوائحها البرلمانية. ووفقاً لمجموعة من استطلاعات الرأي المبكرة، قد يواجه نتنياهو وحلفاؤه في اليمين حسابات سياسية أكثر صرامة للفوز في انتخابات 17 أيلول/ سبتمبر وتشكيل ائتلاف أخطر من تلك التي اختبروها في نيسان/أبريل.
يتمثّل التحوّل الأكبر في الانتخابات المعادة في الانقسام الناتج عن غضب نتنياهو من حليفه القديم وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان الذي أصبح منافساً له. فقبل انتخابات نيسان/ أبريل، أعلن ليبرمان أن حزبه «إسرائيل بيتنا» سيدعم نتنياهو باعتباره رئيس الوزراء المقبل. لكن بعد أن فاز ليبرمان بخمسة مقاعد، أوضح أنه لن ينضمّ إلى ائتلاف نتنياهو المقترح، وعزا ذلك إلى أن هذا الإئتلاف سيضمّ أحزاباً عازمة على عرقلة جهود تشريعية تسعى إلى ضمّ المزيد من اليهود المتشددين إلى الخدمة العسكرية الإلزامية. ما أدى إلى خسارة نتنياهو مقعداً من الأغلبية اللازمة التي تبلغ 61 مقعداً من مجموع عدد أعضاء الكنيست البالغ 120 عضواً.
يركّز «إسرائيل بيتنا» على قضايا تهمّ قاعدته الانتخابية الرئيسية المؤلفة من المهاجرين الروس الذين وصلوا إلى كيان الاحتلال في تسعينيات القرن الماضي. ومع ذلك، احتاج الحزب إلى تركيز جديد نظراً إلى التغييرات التي شهدتها الأجيال خلال العقدين منذ تأسيسه. وبإدراكه استياء الشعب من إجراء دورتين انتخابيتين لا تفصل بينهما فترة طويلة، تعهّد ليبرمان بالدفع نحو تشكيل حكومة «وحدة وطنية» بين الفائزين بأكبر عدد من الأصوات أي حزب «الليكود» وحزب «أزرق أبيض»، مما يحدّ بالتالي من النفوذ غير المتكافئ للأحزاب الصغيرة – باستثناء حزبه. بفضل حلّ حزب «كولانو» المتحالف مع نتنياهو تعزّزت ميّزة ليبرمان. ورغم أن زعيم الحزب اليميني وزير المالية موشيه كحلون، انضمّ من جديد إلى حزب «الليكود»، إلّا أن القرار يلغي مقاعد «كولانو» الأربعة من ائتلاف نتنياهو المحتمل.

يتمثّل التحوّل الأكبر في الانتخابات المعادة في الانقسام الناتج عن غضب نتنياهو من حليفه القديم وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان الذي أصبح منافساً له

تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن حزبي «الليكود» و«أزرق أبيض» سيفوزان بنحو ثلاثين مقعداً لكل منهما، مما يقرّبهما من المقاعد الواحد والستين الضرورية لتشكيل حكومة إذا ما تعاونا في ذلك. وفي الوقت نفسه، ضاعف ليبرمان على ما يبدو أصواته المتوقعة، في وقت يبدو فيه أن الأحزاب الأصغر حجماً تفتقر إلى ما يكفي من المقاعد لمنح «الليكود» أو «أزرق أبيض» أغلبية. ما قد يجعل ليبرمان صانع الملوك، حيث ستتاح له الفرصة لتحديد ما إذا كانت الكنيست القادمة ستخضع لسيطرة حكومة «وحدة وطنية» أو كتلة يمينية.
يكمن الجزء الأكبر من النجاح الذي حققه نتنياهو في السابق في قدرته على الحفاظ على الولاء في أوساط قاعدته اليمينية والأحزاب المتحالفة معها خلال الحملات الانتخابية، ومن ثم التعاون مع الفصائل الوسطية بعد ذلك من أجل تشكيل ائتلافات. لكن الظروف تبدو مختلفة هذه المرة. فالميزة الحسابية المتنامية لليبرمان ستزيد من صعوبة تشكيل ائتلاف يميني محض، كما فعل نتنياهو عام 2015. أما بالنسبة لاحتمال المشاركة في حكومة وحدة وطنية معه، فقد أعرب ليبرمان وحزب «أزرق أبيض» على السواء بأنهما لم يقوما بذلك حالياً.
ومع ذلك، يحقق نتنياهو النجاح عندما يعتقد أنه في موقف صعب للغاية، ويبدو أن مسؤولي «الليكود» يتقبّلون فكرة حشد قاعدتهم الانتخابية في ظل تقلّص المجال أمام زعيمهم للمناورة. وكبديل على ذلك، يرى بعض المراقبين أن بنيامين نتنياهو قد يحاول توحيد الصفوف والتعاون مع زعيم «حزب العمل» الجديد عامير بيرتس الذي كان يحاول استمالة الناخبين الشرقيين الذين يدعمون عادةً «الليكود». وينفي بيرتز هذه التكهنات، لكن مثل هذه الشائعات تشير إلى أن نتنياهو قد يلعب أي عدد من الأوراق الحاسمة قبل الانتخابات وبعدها، فهل ينجح «آخر ملوك» كيان الاحتلال في تجاوز امتحان آخر قد يكون الأخير بالنسبة له؟ أم أن صانع الملوك الجديد «ليبرمان» قد يكون له رأي آخر؟

كاتب وباحث فلسطيني

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية