بين «عطلة نضالية» و«صيام عن النضال»: «سياط» السخرية تنزل على نقابة مغربية قررت عدم تنظيم «التظاهرات الحاشدة» في عيد العمال… ومعلق يلمز إلى «عناق» أخنوش وموخاريق

عبد العزيز بنعبو
حجم الخط
1

الرباط – «القدس العربي» : لم يشفع الشعار الذي اختارته نقابة «الاتحاد المغربي للشغل» من أجل تخليد اليوم العالمي للعمال، في رد القليل من حرارة الانتقاد والسخرية والهجوم عليها بسبب قرار «عدم تنظيم التظاهرات الحاشدة والاستعراضات الضخمة مركزياً، محلياً أو جهوياً». بيان النقابة الذي تلقت «القدس العربي» نسخة منه، كان كافياً ليشعل منصات التواصل الاجتماعي بالسخرية أولاً وبالنقد اللاذع ثانياً وبالهجوم على الأمين العام للنقابة المذكورة ميلودي موخاريق.
بالعودة إلى البيان موضوع الجدل والذي كان مناسبة متجددة ليجلد بعض المغاربة إطاراتهم النقابية ربما في سبيل جلد الذات إلى حين الوصول إلى الملذات كما يقال، وهي ملذات المطالب والملفات الاجتماعية الساخنة.
النقابة المركزية الكبرى التي تشكل إلى جانب مركزيات أخرى العمود الفقري للحركة العمالية في المغرب، اختارت أن تخلد فاتح أيار/ مايو دون تظاهرات حاشدة واستعراضات ضخمة مركزياً ومحلياً وجهوياً، ورفعت في الوقت نفسه شعار «أوقفوا مسلسل الهجوم على القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية».
وكعادتها، قالت النقابة في بيانها إن الطبقة العاملة المغربية ستخلد «العيد الأممي للعمال، وذلك على إيقاع التهالك المستمر للقدرة الشرائية جراء ارتفاع لهيب الأسعار الذي أججته الأزمة الوبائية والاضطرابات الجيوسياسية الأخيرة على الساحة الدولية». وأخذت النقابة بعين الاعتبار مستجدات المرحلة الحالية، مؤكدة أن فاتح أيار/ مايو «لهذه السنة يتزامن مع مجريات طقوس عيد الفطر من سفر وزيارات الأقارب والأحباب والمناضلين والمناضلات». وطبعاً لم يفت النقابة استحضار الخطر الوبائي «بالرغم من الحالة المستقرة نسبياً في الآونة الأخيرة، مما يستلزم الاستمرار في الحذر ومراعاة التدابير الاحترازية حفاظاً على صحة وسلامة مناضلاتنا ومناضلينا».
مباشرة بعد هذا البيان الذي لم يكن عادياً في نظر المتتبعين للشأن النقابي، انهالت على النقابة المذكورة سياط رواد مواقع التواصل الاجتماعي التي سخرت بشتى الطرق من القرار معتبرة حجة عيد الفطر مجرد ستار لإخفاء شيء يروج في الكواليس، كما أن مسالة الحالة الوبائية اعتبرت في تدوينات أنها مجرد مبرر لعدم إحراج حكومة عزيز أخنوش.
لكن بعض التدوينات في مواقع التواصل الاجتماعي ذهبت أبعد من ذلك، واعتبرت أن بيان إلغاء الاحتفالات بالطريقة العادية أي التظاهر والاحتجاج وتنظيم التظاهرات الحاشدة، هو مؤشر على أن هناك «إن» بين النقابة ورئيس الحكومة.
وكانت تدوينة عبد الصمد بنعياد الأكثر قسوة والأكثر هجوماً على «الاتحاد المغربي للشغل» وأمينه العام الميلودي موخاريق، حيث استهلها بالإشارة إلى «حضن أخنوش لموخاريق»، حيث عاد إلى لحظة لقاء سابق بينهما، وبقيت صورة العناق موثقة للحظة قيل عنها الكثير.
بالنسبة لصاحب التدوينة، فإنه «ليس مجرد عناق بين رئيس نقابة العمال، وأكبر مستثمر في سوق المحروقات في المغرب» بل إن «سلوك موخاريق في السنوات الأخيرة أظهر أن الخفي في العناق لم يكن إلا قمة جبل الجليد».
ومرّ صاحب التدوينة إلى قرار النقابة «تجميد الاحتجاجات» ووصفه بأنه قرار الميلودي موخاريق الأمين العام، بـ «تحويلها في أحسن الأحوال إلى مقرات الاتحاد».
ووفق التدوينة نفسها، «لا يعود الأمر إلى بحث النقابة الأقدم في المغرب عن تجديد أشكال الاحتجاج التقليدية التي أصبحت فاقدة للمعنى لفرط تكرارها».
ويواصل صاحب التدوينة تقطير الشمع على النقابة قائلاً إن «موخاريق علل قرار الإحجام عن الاحتجاج هذه السنة، إلى ظروف العيد والسفريات والرحلات التي أصبحت معرقلاً للاحتفال بالعيد الأممي، ولم ينس الزعيم النقابي التعريج على كورونا، فالإجراءات الاحترازية ما تزال مستمرة، بحسب ما أعلنه النقيب».
وخلص كاتب التدوينة الفيسبوكية إلى أن «موخاريق المدافع الأول المفترض عن الطبقات الشعبية، قدم مصلحة الباطرون (رب الشركة) أخنوش على مصلحة العمال، زعيم أكبر نقابة يمنح العمال عطلة نضالية، سيكون المستفيد الأول منها بطل المغرب في رفع أسعار المحروقات».
معلقون آخرون في مواقع أخرى للتواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك، علقوا على مسألة الإجراءات الاحترازية والحالة الوبائية، وتساءلوا لماذا لم يفكر موخاريق في فيروس كورونا وهو في مركب محمد الخامس بالدار البيضاء يتابع مباراة الوداد البيضاوي وشباب بلوزداد الجزائري؟
بالنسبة للساخرين، فإن الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل لم يحفل بالحالة الوبائية ولا بفيروس كورونا وهو في المعلب ووضعه كمبرر لإلغاء مظاهرات أول أيار/ مايو. وفيما اعتبره البعض «صياماً عن النضال» في عيد العمال العالمي، اعتبره البعض الآخر مجرد شجرة تخفي الغابة، ويبقى الجدل مرتفعاً إلى حين مرور يوم العمال العالمي.
بالنسبة للنقابة موضوع هذا الهجوم الساخر واللاذع في الآن نفسه، فقد قررت وانتهى الأمر وأبقت «على جميع الأشكال ومظاهر الاحتفال والاحتجاج والتضامن العمالي داخل جميع مقرات الاتحاد المغربي للشغل على الصعيد الوطني من تجمعات وندوات وأنشطة مختلفة مع إمكانية تنظيمها في الفترة ما بين 29 نيسان/ أبريل و2 أيار/ مايو 2022».
كما تركت «الصلاحية لكل اتحاد جهوي أو محلي أو نقابة وطنية أو جامعة مهنية في ابتكار مبادرات وأشكال تراعي خصوصية الجهة أو القطاع». وقالت في بيانها: «نحن مضطرون للسنة الثالثة على التوالي وعن مضض بعدم تخليد عيدنا الأممي كما دأبنا واعتدنا بتنظيم استعراضات حاشدة ومسيرات لأزيد من ستين سنة منذ فاتح مايو 1956، فإن ذلك لا يثنينا على تخليده بأشكال مبتكرة، وبإحيائه بصيغة الاحتجاج والتضامن ورفع صوت الطبقة العاملة».
والأكيد أن المضطر لا حرج عليه، ويبقى بيان «الاتحاد المغربي للشغل» فرصة جديدة وفجوة رقمية في عالم مواقع التواصل الاجتماعي لمن يريد أن يشحذ لسانه ويسلطه على كل ما هو عمل نقابي، رغم أن هذا القرار يجد مبرراته في ما سيق فيه، ولكن التأويل له قوة القراءات الخفية لما وراء الكواليس.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حاميد رحيم:

    لا التطبيع بجميع أشكاله مع الفساد

إشترك في قائمتنا البريدية