حظيت الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء التركي إلى المغرب باهتمام بالغ من طرف المراقبين، لعدة اعتبارات..
الاعتبار الأول مرتبط بطبيعة الزيارة نفسها وبالظرفية السياسية والاقتصادية التي جاءت فيها، وبالتحولات الجارية في المغرب التي جعلت حزب العدالة والتنمية المغربي يقود التجربة الحكومية الحالية في ظرفية صعبة، وبنوعية الاتفاقات الاقتصادية التي جرى التوقيع عليها بين الطرفين..
الاعتبار الثاني مرتبط بالطبيعة السياسية للضيف الكبير فهو يقود تجربة إصلاحية في بلاده من موقع التسيير الحكومي لمدة تزيد عن ثلاث عشرة سنة استطاعت أن تحقق نجاحات باهرة على الصعيد السياسي والاقتصادي وأن تحتل مكانة محترمة بين الدول الصاعدة في العالم..
الاعتبار الثالث مرتبط بتقاسم كلا الحزبين لنفس المرجعية السياسية مع اختلاف البيئة الثقافية والسياسية لكلا البلدين، ومع ذلك فقد ظلت تجربة العدالة والتنمية التركي محل إعجاب وتقدير العديد من المغاربة، وهو ما أضحت معه تجربة ملهمة للتجارب السياسية الجديدة للأحزاب المنحدرة من الحركات الإسلامية..
المهتمون بتطور الحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي يلاحظون بأن النموذج الذي قدمه العدالة والتنمية في تركيا استطاع الإجابة على العديد من الإشكاليات الكبرى التي عجزت باقي الحركات الإسلامية في المنطقة العربية عن تقديمها، فهو يقدم نموذج تنموي منفتح لا يتنكر لإرثه الحضاري ولكنه منفتح على التجربة الإنسانية بشكل كبير..كما أنه نجح في ترسيخ ثقافة سياسية قائمة على الديمقراطية ليس فقط كمجموعة من الآليات التنظيمية والمؤسساتية ولكن، كقيمة ثقافية وسياسية جعلت الحزب الحاكم في تركيا يحترم سمو الوثيقة الدستورية ويعمل على ترسيخ مفهوم الفصل بين السلط واحترام الحريات الأساسية للمواطنين وجعل الإرادة الشعبية المصدر الوحيد للشرعية السياسية، مع النجاح في إبداع معادلة التعايش مع مبدأ العلمانية الذي يميز نشأة الدولة التركية الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك..
استطاع حزب العدالة والتنمية أن يشحن مفهوم العلمانية بمفردات جديدة تتجاوز نظرية الفصل الميكانيكي بين الدين والسياسة وفي نفس الوقت تضمن احترام حضور الدين في الفضاء العام شريطة احترام الآليات الديموقراطية وحرية المواطنين في ممارسة شؤونهم الدينية وضمان حرية المعتقد..
النجاح الباهر لحزب العدالة والتنمية تقف وراءه نظرية سياسية تعلي من قيمة مفهوم المصلحة، وتعطي الأولوية لبناء سياسات عمومية تحقق المصالح الاستراتيجية للدولة والشعب التركيين بغض النظر عن طبيعة التحالفات الدولية والإقليمية التي لا تخرج عن مصالح القوى الكبرى في المنطقة ..
ومع ذلك فقد نجحت تركيا في بناء سياسة خارجية قائمة على معادلة دقيقة تحاول التوفيق بين مصالحها مع الجوار الأوروبي والآسيوي، ومع مستلزمات الشراكة الاستراتيجية التي تربطها بالولايات المتحدة الأمريكية، دون أن تنسى البعد العربي الإسلامي في علاقاتها الدولية..وفي الوقت الذي تربطها علاقات تاريخية مع إسرائيل، فإنها حريصة على الانتصار للقضية الفلسطينية وتسجيل حضور محترم لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني..
بين التجربة التركية والتجربة المغربية الكثير من الفوارق الهامة، فقد استفادت النخب السياسية لحزب العدالة والتنمية من المناخ العلماني، لبناء منظور متقدم لعلاقة الدين بالسياسة قائم على التمييز بين المجالين، في الوقت الذي تبدو فيه مهمة الحركات الإسلامية في المغرب أكثر تعقيدا لتقديم الإجابة التاريخية في هذا الباب نظرا لطبيعة البيئة السياسية المغربية ونظرا لحضور الدين في الفضاء العام وفي الوعي المجتمعي العام بشكل لا يساعد على تلمس معالم التمييز الواضح بين مجال السياسة ومجال الدين وما يترتب على ذلك من نتائج…
وفي الوقت الذي استفادت منه تركيا من استحقاقات الترشيح للاندماج في الفضاء الأوروبي وما يستلزمه من مقاييس في مجال الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، فقد ظلت التجربة الديمقراطية تتطور بشكل بطيء نظرا لثقل الموروث السياسي والثقافي الذي يجر إلى الخلف..ومع ذلك فقد ظلت التجربة المغربية في طليعة الدول العربية التي لا زالت تبحث عن نفسها لولوج نادي الدول الديمقراطية..
إن زيارة رئيس الوزراء التركي إلى منطقة شمال إفريقيا، وبدئه بالمغرب تحمل دلالة سياسية هامة، تستبطن المكانة التي يحتلها المغرب في الوعي الاستراتيجي للأتراك، وذلك بفضل منسوب الاستقرار السياسي الذي يعيشه المغرب، وبفضل الموقع الاستراتيجي الذي يجعله مؤهلا ليمثل قنطرة للعبور نحو إفريقيا وما تمثله من آفاق استثمارية واعدة بالنسبة للأتراك..
فمنذ سنة 2009 إلى آخر سنة 2011، كان الرابح الأكبر من اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا هي تركيا، حيث انتقلت الواردات ضمن هذا الاتفاق من 3.449 مليار درهم سنة 2009 إلى 4.070 مليار درهم سنة 2010 لتصل إلى 5.246 مليار درهم سنة 2011 بينما لم تصل الصادرات التي كانت سنة 2009 في حدود 1.031 مليار درهم إلا 2.112 مليار درهم سنة 2011، ولم تسجل أي ارتفاع ما بين سنة 2010 و 2011.
وتشير الأرقام أن نفس الحصيلة تم تسجيلها في السنوات الأربع الأخيرة، فإلى حدود آخر مارس من هذه السنة، وصلت قيمة الواردات المغربية من تركيا 2.66 مليار درهم، بينما بقيت الصادرات في حدود 768 مليون درهم.
المغرب لم يستفد بشكل جيد من اتفاقيات التبادل الحر ، وهو ما يتطلب البحث عن مداخل جديدة لحل مشكلة تفاقم العجز التجاري، وفي مقدمتها تشجيع الاستثمار خاصة في مجال التصدير والعمل على تخفيض كلفة الإنتاج وتبسيط المساطر، وإنعاش الصادرات، وإعادة التوازنات الاقتصادية الكبرى..
وهو ما يعتبر من التحديات الكبرى التي تعترض التحولات السياسية في المغرب..
‘ كاتب من المغرب
ضيف كبير ولكن لم يستقبل من الملك محمد 6 ، وساركوزي ليس برئيس يستقبل كل مرة يزور المغرب ؟
لقد كانت زيارة فاشلة بعدة مقاييس ،لعل ابرزها عدم استقبال الملك لاردوغان ،وانسحاب الباطرونا “نقابة رجال المال و الاعمال بالمغرب ” من الاجتماع الذي تراسه بنكيران و اردوغان ،وكان من تجليات هذا الفشل رفض اردوغان لدكتوراة فخرية من جامعة محمد الخامس وقبوله لدكتوراة منحتها اياه جامعة جزائرية ،كما تخلى اردوغان عن المغرب كبوابة تركيا على افريقيا وتعويضه بالجزائر كل هذا حصل بضغط من جهات سياسية عليا هدفها افشال زيارة اردوغان حتى لا يستثمرها حزب المصباح في تقوية رصيده الانتخابي و بالتالي نظرا لارتباط المغرب “بماما فرنسا “التي تتخوف من دخول تركيا كمنافس قوي لمصالحها في المغرب العربي و بقية القارة الافريقية
رغم كل الحسابات السياسية التي حاولت إفشال الزيارة فإن المهم هو الاتفاقيات التي تم توقيعها من الناحية الاقتصادية وهي اتفاقيات ذات طبيعة استراتيجية
لا تحاول تلميع صورة ولي نعمتك.السيد بنكيران فكل الملاحظين أجمعوا على فشل الزيارة التي لا تتعدى زيارة مجاملة حزبية ضيقة و حديتك هو لإستهلاك ليس إلا
مسكين سي عبد العالي…..و الله الى تيحلم
يبدو أن الموضوع أكبر من الكاتب…