يبدو أن الشعب الفلسطيني ناكر للجميل، فكلما قدمت له جماعة أوسلو، من تقدم منهم ومن تأخر، إنجازات وانتصارات، أمعنوا في توجيه سهام النقد وشككوا في هذه الانتصارات وأصدروا بيانات تقلل من قيمة هذه الإنجازات التراكمية على مدى 27 سنة. ويكاد لا يمضي أسبوع إلا وبشرنا الأوسلويون بإنجاز جديد، وانتصار عظيم حتى اختلطت عندنا الأمور، وبتنا لا نستطيع إحصاء الإنجازات العظيمة لكثرتها، انطلاقا من إعلان قيام الدولة المستقلة في الجزائر يوم 15 نوفمبر 1988 وعاصمتها القدس الشريف «شاء من شاء وأبى من أبى».
آخر تلك الانتصارات العظيمة، التي لا يعادلها انتصار سابق هو، إقرار منسق الحكومة الإسرائيلية في الأرض المحتلة الضابط كميل أبي ركن بقلمه الميمون، نيابة عن نتنياهو وغانتس، بأن إسرائيل ملتزمة بالاتفاقيات الموقعة بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية – فلا يحق إذن للمغرضين أن يشككوا في موقف إسرائيل. وردا على المعروف بمثله مضاعفا، قررت السلطة قبول الإنجاز الكبير باستلام أموال المقاصة وإعادة التنسيق الأمني، الذي لم ينقطع للحظة واحدة، حسب كلام الإسرائيليين المغرض، وإلغاء محادثات الوحدة مع بقية الفصائل. ويبدو أن الشعب الفلسطيني لم يحسن المقارنة بين ما قدمته إسرائيل من تضحيات بإعادة أموال الفلسطينيين إليهم، بعد الحرد عن استلامها، ورد السلطة التي تتبع تعاليم القرآن العظيم، الذي ينص حرفيا على «وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها» مقابل هدية بسيطة تضم التنسيق الأمني، وإنهاء محادثات الوحدة الوطنية. ثم انظروا كيف استطاعت السلطة بجرة قلم هزيمة صفقة القرن. فقد روي عن حسين الشيخ، أنه قال حرفيا: «إن الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة يعني أن صفقة القرن لم تعد موجودة على الطاولة» وأضاف: «أن ذلك انتصار عظيم وثمرة صمود الفلسطينيين وقيادتهم». وهذا الانتصار سيفتح الطريق أمام انتصارات أخرى حددها حسين الشيخ بكل وضوح «إن الفلسطينيين سيبذلون مجهودا، إلى جانب المجهود الإقليمي والدولي، مع الإدارة الأمريكية الجديدة لإعادة الروح للمسار السياسي مع الإسرائيليين». فماذا تطلبون بعد؟ هل بقي مشكك في قرب إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والمترابطة جغرافيا والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من يونيو 1967؟
سلسة الإنجازات العظيمة
من أين نبدأ في سرد الانتصارات والإنجازات العظيمة والكثيرة التي حققتها سلطة أوسلو؟ وحتى لا نظلم القيادة صاحبة الآراء السديدة، سنقدم استعراضا لبعض إنجازاتها العظيمة التي قدمتها للشعب الفلسطيني منذ عام 1988 وإلى اليوم. فما زال مسلسل تراكم الإنجازات مستمرا حتى يومنا هذا، حتى تحولت الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة إلى هونغ كونغ جديدة، كما وعدنا مهندسو أوسلو، وعم الرخاء ونهضت البلاد وانتهى الفقر والجوع، وأقفلت المحاكم، لأن الجرائم الجنائية انتهت أو كادت، واختفت الحواجز، وفككت المستوطنات، ولم يبق إلا الإعلان عن الاحتفال بيوم إعلان الدولة من جديد، رغم أنه أعلن من قبل مرتين عام 1988 و 2012. علينا أن نتذكر الإنجاز الكبير، حيث تمكنت القيادة من إقناع رئيس أعظم دولة في العالم، بيل كلينتون، بزيارة قطاع غزة هو وزوجته هيلاري في ديسمبر عام 1998. وبما أن إكرام الضيف عادة عربية متأصلة، وبعد أن وقف متحدثا في المجلس التشريعي، قدمت له هدية بسيطة، وهو إنجاز آخر يضاف لإنجازات القيادة، تتمثل في في إلغاء كافة مواد الميثاق الوطني الفلسطيني التي تتعارض مع صفقة أوسلو العظيمة – ذلك الميثاق الذي عدل عام 1968 وأصبح «دقة قديمة» كما وصفه القائد وأحسن وصفه عندما قال إنه: caduc يعني عفا عليه الزمن. وبهذه الضربة القوية أبعد الشعب الفلسطيني عن نفسه تهمة الإرهاب الذميمة ولو مؤقتا. وتوالت الإنجازات واصبحت المناطق «أ» من الضفة الغربية وغزة تحت سيطرة القيادة. أي محكومة بالقانون الفلسطيني ولا يجوز دخولها من قبل قوات الشاباك أو الجيش أو المستعربين، إلا بالتنسيق مع رجالات الأمن لاعتقال المشاغبين والمتمردين، الذين يريدون أن يقوضوا الإنجازات. أما المنطقتان «ب» و»ج» فقريبا ستصبحان تحت سيطرة الدولة الفلسطينية، وتتحولان إلى منطقة استثمار وبناء وتعمير لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين، الذين سيعودون إلى وطنهم تحت يافطة حق العودة، لكن عودة ليست للقرى والمدن والأراضي التي هجروا منها. أليست كلها فلسطين. ألا يكتفي أحفاد اللاجئين من عكا ويافا واللد أن يعودوا إلى نابلس ورام الله وغزة؟ أليست كلها فلسطين؟
ثم يجب أن نفتخر بأن المفاوضات الطويلة والمعقدة بين القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية أنجزت مجموعة من أمهر المفاوضين، وأصبحوا خبراء في علوم المفاوضات، بحيث وضعوا علومهم النادرة في كتب لتعليمها للاجيال كي يستفيدوا منها على مستوى العالم. إنها كتب لا تعتمد على التحليل النظري، بل التجربة العملية كي يتطابق الاثنان. ثم هل ننسى أن هذه القيادة صانعة «سلام الشجعان» كرمتها لجنة نوبل بمنحها جائزة نوبل للسلام مثالثة مع بيرس ورابين «شركاؤنا» في عملية السلام الرائعة والسهلة والملتزمة بمرجعية أوسلو… أصلا لم يكن هناك حاجة لذكر مرجعيات القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة العديدة لأن «سلام الشجعان» بني على الثقة: «فنحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر». وأما الإنجاز الأكبر الذي حققته القيادة فهو الأمن… الأمن لإسرائيل فقد حافظت على تعهدها الذي قطعته في رسائل الاعتراف المتبادل بأن تمنع «العنف والإرهاب» وفعلا حصل، فالوفاء بالعهد من شيم الكرام. وخلال هذه الفترة لم تشن إسرائيل المسالمة إلا ست حروب فقط: حرب اقتحام المدن الفلسطينية عام 2002، وشنت حربها الثانية على لبنان عام 2006 وحرب «غيوم الخريف» على بيت حانون في نوفمبر 2006، وحرب «الرصاص المسكوب» 2008/2009 وحرب «عامود السحاب» 2012 وحرب «الجرف الصامد في صيف 2014 التي استمرت 55 يوما فقط، لتضمن عدم إطلاق القذائف العبثية. أما مسيرات العودة التي انطلقت يوم 30 مارس 2018 بمناسبة يوم الأرض، فلم تقتل إسرائيل إلا نحو 330 فلسطينياً، من بينهم عدد ما زالت جثامينهم محتجزة، وتمنع تسليمها لذويهم. ومن بين الشهداء 47 طفلاً، وسيدتان، و4 مسعفين، وصحافيان اثنان، و9 من ذوي الإعاقة.
المفاوضات الطويلة والمعقدة بين القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية أنجزت مجموعة من أمهر المفاوضين
ولا ننسى إنجاز السلطة الكبير في عقد انتخابات رئاسية وتشريعية مرتين خلال 27 سنة. وهذا رقم محترم قياسا بدول الخليج وسوريا وكوريا الشمالية. ولا ننسى أنها صححت نتائج انتخابات 2006 التي أخطأ فيها الشعب وانتخب «حماس» التي تصنفها إسرائيل وأمريكا بأنها حركة إرهابية. وكي تحمي شعبنا من هذه التهمة الكبيرة بانتخاب حركة إرهابية، قامت بفسخ الارتباط معه وساهمت إسرائيل في عملية العقاب بفرض الحصار على القطاع برا وبحرا وجوا. كما أنجزت السلطة العتيدة رزمة أخرى من عقاب المليونين، الذين سمحوا لأنفسهم ألا يتمردوا على سيطرة «حماس» تتضمن قطع الكهرباء، ووقف الرواتب فقط، والشكوى ضد حماس في خطاب الرئيس التاريخي أمام الجمعية العامة في دورتها الرابعة والسبعين.
