القاهرة ـ «القدس العربي»: استمرت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 1 يوليو/تموز في تخصيص معظم صفحاتها للذكرى السادسة لثورة يونيو/حزيران في صورة مقالات وأحاديث وصور، وكذلك بكلمة الرئيس السيسي التي وجهها للشعب.
زيادة سعر نسخة الجريدة آخر مسمار في نعش الصحافة الورقية وإغلاق الموقع الإلكتروني لصحيفة «التحرير»
أما الاهتمام الأكبر للأغلبية فكان مباريات كأس الأمم الافريقية، وفوز المنتخب المصري على الأوغندي، والإعجاب الشديد بنجاح الخطط التي وضعتها أجهزة الأمن للحفاظ على الأمن، التي يتابعها كل ساعة وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، ما ساعد على عدم وقوع أي حادث إرهابي أو غيره، رغم وجود حوالي سبعمئة ألف مشجع غير مصري.
والاهتمام الثاني موجه لامتحان الثانوية العامة، وانتهاء طلاب القسم الأدبي منه أمس الاثنين. وفي ما عدا ذلك فقد توزعت الاهتمامات حسب مصالح كل محافظة وفئة، فالإعلاميون والصحافيون مهتمون بالتأثيرات التي ستتعرض لها الصحافة الورقية بعد زيادة أسعار الصحف القومية، وهل ستقوم كل مؤسسة بإغلاق مطبوعاتها التي لا يوزع بعضها سوى عشرات من النسخ توفيرا للنفقات؟ أم ستواصل إصدارها اعتمادا على أن الدولة تدعمها، وحتى لو أغلقتها هل ستضمن الدولة لمحرريها مرتباتهم؟ أما المشكلة الحقيقية فهي في الصحف الخاصة. أيضا اهتمت الصحف بالاتفاقيات التي عقدتها وزارة النقل مع شركات روسية وألمانية وإسبانية لتوريد مئات من عربات السكك الحديد والقاطرات وتصنيع بعضها في مصر، ومشاكل المياه في بعض المحافظات، وفوضى المواقف العشوائية للميكروباصات والأسواق. وإلى ما عندنا….
ثورة يونيو
ونبدأ بأبرز ما نشر عن ذكرى ثورة يونيو/حزيران وأولها في «الأهرام» للدكتور أسامة الغزالي حرب الذي انتقد النظام، لأنه لم يترك الفرصة لقوى حزبية تملأ الفراغ الذي تركه الإخوان وقال: «انتهينا من الأطماع والأحلام السياسية للإخوان، فأين إذن السياسة الآن؟ إنها بالطبع في الأحزاب السياسية، فأين هي؟ لقد دخلت على موقع الهيئة العامة لاستعلامات بوابتك إلى مصر فوجدت إحصاء بنحو أربعين حزبا، أقدمه وأهمه هو حزب الوفد، فضلا عن أحزاب أخرى ما زلت أتذكرها مثل، حزب التجمع، كما لم أجد أحزابا، أنا متأكد أنها كانت موجودة ويافعة وفاعلة مثل، حزب الأحرار، وحزب الجبهة الديمقراطية.
نعم كلها أحزاب موجودة في مطبوعات هيئة الاستعلامات، ولكثير منها أبنية ومقرات، لكن أين هي الأحـــــزاب هذا هو السؤال المركزي الذي أثارته في ذهني ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران في الذكرى السادسة».
كلمة السيسي
أما الرئيس السيسي فقال في كلمته التي وجهها للشعب ونقلتها معظم الصحف والمواقع المصرية: «ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران لم تكن إلا صيحة تعبير عن أقوى الثوابت المصرية وأشدها رسوخًا، وهو انتماء ملايين المصريين لبلادهم التي احتضنتهم وآباءهم وأجدادهم على مدار آلاف السنين».
وقال إن «ولاء المصريين لمصر ورفضهم لأي محاولة لمحو هويتهم الوطنية هي حقائق لا تتغير بفعل الزمن فهذا الشعب أصيل ووفي، وارتباطه بوطنه وهويته يعلو عنده فوق أي انتماء وفوق أي مصالح ضيقة لجماعات أو جهات خارجية ممن اعتقدوا أن إرهابهم الأسود سينال من عزيمة أمة صنعت التاريخ وألهمت الإنسانية معنى التضحية من أجل الوطن».
مشاكل وانتقادات
وإلى المشاكل والانتقادات وقول السيد البابلي في «الجمهورية» عن السوشيال ميديا وأخطارها: «أحنا في عصر الفيسبوك، فضيلة الشيخ علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وصفه بأنه زبالة المعرفة، والدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي قال إن 90٪ مما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي هو كذب ومفبرك، وكلنا نعلم ذلك وكلنا يحذر من مخاطر إشاعات وأكاذيب الفيسبوك، ولكن المصيبة هو أن الناس سعيدة بذلك والناس لن تقاطع الفيسبوك والناس اصبحت مدمنة للفيسبوك وحواراته وأكاذيبه وفضائحه».
شعب مهمل
والمشكلة الثانية أثارها في «الشروق» الكاتب والإعلامي حسام السكري، وهو يتحدث عن دفاع المصريين عن السوريين في مصر، ما أثار البعض فهاجمهم حسام وقال: «أولا: نحن شعب مهمل في صحته وفي مصادر رزقه، التاجر المصري لا يحسن معاملة زبونه، والعامل المصري لا يتقن عمله الفهلوة و«الطلسقة» و«الكروته» والتقفيل بأي شكل وبأقصى سرعة واختراع حجج مبدعة للتهرب من المسؤولية، أو من العمل.
ثانيا: نحن شعب لا يتمتع بالحد الأدنى من «الكرامة المهنية» Professional Pride وهي الرغبة الذاتية في الإجادة من أجل الشعور بالرضا والفخر، بما تقوم به والإحساس بقيمتك أمام ذاتك قبل الآخرين.
ثالثا: نحن شعب غير نظيف شوارعنا ومكاتبنا ومدننا وقرانا ومصالحنا ومطاعمنا وفنادقنا ومتاجرنا ومستشفياتنا ودورات المياه العامة لدينا، وسلوكنا في العموم يتصف بالقذارة البالغة.
رابعا: هناك خلل مزمن في أولوياتنا، الغالبية لا يرون أن علاج أي من هذه المظاهر ضرورة حرجة رغم أنهم يشتكون أحيانا منها، هناك قرى بكاملها تخرج عن بكرة أبيها رفضا لبناء كنيسة أو استجابة لإشاعة عن علاقة بين رجل وامرأة، أو احتجاجا على تسمية مدرسة باسم قبطي أو فنانة، ولكن أهلها لا يحركون ساكنا لو طفحت المجاري، وسدت دروبهم، وانتشرت الحيوانات النافقة في شوارعهم، وارتفعت على النواصي جبال القمامة.
خامسا: أتمنى ألا يقول أحدهم إن هذا الكلام إهانة لمصر والمصريين، أو أنه «تعميم مخل»، هذا وصف لخصائص عامة وكما قبلنا وصف السوريين في عمومهم بأنهم شعب نظيف يحسن تجاره المعاملة ويتميز عماله بالإتقان، رغم علمنا بأن بينهم بالتأكيد المهمل والنصاب واللص، ينبغي أن نقبل رصد الصفات العامة للتاجر والعامل والموظف، وأغلب من يؤدون عملا من المصريين.
سادسا: لا ينفي هذا وجود نماذج مصرية مضيئة، سواء داخل مصر أو خارجها، وجوه مبدعة وخلاقة تعشق الإتقان والإخلاص، وتجني ثمرة ذلك حبا وتقديرا ونجاحا، ممارسات هؤلاء للأسف لا تشكل تيارا عاما أو توجها ثقافيا يطبع مجتمعنا أو سلوكياتنا».
نواب البرلمان
وإلى مشكلة أخرى وهي عدم اهتمام المحافظين بالحضور إلى مجلس النواب للإجابة عن أسئلة النواب إليهم، وهي المشكلة التي تعرض لها في «الأهرام» حجاج الحسيني بقوله: «يعاني نواب البرلمان تجاهل بعض المحافظين، وبلغ التجاهل مداه إلى درجة عدم حرصهم على الذهاب إلى البرلمان للرد على أسئلة وطلبات الإحاطة المقدمة من النواب. واقعة غياب أحد المحافظين عن حضور اجتماع لجنة الإسكان في مجلس النواب الأسبوع الماضي، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، لأن مسلسل غياب السادة المحافظين يتكرر من وقت لآخر، رغم أن الدكتور علي عبد العال أعرب أكثر من مرة عن غضبه الشديد ووجه اللوم لعدد من المحافظين والوزراء الذين يتجاهلون الحضور للبرلمان».
