‘القدس العربي’
لا تأتي الكوارث فرادى عند النادي الكتالوني، فبرشلونة دخل فجأة الى نفق معتم لا يرى مشجعوه ومحبوه أي ضوء في نهايته، رغم ان الانهيار كلمة كبيرة على ناد احتكر الالقاب المحلية والاوروبية وقدم عروضا اعتبرت من الاجمل في تاريخ كرة القدم في السنوات الاخيرة.
ثمانية أيام قتلت موسم برشلونة، وأجهزت عليه وأعطت لمنتقديه فرصة لشحذ سكاكينهم، فالخروج من دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا امام مواطنه أتلتيكو مدريد، وبعدها السقوط المفاجئ امام المغمور غرناطة في الدوري الاسباني، الذي أضعف فرصته للاحتفاظ بلقبه، ومن ثم خسارة نهائي كأس الملك أمام العدو التقليدي ريال مدريد، لم تكن سوى نتائج لأحداث سابقة، وتخبطات طيلة أسابيع الموسم.
ورغم ان الرئيس الحالي جوسيب ماريا بارتوميو يقود النادي في الشهور الثلاثة الماضية، الا انه بات مطالباً بعقد انتخابات مبكرة لرئاسة النادي، رغم ان سلفه ساندرو روسيل استقال على خلفية تورطه في صفقة انتقال النجم البرازيلي نيمار، التي تخللها دفع مبالغ غير شرعية، اعتبرها الاتهام تهرباً من الضرائب، لكن بعدها توالت الكوارث عند الادارة عندما أعلن الفيفا حرمانه من فترتي انتقالات بسبب مخالفته لقوانين التعاقدات مع الشبان وصغار السن، وهو ما اغضب جماهير النادي بشدة، التي كانت مستاءة أصلاً من تخلي النادي عن مبادئها الاخلاقية، وبينها اسقاط شعار ‘يونيسيف’ الخيري، واستبداله بـ’القطرية للطيران’ الربحية، علما ان الفيفا منح النادي الكتالوني وقتاً بارجاء تطبيق العقوبة الى ما بعد سماع الاستئناف.
هذه الاجواء السلبية والعدائية من بعض الجماهير، أكدته صحيفة محلية من استفتائها الذي كشف ان 96 ‘ من جماهير النادي لا تثق بادارة النادي، ومع ذلك هذا لا يعني ان الانتخابات باتت وشيكة، بل انها لن تنظم قبل عام 2016، لكنها تظل رهينة نتائج الفريق، الذي لو تعمقت جروحه وكثرت هفواته وسقطاته فان بارتوميو سيذعن للضغوطات ويجري انتخابات مبكرة.
وسيكتشف أنصار برشلونة في عالمنا العربي، ان الانتخابات على رئاسة النادي واختيار ادارته أمر محوري ومهم جداً لمستقبل النادي، كون الادارة فقط مخولة في أخذ قرارات حاسمة ومحوريةـ مثل استبدال المدرب وشراء النجوم وبيعهم، وامتدت الضغوطات الى المدير الرياضي، حارس المرمى السابق، اندوني زوبيزاريتا، الذي اتهمته الجماهير بفشله في تفسير ضعف عمق الفريق، وعدم وجود ما يكفي من قلوب دفاع ولاعبي وسط وهدافين تقليديين في فريق يقانل على أكثر من جبهة. ونال المدرب خيراردو مارتينو نصيباً وافراً من الانتقادات، رغم انه من السهل ايجاد الاعذار له، باعتبار ان الفريق لا يملك العمق الكافي لمواجهة كل التحديات، لكن ‘تاتا’ نفسه ساهم في اخفاقاته بعدم الاعتماد على تشكيلة ثابتة، ووقوعه في أخطاء تجاربه التكتيكية في أوقات صعبة، وحتى تغييراته خلال المباريات جاءت غير مؤثرة ومتوقعة ولم تفاجئ المنافسين، وفقدانه للرؤية الواضحة. وهذا ما يشير الى كل التوقعات التي تؤكد رحيله في نهاية الموسم المخيب.
وباعلان الحارس فيكتور فالديز والقائد المخضرم كارليس بويول رحيلهما في نهاية الموسم، وكبر تشافي في السن وانحدار مستواه بشكل واضح، فان البارسا سيكون بحاجة الى ثلاثة لاعبين كبار لتغطية هذه الغيابات، عدا عما يحتاجه لزيادة العمق، لكن تظل الازمة مع الفيفا عقبة كبيرة في تغطية هذه الغيابات، علماً ان البارسا يمكنه التداول في سوق اللاعبين الى ما بعد الاستئناف على قرار حرمانه من سوق الانتقالات. الكارثة التي تؤرق جماهير البارسا، هو نجمها المدلل ليونيل ميسي، الذي كان عنوانا صريحاً لأزمات النادي داخل الملعب، لتنهال الأسئلة المحيرة: ماذا جرى لميسي؟ هل انتهت شهوة النصر؟ هل المال اصبح لا يثير لعابه؟ هل انتهت طموحاته أم أنها مجرد كبوة جواد، سيعود بقوة من أجل انقاذ فريقه من اسهم النقد؟
ميسي صاحب الصولات والجولات في كل الملاعب اصبح مادة للسخرية والنقد، وبات مطالبا بتقمص دور البطولة في النادي الكاتالوني، لانقاذ هيبة الفريق، وأيضا من أجل عدم اصابة الجماهير بشعور الغضب بسبب التفوق الواضح لريال مدريد.
