طولكرم ـ رام الله ـ نابلس ـ «القدس العربي»: قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة شبان في محافظة طولكرم خلال اقتحام عنيف تواصل على مدى 14 ساعة، فيما اعتقلت حوالي 25 مواطنا، وهدمت منزلين في رام الله.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن 3 شبان استشهدوا جرّاء قصف الاحتلال لمنزل في مخيم طولكرم.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن الشهداء هم: عماد تيسير شريم (34 عاما)، ومعاوية الحج أحمد، ووسيم عنبر، وكلاهما يبلغان من العمر (30 عاما)، متأثرين بإصابتهم الخطيرة جراء قصف الاحتلال أحد المنازل في المخيم.
وحاصرت القوات الإسرائيلية المخيم وضاحية اكتابا، حيث استهدفت منزلاً بقذائف الإنيرغا. كما دفعت بمزيد من التعزيزات العسكرية، بما في ذلك جرافات من نوع «D9»، ونشرت قناصتها على أسطح البنايات. وأسفرت المواجهات عن إصابة شاب بالرصاص الحي، فيما منعت مركبات الإسعاف من الوصول لنقل المصابين.
في بيانين منفصلين، أعلنت كتائب شهداء الأقصى – طولكرم، وكتيبة طولكرم التابعة لكتائب القسام، عن استهداف قوات الاحتلال بالرصاص والعبوات الناسفة في محيط المخيم.
وخلّف العدوان تدميرا كبيرا للشوارع والبنية التحتية وممتلكات المواطنين.
وتعذر نقل إصابتين للمستشفى بسبب منع قوات الاحتلال لمركبات الإسعاف من الدخول الى المخيم، قبل أن تتمكن طواقم الهلال الأحمر من التعامل مع إصابتين بشظايا قصف في الرأس، إحداهما لطفلة تبلغ خمس سنوات، ومواطن 37 عاما، وتم نقلهما إلى المستشفى، عقب الانسحاب الاسرائيلي من المخيم.
كما أصيب شاب بجروح متوسطة بعد دهسه من قبل جيب عسكري أثناء مروره على شارع السكة في طولكرم، وتم نقله في إسعاف جمعية الهلال الأحمر إلى المستشفى.
وضع كارثي
وقال رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم، فيصل سلامة، إن وضع المخيم كارثي بسبب التدمير الواسع لشوارع وممتلكات المواطنين، من بنية تحتية وصرف صحي ومياه وكهرباء واتصالات.
وأضاف في حديث صحافي، أن التدمير والتخريب طالا الشوارع والمحلات التجارية في كافة حارات المخيم وأزقته، إضافة إلى حرق الشوادر وعدد من المنازل التي تؤوي الأطفال والنساء وبث الرعب في صفوفهم، من خلال رمي مواد مشتعلة عليها والقصف بطائرات مسيرة، ومنع طواقم الدفاع المدني من دخول المخيم لإطفاء الحرائق.
ووصف المخيم بأنه منطقة منكوبة، حيث تمارس قوات الاحتلال جرائمها في داخله، وحولته إلى ساحة حرب تطلق فيها نيران أسلحتها بشكل عشوائي على كل شيء متحرك، من خلال قناصتها الذين نشرتهم على أسطح البنايات العالية داخل المخيم او خارجه في ضواحي ذنابة وشويكة واكتابا الكاشفة له.
وقال إن قوات الاحتلال عزلت المخيم عن محيطه بعد ان أغلقت مداخله وأزقته بطم الشوارع التي جرفتها جرافاتها، وعلى ارتفاع عال، يتعذر من خلاله تنقل المواطنين حتى مشيا على الأقدام.
وجرفت آليات الاحتلال البنية التحتية في شوارع المخيم، وفي حارات الحمام، والمدارس، وقاقون، والمقاطعة، والبلاونة، والمربعة، والعكاشة، والشهداء، وتعمدت تخريب الممتلكات العامة والخاصة من منازل ومحلات تجارية على طول شارع الخدمات وسط المخيم، وهدمت سور العيادة الصحية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وسور ومحيط قاعة العودة في حارة المدارس.
كما دفعت بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى داخل المخيم ومداخله، وسط إطلاق كثيف للأعيرة النارية، وبالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في سماء مدينة طولكرم والمنطقة، كما ألقت منشورات تحتوي على تهديدات لسكان المخيم.
وأعاقت عمل الطواقم الطبية، ومنعت مركبات الاسعاف من الدخول إلى المخيم وإخلاء المصابين إلى المستشفيات.
وقال مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر في طولكرم إن قوات الاحتلال واصلت على مدى ساعات منع مركبات الإسعاف من الدخول الى المخيم، الأمر الذي اضطرهم الى التوقف عند أطراف المخيم.
وأضاف: «كانت تصلنا بلاغات من مواطنين داخل المخيم بوجود إصابات برصاص الاحتلال، ولكن لصعوبة الوضع لم تتمكن الطواقم من إخلائهم، باستثناء الشهداء الثلاثة الذين تم نقلهم من قبل متطوعين من المخيم الى مداخله واستلامهم من قبل الإسعاف ونقلهم الى المستشفى».
وأوضح أن قوات الاحتلال تعرقل عمل مركبات الإسعاف وتقوم بإيقافها وتفتيشها والتدقيق في هويات طواقمها بما فيها هويات المرضى الجاري نقلهم الى المستشفيات، مشيرا إلى أن الاصابات يتم تقديم الإسعافات الأولية لها من طواقم المتطوعين في المخيم.
وفي غضون ذلك، اقتحمت آليات الاحتلال ضاحية عزبة الطياح شرق المدينة، وداهمت منزل المواطن سعيد حامد وقامت بتفتيشه واخضعت أصحابه للاستجواب والاستيلاء على أجهزة الهواتف النقالة منهم.
كما اقتحمت قوات الاحتلال ضاحية شويكة وبلدة دير الغصون شمال طولكرم، وبلدة بلعا شرقا.
ونعت فصائل العمل الوطني في طولكرم، شهداء مخيم طولكرم، وأعلنت الإضراب الشامل والحداد على أرواحهم، منددة بجرائم الاحتلال، وفرض العقوبات الجماعية على سكان المخيم.
وشدد محافظ طولكرم، مصطفى طقاطقة، على أن عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على مخيم طولكرم والمدينة والعديد من البلدات والقرى على مستوى المحافظة، يأتي في سياق جريمة مستمرة لاستهداف المواطنين، والتخريب المتعمد للبنية التحتية، وتدمير الأملاك الخاصة والعامة.
وقال: «كل هذا يهدف إلى ضرب صمود المواطنين، وما يمثله المخيم من أصل الحكاية، وقضية العودة واللجوء، بمحاولات خلق بيئة طاردة».
وفي سياق متصل اندلعت مواجهات في مخيم بلاطة شرق نابلس، أسفرت عن إصابة ثلاثة فلسطينيين بالرصاص الحي، بينهم فتى يبلغ من العمر 16 عاماً.
في حين اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي (25) مواطناً على الأقل من الضّفة، بينهم سيدتان، بالإضافة إلى طفل ومعتقلين سابقين.
وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير في بيان مشترك، بأن عمليات الاعتقال توزعت على غالبية محافظات الضّفة، وإلى جانب ذلك تواصل قوات الاحتلال تنفيذ عمليات اقتحام واسعة خلال حملات الاعتقال، ترافقها اعتداءات وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، بالإضافة إلى تّخريب وتّدمير منازل المواطنين.
وهدمت قوات الاحتلال منزلين في قرية خربثا المصباح غرب مدينة رام الله.
