تبون يتلقى مكالمة من ماكرون بعد يوم من تصريحات وزيرة خارجيته في المغرب حول الصحراء الغربية

حجم الخط
19

الجزائر- “القدس العربي”: أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون محادثات عبر الهاتف مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، تناولت الأوضاع الدولية في المنطقة. وبدا من سياق المكالمة، أنها تحاول استباق أي توتر مع الجزائر، بعد تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية من الرباط حول قضية الصحراء الغربية.

أورد بيان للرئاسة الجزائرية أن تبون تلقى مكالمة هاتفية من نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تطرقا فيها إلى العلاقات الثنائية وآفاق التعاون بين البلدين. وتبادل الرئيسان بذات المناسبة، وفق البيان، “وجهات النظر بخصوص الوضع في ليبيا ومنطقة الساحل وقضايا إقليمية ودولية ذات الاهتمام المشترك”.

ومع أن المكالمات الهاتفية بين الرئيسين متواصلة منذ فترة طويلة بعد استعادة العلاقات لمسارها الطبيعي بين البلدين، إلا أن هذه المحادثات مثيرة من ناحية التوقيت الذي يلي مباشرة تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في الرباط حول الصحراء الغربية، والتي رغم أنها لم تأت بالجديد، إلا أنها أحيت من جديد الموقف الفرنسي الذي ظل في الفترة الأخيرة ساكنا بفعل الأزمة بين الرباط وباريس، وهو ما يمكن أن يثير حساسية الجزائر الرافضة بقوة لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية.

ومما ذكرته وزيرة الخارجية الفرنسية أن موقف بلادها من قضية الصحراء الغربية لم يتغير، وأنه يمكن للمغرب أن يعتمد على دعم فرنسا، حسب قولها.

وذكرت كولونا خلال مؤتمر صحافي مشترك في الرباط مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة أن موقف فرنسا بخصوص مقترح الحكم الذاتي، يدعم المغرب. وأشارت إلى أن “بلادها أظهرت في الأمم المتحدة حتى في الوقت الذي كنا فيه الوحيدين الذين لديهم الإرادة لتطوير بعض الأفكار”، حسب تعبيرها.

ودعت كولونا إلى “استئناف المفاوضات بين الأطراف من أجل التوصل إلى حل عادل وواقعي”، مشددة على أن بلادها تدعم جهود المبعوث الأممي في الصحراء الغربية.

ومن الوارد أن الأبعاد التي أخذها التوتر بين الجزائر وإسبانيا على خلفية إعلان الأخيرة عن تأييدها لخطة الحكم الذاتي، كانت دافعا للرئيس الفرنسي للمسارعة بتجنب أي أزمة أخرى مع الجزائر، بسبب التأويلات التي قد تأخذها تصريحات كاترين كولونا خاصة عند حديثها عن أن “المغرب يمكنه الاعتماد على بلادها”. فالجزائر لا تريد أن ترى فرنسا خصما مباشرا في قضية الصحراء الغربية، تنتقل من مجرد موقف دبلوماسي غير فعال حتى وإن كان منحازا للطرح المغربي إلى معترف بالسيادة المغربية على هذا الإقليم الذي تعتبره آخر مستعمرة في إفريقيا، وفق ما تذكر دائما السلطات الجزائرية.

والظاهر أن باريس تحاول الاحتفاظ بنفس موقفها من هذه القضية، لأنها تعلم أن أي تغير في الاتجاهين سيؤدي إلى الإضرار بمصالحها سواء مع الجزائر أو المغرب. لكن الرباط، كانت ترغب أن يتعدى الموقف الفرنسي مجرد مساندة المقترح إلى الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، خاصة بعد أن قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الإقدام على هذه الخطوة في نهاية عهدته، وهو ما لم تتجاوب معه باريس، وكان ذلك وفق الكثير من القراءات الواردة في الإعلام الفرنسي من بين أسباب توتر العلاقة بين الحليفين التقليديين.

ولا يتوقع بالمقابل أن تؤدي تصريحات كولونا لنفس أجواء التوتر مع إسبانيا، لأن الجزائر كانت تنظر لمدريد دائما باعتبارها المستعمر السابق في الصحراء الغربية، على أنها القوة المديرة للإقليم وصاحبة المسؤولية التاريخية عليه، وهو ما شرحته بيانات الخارجية الجزائرية في تبرير سحب السفير الجزائري من مدريد وقطع كل أنواع التواصل مع الحكومة الإسبانية عقب قرار الوزير الأول بيدرو سانشيز في آذار/ مارس الماضي، التخلي عن حياد بلاده ودعم الموقف المغربي الذي يطرح فكرة الحكم الذاتي ضمن السيادة المغربية على الصحراء.

وفي أسباب رفضها لمقترح الحكم الذاتي، تقول الجزائر وفق الرسالة التي سبق لمجلس الأمن الدولي نشرها للمبعوث الجزائري الدائم لدى الأمم المتحدة نذير العرباوي كوثيقة رسمية، في تموز/ يوليو الماضي، إن “هذه الخطة تشكل سابقة خطيرة تهدد أساس الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة”. وأبرزت أن “منح أي مصداقية للقوة القائمة بالاحتلال ولما يسمى مقترح الحكم الذاتي سيعني، وللمرة الأولى منذ إنشاء الأمم المتحدة، إضفاء الشرعية من قبل المجتمع الدولي على احتلال وضم إقليم والسيطرة على شعبه بالقوة”.

بالمقابل، دافع السفير العرباوي عن مبدأ تقرير المصير، قائلا في محاججته لنظيره المغربي عمر هلال، إن الشعب الصحراوي قد أثبت منذ ما يناهز الـ50 عاما قدرته على الصمود والنضال لدحر كل المحاولات الرامية إلى فرض الأمر الواقع”، لافتا إلى “أن إرادة الشعوب لا تقهر وهذا دليل ساطع أن أي حل في الصحراء الغربية يجب أن يمر عبر تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره كسائر شعوب العالم، ووضع حد للظلم الواقع على الشعب الصحراوي”، على حد قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول لوراوي محمد:

    الصورة النمطية .والنظرة اليابسة هو يعبر عليه نظام العسكر بالحزاير .المغرب مدعم بجل الدول العربية .وكل الدول في العالم التي تحترم جيرانها ولا تتدخل في شؤونها وتدعم حركة الانفصال في بلد جار وشقيق

    1. يقول صحراوي:

      الجزائر أكدت مجددا بأنها دولة ذات سيادة يحترمها الشرق والغرب حتى بعد التصويت في القرارات الأممية ضد روسيا والتي بقيت الجزائر محايدة .

  2. يقول Hassanovski:

    اذا تركنا كل شعب يقرر مصيره ففي نهاية الامر سنلقى دولة كردية في العراق و أخرى في ايران و اخرى في سوريا و أخرى في تركيا و دولة القبائل شمالا و الطوارق و الازاواد جنوبا و البوليزاريو في تندوف القوة في الاتحاد و ليست في التقسيم

  3. يقول محسين:

    الصحراء مغربية وليسة غربية وعاش الملك محمد سادس نصره الله

  4. يقول غزاوي:

    مجرد تساؤل.
    ما مصير مقترح الحكم الذاتي !؟
    أحسَنَ المقال التوصيف عندما قال عن تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية بأنها “موقف دبلوماسي غير فعال”، وكذلك موقف كل الدول التي “فرض” عليها المغرب إعلان الإشادة بمقترح “الحكم الذاتي”، مقابل تنازلات سيادية وسياسية. وتغريدة ترامب نفسها ذهبت مع ذهابه. وقد عبرت على تلك المواقف بأنها عبارة عن “مصاصة” تُعطى للأطفال لتهدئتهم، رغم انعدام أي دور غذائي لها.
    المقال أغفل تصريح بوريطة حين قال ما نصه:
    “ان المغرب يسعى الى حل لقضية الصحراء يتجاوب مع قرارات الأمم المتحدة، وبأنه في ذات الوقت يرفض الحلول المفروضة” انتهى.
    هذا التصريح الصريح، يؤكد تراجع بورطة بخطوتين إلى الوراء. التخلي عن محاولات فرض أطروحة “الحكم الذاتي” على المجتمع الدولي، واعتراف بفشل دبلوماسية القنصليات في تحقيق مأربه.
    ويرجع هذا التراجع إلى خوف المغرب من فرض حلول تُطبخ حاليا في الدوائر النافذة، وخاصة الأمم المتحدة. حيث صرح مبعوثها الخاص للصحراء الغربية مؤخرا لإذاعة الأمم المتحدة بما يلي:
    “لن أستسلم أبداً حتى أنهي المهمة التي عُينت من أجلها” انتهى.
    أما عن مهاتفة ماكرون لتبون، فإنها تعلن عودة الجزائر القوية، حيث لا يمكن لفرنسا أن تقدم على شيء في عموم إفريقيا بدون الرجوع إلى الجزائر.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية