أقوى تعبير عن رغبة مدريد بالتطبيع سريعا مع الرباط، هو وصف خوزيه مانويل، في حفل تنصيبه الاثنين الماضي على رأس الخارجية الإسبانية، المغرب بـ«الصديق الكبير». لكن إن فُتح الباب أمام الإسبان، فهل سيضيق على الجزائريين؟
حتى الآن لا إشارة تدل على تطلع الجزائر لفتح صفحة جديدة مع جارتها الشرقية، غير أن ذلك لا يعني أن الحال سيبقى على ما هو عليه، فالتطورات التي حصلت الأسبوع الماضي في العاصمتين، قد تحمل مؤشرات، ولو بسيطة، على أن هناك فرصة لتحريك المياه الراكدة. ولعل أول ما يلفت الانتباه هو أن الفاصل الزمني بين إعلان رئيس الوزراء الإسباني، السبت الماضي، عن تعديل وزاري واسع على تركيبة الائتلاف الحاكم في بلاده، وكشف الرئاسة الجزائرية عن التشكيل الحكومي الجديد كان ثلاثة أيام لا غير. كما أن أبرز ما حمله التعديلان كان إبعاد صبري بوقادم عن دفة الدبلوماسية الجزائرية، وإزاحة أرانشا غونزاليس ليا، التي توصف بـ«صانعة الأزمات» عن قيادة الخارجية الإسبانية. لكن هل حصل هذا بمعزل عن ذاك، ولم تكن هناك أي صلة أو علاقة بين الحدثين؟ أم أن هناك رابطا ما جمع بين رغبة الجزائريين والإسبان في إعادة ترتيب بيتهم الدبلوماسي في وقت واحد؟
لا شك بأن الأزمة التي اندلعت قبل أكثر من شهرين على خلفية استقبال مدريد لزعيم البوليساريو، كانت ثلاثية الأبعاد، فهي إن وضعت في الظاهر مدريد فقط في مواجهة مع الرباط، إلا أنها كرست كذلك جانبا من صدام الأخيرة المستمر مع الجزائر، وألقت الضوء على معطى مهم وهو، رفض المغرب لاستمرار أي تحالف أو تنسيق إسباني جزائري ضده. ومع أن المساعي تركزت على تطويق الشق الإسباني المغربي من الأزمة، فإن الحديث عن وجود جزء جزائري مغربي منها ظل مغيبا، والسبب أن العقود الطويلة من خلاف الجارتين، جعلت القطيعة بينهما تبدو وكأنها من تحصيل الحاصل، لكن إن كانت مشكلة الرباط مع مدريد تتركز بالأساس على ملف الصحراء، فمن ينكر أن جزءا كبيرا من أوراق ذلك الملف توجد في الجزائر؟ ومن يتصور أن الإسبان سيبقون طويلا على موقفهم في حال ما إذا تخلى الجزائريون غدا عن البوليساريو؟ فكيف يمكنهم أن يقفوا حينها ضد إرادة بلدين مغاربيين، ويرفضوا أي تسوية قد يتوصلان لها في شأن يعنيهما أكثر من غيرهما؟ سيكون من الصعب جدا على الإسبان أن يقوموا بأي دور مهم في ذلك الملف، متى فقدوا جزءا من الأدوات القديمة التي كانت بحوزتهم، ولم تعد الأسباب والظروف التي جعلتهم ينجحون في اللعب على الحبلين المغربي والجزائري، واستغلال تناقضات وخلافات البلدين موجودة. لكن كيف يقتنع الجزائريون بعيدا عن الشعارات، أن مصلحتهم كانت وستبقى مع المغرب، وليس مع إسبانيا؟ إن ما يحصل هو أن هناك من يساعدهم على توهم العكس. فساعات قبل الإعلان عن إقالتها من منصبها، ظهرت أرانشا غونزاليس ليا إلى جانب نظيرها الفرنسي أيف لودريان في مؤتمر صحافي عقداه في مدريد، في أعقاب جلسة محادثات جمعتهما.
لا إشارة تدل على تطلع الجزائر لفتح صفحة جديدة مع جارتها الشرقية، غير أن ذلك لا يعني أن الحال سيبقى على ما هو عليه
وعندما سأل لودريان إن كان يقوم بوساطة بين المغرب وإسبانيا بادر للقول «إن الامر لا يتعلق بفرنسا للتوسط بين المغرب وإسبانيا وهما دولتان تتمتعان بالسيادة، وتتحملان مسؤوليتهما الخاصة» قبل أن يضيف، أن لفرنسا علاقات ممتازة بكلا البلدين إلا أنها «تبدي الكثير من التضامن مع إسبانيا لكونهما عضوين في الاتحاد الأوروبي». وربما كانت الجملة الأخيرة للوزير الفرنسي أقرب ما تكون إلى فخ أو طعم. ففي وضع طبيعي كان سيكون الطرف المعني بها مباشرة هو الرباط، إلا أن لودريان لم يكن ينظر على ما يبدو للكأس من زاوية واحدة، وأراد أن يوجه، وعلى طريقته رسالة ترحيب إلى المسؤول الجزائري عن مقاليد الخارجية، أي الدبلوماسي المخضرم رمطان لعمامرة، ساعات قليلة بعد استلامه لمهامه، لقد كان يعلم جيدا أن إظهار أي نوع من الميل، أو الانحياز للإسبان في نزاعهم الأخير مع المغرب، سوف يكون إشارة ذات مغزى لن يتخلف من يوصف في الجزائر بـ«الساحر الدبلوماسي» ويحسب واحدا من أهم أصدقاء باريس، عن تلقيها بالتقدير المطلوب، لكن لم فعل الفرنسيون ذلك؟ وهل كان وزير خارجيتهم وهو يتحادث مع وزيرة إسبانية تمضي آخر ساعاتها في المنصب يحاول استباق الزمن، وإعادة ترتيب الأوراق الإسبانية الجزائرية، لتعبيد الطريق أمام تطور ما؟ لقد أرادت باريس أن تدخل على خط الأزمة، لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهي في حاجة للمغرب، ولأجل ذلك فهي تقدم له وبقدر محدود بعض الرسائل الإيجابية والمطمئنة حول الملف الصحراوي، وهي لا تقدر أيضا على التخلي عن الجزائر، ولا تغفل عن إبلاغها بأنها مستمرة في الوقوف في المنطقة الرمادية، حيث لا حسم لا لصالح المغرب ولا ضده في ذلك الملف. كما أنها تنظر بقلق بالغ لأي تدخل أمريكي محتمل في المنطقة، وترغب بإظهار نوع من الدعم الرمزي لمدريد، حفاظا على ما تبقى لها من زعامة قارية.
لكن هل يعني ذلك أنه سيكون باستطاعتها أن تجعل مدريد أداة طيعة بيدها، وأن تقنع الجزائريين، بأن لا جدوى من تصالحهم مع المغرب؟ وفي تلك الحالة هل سيكون التغيير الذي حصل على رأس الدبلوماسية الجزائرية والإسبانية شكليا فقط؟ أم أنه سيسمح بإذابة الجليد وتحقيق انفراج في علاقة البلدين بالرباط؟ بغض النظر عن طبيعة الأسماء فإن الأمر يتعلق بقدرة الأطراف الثلاثة على الجلوس إلى طاولة مفاوضات، إما ثنائية أو موسعة، قد تسمح لهم بالتوصل إلى تفاهمات حول الملفات العالقة بينهم. وتصور تلك العملية ليس بالأمر السهل. لكن ما الذي سيدفع الجزائريين والإسبان للانخراط فيها؟ ألن يمثل جلوسهم مع المغاربة إلى طاولة واحدة في هذا الظرف انتكاسة كبرى لمشروعهم؟ إن المحدد هو، ما الذي سيكسبونه، وربما أيضا ما الذي سيخسرونه إن هم واصلوا التمسك بمواقفهم؟ لكن هل يستطيع المغرب بالمقابل أن يقدم لهم بعض المحفزات؟ وهل سيكون بمقدوره مثلا أن يعرض على الجزائريين مقترحات سخية وجذابة تجعلهم يوافقون بالأخير على تصوره لحل النزاع الصحراوي بشكل نهائي ودائم، من خلال منح الصحراويين حكما ذاتيا؟ وهل يستطيع أن يقدم للإسبان أيضا نوعا من التطمينات، بأنه حتى إن طالب لاحقا بخروجهم من باقي أراضيه المحتلة في الشمال، فإنه سيمنحهم فيها بالمقابل امتيازات قد تحفظ مصالحهم؟ إن كل ذلك يتعلق، بلاشك باستعداد كل طرف للتنازل للطرف الآخر، وقدرته على استيعاب المعطيات والمتغيرات الإقليمية والدولية، وإدراكه الجيد لطبيعة التوازنات المقبلة في المنطقة. وما تدل عليه أغلب المؤشرات حتى الآن، أن فرضية التفاوض باتت اقرب من فرضية التصادم وربما الحرب. أما كيف؟ ومتى؟ وإلى أين سيفضي ذلك؟ فهذا وحده ما سيقرره المعنيون بالأمر.
كاتب وصحافي من تونس
كان عمري خمس سنوات عندما اندلع نزاع الصحراء سنة 1975، لم تغير المواجهات العسكرية شيئا، وتوالت السنين وانهار المعسكر الشرقي بأكمله سنة 1991 ولم يتغير شيئ، رحل العديد من أمناء الأمم المتحدة والرؤساء والوزراء والسياسيين ولم يتغير شيئ، انتهت عشرية جيراننا السوداء وتوالى بعدها حكم بوتفليقة المطلق ولم يتغير شيئ، حل الربيع العربي بخرابه وانهيار مجتمعاته ولم يتغير شيئ، تحول العالم إلى قرية صغيرة يلجها كل من يتوفر على ماوس صغير ولم يتغير شيئ، خرج الملايين من الجزائريين في حراك لخلق دولة مدنية طبيعية ولم يتغير شيئ، واليوم مسئولون جدد في إسبانيا والجزائر يدخلون في هذه المتاهة التاريخية ليدلوا بدلوهم ولا يستطيعوا تغيير شيئ يذكر، وسيرحلون كما رحل السابقون ليحصي جيراننا تكاليف دعم تقسيم المملكة منذ نصف قرن، لن تصدق عيونهم بأن المبلغ وصل إلى 700 مليار دولار، تبخرت في الوقت الذي يحتاجونها من أجل كل شيئ، وخصوصا في زمن كورونا المدمر. رمال الصحراء المغربية متحركة وهي فخ خطير لكل مقامر ومغامر.
أحسنت
جزاك الله خيرا
وسيبقى الوضع على ما هو عليه وتبقى دار لقمان على حالها ويظل الجميع يدور في حلقة مفرغة إلى ما شاء الله .. أحييك اخي الكريم على ما اوردته في تعليقك الشافي.
كان من الآجدر التخلي على” بوريطة” فهو صانع الازمات الحقيقي
_تغيير الوزراء الجزائريين طبيعي و كان ذلك منتضرا منذ سنة ان سكون التغيير بعد الانتخابات البرلمانية
__اما التغيير الإسباني لوزيرة الخارجية. كان بسبب اخفاقها في ادارة ملف الأمن القومي الإسباني لذلك سنشهد في قادم الأيام تصعيدا جديدا مع اسبانيا و ليست انفراجة
المشكل ليس في تغيير الوزراء، المشكل هو تعاقب عشرات الوزراء في الجزائر منذ سنة 1975 ورهانهم على إمكانية تقسيم المملكة في يوم من الأيام. الحصيلة الكارثية اليوم هي مايلي : أكثر من 500 مليار دولار ومن المال العام تبخرت منذ نصف قرن دعما للإنفصال، والمبلغ سيرتفع في السنوات المقبلة وسيحرم الشباب الجزائري من أموال لن ينفع الندم على تضييعها.
لماذا سيتخلى المغرب عن وزير ناجح يحسن التواصل مع الأصدقاء والأعداء ويدبر شؤون وزارته بشكل فعال ولا يتآمر مع إسبانيا ضد الجزائر ولم يقل لأراتشا غونزاليس لايا : بإمكانك يا وزيرة خارجية إسبانبا أن تتحدثي بإسمي وبإسم الجزائر
العيب كل العيب في الخاصة (النخبة) المتعلمة التي يجب أن تفكر مغاربيا وتنطق و تكتب مغاربيا. فهل فاطمة الفهرية واختها اللتان اتفقتا أموالهما لبناء مسجدين في مدينة فاس تونسيتان ام مغربيتان؟. وهل بن خلدون المولود في تونس و الذي سكن و درس ودخل البلاط المريني في فاس تونسي ام مغربي؟. ما دام المتعلمون يتحدثون مثل الحكام وكأنهم شعراء ملوك الطوائف في الأندلس فان التقسيم الاستعماري الذي يدافع عنه رؤساء الطوائف سيحول دون تحقيق تعاون وتضامن وتقدم المجتمعات المغاربية .