أين المسؤولون؟
«لا تزال الإصابات تتوالى كل يوم تقريباً، ومعظمها كوارث صحية تشمل العديد من المواطنين، ولا نزال، كما يرى حمدي السيد في «الوطن»، نكتب في هذا الموضوع، ولا نجد أي صدى، لاتخاذ إجراءات حازمة لتقليل هذه الكارثة، خصوصاً عندما نعلم أن مصر من أكثر الدول تأثراً بهذا الوباء الوبيل. الطرق السريعة معظمها دخل مرحلة التطور، وحدثت نهضة لا يمكن إنكارها، يتبقى باقي مسببات الحوادث، السرعة غير المبررة، السائق غير الملتزم، الذي يتعاطى المخدرات، خصوصاً سائقي النقل والمقطورات، الوعد بإلغاء المقطورات، الذي لم يتم بدعوى شكاوى رجال الأعمال والمستوردين، لأنه كان مع هذه التوصية التركيز على نقل البضائع بقطارات السكة الحديد والنقل النهري، وإعداد موانئ على النيل لذلك، إنشاء المجلس الأعلى للإصابات على الطرق المكون من ممثلين عن إدارة المرور في الداخلية، الإسعاف في وزارة الصحة، الحكم المحلي، وزارة الطرق والنقل، وصدر قانون لهذه الهيئة ولم ينفَّذ، وكان المطلوب أن تكون لهذه الهيئة سلطات واسعة على الطرق وحمايتها، وإعداد مراكز لإسعاف المصابين والسيارات المحطمة التي في حاجة إلى العون، التي توفر وسائل النقل السريع للمصابين، إما بالسيارات أو بوسائل أسرع مثل الهليكوبتر، خصوصاً في المناطق النائية على طريق الواحات ومرسى مطروح – الحدود الغربية والجنوبية. نسيت أن أذكر وزارة السياحة، لأنني أصاب بغصة وقلق عندما يحدث حادث لأوتوبيس سياحي، والسبب هو السرعة الرعناء، وحرص السائق على أن يكمل دورة أو اثنتين ولو على حساب أرواح ضيوفنا الأعزاء، الذين نبذل كل جهد، وكل جهد الرئيس المحترم لاستقطاب السياح إلى مصر، باعتبارها بلد السلام والأمان، ويجب أن توضع كل أوتوبيسات السياحة تحت الرقابة، ولا تزيد السرعة عن ثمانين كيلومتراً في الساعة، على الرغم من الطرق السياحية، وكذلك تنفيذ قرار وزارة السياحة بوجود سائق احتياطي عندما تزيد الرحلة على أربع ساعات، وأخيراً تطبيق قانون المرور الذي ينشط لفترة قليلة، ثم تعود ريما لعادتها القديمة، في أوقات المرور على الطرق يراقب بالرادار وتصادر الرخص، ثم يحدث التراخي، والمطلوب العودة إلى الرقابة وتطبيق القانون الفوري، وأن تسير سيارات المرور للمراقبة والتطبيق الفوري للقانون وختم الرخصة بعمل ثقب فيها، والذي يجمع ثلاثة ثقوب يمنع من قيادة أي سيارة بالمرة لمدة خمس سنوات، حتى يُثبت أنه حصل على دورات تدريبية في احترام القانون. أما حوادث السيارات داخل المدن والقرى فالمشكلة أكثر أهمية وتعقيداً. أولاً: الطرق في معظم المدن والقرى ومداخلها في حاجة إلى الرعاية، حيث إنها مليئة بالمطبات الصناعية والحفر وعدم الرقابة المرورية. ثانياً: لا يحترم المواطنون القانون، فتوجد أماكن في بعض الأرصفة لكي تستخدم في انتقال المشاة من جانب إلى آخر، بينما لا تستخدم، ويفضل المواطن استخدام الطريق في المشي والانتقال، وتوجد كباري لاستخدام المشاة لا يستخدمها أحد، وتوجد أنفاق لاستخدام المشاة لا يستخدمها أحد، قمت بعمل إحصائية في أحد الشوارع الكبرى في وسط القاهرة، فمن المشاة مَن يستخدم الرصيف، ومنهم مَن يستخدم نهر الشارع في المشي، وجدت من كل عشرة مواطنين سبعة في الشارع وثلاثة فقط في الرصيف، الذي يكون مشغولا بالبضائع وأمام المحلات والمقاهي، ولا توجد رقابة أو عقاب من أي نوع. السيد وزير الداخلية والسيد وزير الصحة والسيد وزير النقل والمواصلات والسيد وزير الحكم المحلي، لقد بُحَّ صوتي وجفَّ قلمي من الحديث عن هذا الموضوع، وكانت هناك مناقشة في مجلس الشعب حول المرور، هل توقف ذلك؟ أرجو من الإخوة أعضاء المجلس إحياء المناقشة حول هذا الموضوع».
مستشفيات مدن الصعيد
وإلى مشكلة أخرى لا تقل أهمية عن قضية حوادث الطرق تحتاج إلى حل واهتمام من قبل المسؤولين يكتب عنها أحمد جمعة في «اليوم السابع»: «يحتاج أهالي مدن الصعيد إلى رعاية صحية واهتمام أكبر بالخدمة التي تقدمها وزارة الصحة إلى المواطنين، شريطة توافر العوامل اللازمة للتخفيف على المواطنين لوقف عمليات الهجرة الطبية لأهالي الصعيد إلى القاهرة طلبا للعلاج في المستشفيات المركزية في العاصمة، لعدم توافر الإمكانيات البشرية واللوجستية في بعض مستشفيات مدن الصعيد. وصلتني عشرات الاستغاثات من العديد من أسر الصعيد وتحديدا من مدينة البصيلية، حول رغبتهم في توفير طاقم طبي ومعدات وأجهزة طبية لمستشفى البصيلية في مركز إدفو في محافظة أسوان، بعد إنفاق الدولة لملايين الجنيهات لبناء مستشفى البصيلية الذي يضم أكثر من 50 غرفة للمرضى، بالإضافة لغرف عمليات على طراز حديث. ومبنى آخر للغسيل الكلوي ملحق بالمستشفى. شاهدت مقطع فيديو مصور لأحد المواطنين يتحدث خلاله عن معاناة مدينة البصيلية التي تضم ما يقرب من خمسين ألف نسمة، بسبب عدم تفعيل خطة وزارة الصحة بتحويل مستشفى البصيلية لمستشفى مركزي وتوفير المعدات الطبية والكادر الطبي للمستشفى، بعد إعلان وكيل وزارة الصحة في المحافظة نهاية عام 2017 بأن مستشفى البصيلية سيتم تحويله لمستشفى مركزي بدعم من البنك الدولي. تحدثت إلى بعض أهالي القرية تليفونيا وأعربوا عن أملهم في أن تتحرك وزارة الصحة بالتعاون مع محافظة أسوان، للوقوف على أسباب تفريغ المعدات الطبية من المستشفى، وتحويله لمركز صحة أسرة لا يتوافد عليه أحد، لحاجة أهالي المدينة الملحة لمستشفى تنهي معاناة المرضى الذين يقطعون ما يقرب من 30 كلم للوصول لأقرب مستشفى عام. وفي ظل توجيهات القيادة السياسية بضرورة تكثيف الحكومة المصرية لجهدها لحل مشكلات محافظات الصعيد، بتطوير البنية التحتية لمحافظات مدن الصعيد، التي طالما عانت من التهميش والإهمال، يأمل المرضى وكبار السن في أن تلتفت وزارة الصحة إلى مشكلتهم. وقد أعرب سكان المدينة عن استعدادهم الكامل في المشاركة والمساهمة في توفير ما يلزم لتحويل مستشفى البصيلية إلى مستشفى مركزى وتوفير المعدات الطبية اللازمة، في حدود إمكانيات الأهالي الذين يتطلعون لتوفير سبل الحياة الضرورية من توفير خدمة طبية وصرف صحي ومياه نظيفة».
ذاكرة المدينة
عمرو الشوبكي في «المصري اليوم» : احترق يوم الجمعة الماضي سوق العتبة القديم في قلب القاهرة، كما احترقت دار الأوبرا المجاورة له في أوائل السبعينيات (بني مكانها جراج علوي شديد القبح)، ومثلما احترقت كثير من المتاحف والبيوت الأثرية التي تعد بمثابة الذاكرة الحية للمدينة. يقع سوق العتبة في قلب منطقة رائعة الجمال هي العتبة التي يعود تاريخها إلى سرايا العتبة التي بنيت في القرن التاسع عشر، حين انتقلت ملكيتها إلى الأمير طاهر باشا، الذي كان ينافس علي بك الكبير على السلطة، والذي ولاه محمد علي «نظارة الجمارك». واستمرت السرايا بيد ورثته إلى أن اشتراها عباس باشا حلمي الثالث من أسرة محمد علي، فوسعها وبناها من جديد واستمرت كذلك إلى زمن الخديوي إسماعيل. وعندما قرر تخطيط منطقة الأزبكية وردم ما بقي من البركة، راح جزء من السرايا بسبب هذا التنظيم، وإن بقى منها القصر الكبير الذي أصبحت مكانه المحكمة الواقعة خلف دار الأوبرا القديمة وبجوار «صندوق الدين» الذي هو الآن مقر مديرية الصحة في القاهرة بجوار مبنى البريد الرئيسي. والحقيقة أن هذه المنطقة المنسية هي كنز معماري وثقافي حقيقي، ومازال المسؤولون حتى هذه اللحظة لا يعون قيمتها، فقد بقي ميدان العتبة بأبراجه القديمة صامدا بعد تجديده، بدون أن يستطيع نزع قبح جراج الأوبرا الشهير، وبقيت أسواق العتبة مهملة رغم اكتظاظها بالناس، حتى أتى الحريق على معظم ما فيها، وظلت مباني شارع الجيش حتى باب الشعرية نموذجًا نادرًا لجمال معماري شعبي يتعرض كل يوم لهدم وتدمير غير متكرر في أي بلد بتاريخ القاهرة. قوة مدينة القاهرة وسحرها ليس في مبانيها الجديدة ولا في ناطحات سحاب نسمع عنها داخل العاصمة الإدارية وخارجها، إنما في معمارها القديم، أي في قاهرة المعز الفاطمية، والقاهرة الخديوية الحديثة، ومعظم المباني التي شيدت في بدايات القرن الماضي في أحياء مثل الزمالك وجاردن سيتي وشبرا وباب الشعرية والحلمية والعباسية وبولاق أبو العلا (الذي هدمت فيه بيوت أثرية رائعة الجمال) ومصر الجديدة وغيرها، ويمارس بحقها تدمير ممنهج يقضي على وجودها.
لو بنينا في مصر عشرات الأبراج وناطحات السحاب والمولات، فلن ننافس دبي ولا نيويورك، ليس فقط لأننا دولة محدودة الموارد لا تستطيع أن تنافسهم في ذلك، إنما لأن سرّ قوة القاهرة وتفردها بين العواصم الكبرى في العالم هو معمارها القديم ومبانيها الأثرية، فليتنا نعرف أن لدينا عاصمة تحمل تاريخًا معماريًا عظيمًا، مطلوب فقط أن نحافظ عليه وأن نجعل من عملية إعادة بناء سوق العتبة وعودته كما كان هدفًا قوميًا حقيقيًا. هذه منطقة من أجمل مناطق القاهرة وأكثرها دفئًا، ولدينا صحراء واسعة نستطيع أن نبنى فيها كما نشاء كل ناطحات السحاب الممكنة».
أزمة الصحافة والصحافيين
وإلى أزمة الصحافة والإعلام ومحمد السيد صالح في «المصري اليوم» الذي شعر بفزع وقلق مما يتعرض له الموقع الإلكتروني لصحيفة «التحرير» بعد إغلاقها، بدون أن تفصح أي جهة في الدولة مسؤوليتها عن ذلك وقال: «لقد أفزعني بيان إدارة التحرير حول إغلاق الموقع بعد أن فشلوا على مدى شهور طويلة في استعادته، أو معرفة سبب حجبه مع عجزهم للوصول إلى الجهة المسؤولة عن تعطيله.
عندي كلام كثير حول رفضي هذه القيود، لكن البيان القوي والمحترم لنقابة الصحافيين والرافض لأي حجب أو مصادرة بعيدا عن القانون، قد كفاني الاستغراق في ذلك.
فقط أشير إلى أن المهندس أكمل قرطام رئيس مجلس إدارة التحرير كان أحد قيادات الثورة على الإخوان، هو شخصية تصالحية غيور على بلده مؤمن بالتعددية، لقد تألمت كثيرا وأنا أتابع تقريرا دوليا عن عدد المواقع المحجوبة والمعطـــلة في مصر، التقرير احتوى كثيرا من المبالغات والأخطاء، لكن أكــــثر ما أحزنني هو الإشارة إلى أن معظم هذه الإجراءات تتم بعيدا عن القــــانون، لدينا حزمة قوانين وقرارات منظمة للعمل الإعلامي، بعضها متشدد جدا وبعضها مرن، لكنها في النهاية كافية لإدارة المشهد، ينبغى أن لا نعمل بعيدا عن الدستور والقانون، على السلطات المعنية أن تواجه بالأخطاء والتجاوزات إن وجدت ولا تستسهل المنع والحجب حتى لا نكون نحن أنفسنا لغة لهذه التقارير السلبية».
أقدام اللاعبين
وفي العدد ذاته من «المصري اليوم» طلب مفيد فوزي من الرئيس السيسي أن يهتم بالصحافة ورجال الفكر، ويقابلهم كما يفعل مع المنتخب المصري لكرة القدم وقال: «لن أخفي شعوري ببعض الغيرة من اهتمام الرئيس بأحوال الكــــرة المصرية، تمنيــت أن أرى اهتماماً بالنخب والمثقفين والمفكرين والجادين في أمور الفكر صناع وجدان مصر، إنها غــــيرة مشروعة لواحد من قبيلة الصحافة، قضى في بلاطها نصف قرن أو يزيد، ويؤمن مع الدكتور ميلاد حنا أن «الأعمدة السبعة للتنوير» تتضمن الفكر والتنوير والتحديث والتجديد، وإذا كان لأقدام اللاعبين العظام «إنجاز رياضي» مرموق فإن للعقول الغالية مساهمة محل الاعتبار والتقدير والتأثير».
حلول لتخفيض النفقات
«بحكم خبرة عباس الطرابيلي في «المصري اليوم»، أكثر من 60 سنة صحافة، فإن زيادة سعر بيع نسخة الجريدة ليست الحل الأمثل كما يقول.. بل ربما تكون هي المسمار الأخير في نعش الصحافة الورقية، والمؤلم أنهم يبحثون الآن ــ والبعض قرر ــ زيادة هذه الأسعار.. بينما لم يفكر أحد في تخفيض تكاليف إصدار الصحف. ومن الخطأ أن نفكر في الزيادة، بينما أرقام التوزيع لأفضل الصحف لا تصل إلى 30 ألف نسخة، وأنا الذي عاش عصر الجريدة التي توزع مليون نسخة في العدد الواحد، ولن أقول إن هذه الزيادة قد تكون «مخططة» لقتل ما بقي من قوة للصحافة الورقية.
وأتذكر، وكنت رئيسًا لتحرير جريدة «الوفد» أيام مجدها ومسؤولًا ماليًا أيضًا، أن أقنعت الباشا فؤاد سراج الدين بعدم زيادة السعر، بل إننا لو حافظنا على سعرنا فسوف نستفيد من القارئ الذي سيهرب من الصحف القومية التي قررت هذه الزيادة، وقد كان ذلك أن جريدة «الجمهورية» ومن اليوم الأول لزيادة سعرها انخفض توزيعها بنسبة 45٪ في اليوم الواحد.. وأقول ــ وبكل ثقة ــ إن قرار الزيادة الآن سوف يهبط بأرقام توزيع أي صحيفة ترفع السعر بنسبة 20٪ بل و25٪.. وهذه ضربة لن تتحملها أي صحيفة.. لأن الفرق بين السعر الحالي والسعر الجديد لن يعوض أبدًا ما سوف تخسره الصحيفة بانخفاض أرقام التوزيع.. وصدقوني أن انخفاض التوزيع سوف يتبعه بالضرورة انخفاض حصيلة الإعلانات، لأن المعلن يهمه أن يصل إعلانه إلى أكبر عدد من القراء.. وبالتالي ستكون الخسارة مضاعفة.. ولا تصدقوا من يدّعي القول بأن انخفاض أرقام التوزيع سوف تتبعه زيادة عدد قُراء النسخة الواحدة.. فقد انتهى العصر الذي كان عدد قراء النسخة الواحدة يدور حول خمسة أشخاص، بل هو الآن لا يتجاوز الشخصين.
وإذا كانت الصحف الحكومية تجد من يدعمها وهي الحكومة التي تغطي خسائر هذه الصحف وهي بالمليارات، ولذلك نجدها تصدر أحيانًا عديدة وعدد صفحاتها بين 26 و28 صفحة.. ومعظمها تصدر بالألوان، أي تحتاج الصفحة الواحدة إلى أربعة أفلام بكل توابعها المالية.. فهذا هو الإسراف بعينه الذي يجب أن يتوقف، بدليل أن المجلات الأسبوعية، وكلها بالألوان، تخسر الملايين.
وأعلم تمامًا أن صراعًا ـ أو على الأقل ـ خلافًا يدور الآن بين المسؤولين عن إصدار الصحف.. وربما يتغلب رأي الموافقين على زيادة السعر.. ولكنني هنا أحذر من أن هذا القرار يعنى إصدار شهادة وفاة الصحيفة الآن.. بل وسوف يُعجــــّل هذا القـــرار بإصدار هذه الشهادة.. وأراه ــ أو هم يرونه ــ الحل الأسهل، الذي لا يحتاج إلى بذل مزيد من الجهد لتقليل نفقات وتكاليف إصدار الصحف.. وغدًا أقول لكم إن عندى أكثر من عشرة حلول لتخفيض النفقات.. بدون الاقتراب من قرار إصدار شهادة الوفاة».
كاركاتير
وتأكيدا لذلك أخبرنا الرسام الموهوب عمرو سليم في «المصري اليوم» أنه ذهب لزيارة قريبة له كانت تقرأ في جريدة عن زيادة أسعار الصحف القومية وقالت للخادمة التي تنظف الزجاج بالورق: بالراحة على الجورنال دانت بتلمعي القزاز بـأسعار.
أما الغريب في الأمر فكان مسارعة جريدة «الوفد» لسان حال حزب الوفد برفع السعر أيضا رغم تدهور توزيعها، والأغرب أن جريدة «الوطن» خفضت سعرها جنيها فأصبح جنيهين كما هو موجود على الترويسة إلا اذا كان هناك خطأ ما.
مقترحات لتجاوز الأزمة
وإذا تركنا «المصري اليوم» وتوجهنا لـ«الوفد» سنجد علاء عريبي يحدثنا عن أزمة صحيفة «الوفد» ويقول: «إذا كانت الصحف المصرية ومنها جريدة «الوفد» قد انهارت ماديا بسبب ثورة يناير/كانون الثاني وسوء الإدارة فما الحل؟ كيف نخرج من هذه الأزمة الطاحنة؟ هذا السؤال طرحناه هنا أكثر من مرة وقدمنا إجابات متعددة عليه منها العام، الذي يشمل جميع الصحف، ومنها الخاص الذي يتناول جريدة «الوفد»، وحذرنا في المقالات من تحميل الصحف مسؤولية انهيارها ماديا، لأن تعثرها يعود كما سبق وذكرنا إلى الثورة وتجميد الحركة الاقتصادية وزيادة أسعار مدخلات صناعة الصحف خمسة أضعاف. أما الحل الخاص بجريدة «الوفد» فقد تحدثنا فيه منذ سنوات واقترحنا على قيادات الحزب السابقة: عمل اشتراك سنوي أو نصف سنوي لأعضاء الحزب في الجريدة. ليس من المنطقي أن تنضم لحزب ولا تقرأ صحيفته، فهي إحدى مؤسسات الحزب التي كانت تدر دخلا ينفق منه على جميع الأنشطة، واقترحنا كذلك تبرع بعض الأعضاء، وعمل وديعة بمبلغ مئة مليون جنيه ينفق من أرباحها على الحزب وجريدته، واقترحنا الحصول على قرض بفائدة ميسرة وتحويل القرض إلى وديعة ينفق من أرباحها على كل الأنشطة».
التحرش
أما عماد الدين حسين في «الشروق» فيقول: «كتبت أكثر من مرة في هذا المكان منتقدا مهاجم المنتخب القومي لكرة القدم عمرو وردة، بسبب سلوكه المشين وتحرشه بالعديد من السيدات على المستوى الدولي. كما انتقدت أيضا الذين تعاطفوا معه، بل وتمكنوا من إلغاء عقوبة الاستبعاد ضده. ورغم ذلك وإذا أردنا أن نفهم الصورة أفضل، فعلينا ألا نلوم وردة بمفرده، بل المناخ العام محليا وعربيا ودوليا، الذي صار يسمح للمتحرشين والهجامين والبلطجية والفتوات، أن يفعلوا ما يشاؤون، طالما أنهم يملكون سلطة نافذة، والأخطر بيئة تبرر لهم ما يفعلونه، رغم أنه نقيض صارخ لكل الأخلاقيات المتعارف عليها. رأينا منتج هوليوود الكبير أو «وحش هوليوود» هيرفي واينستين، حيث اكتشفنا أن غالبية نجوم السينما الأمريكية، لم يفلتوا من الوقوع في براثنه. وكانت معادلته واضحة، إما الممارسة الجنسية الإجبارية، أو الطرد من جنة هوليوود. حينما ظهرت حملة «أنا أيضا» أو «Me Too» تجرأ العديد من النجمات والسيدات على فضح واينستين. ثم توسعت الحملة عالميا لكشف كل المتحرشين الذين استغلوا سلطتهم للتحرش بالنساء والواقعين في محيط سلطتهم. كان يفترض بهذه الحملة التي صارت دولية أن تمنع أو تحد من التحرش بالنساء، لكن للأسف فإن وجود شخص بصفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أضعفها تماما، بل يمكن القول إنه أحد أسباب توفير غطاء لكل من يريد أن يتحرش أو يبلطج، أو يستخدم لغة مسيئة ضد السيدات. لا يكاد يمر أسبوع تقريبا من دون وجود سقطة نسائية لترامب. ومن الصدف اللافتة للنظر جدا في الأيام الماضية هي أن صحافية اتهمت ترامب بأنه تحرش بها واعتدى عليها منذ سنوات، هو لم يرد كما يفترض أن يرد شخص طبيعي، في مثل منصبه، ويقول إنه لا يمكن له ارتكاب هذه الجريمة، وأن لديه زوجة جميلة يحبها، ولا يمكن أن ينظر لغيرها. ما فعله ترامب أنه وصف السيدة، التي اتهمته بأنها ليست نوعه المفضل من النساء. والمعنى الذي سيصل لكثيرين أنه كان يمكن له أن يفعل ذلك، إذا كانت من النوع المفضل لديه. منذ صعود ترامب وتوليه رئاسة الولايات المتحدة، فإن سجله النسائي حافل ونشيط جدا.. وصلت الجرأة بترامب أنه تحدث عن مفاتن بعض أقاربه، ويقال إنه يعاكس ويغازل السيدات في وجود زوجته. حينما يكون رئيس أقوى دولة في العالم بهذا السلوك، ويتمتع بشعبية ضخمة لدى جمهوره الانتخابي من اليمين المتطرف العنصري، فإن الصورة الذهنية التي ستتكرس عنه لدى جمهوره، هي «صورة الرئيس الدكر» وليست صورة الرئيس المتحرش المسيء لصورة وسمعة الولايات المتحدة. ترامب كان الأجرأ، الذي كسر الكثير من المحرمات والتابوهات في هذا المضمار، لكنه لم يكن وحيدا، رأينا نماذج كثيرة لمشاهير وشخصيات عامة تقع في فخ التحرش. جورج بايدن نائب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي ينوى الترشح ضد ترامب، تم اتهامه بالتحرش من قبل سيدة كانت قريبة منه وتعمل معه منذ سنوات، واضطر للاعتذار لها. عرفنا أيضا أن المغني الراحل والأشهر عالميا مايكل جاكسون كان يتحرش بالأطفال. أما عربيا فنرى بصورة دورية، العديد من ظواهر الانفلات السلوكي، التي تسيء إلى كل ما هو أخلاقي، من دون أن يكون هناك إجراء رادع ضدها، يقول لها «قفي عند حدك» بل هناك اعتقاد أن بعض الحكومات تشجعها لأهداف قصيرة النظر. في ظل هذا المناخ المحلي والإقليمي والعالمي، لا يمكن أن نلوم عمرو وردة فقط، بل نلوم البيئة المشجعة والداعمة».
رحلة شيقة في الصحافة المصرية مع الكبير حسنين كروم، متعه الله بالصحة. وكل عام وانتم بخير بمناسبة ذكرى الثاني من يوليو، يوم استعادة مصر هويتها.