ssفــاروق واديssspp مثل فطرٍ سام ينتشر في أرضٍ مستباحة، يتكاثرون في حياتنا الثقافيّة والسياسّية والاجتماعيّة، يُطلقون لحاهم، ليستخفوا بعقولنا، ومشاعرنا، ومعارفنا، وذائقتنا، وقيمنا الروحيّة والأخلاقيّة، فنغدو نهباً لفتاواهم وفقههم الظلامي.pppإنهم يتكاثرون، ويهيئون المقصلة..بعد أبي مصعب الزرقاوي، الذي توارى دون أن يغيب، ها هو أبو مصعب آخر يطلّ علينا من عتمة الأطلسي. إنه نتاج آخر لحروب أمريكا علينا، وواحد من المخلفات السّامة لمعارك جورج بوش الصغير على الإسلام، وهولوكوست إسرائيل الذي لم ينقطع. أبو مصعب عبد الودود، زعيم تنظيم ‘القاعدة’ في المغرب العربي، واحد من الأسماء الطازجة التي نبتت مؤخراً من ترابٍ متعطشٍ لأمطارٍ من دم. رجلٌ ملتحٍ اعتقد أن شلال الشَّعر الكثيف الهابط على صدره كافٍ بمنحه الحق بالفتوى، فيُسارع إلى إصدار فتواه المُتسرِّعة والمسيئة لصورة الإسلام، بهدر دم الفنان عادل إمام. والسبب هو أن أبا مصعب المشار إليه، قد صعبت عليه رجولته، وتعكّر نقاء إسلامه، فتهيّأ للمنافحة عن الدين الحنيف أمام ‘أعداء الله’، بعد أن بلغته عبارات لم ترق له، تلفّظ بها الفنان عادل إمام، عندما قال كلمة نقد بحق حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس)، لم تَرُق لسماحته، فارتقى بها إلى مرتبة الكفر والإلحاد.. واستباحة الدّم!في البدء، علينا أن نُعبِّر عن تقديرنا المبدئي والأكيد للفنان عادل إمام، أحد سادة البهجة في حياتنا العربيّة الكئيبة، وغاسل قلوبنا من بعض أحزانها الكثيره، بفنه العظيم، ومقدرته على انتزاع الضحكة الصّافية من أعماقنا الموحشة في هذا الزمن الموحش، وأن نعيد التذكير بمواقفه الوطنيّة وشجاعته في مقاومة خفافيش الظلام وحرّاسه، أعداء الشمس والحريّة والإبداع. لكن يجدر بنا، في الوقت نفسه، أن نُعبِّر عن خلافنا مع الخط السياسي الممالئ للسلطة الذي عبّر عنه الفنان إمام خلال السنوات القليلة الأخيرة. فقد وقف مع ‘التمديد’، عكس تيار الشارع المصري الدافق، وما زال يقف مع ‘التوريث’ دون لبس. وهو لم يخرج عن الأجندة الرسميّة في الموقف من ‘حماس’ والحرب العدوانيّة على غزّة.لكن تلك جميعها، تبقى من المسائل التي يمكن أن تندرج في إطار الرأي والرأي الآخر.. وفي الإطار الذي يسمح لنا أن نقول لعادل إمام: نحن نحبّك ونختلف معك. وسنختلف معك إذا ما قايضت، ذات يوم، مشهداً واحداً من بهجتنا التي منحتها لنا وباتت جزءاً من ملكيتنا، بأي موقع سلطوي أنت أكبر منه بكلّ تأكيد. فوهم ‘الزعيم’ الذي قدّمه لنا عادل إمام إبداعياً، هو الباقي أبداً، بعد أن تزول أوهام الزعامات المُختلفة على الأرض! أمّا أبو مصعب عبد الودود، فقد أصدر فتواه الظلاميّة الباطلة دون أن يدري أنه، بجهله وتعطشه الأعمى للدم، وقع في حالة لا نريد أن نتسرّع ونصفها بالكفر، لأننا لسنا أمثاله من المكفّرين ، الذين نصّبوا أنفسهم لمنح وانتزاع صكوك الغفران لمن شاؤوا، بالجهل والقوّة الغاشمة. ولكننا نحيل فتواه إلى المرجعيات الدينيّة العقلانيّة للنظر فيها، انطلاقاً من السؤال: هل يجوز رفع الأرضي، الوضعي، السياسي، إلى مستوى ‘المقدّس’؟!فـ ‘حماس’، هي تنظيم سياسي، عسكري، مقاوم، شكّلته وصاغت رؤاه قوى أرضيّة، بشريّة. وهي تنظيم لم يهبط برنامجه السياسي من سماء أو أنزل من ربّ العالمين. حماس تنظيم يُخطئ ويُصيب ويُقاوم ويُهادن. وعليه، فإن من حقنا وحقّ عادل إمام ممارسة النقد ضدّ ‘حماس’، وأن نسجِّل مآخذنا السياسيّة والأيديولوجيّة على أدائها، من منطلق أن رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، كما عبّر الإمام الشافعي، مع الإشارة هنا إلى أن عادل إمام ربما لم يُوفّق في اختيار اللحظة المناسبة لتوجيه نقده، أي أنه اختار لحظة كان فيها هذا التنظيم، الذي نختلف معه سياسياً وأيديولوجياً، يخوض مواجهة مُشرِّفة في حرب الإبادة القذرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزّة، وأنتجت هولوكوست 2009.كنّا نتمنى من الجهاز الإعلامي لحركة ‘حماس’ نفسها أن يسارع إلى إصدار بيان يُدين فتوى أبي مصعب عبد الودود، وأن يعلن براءته من تلك الفتوى الدمويّة بحق عادل إمام، والتي تصدر بدعوى الدفاع عنها، في الوقت الذي يستعيد فيه التنظيم صورته كقوّة مقاومة، في مواجهة الصورة المشوّهة التي أفلحت إسرائيل في تعميمها عالمياً، وأسهم الأداء السلطوي لـ ‘حماس’ في تكريس بعض جوانبها.فلا شكّ، بالمقابل، في أن عادل إمام، الذي يوصف بأنه ‘ممالئ للسلطة’، لم يكن سعيداً بالبيان الركيك الذي أصدرته إحدى الجماعات السلفيّة المؤيِّدة للمبادرة المصريّة أثناء الحرب على غزّة ونشرته بعض الصحف القاهريّة، حاملاً توقيع العارف بالله والداعية الشيخ أحمد السيد عبد العال، والذي أشاد فيه بالرئيس مبارك قائلاً إنه: ‘ دا خبير من الرحمن’، مضيفاً : إن ‘المبادرة المصريّة دي مصروفة من طبيب لا يعرف قدرها إلاّ كلّ مجروح’، وأن السيد حسن نصر الله هو شيخ شيعي ‘صاحب فتنة’!.فهل يرضى أي ‘زعيم’ الاتكاء على مثل هذه الركاكة الفكرية والسياسيّة واللغوية والابتهاج بها؟!وهل تَسعَد ‘حماس’ بأن يُطلق، باسمها، ودفاعاً عنها، ‘زعيم’ القاعدة في بلاد المغرب العربي، وعود الدّم.. والقتل.. والإرهاب؟!كاتب من فلسطين[email protected]