50 اعتداء
وقال رئيس المجلس القروي في خربثا المصباح فضل حرفوش، إن جرافات الاحتلال شرعت بهدم منزل وبئر مياه يعودان للمواطن محمد عبد محمد الأعرج، المكون من طابق واحد، وتقدر مساحته بـ170 مترا مربعا، ويقطنه 7 أفراد من أسرته، ومنزل شقيقه إبراهيم، المكون من طابق واحد، بمساحة مماثلة، ويقطنه 6 أفراد.
وشهدت قرية برقة شرقي رام الله والبيرة اقتحاماً إسرائيلياً وسط إطلاق كثيف للرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز، ما أدى إلى حالات اختناق بين السكان.
وقال رئيس مجلس قروي برقا شرق رام الله صايل كنعان، إنه سُجل خلال الأيام الأخيرة 50 اعتداء على القرية من قبل جيش الاحتلال والمستعمرين.
وأضاف خلال استقباله رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، ورئيس الصناديق العربية ناصر قطامي، أنه بالإضافة إلى هذه الاعتداءات، فإن هناك عمليات توسعة استعمارية مستمرة في محيط القرية، إذ تم بناء بؤرة استعمارية جديدة.
وأشار إلى أن مساحة القرية التاريخية قد تقلصت من 20 ألف دونم إلى ألفي دونم فقط، ما يعادل 10% من أراضيها التاريخية، نتيجة لاستهداف سلطات الاحتلال لها بالإجراءات الاستعمارية والمصادرة والتوسع الاستعماري، حارمة الأهالي والمزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
ولفت إلى أن برقا تشهد حصارا مشددا من الاحتلال، حيث تبقّى للأهالي مدخل وحيد من جهة قرية دير دبوان، وفي حال إغلاقه يستكمل الاحتلال مخطط الحصار الشامل للقرية ويحولها إلى سجن معزول عن باقي البلدات والقرى المجاورة.
وتابع أن القرية في حاجة إلى بناء مركز للدفاع المدني، للتعامل مع الحالات الطارئة التي قد تشهدها القرية، إضافة إلى بناء مدرسة جديدة.
بدوره، أشاد شعبان بدور برقا وما قدمته خلال السنوات الماضية، واستعرض طبيعة البؤر الاستعمارية التي أقامتها دولة الاحتلال في المنطقة، وخطورة دورها الذي تلعبه في الاستيلاء على أراضي المواطنين، ومنع القرية من التوسع الطبيعي، واعتبارها منطلقاً لتنفيذ الاعتداءات، مشدداً على ضرورة تعزيز صمود الأهالي في مواجهة إجراءات الاحتلال.
بؤرة استيطانية
وفي أريحا، أقام مستعمرون بؤرة استعمارية جديدة قرب نبع العوجا، شمال مدينة أريحا.
وأوضح المشرف العام لمنظمة «البيدر» للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات، أن مستعمرين أقاموا بؤرة استعمارية بمحاذاة عين العوجا على بعد 150 مترا، شملت خيمة في المكان، وإحضار 20 رأسا من الأبل، وخزان مياه.
وأشار إلى أن هناك تزايدا في عدد البؤر الاستعمارية الرعوية في منطقة الأغوار، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة الهجمات ضد السكان البدو المجاورين.
وحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد نفذ الاحتلال والمستعمرون 7681 اعتداءً، في النصف الأول من عام 2024، حيث تركزت الاعتداءات في محافظة الخليل بـ1307 اعتداءات، تلتها محافظة القدس بـ 1099 اعتداء، ثم محافظة نابلس بـ1093 عملية اعتداء.
وأشارت الهيئة في بيان صدر عنها في الثاني من شهر تموز/يوليو الماضي، إلى أن الاعتداءات تراوحت بين فرض وقائع على الأرض (الاستيلاء على أراض وتوسعة استعمارية وتهجير قسري)، وإعدامات ميدانية، وتخريب، وتجريف أراضٍ واقتلاع أشجار، والاستيلاء على ممتلكات، وإغلاقات، وحواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية.