ليس معروفا ماذا سيحصل بعد اسبوعين ونصف، حين ستبدأ المحادثات بين مندوبي اسرائيل، مصر، حماس والسلطة الفلسطينية على مستقبل غزة. ولكن شيئا واحدا واضح: حروب اليهود استؤنفت منذ الان بكامل شدتها. فقد أطلع امس مصدر سياسي كبير في القدس الصحافي ين على التطورات وادعى أن حماس استأنفت مساعيها لتهريب السلاح عبر انفاق من مصر وتشغيل معامل انتاج الصواريخ. وبعد بضع ساعات ادعى مصدر امني: «لا نعرف مثل هذه المعلومات، وليس واضحا لنا الى ماذا يستند المصدر السياسي المقتبس ومن أين استمد المعلومات.«
ثمة بضعة أسئلة مقلقة في موضوع هذا الخلاف. بعضها يتعلق بالاسلوب وانظمة الادارة السليمة وبعضها بالجوهر. ففي مواضيع الاجراءات والاسلوب، سيكون مشوقا أن نعرف لماذا تأتي مثل هذه الاقوال على لسان مصدر سياسي وليس من مصادر الاستخبارات المسؤولة عن جمع المواد، تحليلها ومعالجتها. كما يطرح السؤال اذا كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه بوغي يعلون قد علما، صادقا أو خولا الموظف بقول الامور.
كما ينبغي أن نكون قلقين من أنه يوجد من يسيء استغلال القدرة على الوصول الى المواد الاستخبارية، حتى وان كانت جزئية، لاستخدامها لاهداف حزبية. ومع أن هذا ليس جديدا، ومثل هذه الامور حصلت في الماضي، ولكن مع ذلك، كل مرة حصل فيها هذا تنشأ أفكارا عسيرة عن المسؤولية، او للدقة عدم المسؤولية – من جانب منتخبي الجمهور.
على أي حال، لا ينبغي للمرء أن يكون خبيرا على نحو خاص في غياهب السياسة الاسرائيلية كي يفهم أن الادعاءات أن حماس بدأت تتسلح تأتي لخدمة نظرية وزير الخارجية، وبموجبها فان احتلال قطاع غزة وحده واسقاط حكم حماس سيؤديان باسرائيل الى الراحة والسكينة.
ومن حيث جوهر الامر، فانه حتى لو كانت المعلومات التي نقلها المصدر السياسي موضع خلاف ونفاها مصدر امني، فقد كان واضحا لكل محافل الاستخبارات في أثناء المعركة وبعدها أنه آجلا أم عاجلا ستستأنف حماس مساعيها للتسلح.
واذا لم تفعل ذلك بعد، فانها ستفعله في المستقبل. وهذه مجرد مسألة وقت.في النظريات عن عقيدة الاستخبارات يوجد مفهومان اساسيان هامان: القدرة والنوايا. وبشأن النوايا، كما أسلفنا، واضح أن حماس ستحاول استئناف تسلحها، والاحتمال في أن توافق طواعية على تجريد القطاع هو احتمال طفيف.
أما بالنسبة للقدرة، فان هذه مسألة اكثر تعقيدا. فقد ضربت حماس بشدة، وهزل مخزونها من الصواريخ بما لا يقل عن 30 في المئة مما كان لديها قبل «الجرف الصامد».
وقدرات التهريب لديها تضررت حتى قبل المعركة بسبب سياسة صفر التسامح التي يتخذها نظام الرئيس المصري السيسي تجاه حماس بشكل عام وشق أنفاقها بشكل خاص.
وسيواصل الحكم المصري هذا الخط المتصلب. اما قدرة الانتاج الذاتي لحماس في المعامل التي اقامها ونثرها في ارجاء القطاع فقد تعرضت هي ايضا لضربة شديدة في غارات سلاح الجو. ولعله تبقى لها 40 في المئة من قدرة انتاج الصواريخ. اما حماس، التي كانت على شفا انهيار اقتصادي قبل «الجرف الصامد»، فانها لا تنجح حاليا ايضا في تجنيد الاموال اللازمة لترميم القطاع وبشكل غير مباشر لترميم قدراتها على التسلح.
معاريف 8/9/2014
يوسي ميلمان