مشاركة أربعة منتخبات عربية في نهائيات كأس العالم بروسيا وبلوغ الترجي والأهلي نهائي دوري أبطال افريقيا، وتتويج الرجاء المغربي بكأس الكونفدرالية الافريقية، ووصول العين الاماراتي نهائي كأس العالم للأندية، كانت أبرز إنجازات العرب خلال سنة 2018 رغم توجه البعض الى اعتبار المشاركة في المونديال سلبية بسبب فشل منتخباتنا في التأهل الى الدور الثاني بعد تقديمها عروضا متباينة كان أحسنها من الجانب المغربي الذي لعب في مجموعة صعبة، تعرض فيها لظلم تحكيمي خاصة أمام البرتغال، بينما كان بإمكان السعودية ومصر تحقيق نتائج أفضل في مجموعة أسهل نسبيا مقارنة بتونس التي واجهت إنكلترا وبلجيكا في وصفت بالصعبة، ليبقى المستوى العالي في كرة القدم عالما آخر يقتضي منا نحن العرب المزيد من العمل والاتقان، ويتطلب مقومات لا تتوافر عليها الكثير من البلدان العربية اليوم.
ورغم أن تأهل أربعة منتخبات عربية الى نهائيات كأس العالم 2018 يبقى إنجازا وحدثا بارزا خلال السنة المنصرمة، الا أن الكثير من المتابعين يتحدثون عن الاخفاق المتكرر في تحقيق نتائج طيبة في المونديال رغم الأداء المتميز للمنتخب المغربي، أما المنتخب التونسي وكذا المصري والسعودي، فقد تبخرت أحلامهم مباشرة بعد الجولة الثانية اثر تلقيهم لخسارتين متتاليتين، قبل الجولة الثالثة التي حقق فيها المنتخب التونسي فوزا على بنما، وفازت فيها السعودية على مصر، ليخرج الجميع من مونديال شهد للمرة الاولى مشاركة أربعة منتخبات لم تحفظ دروس الماضي ولا زالت تعتبر التأهل إنجازا، تفعل المستحيل من أجله، وتشارك من أجل المشاركة بدون قدرات ولا طموحات كبيرة في مستوى طموحات جماهيرها وتعلقها بمنتخباتها أملا في معايشة أفراح لا تجدها في مجالات أخرى لاتنتج إلا اليأس والبؤس.
وعلى صعيد الأندية كان العين الاماراتي مبهرا في كأس العالم للأندية ببلوغه المباراة النهائية بعدما قدم عروضا رائعة منذ ثمن النهائي، قابلها اخفاق كبير للترجي التونسي صاحب المركز الخامس في المنافسة بعدما تألق في دوري أبطال افريقيا وتوج بجدارة بلقبه الثالث أمام الأهلي المصري، مثلما تألق الرجاء المغربي بتتويجه الرائع بلقب كأس الكاف، ما يؤكد علو كعب الأندية العربية على الصعيد القاري بدون أن يعني ذلك تطورا للكرة العربية عموما بقدر ما يعني استمرارا لتألق أندية بعينها تملك تقاليد كروية عريقة في المنافسات القارية والإقليمية على غرار الترجي والأهلي والوداد والرجاء، مقابل تراجعا كبيرا للكرة الافريقية على مستوى الاندية في المنافسات القارية منذ تراجعت الأندية الغانية والإيفوارية والنيجيرية والكاميرونية.
فرديا، صنع محمد صلاح الحدث سنة 2018 بتألقه وتتويجاته قاريا كأفضل لاعب، ودوليا بتواجده ضمن الكبار في مختلف الاستفتاءات، وكذا مع فريقه ليفربول الذي بلغ معه نهائي دوري أبطال أوروبا ويحتل برفقته ريادة ترتيب الدوري حاليا، كما يتواجد صلاح ضمن قائمة أفضل هدافي الدوري الإنكليزي الى غاية نهاية السنة، لكن ذلك يبقى ضئيلا في ظل تواجد قليل للاعبين المحترفين في مختلف الدوريات الأوروبية الكبرى، ومع ذلك يبقى تألق صلاح محفزا ومشجعا لغيره من الشبان الذين ينشطون في مختلف الدوريات المحلية والعالمية التي فتح لها الطريق لتحلم وتثق في قدراتها وتجتهد لتحقق طموحاتها وآمالها بعيدا عن بلدانها التي تقتل فيهم الحلم الجميل وتقتل فيهم الموهبة التي يتمتعون بها منذ الصغر، وتقتل أيضا رغبتهم في تحقيق الذات بعيدا عن الأجواء التي لا تساعد على ذلك في الوسط الكروي العربي.
ورغم بعض الإنجازات فان ما يحدث من جمود وتخلف في الكرة العربية على مستوى المنتخبات والبطولات المحلية، وعلى مستوى التسيير والتأطير يبقى امتدادا لما يحدث على كل الأصعدة في عالمنا العربي الذي يفتقد للكثير من متطلبات التنظيم والتأطير الجيد والمرافق اللازمة، ويفتقد للمناخ الاجتماعي اللازم رغم وجود مواهب وموارد بشرية كبيرة قادرة على صناعة المعجزات عندما تتوافر لها أدنى الشروط على غرار ما يفعله صلاح ومحرز وبن عطية وغيرهم في أنديتهم.
الكرة العربية ستكون على موعد مع تحد كبير للغاية في 2019، جماهيرها ستكون بدورها على موعد مع طموحات وأحلام جديدة بالتألق والتتويج، حيث ستقام بطولة كأس أمم أسيا مطلع الأسبوع المقبل في الامارات العربية بمشاركة عربية قياسية تعدادها أحد عشر منتخبا، فيما ستقام بطولة كأس أمم افريقيا في منتصف العام الجاري بمشاركة أربعة منتخبات، بينها موريتانيا التي ستشارك للمرة الاولى، في انتظار منتخب ليبيا في حالة فوزه على جنوب افريقيا في مباراته التصفوية الأخيرة.
سقف الطموحات في الأوساط الجماهيرية والاعلامية سيكون كبيرا كالمعتاد، لكن هل ستكون القدرات في مستوى الطموحات؟ وهل سيبقى التساؤل المكرر تلوكه الألسن كالعادة، هل نشارك من أجل المشاركة فقط؟ واذا كان التتويج من نصيبنا هل يعني ذلك أننا في مستوى الطموحات والقدرات؟