تراجع مريع للقدرة الشرائية للسوريين لانقطاع الدخول وانهيار الليرة
7 - يوليو - 2013
حجم الخط
0
دمشق – ا ف ب: يعمل أبو علي، وهو سائق سيارة أجرة في دمشق، حصرا من أجل ان يأكل ويشرب وينام فحسب، شأنه شأن الملايين من السوريين الذين تراجع مستوى معيشتهم وانعدمت قدرتهم الشرائية بسبب النزاع المتواصل في بلادهم منذ اكثر من عامين. ويقول هذا الرجل وهو اب لخمسة اطفال ان مشترياته باتت تقتصر على الحاجات الضرورية، وان مدخوله يكفي بالكاد لسد رمق عائلته، مشيرا الى انعدام امكانيته لتخصيص مصاريف اضافية.ويتحسر أبو علي قائلا نعيش على اقل ما يمكن. ويواجه السكان الذي ليس بيدهم حيلة الهوة التي تزداد اتساعا بين المردود والمصاريف. ويقول جهاد يازجي، المحلل الاقتصادي ورئيس تحرير النشرة الاقتصادية (سيريا ريبورت)، لوكالة فرانس برس ان الحرب افقرت الغالبية العظمى من السوريين وادت الى انخفاض كبير في قدرتهم الشرائية. ويبدي سليم، وهو موظف في القطاع العام، أسفه لان الاجر الذي يتقاضاه في نهاية كل شهر، والبالغ 15 ألف ليرة سورية (75 دولارا) لم يعد يساوي شيئا، يكاد يكفي لتوفير حاجاته الغذائية. وارتفعت اسعار السلع الاساسية بنحو 200 الى 300 بالمئة بحسب الاعلام الرسمي، كما بلغ حجم التضخم 55.2 بالمئة في كانون الاول/ديسمبر 2012. ويشعر السوريون بالارباك حيال السقوط الكبير لسعر صرف عملتهم المحلية التي خسرت ثلاثة ارباع قيمتها مقارنة مع الفترة التي سبقت اندلاع الاحتجاجات ضد النظام منتصف آذار/مارس 2011. وارتفع سعر صرف الدولار الاميركي في الاسواق من 50 ليرة في آذار/مارس 2011، الى اكثر من 200 ليرة حاليا. ويقول مصطفى الذي اصابه الاحباط ويعمل في احد محال بيع الالعاب عملتنا لم يعد لها قيمة. واعلنت الحكومة السورية مرات عدة رفع سعر المحروقات، ما اثر بقوة على ارتفاع الاسعار التي بلغت حدا غير مسبوق. وقام مصطفى بشراء الارز والسكر والزيت تحضيرا لشهر رمضان الذي يبدأ الاسبوع المقبل قبل ان ترتفع الاسعار من جديد. ولا تنفك الاسعار عن الارتفاع كل يوم وفق ارتفاع سعر صرف الدولار، بحسب احدى ربات البيوت التي اشترت دجاجة بسعر 1300 ليرة (6.5 دولار)، بينما كانت تبتاعها قبل أشهر قليلة بسعر 250 ليرة. ويروي عمر مغامراته اليومية امام كشك بيع الخبز وسط دمشق، واضطراره لـالتوقف في طابور طويل لشراء ربطة من الخبز الرديء. ويشير جهاد يازجي الى ان تردي الوضع الاقتصادي يتم على مراحل منذ عامين. ويسوء الوضع شهرا بعد شهر حيث فقد العديدون وظائفهم وبخاصة في المناطق التي شهدت اعمال عنف اودت بحياة مئة الف شخص منذ اذار/مارس 2011 بحسب احدى المنظمات الحقوقية.كما نالت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة والبلاد العربية والاتحاد الاوروبي على سوريا للضغط على النظام السوري، من مستوى معيشة السوريين. ويعتبر يازجي ان الانهيار المفاجئ لسعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الاسبوع الماضي أتى نتيجة لتصريحات الرئيس الاميركي باراك اوباما المتعلقة برغبته بتسليح المعارضة. ودقت منظمة الامم المتحدة الثلاثاء الماضي ناقوس الخطر بعدما اجرت تقييما في سبع محافظات سورية. وقال برنامج الاغذية العالمي ان السوريين الذين يعانون من النزاع الدائر في بلادهم يضطرون الى خفض كمية الاطعمة الاساسية التي يتناولونها لتوفير المال، او انهم يلجأون الى التسول او دفع اطفالهم للعمل لتجاوز معاناتهم بسبب تقهقر مستوى معيشتهم. ويشير الاستطلاع الذي شمل قرابة 105 عائلات، ان 9 بالمئة من الاشخاص لجأوا الى التسول في شهري نيسان/ابريل وايار/مايو، مقارنة مع 5 بالمئة في اذار/مارس. كما لجأ الناس الى استراتيجية بديلة تقضي بالتحول الى الاغذية الاقل جودة، اي بمعنى شراء الاطعمة غير الطازجة وخفض استهلاك اللحوم والبيض ومنتجات الالبان. ويؤكد الخبراء ان تاثير الازمة على الاقتصاد كان ضخما.فقدانعدمت تقريبا الاستثمارات والسياحة وانخفضت عائدات النفط التي كانت تشكل موردا مهما للعملة الصعبة بنحو 95 بالمئة، كما تراجعت التجارة الخارجية في العام 2012 بنحو 100 بالمئة. وقدر البنك الدولي تراجع الناتج المحلي السوري في العام 2012 بنحو 30 بالمئة، متوقعا انخفاضا اضافيا بنحو 10 بالمئة في عام 2013. ويعتبر النظام ان الاقتصاد السوري صامد رغم الازمة والعمليات التخريبية التي تقوم بها المجموعات الارهابية المسلحة في اشارة الى مقاتلي المعارضة، بحسب ما نقلت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) عن المحلل الاقتصادي رسلان خضور. وراى خضور ان زيادة الرواتب التي اقرت لموظفي القطاع العام هي دليل على صمود الاقتصاد وقدرته على تجاوز الاثار السلبية للازمة. وكان الرئيس بشار الاسد اصدر في 22 حزيران/يونيو مرسوما قضى بزيادة الاجور للموظفين والعسكريين، في خطوة هي الثانية من نوعها منذ بدء النزاع في البلاد. ويشير يازجي الى الدور الذي لعبته الدول الصديقة للنظام من اجل انقاذه وخصوصا ايران التي ارسلت مساعدات لدمشق بلغت اربعة مليارات دولار. ت