لندن ـ “القدس العربي”:
في تقرير أعده ريتشارد سبنسر عن توسع شقة الخلاف في الخليج. وقال إن الثروة الخيالية في شبه الجزيرة العربية لا يمكنها أن تخفي الخصام الحالي. وبدأ تقريره من عُمان حيث تحدث عن المشاكل التي واجهها هذا البلد عندما بدأت ببناء الشوارع وهي حوادث السيارات الناجمة عن الجمال التي كانت تجد في إسفلت الشوارع الحامي أثناء الليل فرصة للنوم عليه بدلا من رمال الصحراء الباردة في الليل، وكان نوم الجمال سببا في حوادث السيارات.
وكتب جندي بريطاني خدم في القوات العمانية “في ليلتي الأخيرة كنت راكبا في سيارة لاند روفر ارتطمت بجمل كان ممددا على الطريق، ولم يكتشف السائق الجمل إلا متأخرا، واستيقظت في بداية تدحرج السيارة وانتهينا في وادي، ولم نصب بشكل خطير وهو ما لم أفهمه”.
فقد كانت الجمال غير متعودة على السيارات ولا يوقظها صوت الشاحنات الصاخب ولهذا لم تكن تتحرك من نومها الهادئ.
خلافات كهذه قد تكون تافهة إلا أنها جعلت الدبلوماسيين البريطانيين في حالة من الدهشة لدرجة أنهم يريدون تمزيق شعر رؤوسهم. خاصة أن دول الخليج تمثل لبريطانيا في مرحلة ما بعد البريكسيت شريان الحياة
وحققت عمان منذ السبعينات وغيرها من دول الخليج الكثير من التقدم وارتبطت ببعضها بشبكة من الشوارع والطرق السريعة التي تربط ملكيات الخليج ممن لا تمنح سكانها الحرية السياسية إلا أنها جيدة على جبهة توفير الطعام والأساسيات لهم. وبعد خمسة عقود بدأت التصدعات تظهر بينها، فعندما قرر الجيش البريطاني سحب قواته من أخر نقطة للإمبراطورية. إلا أن انسحابه لم يكن مفاجئا بل وبناء على خطة مدبرة من عمان والإمارات المتصالحة كما كانت تعرف، خاصة أن الجيش لن يكن يريد تكرار كوارث إنزال العلم في الهند وفلسطين. ولكن النظام الذي تركته بريطانيا تبدو عليه ملامح توتر.
تقوم أبو ظبي التي منعت القطريين من دخول أراضيها بشراء بطاقات المباراة وتوزيعها مجانا على مواطنيها. ولاحظت الإمارات وجود حفنة من العمانيين الداعمين لقطر لهذا تريد حرمانهم منها.
وآخر عرض له بدا في مباريات كأس آسيا لكرة القدم الذي تستقبلها الإمارات العربية المتحدة وتواجه قطر في المباريات نصف النهائية. ويعيش البلدان حالة من العداء المستحكم: فكلاهما ثري وعلى علاقة قوية مع الجيش البريطاني إلا أن الإمارات تقود مع السعودية حصارا على الدوحة. وتقوم أبو ظبي التي منعت القطريين من دخول أراضيها بشراء كل البطاقات المتبقية للمباراة وتوزيعها مجانا على مواطنيها. ولاحظت الإمارات وجود حفنة من العمانيين الذين لا يرتاحون له في الجانب الداعم لقطر ولهذا تريد حرمانهم من البطاقات.
ويقول الكاتب إن خلافات كهذه قد تكون تافهة إلا أنها جعلت الدبلوماسيين البريطانيين في حالة من الدهشة لدرجة أنهم يريدون تمزيق شعر رؤوسهم. خاصة أن دول الخليج تمثل لبريطانيا في مرحلة ما بعد البريكسيت شريان الحياة. وتعد الإمارات رابع دولة لسوق الصادرات والخدمات البريطانية خارج الإتحاد الأوروبي وتظهر عمان وقطر والسعودية في قائمة الدول العشرين التي تعد وجهة الصادرات والعلاقات التجارية البريطانية. ويقول الكاتب إن منع البضائع من جبل علي في دبي والمتجهة نحو قطر يترك آثاره السلبية على اقتصاد الإمارات العربية المتحدة. ويتحدث سبنسر عن سبب الأزمة الحالية ما تتهم دول الحصار به قطر من دعم الإسلام السياسي وعلاقتها القريبة مع إيران (وهو ملمح تشترك به مع عمان).
لكن الأسباب الكامنة وراء الخلاف تظل أساسية. فقد اختلفت عمان مع السعودية حول الحرب في اليمن، وانتقدت عمان الدور الذي تلعبه السعودية والإمارات اللتان تشنان حملة ضد المتمردين الحوثيين نيابة عن الحكومة الشرعية.
منع البضائع من جبل علي في دبي والمتجهة نحو قطر يترك آثاره السلبية على اقتصاد الإمارات
وبالمقابل انتقدت الإمارات عمان لحرفها النظر عن تهريب السلاح إلى المتمردين. إلا أن الشكوك تعود جذورها لسنوات طويلة، فعندما حاولت بريطانيا مساعدة سلاطين عمان التصدي لحركات تمرد في الخمسينات والستينات من القرن الماضي في كل من الجبل الأخضر وجنوب ظفار وجدوا أن المتمردين يحصلون على أسلحتهم من السعودية. ويعلق أن وجود هذه الدول التي قامت بريطانيا بإنشائها بعد سلسلة من المفاوضات الجاهزة والصعبة ووسط نزاعات محلية حيث تم رسم الحدود بناء على رغبات شركات النفط التي دفع لها الحكام المحليون يعني أن المفاوضات لم تنته مع أن أحدا لا يقترح إعادة رسم الحدود بينها. وفي عمان افتتحت بريطانيا أول قاعدة عسكرية لها في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 وهي الأولى الواقعة شرق السويس منذ عام 1972. ونقل الكاتب عن الكابتن السابق إيان غاردنر الذي ساعد عمان أثناء ثورة ظفار وألف كتاب بعنوان “في خدمة السلطان” قوله إنه فخور بما حققه البلد من تطور لكنه يخشى من المستقبل، فالخليج ثري ولكنه مهمة لم تنجز كما يقول سبنسر.
وهل مصالح بريطانيا في تعزيز الاخوة والوحدة العربية؟؟؟