ذكرني ما أثير حول مذيعة قناة «النهار» الموقوفة، بواقعة قديمة، عندما فتح التلفزيون المصري المجال لشخص من خارجه، بل ومن خارج المهنة، ليقدم برنامجاً تلفزيونياً دعائياً على شاشة القناة الرئيسة فيه، وكانت أولى حلقاته، هي الدعاية للمطرب الشاب حينئذ عمرو دياب، قبل أن يذهب لغيره من مطربين آخرين!
لم يكن من يقدم البرنامج يمتلك شيئاً من مواصفات المذيع التلفزيوني فيفتقد للقبول على الشاشة، ويفتقد للنطق السليم للكلمات والحروف، وقد انتقدت هذا التطفل على المهنة أكثر من مرة، وحدث أن التقيت بالسيدة سهير الإتربي رئيسة التلفزيون، رحمها الله، في لقاء مطول، لتناقش معي مجمل ما أكتبه من نقد، ويقع ضمن اختصاصها الوظيفي.
وعندما وصل الحديث إلى هذا الذي يوصف بالمذيع تجاوزاً، اعتقدت في البداية من دفاعها أنها من تتبناه، إن لم تكن تفعل بدافع المسؤولية التضامنية بين المسؤولين في مبنى ماسبيرو، وقلت لها إنني احتكم إلى ضميرها المهني، باعتبارها مذيعة لا يشكك أحد في انتمائها للمهنة، وفق مقاييس زمانها، وأنها تلقت التدريب اللازم لشغل الوظيفة، هل لو كنت في لجنة اختبار طبيعية كان يمكن اختياره مذيعاً؟!
بدت كما لو كانت تكلم نفسها وهي تقول: إنه بعيداً عن الكاميرا شخصية مقبولة، تتسم بخفة الدم، وإنها سألته لماذا لا يكون هكذا على الشاشة؟ ثم اقترحت أن تعرفني عليه، عندئذ قلت لها إن حكمي كمشاهد هو عندما يظهر على الشاشة، وليس بخفة دمه خلف الكاميرا، ولن يضيف كثيراً إذا تعارفنا شخصياً ووجدته مختلفاً عن الشكل الذي يظهر به تلفزيونياً.
ما تحرجت الإتربي عن قوله هو أن هذا المتطفل على المهنة دخل مبنى ماسبيرو بأمواله لأنه كان قد تعاقد مع شركة راعية للبرنامج، وهو نسق لم يكن يعرفه التلفزيون المصري، ولم يكن قد انتشر على هذا النحو في التلفزيونات العربية، وكانت معلوماتي أنه يورد للتلفزيون ثلاثة ملايين جنيه سنوياً، وهو مبلغ كبير في حسابات هذه الأيام، إذ كنا قبل عام 2000، ومن المؤكد أنها وباعتبارها في الأصل مذيعة محترفة تفهم في أصول المهنة، وإن تحللت من ضوابطها لزوم الموقع الوظيفي، فلم تذكر شيئاً عن الدخل مقابل الظهور، لكنها أغلقت الملف بالقول إنها لم تكن تعرف هذا الشخص، وإن من أرسله لها من مكتب الوزير!
كان الوزير وقتئذ هو صفوت الشريف، لا يُرد له طلب بطبيعة الحال، ولا يمكن قبول قولها بأنها تتحلل من المسؤولية وتخيفني، بشخصية كانت من مراكز القوى في عهد مبارك، فقد كان تعلم أن نقدي للقائمين على المبنى يشمله أيضاً، لكن ولأنها استشعرت الحرج لأسباب مهنية، فقد قررت أن تنأى بنفسها عن هذا التواطؤ، بفتح المجال للعمل في مهنة المذيع لمن يفتقد للمواصفات المطلوبة، وهو أمر لا يُقبل فيه تبريره أن يكون العائد المادي كبيراً، حسب تقاليد زمانها!
استغلال المشروع القومي:
ما له اتصال بما سبق في واقعة مذيعة قناة «النهار» المعزولة، إنها أصلاً ليست مذيعة، لكنها تتطفل على المجال، ومن الباب نفسه الذي دخل منه الشخص الذي فرض نفسه مذيعاً على مشاهدي التلفزيون المصري، فقبل التحاقها بقناة «النهار» عملت في قنوات أخرى، لتقدم دعاية مدفوعة الأجر، وليس إعلاماً، والظاهر من الأمر، أنها في «النهار» جاءت لتستمر في مسيرتها الحافلة في تقديم مادة إعلانية، بالمخالفة للقانون، واستغلت اسم المشروع القومي لأهل الحكم «العاصمة الإدارية الجديدة»، ليكون اسم البرنامج، وعنوان البيزنس الذي تعمل فيه!
ولم تكن حلقتها الأخيرة هي الأولى على قناة «النهار»، لكن حظها العاثر، أن الممثل هاني رمزي شاهد حوارها مع أحد المعلنين، وفي حديث أقرب إلى همس العشاق في «كازينو الشجرة»، فكتب على حسابه في تويتر: يبدو أنه فتح التلفزيون في وقت غير مناسب. ووصل دلالة ما كتب إلى الوجدان المصري العام، فاستقبلوا الحوار الهامس بوابل من السخرية التي عرفوا بها، فيبدو أنني فتحت التلفزيون في وقت غير مناسب، مشتق من عبارة يبدو أنني جئت في وقت غير مناسب، عندما يكون الحضور قطعاً لحوار خارج النص، لا يجوز للحاضر بدون موعد أن يستمع له!
وإزاء هذه السخرية قررت إدارة «النهار» وقف المذيعة عن العمل، ومعها طاقم البرنامج، ليظل السؤال المطروح وما شأن الطاقم، في أداء شخصي، ومن يطلق عليها مذيعة تجاوزاً هي سيدة موقفها، وهي أكبر من فريق العمل، إن لم تكن أكبر بما تجلبه من إدارة القناة؟ لكن المدهش ليس إيقاف طاقم عمل البرنامج، ولكن في أن يوصف بـ «البرنامج»، وتوصف هي بـ «المذيعة»، وإن كنا لم نتعرف بعد على إدارة القناة التي اجتمعت واتخذت هذا القرار التاريخي في مسيرة الإعلام المصري!
فـ «النهار» قناة مملوكة لأهل الحكم، وفتح المجال فيها للعبث، المخالف للقانون، لا يجوز، فقد يُقبل من قناة خاصة، تجارية، أن تتجاوز عن أصول المهنة ما دام المردود المالي كبيراً، فتفتح المجال لمن يشترون هواء، أو يعينون في عمل صار مهنة من لا مهنة لهم، فالأصل أن ترسانة القنوات التلفزيونية المملوكة للسلطة لا تشكو الفاقة، ولا تعمل في التجارة، ولا يجوز لمشروع قومي كالعاصمة الإدارية الجديدة، أن يكون «سبوبة تلفزيونية»، يجري خلاله التجاوز عن تقاليد وضوابط الحوار التلفزيوني، وعدم التفرقة بين «الكازينو» و»الأستوديو»، وبين ملابس المذيعة على الشاشة، وملابسها في عش الزوجية!
فكرة التدريب التلفزيوني
إن الأولى بالعقوبة، ليس «طاقم العمل» مع المتطفلة على مجال التقديم التلفزيوني، لكن هي الإدارة التي أجازتها للعمل مذيعة، بدون لجنة اختبار، وبدون خضوعها للتدريب، ليقودنا هذا إلى سؤال الوقت: هل تهتم السلطة المالكة لترسانة القنوات التلفزيونية، بفكرة التدريب في بلد كان فيه العمل في الإذاعة والتلفزيون لا يكون إلا بعد المرور على معهد الإذاعة والتلفزيون للتدريب في ماسبيرو، قبل تدميره؟!
ندرك أنه لا يوجد أحد منهم في شجاعة الراحلة سهير الإتربي فتنفض يدها من موضوع المذيع الذي اقتحم المبنى بشركة الرعاية، بأنه أرسل إليها من مكتب الوزير، ومصر ليس فيها وزير للإعلام، لكن يدير الإعلام فيها اللهو الخفي، والظاهر في المشهد ليسوا إلا «صبيان المعلم» الذين يعملون في المخابز، وعند اكتشاف أي مخالفة في وزن رغيف الخبز أو جودته، يعلن الصبي مسؤوليته نيابة عن المعلم صاحب المنشأة؟!
إن الخطأ يتجاوز، همس العشاق في «كازينو النهار»، إلى مخالفة القانون نفسه، ففي المادتين (26) و(27) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام لسنة 2018، يحظر على الصحافي أو الإعلامي السعي إلى جلب الإعلانات، أو الحصول على أي مبالغ أو مزايا عن طريق نشر الإعلانات، أو بثها، أو المشاركة بصورته أو صوته في إعلانات تجارية مدفوعة الأجر، وقد ألزم القانون المؤسسات الصحافية والإعلامية والمواقع الإلكترونية بالفصل والتمييز فصلاً تاماً وواضحاً بين المواد التحريرية أو الإعلامية والمواد الاعلانية.
وكان ينبغي للمجلس الأعلى للإعلام التدخل للتحقيق في هذه المخالفة، بدلاً من ترك الأمر لإدارة القناة المتورطة في هذا كله للتصرف، وهي لم تفعل إلا بعد أن ضبطت القناة متلبسة بالحرام المهني!
ندرك أن العين لا تعلو على الحاجب.
أرض- جو
يشكي مؤلف الدراما التلفزيونية عبد الرحيم كمال حاله لحاله (مع الاعتذار للست)، عندما يكتب عن انتصار الذين يكتبون (لاكن) على من يكتبونها (لكن) وقد صاروا هم النخبة التي تتحكم في أذواق الناس!
في مداخلة تلفزيونية للجنرال قال لعبد الرحيم كمال اكتب وأنا أنتج لك مهما كانت النفقات، ولمعت عينا عبد الرحيم، ويبدو أن شكواه بسبب أنه كتب وهرب المنتج، لأنه لم يكتبه كما يحدث في دراما المرحلة!
عبد الرحيم كاتب دراما موهوب، وهذا زمن بيتر ميمي وباهر دويدار.
صحافي من مصر
” إن الأولى بالعقوبة، ليس «طاقم العمل» مع المتطفلة على مجال التقديم التلفزيوني، لكن هي الإدارة التي أجازتها للعمل مذيعة، بدون لجنة اختبار، وبدون خضوعها للتدريب، ” إهـ
إنها الواسطة يا أستاذ عزوز !
هذا هو الوضع الشائع بمعظم الإعلام العربي !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
اتفق معك استاذ سليم بان هناك متطفلين كثر على المهنة
ولكن مع احترامي الشديد لرأيك احسست وانا أقرأ المقال ( علما باني قارىْ لكل مقالاتك منذ سنين كثر ) ان المذيع وظيفة قيادية قد تغير وجه الانسانية الجمعاء – استاذ سليم المذيع عبارة عن شخص يقرأ ما يكتب له يلقيه ويختفي للبرنامج التالي حتى انه قد لايفهم ما يقرأ معظم البرامج العربية لا يتابعها الملايين ولا حتى الاف
اصبحنا نحن لانعرف من المتطفل ومن الاصيل في المهنة اذا كان عمرو اديب هو عمود الخيمة للاعلام المصري