من حق الشعب العربي في الكويت أن يفاخر بأن نظامه الديمقراطي المتعاظم عبر العقود الزمنية هو من أفضل الأنظمة الديمقراطية العربية، وأن ممارسته لذلك النظام، وعلى الرغم من بعض النواقص والأخطاء والانتكاسات المؤقتة، هي من أفضل الممارسات العربية. وقد أثبتت نتائج الانتخابات الأخيرة، وما رافقها من تصحيحات لأخطاء ماضية، ومن دلائل نضج في توجهات الناخبين السياسية والاجتماعية، بأن التهمة الظالمة التي أطلقها بعض الموتورين في بعض دوائر الغرب، من أن العرب ليسوا مؤهلين لممارسة الديمقراطية وقبول المبادئ الفكرية التي تنطلق منها، هي تهمة استشراقية عنصرية تلفيقية.
بل أثبتت أكثر من ذلك، إذ في الوقت الذي تتراجع فيه الديمقراطية في بعض بلدان الغرب، وفي الوقت الذي يتوجه الكثير من الناخبين في الغرب نحو اختيار القوى اليمينية الشعبوية الكارهة للأغراب، والمنادية بالرجوع إلى الانغلاق العرقي، أو الديني أو الثقافي، اتجه الناخبون في الكويت نحو مزيد من الأفكار الليبرالية الذاتية العربية، ونحو مزيد من الابتعاد عن الغوغائية والأفكار المتزمتة.
لن تنجح الديمقراطية إلا إذا ظل الناخب معنياً بالحياة السياسية العامة وبالمناقشات البرلمانية وبالتواصل مع من انتخب بصورة دورية تحاورية
ومع ذلك يجب أن ننتظر ما تسفر عنه تلك التغيرات في المشهد الانتخابي الكويتي من ممارسات في البرلمان الكويتي المقبل: مدى عمق وموضوعية المناقشات، مدى انحياز التشريعات للفقراء والمهمشين والمرأة، ولمزيد من الانفتاح الديمقراطي، مدى التمسك بالالتزامات القومية العروبية الوحدوية، وعلى الأخص بالنسبة للموضوع الفلسطيني والصراع العربي ـ الصهيوني الوجودي، مدى المساهمة في إعادة بناء مجلس التعاون الخليجي، وحل صراعاته العبثية المؤذية لمصالح كل شعوبه وعلاقاتهم الاجتماعية التاريخية، ومدى استعمال الثروة النفطية الكويتية في إطلاق مشاريع تنموية إنتاجية تكنولوجية معرفية، تساهم في النهوض الاقتصادي والحضاري العربي المطلوب. قد تبدو القائمة طويلة وصعبة ومعقدة، لكن المهم هو مقدار الجهد والجدية والتناغم في ما بين الكتل النيابية والأعضاء المناضلين الملتزمين بقضايا كبرى. كما أن التحقق سيحتاج إلى توفر أجواء مساعدة. من هذه الأجواء مقدار حميمية العلاقة بين البرلمان والحكومة، ومقدار التزامها بمتطلبات الديمقراطية من مرونة وأخذ وعطاء، وحلول توافقية معقولة، وحساسية تجاه فضيلة العدالة. ومن هذه الأجواء، كأولوية قصوى، مقدار متابعة الناخبين لأقوال ومواقف ونقاشات الذين انتخبوهم، ومحاسبتهم على أي تقصير، أو أي تراجع عن وعودهم الانتخابية السابقة، وتذكيرهم بقدرة الناخبين على المعاقبة أثناء الانتخابات المستقبلية المقبلة. لن تنجح تلك الديمقراطية إلا إذا ظل الناخب معنياً بالحياة السياسية العامة وبالمناقشات البرلمانية وبالتواصل مع من انتخب بصورة دورية تحاورية. لقد تعثرت الكثير من محاولات الانتقال إلى الديمقراطية العربية، لأسباب داخلية وخارجية، وبدأ البعض يتعب من الالتزام بالنضال من أجلها، ولذلك فمن الأهمية القصوى نجاح التجربة الديمقراطية الكويتية، التي تغلبت على معوقات الداخل ومؤامرات الخارج، وذلك كتأكيد على أن الانتقال إلى نظام ديمقراطي سياسي واقتصادي واجتماعي عادل، حتى لو كان تدريجيا وعسيرا، عبر الوطن العربي كله قد أصبح مطلباً ممكن تحققه، بشرط أن لا تمل الشعوب من التمسك به والنضال من أجل تحققه في الواقع الحياتي العربي.
كاتب بحريني
ابحث عن الاساس والاصل دائما……. في الدول او الامم التي كانت قادرة على بناء مجد: تسمع، تقرأ دائما عن مفردات مثل حكمة ، حكماء ، قادة أوائل،، خلفاء راشدين,,وعلى وزن ذلك,,,, عندما يؤسس الدولة أناس يتمعون بالحكمة وتكون نواياهم حسنة وغير فاسدين، فان اسسهم ستكون سليمة وما يبنى عليها سليما,,, العدالة شيء تلقائي,, والمساواة شيء تلقائي,,,, والسلم الاجتماعي شيء تلقائيء,,,, والنمو والتطور شيء تلقائي,,,, والوطنية شيء تلقائي كذلك,,,, ولن يجد الانسان أي عناء في ايجاد مثال نقيض لهذه الحالة والمقارنة بين دولتين : دولة حكيمة ودولة غير حكيمة،،،
لا أبدا غير صحيح …..الديمقراطية الوحيدة اليوم في العالم هي ……تونس….. الشرق الأوسط بعيد بعد نجوم السماء عن الديمقراطية …..
أتمنى أن ينضج الحراك الديمقراطي في الكويت ، والواقع أن مقولة (العرب أبعد الأمم عن الديمقراطية) ليست تجنيا وافتراء ، لأن الديمقراطية هي الحرية ، وهناك موانع تمنعنا من ان نكون أحرارا ، فنحن أسرى العرف والدين والطائفة والعادات، وكيف لأمة تفضل دائما الماضي على الحاضر ، وتنحاز للنقل ضد العقل أن تكون حرة؟.