لكن البعض يرى ان المدرب مارتينو لعب دورا سلبياً في قتل الروح في نجمه الاول، مثلما اعتبر البعض ان المبالغ المالية التي يتقاضاها شريكه في الخط الهجومي نيمار، والتي تفوق ما يتقاضاه، والغيرة بين الارجنتينيين والبرازيليين، ثبطت من عزيمته. وبعيدا عن سبب المستوى الهزيل لميسي، ان كان تكتيكيا أو معنوياً، نجد أن مصير اللاعب مع النادي الكاتالوني ما زال غــامضـا، ما يــعــزز الشـئكوك التي أثيرت حول رغبة مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان في ضمه في صفقة تاريخية قد تصل قيمتها إلى 250 مليون يورو.
لكن في خضم هذه الكوارث والازمات، فانه في النظر الى مستقبل برشلونة سنجد بعض نفحات التفاؤل التي تبقي عشاق البارسا على أمل تجاوز ظلام اليوم، وأبرزها ان الفريق الحالي الذي يحوي ميسي ونيمار وبوسكيتس وأنييستا وألبا وبيكي يملك كل المقومات ليبقى منافسا قويا وشرسا على الالقاب، رغم ان الاضافات أصبحت حاجة ملحة، والبحث عن مدرب صاحب رؤية يعيد الثقة للنجوم ويعيد رسم طريق الفريق بوضوح نحو الالقاب على غرار ما فعله مدرب بايرن ميونيخ الحالي بيب غوارديولا.
ومن الايجــــابيات الاخرى، أكاديمية لا ماسيا، التي تبرح لا تنضب في انتاج أبرز المواهب العالمية، والتـــي يبرز منها حالياً ســــيرجي سامبــــر (لاعب وسط 19 عاماً) وآدم تـــــراوري (جناح 18 عاماً) ودينـــس ســواريز (صانع العاب 20 عاما) واليكــــس جــــيرمالدو (ظهير 18 عاما)، وهم جميـــعاً برزوا مع الفريق الثاني (بي تيم) هذا الموسم، اضــافة الى ان فريق الفئة السنية التالية نجـــح في الفوز بكأس الاتحاد الاوروبي للشـــبان، الاســـبوع الماضي بفوزه على بنفيكا 3-0.
وعامل ايجابي آخر، هو النمو التجاري الرهيب الذي شهده النادي في الاعوام الاخيرة، وهو ربما أبرز انجازات رئاسة روسيل وبارتيميو، خصوصاً بنجاحهما في اختراق السوق الآسيوية الخصبة.
سيظل مستقبل برشلونة واعدا رغم كوابيس الحاضر، والرؤية الضيقة لكثيرين في أصعب أوقات النادي الكتالوني.
التسلسل الزمني لأزمات برشلونة
مايو 2012:
بيب غوارديولا يستقيل مدربا لبرشلونة بعد اربع سنوات من النجاح، ليخلفه مساعده تيتو فيلانوفا.
ديسمبر 2012:
فيلانوفا يخضع لجراحة لاستئصال سرطان من جسده، ويعود الى العمل في مارس 2013.
مارس 2013:
برشلونة يبرم اتفاق رعاية مع الخطوط الجوية القطرية، التي أصبحت اول راع تجاري لفانلات الفريق في تاريخه.
مايو 2013:
برشلونة يسمح للمدافع الفرنسي ايرك أبيدال في ترك النادي بعد شهر من عودته الى اللاعب بعد غياب طويل بعد جراحة زرع الكلية.
يونيو 2013:
ليونيل ميسي يخضع للتحقيقات في شبهة تهربه من الضرائب.
يوليو 2013:
فيلانوفا يستقيل من منصبه مدربا للفريق لأسباب صحية.
يناير 2014:
رئيس النادي ساندرو روسيل يستقيل في خضم استجوابات من محكمة اسبانية على خلفية المبالغ التي دفعت في صفقة ضم نيمار واحتمال تهرب النادي من دفع الضرائب.
فبراير 2014:
برشلونة يدفع 13.5 مليون يورو الى الحكومة الاسبانية، بعد اتهامه بالتهرب من الضرائب في صفقة نيمار.
ابريل 2014:
الاتحاد الدولي لكرة القدم يحرم برشلونة من عقد اي صفقة بيع او شراء للاعبين لمدة 14 شهراً، بسبب مخالفات لقانون ضم اللاعبين الشبان وصغار السن.