“تجميد البويضات” لأول مرة في مصر.. ولادة متعثرة من “رحم” العنوسة

حجم الخط
0

القاهرة: مع تأخر سن الزواج وتطور العلم، فتحت عملية “تجميد البويضات”، أملا لا تزال ولادته “متعثرة” من رحم “العنوسة” المتزايدة بمصر في ظل جدل مثار بشأنها.

وقبل شهر أعلنت فتاة مصرية، تجميدها بويضاتها، لتفتح الباب على مصراعيه لأفكار لمواجهة العنوسة في مصر، والتي تدور أيضا في محاولات لكبح جماح الطلاق الذي تواصل معدلاته الارتفاع في البلاد.
وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء (رسمي) مؤخرا، أن عدد عقود الزواج خلال يونيو/ حزيران الماضي 63.2 ألف عقد، مقابل 84.7 ألف عقد فى يونيو 2018، بانخفاض 25.4%.

طريق التجميد محفوف بالمخاطر مع مخاوف وضوابط دينية

بينما بلغ عدد حالات الطلاق خلال يونيو الماضى 10 آلاف حالة، مقابل 13.7 ألف حالة لذات الشهر من العام السابق، بانخفاض بلغت نسبته 27%، وفق ما نقله إعلام محلي.

ومؤخرا أطلق الأزهر الشريف في مصر حملتين لمواجهة الطلاق وتقليل نسبته هي “لم الشمل”، و”عاشروهن بالمعروف”.
غير أن المصرية ريم مهنا (38 عاما) قليلة الظهور الإعلامي، أطلقت شرارة خطوة جريئة لوقف قطار العنوسة ببلادها ومخاوف عدم الإنجاب مستقبلا، بتجميد بويضاتها قبل أكثر من شهر.
وقالت في مقابلة آنذاك متزامنة مع الإعلان الذي أتي بعد عامين من الإجراء: “ما شجعني أن تأخر سن الزواج في مصر أصبح في تزايد، وانقطاع الطمث يمكن أن يحدث لأية فتاة في العقد الثالث”.

بسعادة ترسم وجهها، تتحدث ريم مهنا، بطلاقة خلال برنامج متلفز بفضائية مصرية خاصة، لتؤكد تمسكها بهذا العملية في وجه العنوسة ومخاوف عدم القدرة على الإنجاب.

وتعود مهنا بالذاكرة، إلى عام 2001، حيث تقول إنها “قرأت بحثا علميا في صحيفة بريطانية (لم تسمها) وكان عمرها 20 عاما، عن ولادة طفل لأول مرة بلندن، نتيجة تجميد البويضات”.

وريم التي تبدو ذات وضع اجتماعي متميز، عقدت النية آنذاك أن تأخذ هذه الخطوة في عمر 35 عاما التزاما بأبحاث طبية قرأتها.

وبالفعل أجرت ريم، العملية منذ نحو عامين، دون أن تطلع من حولها؛ خشية ردود أفعال المجتمع وأن تغضب والدتها.

وجهرت مهنا بتلك العملية الآن لأنها “تريد تشجيع أخريات على اجتياز عقبات في حياتهن مثل العنوسة وتأخر الإنجاب”.

وأوضحت أنها لا تخشي فقط عدم الزواج في السن المناسب، بل تخشى تبعاته، وهو عدم القدرة على الإنجاب، فكان خيارها المثير للجدل أن تجمد البويضات على أمل أن ترزق بحمل ناجح مع عمرها المتقدم حال الزواج.

وبلغة عاطفية، قالت إن “تجميد البويضات فرصتي الأخيرة لتحقيق حلم الأمومة”.

سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بمصر، رحبت بتلك الخطوة، وقالت إن “العالم والعلم يتقدم وتصوراته أسرع”.

وأكدت أنه “مع الوقت ستكون الفكرة مقبولة اجتماعا مع عدم القدرة على الإنجاب في سن متقدم”.

ومتفقا معها، قال أستاذ علم النفس البارز في مصر، جمال فرويز، في تصريحات صحافية إن تلك الخطوة، ستكون دعما نفسيا كبيرا للمرأة ورغبتها في القدرة على الإنجاب.

