تأجيل الهجوم على ايران الى 2014

حجم الخط
2

سيكون أحد الآثار المهمة لفوز المرشح المعتدل نسبيا حسن روحاني في انتخابات الرئاسة الايرانية، كما يبدو، تأجيل البت في مسألة عملية عسكرية اسرائيلية على منشآت ايران الذرية الى 2014. منذ ان زار الرئيس اوباما البلاد في آذار/مارس هذه السنة، قللت اسرائيل من ترديد وقوة تهديداتها بالمس بالمشروع الذري الايراني، بناء على تفاهم مع الولايات المتحدة على انه يُفضل انتظار نتائج الانتخابات في ايران.
ويبدو الآن بعد المفاجأة التي أحدثها روحاني ان الغرب سيحتاج الى بضعة اشهر اخرى على الأقل كي يهضم ماهية التغيير. وسيصعب على اسرائيل الى ذلك الحين ان تجند تفهما أو تأييدا في العالم لعملية مستقلة منها على ايران. وقد تصبح 2013 ايضا سنة ضائعة بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رغم الاشارات الخفية المتوالية من المقربين منه الى أنها ستكون سنة الحسم الاخيرة بيقين بشأن ايران.
حدّث اوباما في ظل انتقاد شديد من اسرائيل وحليفات اخرى قبل أكثر من سنة سياسته المعلنة بشأن المشروع الذري، حينما أعلن أنه سيلتزم بطريقة منع لا احتواء لخطط التطوير الايرانية. لكن مبلغ استعداده لتأييد هذه التصريحات بأعمال، مختلف فيه. فالرئيس الامريكي يعمل كي يضائل تدخل بلده العسكري وراء البحر لا ليزيده، ويشهد على ذلك رد الولايات المتحدة المحدود على أحداث الربيع العربي. وقد اتخذ الرئيس قرار إزالة حظر السلاح الذي فُرض على المتمردين في سورية مُرغما وبتأخر ملحوظ.
رغم ان اوباما استعمل عقوبات دولية شديدة لم يسبق لها مثيل على ايران (زادت الوضع الاقتصادي للمواطنين الايرانيين سوءا، ومن المؤكد أنها أسهمت في فوز روحاني)، فانه لا يُظهر أي حماسة لخطوة عسكرية امريكية أو اسرائيلية عليها. ويتوقع في الشهر التالي ان تدخل سلسلة عقوبات اخرى حيز التنفيذ. لكن واشنطن، كما يشهد اعلان البيت الابيض أول أمس، تنوي ان تعطي روحاني فرصة. ويتذكر الامريكيون ان روحاني هو الذي مثل الايرانيين وقت التفاوض الذي أفضى الى تجميد تخصيب اليورانيوم بين أواخر 2003 ومطلع 2005. وستطلب الولايات المتحدة الى اسرائيل أن تتيح وقتا الى أن تتضح الصورة.
إن تصريحات روحاني موجهة بقدر كبير الى آذان غربية. ورسالته هي: يوجد ما يتم الحديث فيه ويشمل ذلك الموضوع الذري. يصعب ان نُقدر كيف ستكون نسبة القوى بين الرئيس الجديد والزعيم الأعلى علي خامنئي، ازاء الهزيمة التي أصاب بها روحاني المرشحين المحافظين في الانتخابات. لكنه من الواضح انه من اجل تخليص ايران من الازمة الاقتصادية يُحتاج الى تخفيف العقوبات، ويستطيع النظام ان يحرز هذا فقط اذا ما أشار الى مرونة ما في المسألة الذرية.
إن الشك الاسرائيلي في مقدار اعتدال روحاني الحقيقي والقلق من سذاجة غربية في شأن ايران، مفهومان تماما. فعند نتنياهو اسباب جيدة تجعله يخشى من ان اسرائيل قد تبقى وحدها في المعركة، ومن ان القوى الكبرى ستوافق على مصالحة غير مرضية على المشروع الذري الايراني.
لكن يصعب الى الآن أن نفهم الشعور الكئيب الذي يصدر عن القدس منذ ان تم نشر نتائج الانتخابات في طهران. أي ثمن كان سيدفعه نتنياهو لو أنه افتتح جلسة الحكومة في يوم الاحد بتهنئة الشعب الايراني على الشجاعة التي أظهرها حينما صوت معارضا توقعات الزعيم الأعلى، ولو أنه أعلن ان نتائج الانتخابات تتيح فرصة لحل الازمة بطرق سلمية؟ بدل ذلك أبرزوا هنا تصريحا قديما لروحاني بأن اسرائيل ‘شيطان’ (سمى اسرائيل في هذا الاسبوع خاصة باسمها بدل ‘العدو الصهيوني’، كما هي العادة في ايران). إن القيادة الاسرائيلية تتصرف وكأن الامر الوحيد الذي كان يهم عشرات ملايين الايرانيين، الذين صوتوا في الانتخابات في يوم الجمعة الاخير هو سياسة النظام نحو اسرائيل.
يوجد سؤال رئيس آخر يتعلق بتأثير الانتخابات في ايران في الحرب الأهلية في سورية. لم تعد ايران وحزب الله يُخفيان في الاشهر الاخيرة مشاركتهما في الحرب الى جانب نظام الاسد. إن هذه القضية في ظاهر الامر تقع في مجال حسم خامنئي. لكن اذا كانت الانتخابات تُقدم شهادة على شعور الجمهور الايراني بالضائقة بالتوجه الذي اتجه اليه النظام الى الآن، فسيكون من المثير للعناية ان نرى هل ستتضاءل قريبا حرية العمل الايرانية حول النشاط في سورية.
لم تُنشر الى الآن معطيات صادقة تتعلق بمقدار الخسائر التي أصابت حرس الثورة الايراني في سورية. ويبدو ان النشاط الايراني يتم من وراء ستار ويتعلق أساسا بالتوجيه وتقديم السلاح وأعمال مختلفة تحتاج الى خبرة تقنية، خلافا لحزب الله الذي يشارك مشاركة فاعلة في المعارك وأصيب فيها بخسائر فادحة.
أصبح يوجد في وسائل الاعلام اللبنانية من يصفون سورية بأنها ‘فيتنام حزب الله’ بسبب غرق المنظمة في القتال هناك والثمن الذي دفعته. لكن النقاش الموازي بين الجمهور الايراني لم يكد يبدأ أو لم يصل على الأقل الى وسائل الاعلام والشبكات الاجتماعية الظاهرة لعيون الغرب. لكنه في أمد أبعد قليلا يتوقع ان يوجد في ايران ايضا من يسألون أنفسهم لماذا الاستمرار في سفك الدم من اجل بقاء نظام الاسد. في الوقت الذي يستعد فيه الطاغية السوري ومؤيدوه لمعركة على مدينة حلب، يستمر الجهد الدولي لعقد مؤتمر يرمي الى احراز هدنة مؤقتة. كانت ايران الى اليوم عائقا أمام هذا الجهد وما زال روحاني سرا غامضا للغرب الذي سيتابع الآن ايضا تصريحاته المتعلقة بما يجري في سورية.

عاموس هرئيل
هآرتس 18/6/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د / أبو أشرف ـ تونس:

    تعلن إسرائيل مرارا وتكرارا أنها ستهاجم إيران،والتهديد بشن الحرب في القانون الدولي يمنح الحق للطرف المهدد ( اسم مفعول ) وهو إيرا ان تقوم بهجوم استباقي،لكن إيران لاتفعل ذلك لاسباب معروفة.ومفروض في منظمة الأمم المتحدة أن تدين تهديدات إسرائيل،لكنها لم تفعل ذلك.مما يؤكد أن إسرائيل كيان فوق القانون.وهو ما ينطبق ويتفق مع ماجاء في آية الإسراء ” ولتعلن علوا كبيرا ” وهل هنالك علو فوق هذا ؟.لذلك يعتقد عدد كبير من المسلمين ان نهاية إسرائيل ستكون في الحرب القادمة.ثم إن تهديد إسرائيل لإيران لايزيد عن الجعجة الفارغة،لأن من يعتزم فعلا شن حرب يتكم ليتمكن من مفاجأة خصمه.ويبدو أنه لذلك لاتعير إيران اهتماما بالتهديدات التي ترردها إسرئيل ضد ها منذ سنوات.كما إن إيران جاهزة لكل طارئ.

  2. يقول Adel:

    لقد سمعنا نفس الكلام منذ عشر سنوات و سنسمعه غدا وبعد سنة وبعد…. إسرائيل ليست قادرة على تحمل عواقب اي هجوم ولو كانت قادرة لفعلت. أضف إلى ان دور روسية الجديد قلب المعادلة

إشترك في قائمتنا البريدية