والشيء بالشيء يذكر، فلا بد من استحضار خطاب الرئيس التاريخي أمام مجلس الأمن في 20 فبراير 2020 وقدم اقتراحا ثوريا هزّ أركان المجتمع الدولي عندما اقترح توسيع اللجنة الرباعية، وإدخال دول أخرى في الوساطة، ورفض تفرد الولايات المتحدة بدور الوسيط الحصري بين الطرفين، فقد أعلن بكل وضوح ثوري أن الولايات المتحدة لم تعد مؤهلة للوساطة المنفردة، ولا بد من إضافة دول أخرى للوساطة. ولا ننسى أخيرا أن من بين إنجازات السلطة التي سهل حدوثها الانقسام هو أن إسرائيل وضحت هويتها بأنها دولة اليهود، كما أن المستوطنات جزء من إسرائيل وأيدها في ذلك بومبيو، ومن حنكة القيادة أنها ساهمت في خروج المطبعين العرب من داخل الخزانة إلى العلن، بفضل أذكار وتراويد السيد ترامب. فماذا تريدون أكثر من هذا «أيها العاقون»؟ هل تريدون للرئيس أن يذهب إلى الكنيست ويلقي قصيدة محمود درويش «عابرون في كلام عابر»؟
* محاضر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة رتغرز بولاية نيوجرسي
فلسطين التى في القلوب …في العقيدة …فلسطين التى لانزايد على اهلها في حبها ولا الذود عنها ..فلسطين التي ابتليت بمن باعوا دينهم ودنياهم استجداءا واسترزاقا وتنسيقا امنيا وبيعا لبني جلدتهم ممن اثروا الاخرة على الدنيا دفاعا عن مسرى الرسول صل الله عليه وسلم ،وقدموهم من تحت الطاولات قرابين تقربهم من اليهود …سيكتب التاريخ سجلهم وسيجدونه في كتاب لايغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها …اما فلسطين فقطعا ستعود ..ليس بكلامهم بل تضمنته عقيدتنا التي يؤمن بها حتى العدو
قبل عدة اسابيع كنا نصف المطبعين الصهاينه الاعراب بالخونه و السلطه نفسها و هي علي حق وصفة الخطوه بالطعن في الظهر للشعب الفلسطيني . فهل يعقل الان و بدون ثمن ان تعود للتنسيق الأمني والتأمر مع المحتل ضد المقاومه و الشعب الفلسطيني. ايش نسميه هادا – غير خيانه و استهتار بتضحيات الشعب الفلسطيني. لماذا هذا الانفراد الدكتاتوري الفاشل الارعن لمجموعه صغيره في السلطة في القرارات المصيريه و بدون حق دستوري او الرجوع للشعب المتمثل في جميع الفصائل. شيء آخر مش قادر افهمه لماذا لم تتم المصالحه لحتي الان؟ و ليش الرجوع الذليل الغير وطني او اخلاقي للتنسيق الأمني مع المحتل الصهيوني اسهل علي قلوبهم من المصالحه الوطنيه؟
كل هذه الانجازات ولم تتغير الوجوه الا بالموت …. صمود كان سيحسدنا عليه الجنرال جياب ولاختيار هوشي منه
لن تتحرر فلسطين بدون جهاد كما قال عمر: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)!
هكذا تحررت غزة العزة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
…..طبعا المرارة مترامية الأطراف في المقال وفي خلاصتها اللوم على السلطة التي ناورت ضد أصحاب القضية, ونحن منهم, وحاصرت الصامدين مقابل عدم إزعاج سُراق الأرض وأنانيي العالم والإبقاء على الوضع “المريح” للحاشية التي يهمها وضعها وتتناسى باقي الفلسطنيين…..
سلمت يداك
صمود شعب فلطسين جعل اليهود؛ الذين لهم نفوذ في أمريكا بالذات يدعمون استيلاء يهود على فلسطين؛ يستنبطون حيلا خبيثة لا تنطلي إلا على إما انتهازيين أو على من باعوا وطنا.
المقالة تميزت بالصدق والجرأة واماطت اللثام عن كثير مما يغشى العيون ،،،
اذا كان بالامكان نتمنى مقالة او مقالات تسرد فيها مسيرة وانجازات حركة فتح منذ ان بدأت سرية كما يزعمون 1958 في الكويت وحتى أوسلو ،، لان هناك ما بجيش في النفوس لتبيان الحقائق التي فرضت نفسها على ارض الواقع ،
نعم مقالة ملؤها الصدق مع المرارة و الانتقاد. تشخيص المشاكل والعثرات و العراقيل و اضح، لكن ما العمل على حد تعبير الزعيم لينين ؟ كنت دائما و لا زلت أعتبر أن تحرير فلسطين يتم وفق تحقيق برنامج مماثل لبرنامج الحركة الصهيونية منذ هرتزل،مماثل لكنه نقيض له بنفس المواصفات والأبعاد و بالميكانيزمات، برنامج يساهم فيه مختلف الفلسطينيين في الداخل والخارج بالعمل و التأطير والتمويل.
تنقلب المفاهيم والمعاني عندما تكون مهزومًا
هذا الزمن هو زمن الفرز وإظهار الخبيث من الطيب
لهذا سنرى في الايام القادمه ما لم نره من قبل
وستكون كلها انتصارات في نظر المتنازلين والمطبعين والخونه ولكن هذه الامه العظيمه وهذا الشعب البطل سيكون صرخة مدوية للحق ويطالب بكافة الحقوق. فلسطين محتله وهذا الشعب سيحررها ويرجع لحيفا ويافا وعكا وكل قرية ومدينه. لن يتنازل هذا الشعب عن حبة تراب ولن يرضى بالذل والخنوع.