إن صح قول الكاتب بخصوص ما قاله وزير خارجية فرنسا حول الرسالة المشفرة للجزائر في اللقاء بينه وبين لايا،إن صحّ،فهذا يعني أن الجزاير أخبرت فرنسا بتغيير بوقدوم بلعمامرة وهذه فضيحة للنظام المتحكم في الجزاير
الانفصاليون فوتوا فرصة لقائهم بالملك الراحل الحسن الثاني في مراكش عندما عرض عليهم العودة الى وطنهم المغرب وسيمنح لهم الصحراء المغربية شريطة أن يحتفظ هو برموز السيادة الثلاث: العلم والعملة والطابع البريدي. طلبوا منه الاستشارة! مع الجزائر!! وهنا فهم الحسن الثاني أن هؤلاء الذين استقبلهم هم فقط مجرد بيادق في يد كابرانات فرنسا بدولة العسكر، فابلغهم عن طريق أحد الصحراويين الوحدويين أنه صرف النظر عن لقاء مراكش جملة وتفصيلا. الملك الحالي محمد السادس طرح عليهم نفس الحل ولو بصيغة أممية لما فيها من ظمانات. الانفصاليون لم يجيبوا مباشرة ولكن هذه المرة تكلفت الدولة المرضعة بالرد. وبعد موقعة الكركرات المؤلمة جدا و الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وتأكيده من طرف الإدارة الحالية ، وسقوط الثور الإسباني في اسطبل الانفصالي بن بطوش، بعد كل هذا، المغرب ماض في سحب مقترح الحكم الذاتي وخروج جميع الجرذان من غيرانها الرمادية التي يختبؤون فيها منذ نصف قرن.!!
أحسنت
حل المشكل يتطلب الأمر جلوس الدول الخمسة على طاولة للمفاوضات هم المغرب الجزائر موريتانيا إسبانيا و فرنسا بوجود اعضاء من المنظمة الدولية برئاسة أنطونيو كوتريز . سيكون حل نهائي … لكن الجارة الشرقية يحكمها الجيش ليس لها حوار.
المغرب الشعبي والرسمي يسيران بخطى ثابتة في طريق التنمية الاقتصادية الاجتماعية مع تأكيد الأهداف الوطنية في الصحراء المغربية و التخطيط التدريجي لاسترجاع المدن والجيوب المحتلة من لدن الاستعمار الاسباني. نحن نسير في الطريق الصحيح ؛ ابتعدنا عن الجارة الشرقية بسنوات ضوئية في جميع المجالات و تركنا لها الشعارات الرنانة و التصريحات العدوانية. أما الجارة الشمالية فقد فضحنا مناوراتها و عداءها و عنصريتها و نفاقها السياسي و فقدنا نهائيا الثقة في مواقفها رغم أنها في الفترة الأخيرة أكثرت من المديح الكاذب الذي لن ينطلي على المغرب والمغاربة.
Algeria will negotiate for what
فرنسا العجوزة لن تستطيع بمكرها المكشوف مغربيا ان تقدم حلولا , كونها تنظر بقلق بالغ لأي تدخل أمريكي محتمل في المنطقة، وترغب بإظهار نوع من الدعم الرمزي لمدريد، حفاظا على ما تبقى لها من زعامة قارية , والذي يعلمه المغرب , ذلك لانه هو الاخر يلعب على هذا الوثر لقوة اوراقه حاليا .
فيما يخص تغير وزيرة الخارجية الاسبانية
كان لارضاء الرباط لان اسبانيا هي الخاسر الأكبر اما مشكل الصحراء المغربية سيحل قريبا الوجود الامريكي في المنطقة وبتنسيق مغربي سينهي المشكل وسيخرج كل الدول التي كانت تتاجر به مثل فرنسا واسبانيا و روسيا والنظام العسكري في الجزائر امريكا افتتحت قنصلية في الداخلة لانها مقبلة على مشاريع ضخمة وموجهة لافريقيا انطلاقا من المغرب