وكشف أنه واجه في عمله حالات كثيرة لسيدات مكتئبات بسبب عدم القدرة على الحمل لأسباب كثيرة، فضلا عن معاناة تأخر سن الزواج، مرحبا بالخطوة، ومعتبرا إياها “جيدة ومقبولة طبيا”.

الطبيب المصري المتخصص في أمراض النساء والتوليد، شريف سيف، قال في مقابلة متلفزة مع ريم مهنا، “المرأة ظلمت كثيرا، هم بذلك يحرمونها من الأمومة”، متسائلا: “لماذا نقفل الأمل فى وجه السيدات؟”.

وأضاف الطبيب، شريف سيف، إن العملية تجرى عن طريق منظار من البطن، لكن للمتزوجات فيتم سحب البويضات من المهبل.

وأكد أن الأعراف الدينية والقانونية فى مصر والدول العربية تمنع تلقيح البويضة المجمدة إلا عن طريق حيوان منوي للزوج في حالة زواج شرعي، كما لا يوضع الجنين المخصب إلا في رحم الزوجة في وجود زواج شرعي قائم.
متفقة معه، قالت أميمة إدريس، أستاذة أمراض النساء والتوليد، بجامعة القاهرة في تصريحات متلفزة حينها: “عندما أنظر حولي أجد بنات كثر وصلوا سن 40 وأحزن عليهم مع زيادة نسبة العنوسة”، معربة عن سعادتها بخطوة ريم.
وعن العملية ذاتها، لفتت أنها تستغرق حوالي ربع ساعة فقط، وتحافظ على عذرية الفتاة.
ووفق ما نقلته شبكة بي بي سي البريطانية، عن موقع الخدمات الصحية الوطنية ببلادها، تستغرق مدة العملية نحو 3 أسابيع، تخضع فيها السيدة لتلقي أدوية وجرعات حقن، ومتابعة لتطور إنتاج البويضات لاختيار الوقت المناسب لجمعها.
وفور جمع البويضة، توضع في سائل للتجميد لحمايتها، وتُستخدم بنفس طريقة الحقن المجهري الذي يشتهر بمصر، إذ تخصّب البويضة بحيوان منوي، ثم تُزرع في الرحم ليبدأ الحمل، ولا تضمن العملية نسبة نجاح عالية، وفق المصدر السابق.

في 4 سبتمبر/ أيلول الماضي، قالت دار الإفتاء المصرية، إن عملية تجميد البويضات جائزة، وفق 4 ضوابط.

والضوابط الأربعة أن تتم بين زوجين، وأن تحفظ اللقاحات المخصبة بشكل آمن تماما تحت رقابة مشددة، بما يمنع ويحول دون اختلاطها عمدا أو سهوا بغيرها من اللقائح المحفوظة.

بالإضافة ألا يتم وضع اللقيحة في رَحِمٍ أجنبيةٍ لا تبرعا ولا بمعاوضة، وألا يكون لعملية تجميد البويضة أثار جانبية سلبية كحدوث التشوهات الخلقية، أو التأخر العقلي فيما بعد.

بدوره، قال أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن تجميد البويضات والحيوانات المنوية أمر لا يجوز شرعا، مبررا ذلك بأن مفاسده أكبر وأكثر من منافعه.

وتساءل في تصريحات سابقة لصحيفة “أخبار اليوم” المملوكة للدولة: “هناك نسبة خطأ واردة في بنوك حفظ الأجنة والبويضات والحيوانات المنوية، وهذا يؤدي إلى اختلاط الأنساب”.

وقال: “إذا ارتضينا أن تحريم بنوك الألبان الآدمية مخافة اختلاط الأنساب وسدا للذريعة، فإن كل هذه أدلة للمنع”.

وأشار أن “هذا الأمر بمثابة محاكاة للغرب، ويؤدي إلى نتائج غير محمود عقباها لا تتفق مع مجتمعنا المسلم”.

وفي ظل المخاوف الدينية المتصاعدة، حظيت منصات التواصل الاجتماعي، بنقاشات بين رافض لكونها مخالفة للتقاليد والشرع، ومؤيد في إطار أنها مسايرة للعلم وتخفيف للمعاناة، وحل مطمئن لتأخر سن الزواج، في اللحاق بشعور الأمومة.
(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية