بين نظرية المؤامرة وبارقة الأمل: اللقاح الصيني ضد الوباء يقسِّم المغاربة

ماجدة أيت لكتاوي
حجم الخط
3

الرباط ـ «القدس العربي»: ابتدأ الأمر كبشرى سارة تلقَّفها المغاربة من بوابات القصر الملكي الذي أعلن عن خضوعهم للتطعيم ضد فيروس «كوفيد 19» وفق ما أكده بلاغ للديوان الملكي جاء فيه أن «حملة التلقيح تهدف لتأمين تغطية للساكنة وكوسيلة ملائمة للتحصين ضد الفيروس والتحكم في انتشاره».
إلا أن العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي انبروا إلى التساؤل حول جدوى اللقاح ضد الفيروس الذي أودى بحياة 4570 من المغاربة وأًصاب أزيد من 276 821 آخرين إلى حدود يوم الخميس 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، خاصة وأن المعطيات ظلت شحيحة والمعطيات شبه معدومة من طرف الوزارة الوصية وكبار المسؤولين في المغرب.
«اللقاح الأمل» قسّم المغاربة إلى فريقين، فمنهم من اعتبر الخطوة واعِدة تُعلن عن اقتراب انقِضاء يوم طويل ومتعِبٍ ظنوه بلا نهاية، وآخرين توجسوا خيفة من فعاليته وآثاره الجانبية وإن كان اختيارياً أم إجبارياً، وباستثناء تلقي المغاربة للتطعيم في حقنتين لفائدة المواطنين الذين تتجاوز أعمارهم 18 سنة مع إعطاء الأولوية لموظفي الخطوط الأمامية من كوادر صحية ورجال تعليم وقوات أمن، بقيت الكثير من الأسئلة بلا جواب.
مصادر متطابقة أكدت أن اللقاح المرتقب وصوله إلى المغرب أواخر كانون الأول/ ديسمبر، هو من إنتاج المختبر الصينيSINOVAC وهو ضمن قائمة تجارب اللقاحات التي جرت بترخيص ومتابعة من طرف منظمة الصحة العالمية، ما يفسر خطوة المغرب بتوقيع اتفاقيتَي شراكة مع المختبر الصيني «sinopharm» آب/أغسطس المنصرم، حيث توصل الجانبان إلى اتفاقية التجارب السريرية للقاح كوفيد 19 وأخرى حول اللقاح، وحصل المختبر على موافقة الحكومة المغربية لإجراء التجارب السريرية في البلاد.
«سينوفارم» وهي المجموعة الوطنية الصينية للأدوية، تضم عدة شركات ومختبرات ومعاهد كبرى تابعة لها، وتعبر سادس أكبر منتج للقاحات في العالم وقادرة على إنتاج جميع اللقاحات في برنامج التطعيم الوطني الصيني، إلى جانب قدرتها على إنتاج 900 دواء وتوصف بكونها عملاق الصناعة الدوائية في الصين.

بارقة أمل

وتم تجريب اللقاح على 100 ألف من المتطوعين الصينيين ولم يتم الإعلان عن أي أعراض جانبية، 65 ألفاً منهم سافروا إلى الخارج ولم يصابوا بالفيروس حسب الإعلان الصيني، وقد وصل اللقاح إلى المرحلة الثالثة من الاختبارات بتأكيد منظمة الصحة العالمية وهو ضمن عشرة لقاحات عبر العالم التي وصلت إلى هذه المرحلة المتقدمة من التجريب.
مولاي المصطفى الناجي، اختصاصي في علوم الفيروسات ومدير مختبر علوم الفيروسات في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، قال لـ«القدس العربي» إن التطعيم المعلن عنه من طرف عاهل البلاد سينطلق ابتداء من يوم 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، إلى غاية منتصف عام 2020.
العملية التي ستشمل مختلف شرائح المجتمع المغربي ستستمر طيلة 12 أسبوعاً بمعدل عمل 6 أيام من أصل 7 في الأسبوع مقسمة لأربع مراحل تستمر كل مرحلة 21 يوماً وتخصص لفئات معينة في المجتمع المغربي، حسب البروفيسور الناجي.
وأما المرحلة الأولى التي ستنطلق بعيد أيام قليلة فستخصص للمقاتلين في الصفوف الأمامية من فرق صحية وهيئة التربية والتعليم والأمن، بالإضافة لكبار السن البالغين 65 سنة فما فوق وأصحاب الأمراض المزمنة.
وأضاف المتحدث أن بقية الشرائح ستخضع للتطعيم الذي يبقى اختيارياً وغير إلزامي، وفق تعبير البروفيسور المغربي، ابتداء من كانون الثاني/ يناير من عام 2021 إلى منتصفه، عبر مراكز معينة ومحددة استشفائية وجامعات ومستشفيات وصيدليات ووحدات متنقلة.
البروفيسور الناجي يرى أن من حق المغاربة التخوف من هذا اللقاح، لافتاً بالمقابل إلى أن ملك المغرب لن يعلن عن اللقاح ويسمح للمواطنين بالاستفادة منه لو كان الأمر غير موثوق وسليم وآمن، خاتماً حديثه لـ «القدس العربي» بالقول: «الفيروس أزهق أرواحاً عدة، ولا حلول أمام انهيار المنظومة الصحية وكذلك الاقتصادية».
وحول إن كان لتخوفات المغاربة ما يبررها، قال الدكتور عزيز غالي، صيدلاني ومستشار سابق لدى منظمة الصحة العالمية، إن من حق المغاربة التساؤل والــتوجس، لأن القرار الصادر لم يعرف أي نقاش قبلي، كما أن الأخبار المغلوطة والزائفة التي رافقت الجائحة حول الفيروس وماهيته جعلت الناس يشكون في كل شيء، خاصة في غياب معطيات علمية دقيقة وواضحة.
غالي، وضمن تصريحه لـ «القدس العربي» قال إن التجارب التي خضع لها المغاربة عرفت تكتماً على نتائجها «من المعلوم أن 600 من المغاربة خضعوا للتجربة، 300 منهم أخذوا اللقاح دون أن نعرف تطور حالتهم على امتداد أطوار التجريب» متابعاً: «كان من المفروض أن تخرج وزارة الصحة كل فترة وتخبر المغاربة بمستجدات المشاركين المغاربة في التلقيح».
المستشار المغربي السابق لدى منظمة الصحة العالمية أبدى مجموعة من الملاحظات حول اللقاح الصيني، أولها طريقة إنتاجه الكلاسيكية والتي يشوبها نقاش علمي خاصة بعد إصابة أشخاص للمرة الثانية بالوباء، لافتاً إلى أن منظمة الصحة العالمية لما أعطت الصين ترخيصاً بالاشتغال عليه كانت الرخصة محددة ومستعجلة وليست مفتوحة ليقوم بتصديره على المستوى الدولي، وفق تعبير المتحدث.
وعاب الخبير المغربي على الصين عدم مشاركتها للمعطيات ونتائج التجارب مع منظمة الصحة العالمية والجرائد الدولية «بل حتى أثناء الجائحة أدلت الصين بأرقام مغلوطة حول العدد الحقيقي للصينيين المصابين بكورونا وهو ما يزيد من التخوفات حول اللقاح» وفق تعبير المتحدث.
وتساءل غالي إن كان اللقاح يعطي خلايا ذاكرة للمناعة، وإن كان إنتاج مضاد الأجســـام كبيراً أو لا، وهل سيكون التطعيم سنوياً مثل ذاك الخاص بالإنـفلونزا أو كل 3 سنوات أم مرة واحدة لا غير.
وما يزال المغاربة في خضم النقاش الدائر حول اللقاح يبدون تخوفاتهم، مدلين بآراء مختلفة ومتباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب الصحافي المغربي رشيد البلغيثي، قائلاً: «يمكنك كمواطن بسيط أن تتكلم عن لقاح كورونا وأن تعلق على قرار المغرب المرتبط بالتعاقد مع شركة صينية ورغبة الدولة في بدء حملة التلقيح شهر كانون الأول/ ديسمبر وأن تصف القرار بـ»المتسرع».
متابعاً: «لا تجعل أحداً يصادر حقك في إبداء الرأي بحجة أنك لست عالم فيروسات أو أنك لست أوغور شاهين، الرئيس المدير العام لشركة «بيونت».
ودوّن البلغيثي على صفحته الخاصة بـ «فيســـبـوك»: «أعتقد أن أي قرار بالتطعيم الواسع قبل شهر شباط/فبراير هو قرار متسرع، وأعتقد أن العقود التجارية لتحويل المغرب إلى منصة قارية قصد بيع اللقاح في ربوع إفريقيا وجب فصلها فصلاً تاماً عن تلقيح الشعب المغربي».
وقال هشام تسمارت: «إذا كان التشكيك في اللقاح مدفوعاً بالتهويل والتخوف وتفسيرات نظرية المؤامرة، فلأن وعينا العلمي ليس على ما يرام، وهذا القصور تتضافر فيه عوامل الأمية والتعليم وفكر الخرافة».
وتابَع الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي: «في الحياة كما في الصحة، ليس هناك تأمين كامل ضد المخاطر، وكل إجراء وقائي أو علاجي ربما تكون له مضاعفات وسط فئة محدودة من النــــاس، لكن الأهم في الوقت الحالي هو تحصين مناعة أكبر عدد من الناس، تمهيداً لعودة الحياة إلى طبيعتها قدر الإمكان» وفق تعبيره.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول التائب:

    أن يستبق المغرب دولا مثل اليابان وأمريكا وأنجلترا وألمانيا فهذا يدل على أنه بدأ في الركض قبل صافرة الإنطلاق… خصوصا وأن اللقاح صيني بتمويل إماراتي فالمختبرات في المغرب في عطلة مفتوحة

  2. يقول كريم:

    المهم هو ان المغرب ستكون من الدول الاوائل في تلقيح مواطنيها و سيتم انتاج اللقاح بالمغرب بعد موافقة الصين و تصديره الى الدول الافريقية و الى المغاربة المحتجزين في تندوف

  3. يقول بلي محمد من المملكة المغربية:

    فقط كلمة كمواطن وبلغة الفن لااللغة الثانية لسنا ولن نكون من رجالها لم ندرس في جامعاتها المملكة لم يسبق ان تعرضت لمثل هده المحنة التي دخلت من الباب الواسع لتاريخ صحيح مرت من محن عدة لكن الحمد لله خرجت منها مرفوعة الرأس فضلا من الله وبرحمته فقط وستخرج ان شاء الله من هده كدالك برحمته وبالدعاء من القلب وقد لايكون شيءأخر ان شاء الله فنحن من ماء الضعف وهد ا قدر الله الدي لايصمد في وجه قدرته شيء لامكروبات ولا جراثيم ولا فيروسات حفظ الله المملكة بماحفظ به عباده الصالحين

إشترك في قائمتنا البريدية