تجتاح شهية مفتوحة لدى أغلبنا لعملية الشراء، وأيضا الاتجاه إلى اقتناء كل ما تصبو إليه النفس، بأسلوب مطلق بعيد عن النسبية، واقتحامٍ واضح، لمشاعر التوتر والقلق بقدر أكبر من السعادة، والسبب كله الوجودية.
حسنا، دعونا نتكلم بصراحة، بعيدا عن المثالية، ونشرح واقعنا، إننا ننجذب للأشياء الجديدة، بل إننا بسرعة نغير سلوكنا وأفكارنا إزاء ذلك، والمصدر الشعور الذي يولد من الداخل اتجاه الأشياء، جاعلًا منها أهدافا مصيرية.
إن هذا الأمر ليس بالهين، إننا اليوم نعيش في عالم الاستهلاك المفرط، الذي ينتزع منا إرادتنا ويتحكم فينا، فنحن اليوم في مجتمعات هي التي تقوم بتحديد الأوليات في حياتنا. من المؤلم حقًا، أن نجد أنفسنا داخل هذه الدائرة بطريقة لا إرادية، فهو الاستلاب، كما شرحه هيغل، وهو عدم القدرة على إتيان القوة من الذات الروحية والفكرية، بمعنى خلق طاقة متجددة من ذات وإلى ذات، وهي وحدها التي تمكنه من التطور والانفتاح، هذا ما يؤدي، للتخلي عن تنقية الأفكار وإلغاء كل المقاييس الفكرية التي يُؤخذ بها.
عندما يصل الفرد إلى هذه الدرجة، فإنه يتحول شيئا ماديا بحتا، أي ينعدم دوره الحقيقي في هذا الكون، فهو أصبح يمتلك ويستعمل كل شيء، ما يعني أن تكون قيمته، تساوي قيمة الأشياء التي اشتراها بماله، لأنه محكوم بها، والتي هي في الأصل من صنعه، حينها يعتقد أنه ملك كل شيء يريد، لكنه واقعا ازداد فقرا.
إنه أمرٌ مثيرٌ للشفقة والضحك في آن، فكيف للأشياء أن تملكنا بهذه الطريقة الغريبة. إنها معادلة صعبة، بين وجودية الإنسان وبحثه المستمر عن الكمال، بلا توقف أو تردد!
كاتبة وإعلامية من البحرين
وما علاقة الوجودية بالاستلاب ونزعة الاستهلاكية المفرطة ؟