بين تجريم بن سلمان وتبرئته: هل بدأ السباق؟

حجم الخط
18

ثمة مؤشرات عديدة على أن قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول قد دخلت في منعطف جديد حاسم، ينطوي من جهة أولى على كشف المزيد من المعطيات عن مراحل التخطيط للجريمة وأدواتها والمتورطين المباشرين فيها وكيفية تنفيذها، كما ينذر من جهة ثانية بابتداء سلسلة من الجهود الدولية لغسل يدي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من دم القتيل.
فالرئيس التركي باح بتفاصيل إضافية عن الجريمة، فكشف النقاب عن قيام السلطات التركية باطلاع السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وكندا وألمانيا وبريطانيا على تسجيلات صوتية مروعة. كما شدد مجدداً على يقينه بأن الأمر بتنفيذ هذه الجريمة لا يمكن أن يصدر إلا من أعلى المستويات، وهذه إشارة مباشرة إلى بن سلمان بالنظر إلى أن أردوغان كان قد استبعد معرفة الملك سلمان بن عبد العزيز بمخطط الاغتيال.
وإلى جانب ما تواصل الصحافة التركية نشره من معلومات، يتمّ تسريبها تباعاً من جانب السلطات القضائية والأمنية التركية، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تقريراً عن مقطع في التسجيلات الصوتية يتضمن مكالمة بين ماهر عبد العزيز المطرب أحد أعضاء فريق الاغتيال، وأحد مساعدي ولي العهد، يطلب فيها إبلاغ رئيسه بأن المهمة تم تنفيذها. ونقلت الصحيفة عن خبير سابق في وكالة المخابرات المركزية يعمل اليوم لدى «معهد بروكنغز» أن المكالمة هي أقوى دليل حتى الساعة على تورط بن سلمان في الجريمة.
في المقابل بدأت تظهر مؤشرات على سعي بعض الدول الغربية إلى استبعاد مسؤولية بن سلمان عن إصدار أمر الاغتيال، تمهيداً لتبرئته وإعادة تأهيله واستئناف «البزنس» معه وكأن شيئاً لم يكن، وذلك عن طريق التركيز على تقديم أدوات التنفيذ الصغار إلى العدالة السعودية. بدأ الأمر من تلميحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أفراد «عصاة» قاموا بارتكاب الجريمة، ثم استكمل مستشار الأمن القومي الأمريكي ريشارد بولتون هذه الجهود حين صرّح مؤخراً بأن التسجيلات لا تشير إلى بن سلمان بالإسم. من جانبه أدلى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بتصريح غريب في محتواه وتوقيته، حول عدم معرفته بتسجيلات تركية، وأن الرئيس التركي اردوغان يدير «لعبة سياسية» في هذا الموضوع، الأمر الذي يناقض حقيقة قيام السلطات التركية باطلاع الاستخبارات الفرنسية على تلك التسجيلات قبل أسابيع.
وإذا كان حرص ترامب على عدم إيذاء بن سلمان على خلفية عقود الـ110 مليارات التي أبرمتها الولايات المتحدة مع الأمير، فإن لودريان معروف بشراهته القصوى إلى بيع الأسلحة الفرنسية إلى الشرق الأوسط منذ أن كان وزيراً للدفاع، وأنه في هذا يتابع خط رئيسه إيمانويل ماكرون الذي صرّح قبل فترة بأن من «الديماغوجية» المطالبة بوقف عقود التسليح مع السعودية على خلفية مقتل خاشقجي. تُضاف إلى هذه الجهود زيارة وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت إلى المملكة، واجتماعه مع ولي العهد بهدف بحث «الشراكة السعودية ــ البريطانية». فهل بدأ السباق بين تجريم بن سلمان، وبين غسل يديه من دماء خاشقجي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد شهاب أحمد / بريطانيا:

    .بغض النظر عن موقع بن سلمان ، هناك مباديء أساسية أولها المتهم بريء حتى يثبت جرمه . لذا قد يكون مفهوماً لوسائل الإعلام و التواصل الشعبي أن توجه إصبع الإتهام بل و حتى التجريم و إن كان ذلك غير مقبول ، و لكن الأكثر غير مقبول أن يقوم رئيس دولة بتوجيه أصبع الإتهام بل و التجريم
    كما قلت سابقا قد يكون من المستحيل إثبات ذنب أو براءة الأمير ، لأسباب كثيرة ليس أقلها أن أجهزة الدولة الأمنية تعمل تحت مظلة رأس الدولة ، و ما ترتكب من أخطاء أو جرائم تحسب عليها .
    المؤسف أن الموضوع متشابك كثيراً

  2. يقول آصال أبسال:

    السيد عادل.. من البديهي أنه ليس هناك في الوجود عالم اسمه /عالم المطلقات/.. لا في عالم الفيزياء ولا حتى في عالم الميتافيزياء أو عالم الماورائيات.. خاصة وأنك أنت المغرم بقضية /الغموض في الشعر/.. حتى لا أقول وأنك أنت المغرم بقضية /التناقض الذاتي بين تعليق وآخر/..
    وعلى ذلك.. من الطبيعي والجلي أنني لا أتكلم عن /حرية التعبير/ في العالم الذي سميته قبل قليل /عالم المطلقات/.. لو تقرأ ما يكتبه محللون وصحافيون أمريكيون ناقدين ومعرّين للسياسة الأمريكية.. من أمثال ناعوم تشومسكي وآليكس كوبيرن.. لرأيت أن ما يكتبه المحللون والصحافيون العرب والأتراك من نقد /أو حتى من تعرية/ لسياسات بلادهم لا يشكل أكثر من عشرة بالمئة مما يفعله المحللون والصحافيون الأمريكيون هؤلاء.. دون أن يجرؤ أي رئيس أمريكي أو أي مسؤول أمريكي حتى على توبيخهم.. /ناهيك عن سجنهم/..
    ومع ذلك.. وفوق كل ذلك.. أنت تنادي بعقلية الطاغي والمستبد القادم من القرون الوسطى وترى أن المحللين والصحافيين العرب والأتراك../يستأهلون السجن لكي يدركوا ما جنته أقلامهم وألسنتهم/.. !!

  3. يقول Dinars:

    لا يجحد إجرام ولد سلمان إلا من هو على شاكلته.

  4. يقول سلام عادل(المانيا):

    في البداية كنت اعتقد ان اردوغان كان يدير عملية خاشقجي بصورة جيدة وانه سيعرف كيف ياكل لحم الكتف ولكن الان يبدو انه كان يريد الاطاحة بولي العهد بن سلمان و اعتقد ان الامور انتهت لصالح بن سلمان فالسعودية كشعب لايهتم لشخص مثل الخاشقجي اصوله غير عربية وهم المعروفين عنهم باهمية النسب والقبائلية,اما ال سعود جميعا فهم اغلبهم مع ولي العهد في هذه المحنة ولا يمكن ان يقفوا اردوغان ضده فحتى ان كان بينهم من لا يحبه او يطمح بمنصبه,فهم لن يسمحوا بان تبدو العائلة في صراع ولذلك سيتم منح امريكا وبعض الدول الغربية عقودا جديدة وسيكون هناك كبش فداء من افراد الجريمة

  5. يقول ثائر القدسي:

    عادل الصاري … حجتك كلها وما فيها أن عبارة (حرية التعبير) مطاطة ولا حدود واضحة لها ….
    هناك عبارة واضحة جدا ولم تقبل المط في يوم من الأيام هي (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب) …. خاصة في مسائل تتعلق بالحرية التي هي من حق أي إنسان على وجه الأرض !!!!!!

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية