“تجريم البغاء” يثير جدلا بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس

حسن سلمان
حجم الخط
0

تونس- “القدس العربي”:  أثار مشروع قانون يطالب بـ”إغلاق المواخر وتجريم البغاء” جدلا كبيرا بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس، فبينما رحب به البعض، اعتبر آخرون أنه دعوة لتضييق الحريات ومحاولة لإشغال التونسيين عن قضاياهم الأساسية المتعلقة بتحسين مستوى المعيشة والحصول على فرص عمل.

وقال سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة ائتلاف الكرامة (إسلامي)، إن الائتلاف يستعد لتقديم مبادرة تشريعية جديدة، تتعلق بتجريم البغاء بكافة أنواعه واعتباره ضربا من ضروب الاتجار بالبشر، مضيفا ” هذه المبادرة تهدف الى غلق جميع المواخير وتجريم البغاء سواء كان سريا أو قانونيا، فالمرأة التونسية أغلى بكثير من أن تسترزق من جسدها”.

ونشر النائب عن الائتلاف، أحمد بن عياد، نص المبادرة، وعلق بقوله “رغم كل الخذلان، ائتلاف الكرامة يواصل العمل ويتقدم اليوم رسميا بمبادرة تشريعية جديدة لتجريم كل أشكال البغاء السري والعلني، للقطع نهائيا مع ثقافة التطبيل للمرأة في الخطاب الإعلامي والسياسي وترذيلها وامتهان كرامتها والتمعش من شرفها في الواقع. المبادرة تأتي أيضا لتحقيق التناسق التشريعي بين مقتضيات الفصول 23 و46 من الدستور ومقتضيات القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر وأحكام الفصل 231 من المجلة الجزائية وقرار العار المؤرخ في 26 أفريل 1942 المنظم للبغاء العلني”.

فيما شكك النائب عن الائتلاف، نضال سعودي، أن تصوت حركة النهضة لصالح هذا المشروع، حيث دون على موقع فيسبوك “النهضة لم تصوت على لائحة الاعتذار ولن تصوت على مبادرة الهايكا ولن تجرؤ على التصويت لصالح مبادرة التعددية النقابية ولن يكون لها صوت واحد لصالح قانون تجريم البغاء (…) مسلسل حسابات 2024 تشاهدونه أسبوعيا كل جلسة عامة، يعاد بثه في اروقة البرلمان في الأوقات المناسبة: توه موش وقتو!”.

ودون الكاتب والناشط السياسي، توفيق بن رمضان، ضمن هاشتاغ “الشعب يريد إسقاط الماخور”: “المبادرة ستكون لها ارتدادات كبرى في الساحة السياسية والفكرية .بين مناصرين لها على اختلاف أسانيدهم وبين رافضين لها على تباين منطلقاتهم فبرلماننا عودنا على ترك الجوهر والاهتمام بالشكل والجمهور”.

وأضاف “غلق المواخير لا أراه سيطرح إشكالا نظريا قانونيا فكريا إلا لمن أراد المزايدة يمينا وشمالا في البرلمان لتسجيل نقاط وتجذير لاستقطاب. فليس هو نصرة للإسلام ولا هو تهديد لمدنية الدولة بل قرار فيه تكريس لمفهوم حقوق الإنسان وإعلاء من شأن المراة وانتصار لها للقطع مع ممارسات جاهلية متخلفة ترى في المراة بضاعة تباع وتشترى . وتماهيا مع قوانين ومواثيق انخرطت فيها بلادنا. أتمنى أن يتم التفاعل مع المبادرة دون النظر إلى الجهة التي جاءت منها ومناقشة الأمر اقتصاديا واجتماعيا فقط”.

وكتب سمير عبد الله، القيادي السابق في حزب تحيا تونس، “إلغاء المواخير ليس قضية التوانسة. قضايا التوانسة هي الفقر والبطالة والتهميش والفساد الذي ينخر في الدولة والمجتمع. عندما تلغي المواخير المراقبة طبيا وقانونيا، فأنت تشجع على انتشار البغاء السري، وتزيد تكاثر قضايا الاغتصاب، وكل الدراسات أثبتت ذلك، كما هو الحال عندما تلغي نقاط بيع الخمر القانونية، حيث تنتشر تجارة بيع الخمر خلسة”.

وأضاف “في الحقيقة، المواخير أشرف من جهاد النكاح مع الدواعش. ولم نسمع بعاملة جنس في ماخور اعتدات على الناس بماء الفرق أو عملت عملية انتحارية وفجرت نفسها في شارع بورقيبة أو اغتصبت أطفالا أو شاركت في اغتيال سياسي. إذا فالمواخير التي يجب إغلاقها لأنها أضرت بالبلاد والعباد هي مواخير السياسة”.

ودون عبد الجبّار المدّوري، القيادي في حزب العمال (شيوعي- ماركسي) “للتذكير: غلق المواخير ومنع البغاء وتجريمه، موجود في برنامج حزب العمال منذ تأسيسه، وسبق للقوى اليسارية منذ الستينات المطالبة به”.

وكان ائتلاف الكرامة تقدم قبل أيام بلائحة برلمانية تطالب فرنسا بالاعتذار عن جرائمها الاستعمارية وهو ما أثار جدلا كبيرا داخل الطبقة السياسية، قبل أن يقوم البرلمان بإسقاط اللائحة المذكورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية