إنهم شباب لطيفون. وينشب هنا وهناك جدل بين مشجعي برشلونة وميسي وبين مشجعي مدريد ورونالدو. ويحُدثون هنا وهناك حساب التويتر الذي لهم بصور لمناظر طبيعية مدهشة. أو بصورة فتاة جميلة الى جانب قطعة سلاح احيانا. كان يفترض أن يبدأ أحدهم دراسة علوم الحاسوب في الجامعة، وكان آخر يوشك أن ينهي دراسة الطب، وآخرون بلا عمل. إن الحديث عن شباب جندوا أنفسهم للجهاد في سوريا والعراق.
ليست الاعداد الدقيقة معلومة. في 2013 قدر منسق محاربة الارهاب في الاتحاد الاوروبي عددهم بـ 500. وعلى حسب بث قام به ريتشارد برنت فان الحديث، وهذا صحيح حتى حزيران 2014، عن نحو من 3 آلاف شاب من دول غربية – 2500 من غرب اوروبا منهم 700 من فرنسا على الاقل و400 من بريطانيا و70 من الولايات المتحدة. وهذه زيادة بمئات الدرجات المئوية كل سنة.
اعتادت منظمة داعش في اطار حملتها الدعائية العامة أن تنشر أفلام فيديو تعرض افعالها. ويصعب على من لم يشاهدها أن يدرك الفظاعة، فهناك شهوة للقتل تثير الرعب. على سبيل المثال تمر دورية قاتلة من رجال داعش في شارع مليء بالسيارات وتحصد كل المسافرين برشاش. لماذا؟ أليس الحديث عن نساء سنيات منقبات مع اولادهن؟ لكن المجاهدين يطلقون النار عليهن.
أجري لقاء مع متطوع من بلجيكا وكان فرحا وهو يقود سيارة تجر عشرات الجثث قتلت قبل ذلك بدقائق. ورفع متطوع من المانيا هو فيليب بيرغر، وقد أسلم، صورة يقف فيها مبتسما قرب رؤوس مقطوعة. وتفيد تقارير من سوريا أن البريطانيين هم الاكثر قسوة.
لا يحدث هذا في سوريا والعراق فقط، فقد جاء متطوعون في الماضي الى افغانستان ويأتي متطوعون من الغرب الى الصومال، وهم لا يقتلون صهاينة أو امريكيين بل مسلمين. وإن اكثر ضحايا منظمة بوكو حرام في نيجيريا مسلمون ايضا.
نشرت داعش قبل بضعة ايام فيلم فيديو لتجنيد متطوعين من الغرب وأحد نجومه شاب بريطانيا اسمه علي قنطار، وتحدث أبوه رحيم قنطار الى الـ بي.بي.سي عن أن ابنه جرى عليه تطرف عند إمام مسجد كوفنتري.
كشف بحث في 2007 عن أن 600 مسجد من 1350 مسجدا في بريطانيا تعمل بحسب المذهب الوهابي وتنشر الكراهية للغرب والدعاية المعادية للسامية. وسربت الاستخبارات البريطانية آنذاك أن مجموعة «جماعة التبليغ» المسؤولة عن بناء المسجد الضخم في لندن تشتغل بالتجنيد للقاعدة.
لا تحل المواعظ الاسلامية في المساجد ايضا اللغز الكبير وهو ما الذي يجعل شخصا جاء الى سوريا والعراق من باريس أو من لندن، ما الذي يجعله حيوانا بشريا، ولماذا ينفذ قتلا جماعيا في مسلمين آخرين بعد اسابيع قليلة أو ربما بعد ايام يكون فيها مقاتلا؟.
يوضح بحث تناولهم أنهم يميلون الى الانضمام الى اكثر الجماعات قتلا. وقد تركوا جماعات تنتمي الى القاعدة مثل جبهة النصرة، الى داعش. وليس الصراع مع نظام استبداد ولا مع كفار بل ولا مع شيعة بل هو صراع بين السنيين انفسهم.
ويجب أن نذكر شيئا آخر وهو أن اكثر الشباب المسلمين في اوروبا لم ينضموا الى الجهاد، لكن اولئك الذين انضموا يعبرون عن تطرف يجري على ملايين الشباب. ويأتي المتطوعون ايضا من اماكن مثل السويد والدانمارك، ويزعم خبراء أن احد الاسباب الرئيسة للتجند هو ازمة هوية. وهذا صحيح. لكن هل هذا هو التفسير لتحولهم بسرعة لا تُعقل الى مُصفين على الدوام؟ يوجد ملايين الشباب والمهاجرين والاجانب في العالم عندهم ازمة هوية لكن ذلك لا يجعلهم حيوانات بشرية.
اعتادت حلقات المتقدمين عندنا أن تتهم يد اسرائيل القاسية بتطرف الشباب. وهذه دعوى تثير الاهتمام لأن المتطوعين من اوروبا لم يجربوا الاحتلال ألبتة، فلم يُذلوهم في أي حاجز ولم يطوروا عداوة بسبب طوق امني في الليل. وكان كثيرون منهم رمزا للاندماج والنجاح. هؤلاء مسلمون يقتلون مسلمين وهذه هي الحقائق.
يديعوت 30/6/2014
بن درور يميني