ترامب لم يتغير لكن العالم تغير… والملايين من الشباب الغربي أصبحوا أكثر وعيا بحقائق القضية الفلسطينية

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: بات عقلاء الأمة من مفكرين وعلماء يجمعون على أن غزة ومقاومتها الأبية باتت حائط صد ضد المؤامرة العالمية الرامية لتفكيك العالم العربي، والاستحواذ على ما تبقى من ثرواتها والنيل من وحدتها، لأجل ذلك لا يكف كثير من المخلصين للأقصى وما حوله من بلدات، من الدعاء لقطاع غزة أن يظل على إصراره وصموده، رغم المجاعة التي تنهش سائر أهله.
ونفى مصدر رفيع المستوى، ما تداولته تقارير إعلامية عن إقلاع طائرة استخبارات أمريكية من مطار شرم الشيخ، بهدف تنفيذ طلعات استخباراتية، ومسح فوق الحدود الفلسطينية المصرية، وفقا لقناة «القاهرة الإخبارية»، وذكر المصدر، أن مثل هذه التقارير عارية تماما من الصحة ومحض أكاذيب. وقال الدكتور أحمد سيد أحمد خبير العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المشهد في المنطقة يتجه إلى المزيد من التصعيد، في ظل إصرار حكومة الحرب الإسرائيلية واليمين المتطرف على أن تقود المنطقة للهاوية وتفتح أبواب الجحيم على المنطقة، من خلال الاستمرار في العدوان الهمجي البربري على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، كما أن اليمين المتطرف في دولة الاحتلال يقود المنطقة إلى الهاوية.
وفي سياق أمنيات سكان الزنازين وعائلاتهم، قرر مجلس أمناء الحوار الوطني عقد جلسات متخصصة لمناقشة قضية الحبس الاحتياطي والقواعد المنظمة لها، وما يرتبط بها من مسائل، واتخذ قرارا برفع التوصيات إلى الرئيس السيسي، فور انتهاء الجلسة، مصحوبة بقائمة تتضمن عددا من المحبوسين، ووضعها تحت بصره، وأفاد الحوار الوطني بأن قضية الحبس الاحتياطي تعتبر جزءا أصيلا من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وستعقد الجلسات اليوم الثلاثاء. وأشار مجلس الأمناء إلى أنه سيتم في هذه الجلسات مناقشة الموضوعات التالية: مدة وبدائل الحبس الاحتياطي وموقف الحبس الاحتياطي في حالة تعدد الجرائم وتعاصرها وكذلك التعويض عن الحبس الخاطئ، وتدابير منع السفر المرتبطة بقضايا الحبس الاحتياطي.
ومن التقارير الأمنية: قرر اللواء محمود توفيق وزير الداخلية استبعاد سبعة أجانب من الأراضي المصرية لأسباب تتعلق بالأمن العام، ومن بين المبعدين ستة سودانيين، بالإضافة لنيجيري، فضلا عن فلسطيني يدعى أدهم داوود سعد، وبررت الجهات الأمنية سبب استبعاد المجموعة لأسباب لها علاقة بالصالح العام. ومن التصريحات الطبية: حذر الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي من تأثيرات أفلام الكارتون والرسوم المتحركة على الأطفال، حيث تؤدي مشاهدة الأطفال لتلك الأعمال لفترات طويلة إلى إجهاد العصب البصري، ما يسبب ضعف الإبصار. كما تؤثر مشاهدة الأطفال للأفلام الكارتونية لفترات طويلة على الصدر الأمامي من المخ وتؤدي لإجهاده، ما يؤدي إلى قلة التركيز وقلة الانتباه وصعوبة في التعلم، إضافة إلى قابلية بعض الأطفال للإصابة بالصرع.
ومن أخبار الراحلين تقدم الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، صفوف المعزين في مسجد عمر مكرم في وفاة الدكتور محمد علي إبراهيم محجوب وزير الأوقاف الأسبق وأستاذ الشريعة الإسلامية والأحوال الشخصية في جامعة عين شمس.
شكرا غزة

أصبح من المؤكد الآن بعد حرب غزة وصمود المقاومة الفلسطينية، أن الحرب التقليدية تغيرت حساباتها، وأن موازين القوى وفق توقعات فاروق جويدة في “الأهرام”، ستتغير أمام التطور الرهيب في الأسلحة الحديثة، وفي مقدمتها مسيرات الطائرات التي غيرت موازين القوى، في تحد واضح للطيران التقليدي.. إن المسيرات الجديدة اخترقت أنظمة الرادارات وحسابات الوقت والسرعة، وكانت هذه المسيرات سببا في صمود المقاومة وإجهاض الجيش الإسرائيلي.. وكانت المسيرة التي اقتحمت سماء تل أبيب أكبر دليل على تغيير حسابات القوة والرقابة والردع لدى الجيش الإسرائيلي.. الطائرة المسيرة التي انطلقت من اليمن وعبرت سماوات عديدة تغير حسابات الحروب، لأنها تمثل تهديدا لترسانات الأسلحة التقليدية في العالم، خاصة أن تصنيعها والحصول عليها أصبح متاحا، وقد يأتي يوم يتاح فيه امتلاكها للأفراد والجماعات.. إن الميزانيات الضخمة التي تدفعها الدول لتسليح جيوشها ستتراجع أمام المسيرات الجديدة، وقد تصبح مصدر تهديد للقوى العسكرية التي تكلف شعوبها المليارات.. وعلى جيوش العالم أن تعيد حساباتها أمام هذا المستقبل الجديد، الذي جعل من ضعفاء العالم قوة ردع أمام تجار السلاح وسماسرة الموت والقتلة.. إن الطائرة المسيرة التي وصلت تل أبيب من اليمن، رسالة للعالم أن القوة لم تعد في يد الجيوش فقط، ولكنها وصلت إلى ضعفاء وبسطاء العالم، الباحثين عن الحرية والعدالة وكرامة الإنسان.. العالم يتغير، فقد فلت الزمام.. إن ما يحدث الآن في العالم العربي يمثل تحولا خطيرا أمام الهجوم الضارس الذي تشنه إسرائيل بدعم أمريكي صريح وواضح، ومشاركة من أوروبا لا تخفيها، واتساع غير محسوب لوحشية التعامل مع غزة، ما يؤكد أن إسرائيل لن تتوقف عند حرب غزة.. لقد اتضح الوجه الحقيقي لإسرائيل وعلى الجميع أن يعيد حساباته.

شعب صامد

على صعيد المواجهات العسكرية لم تتحقق أهداف إسرائيل في نزوح وتهجير الشعب الفلسطيني، وهو صامد في أراضيه، صحيح كما يرى السفير محمد بدر الدين زايد في “المصري اليوم”، تهدمت أغلب مباني ومنشآت القطاع، ويشهد القطاع كارثة ومجاعة غير مسبوقة، وحدث نزوح لأعداد هائلة من أهالي القطاع، ولكن تعود أيضا أعداد كبيرة إلى مناطق سكنها أو تعيش قربا منها، وبالمجمل لم تنجح إسرائيل في تكرار ما حدث في 1948، وأصبح واضحا للعالم أن هذا الشعب لن يتنازل عن هويته أبدا ولن يقبل بالاقتلاع من أراضيه. المؤكد أن إسرائيل خسرت معركة الرأي العام الدولي بشكل كبير، وتعرضت لهزيمة كبيرة عندما طلبت المحكمة الجنائية الدولية توقيف نتنياهو ووزير دفاعه غالانت، رغم أن الضجة والغضب الإسرائيلي والأمريكي من هذا الطلب ربما يكون سببا في تأخر قضاة التحقيق في الاستجابة لطلب مدعي عام المحكمة كريم خان، إلا أن العالم كله يدرك أن مصير المحكمة ومنظومتها الدولية، سيتوقف الآن على مصير التعامل مع هذه القضية. ولهذه المسألة أبعاد عديدة تتجاوز المحكمة إلى كل منظومة القانون الدولي الإنساني ومفهوم حقوق الإنسان في الممارسة الدولية، بحيث إن الانتقادات التي كانت تطرح على استحياء حول المعايير المزدوجة الغربية، أصبحت أكثر وضوحا، والطرح الغربي حول أيديولوجية الديمقراطية وحقوق الإنسان في مواجهة النماذج المضادة وعلى رأسها روسيا والصين يفقد زخمه بشكل غير مسبوق. ومن ناحية أخرى أصدرت محكمة العدل الدولية طلبا بوقف الحرب في رفح، وكانت قبل ذلك قد اتخذت قرارا بقبول نظر القضية التي قدمتها جنوب افريقيا، والأحكام الأخيرة للمحكمة التي تؤكد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي هي الأهم وقد تكون لها نتائج مهمة في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

الحلم يقترب

أكد السفير محمد بدر الدين زايد أن قيام بعض الدول الغربية، خاصة إسبانيا والنرويج وإيرلندا ثم سلوفينيا، بالاعتراف بدولة فلسطين، يضيف زخما كبيرا لتراجع إسرائيل وكشف سياساتها، وعدم اقتصار الأمر على دول الجنوب، ليخرج إلى فضاء دولي أوسع مؤيد للحقوق الفلسطينية. ومن المؤكد أيضا أن هناك تحولات لا يمكن التهوين من شأنها في توجهات قطاعات من الشعب الأمريكي، خاصة الشباب في جامعات القمة الأمريكية، وأن ملايين من الشباب الغربي أصبح أكثر وعيا بحقائق القضية والظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وهناك احتمالات تتوقع أن هذا الأمر لن تتوقف تداعياته. ولكن هناك اعتبارات كثيرة تدعو للقلق لا تقتصر على مستويات التدمير الهائل في غزة، من أهمها ما ستقود إليه الانتخابات الأمريكية مع تزايد فرص ترامب للعودة للحكم، وإن كان من المهم ملاحظة أنه ليس من الممكن تحقيق دعم أمريكي أكبر مما تقوم به إدارة بايدن إلا بمستويات تدخل عسكري أكبر مما تقوم به الآن، ولهذا حسابات كثيرة وليس بهذه البساطة، خاصة مع التطورات القضائية الدولية سابقة الذكر، كما أن ترامب أكثر حسما رغم تأييده الشديد لإسرائيل ولن يقبل بتحدي نتنياهو له مثلما يحدث مع الإدارة الحالية، ونلاحظ أيضا تصريحات فانس الذي اختاره نائبا، والذي عبّر عن تأييد شديد لإسرائيل، ولكنه دعا لسرعة إنهاء الحرب لأن استمرارها ليس لصالح إسرائيل. ومن ناحية أخرى واضح أن التدخلات الغربية والمساومات بين إسرائيل وحزب الله قد أجلت المواجهة الشاملة، أو احتوتها مؤقتا لمزيد من تفرغ إسرائيل لتدمير غزة. ويعني ما تقدم تأكيد ما سبق لنا إثارته من ضرورة بلورة استراتيجية فلسطينية وعربية متكاملة للتعامل مع هذه الاعتبارات المتناقضة، كي لا تنجح إسرائيل في تعظيم مكاسبها وتقليص خسائرها.
لم يتغير

بدت إصابة ترامب طفيفة، لكنها كانت كافية لتحدث تغييرا جوهريا على المسرح السياسى الأمريكي، ويصبح شبه مؤكد كما يرى عبد الله السناوي في “الشروق” أنه في سبيله للعودة إلى البيت الأبيض، إذا لم تحدث مفاجأة كبيرة في الشهور المتبقية على الانتخابات الرئاسية. لم يتغير ترامب ولا تعدل خطابه تجاه المهاجرين والأقليات، وفي الذاكرة التظاهرات والاحتجاجات، التي عمت الولايات المتحدة إثر مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد، على يد شرطي أبيض أمريكي ونشوء حركة «حياة السود مهمة». ولا تغيرت نظرته إلى الحريات الصحافية الإعلامية، وفي الذاكرة صداماته المتكررة مع شبكة «سي. أن. إن» وصحيفتي «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز». كان مشهد اقتحام مبنى الكونغرس لمنع اعتماد نتيجة الانتخابات الرئاسية (2020) تهديدا للديمقراطية الأمريكية. لم يعترف بخطيئة التحريض ولم يعتذر عنها ولم يتعهد بقبول نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذا لم تأت لصالحه. دواعي القلق ما زالت ماثلة في التفاعلات الأمريكية، رغم اللهجات التصالحية التي أعقبت محاولة اغتياله الفاشلة. لم يتغير ترامب، لكن العالم تغير. الأزمات والتحديات اختلفت، طرأت حروب دامية في أوكرانيا وغزة. النظام الدولي الذي تركه مترنحا أثر جائحة كورونا وسياساته الانعزالية، يكاد أن يكون الآن أقرب إلى ركام يقطع طريق المستقبل. أدت إدارته الكارثية للجائحة إلى تراجع فادح في هيبة بلاده وقدرتها على قيادة العالم. تبدت فجوات وفوارق داخل التحالف الغربي لم تمد إدارة ترامب يد المساندة لدول أوروبية حليفة كإسبانيا وإيطاليا تضررتا بقسوة بالغة من ضربات الجائحة. كان لافتا أن الصين وروسيا وكوبا ودول أخرى من العالم الثالث كمصر، بادرت بإرسال طائرات محملة بالأدوية والمستلزمات الطبية، فيما تقاعست الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

معضلة ترامب

“الترامبية المستأنفة” هذه المرة تلاحق موجة شعبوية اكتسحت انتخابات البرلمان الأوروبي، وكادت تهيمن على الجمعية الوطنية الفرنسية في أكبر انقلاب على قيم الجمهورية. في سنوات حكمة لم يخف مناهضته للاتحاد الأوروبى وتشجيعه لخروج بريطانيا منه. على رأس تحدياته الآن، حسب عبد الله السناوي أسئلة مستقبل الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو». حسب تعهداته الانتخابية فإنه مستعد لوضع حد للحرب الأوكرانية في أقرب وقت. السؤال الجوهرى: ما الترتيبات اللاحقة؟ الأسئلة تقلق الأوروبيين دون إجابة، أو شبه إجابة. لعل ذلك التوجه هو النقطة الإيجابية الواضحة في خطط ترامب للمستقبل، لكنها تتوقف عند الشعارات العامة دون استيعاب حقيقي لحجم المتغيرات الأوروبية التي أعقبت خروجه من البيت الأبيض. بريطانيا تبدو نادمة على خروجها من الاتحاد الأوروبي، لكنها غير متعجلة في اتخاذ أي إجراءات، إنها مسألة وقت. الاتحاد الأوروبي مصطف حاليا وراء خطة بايدن في حرب أوكرانيا. حلف «الناتو» يبدو متماسكا لكنه غير متيقن من مستقبله مع «الترامبية المستأنفة» التي ترفع شعار: «الدفع مقابل الأمن» وتريد أن تعممه في الشرق الأوسط وتايوان. رغم أن الحلفاء الغربيين يسددون حاليا نسبا عالية من تكاليف الحرب في أوكرانيا، إلا أن ذلك الشعار ما يزال مقلقا. ماذا بعد الحرب على أوكرانيا؟ ما مستقبل حلف «الناتو»؟ وهل الأجدى المضى قدما في بناء منظومة دفاعية أوروبية بعيدا عن الولايات المتحدة؟ التساؤلات تدخل في صميم بنية النظام الدولي والإجابات كلها معلقة. رغم انحيازاته لإسرائيل فإنه لا يمكن تجاهل التغيرات الجوهرية على مسارح الصراع في الشرق الأوسط إثر السابع من أكتوبر/تشرين الأول (2023). لا يمكن القفز فوق حرب الإبادة وملاحقة جرائم الحرب أمام محكمتي «العدل الدولية» و«الجنائية الدولية». كما لا يمكن القفز فوق تصويت الكنيست بأغلبية كبيرة على رفض قيام دولة فلسطينية بأحاديث تستعيد صفقة القرن، أو إعادة تلخيص القضية الفلسطينية في مساعدات وإغاثات، بعدما أكدت نفسها بالدماء الغزيرة والبطون الخاوية أنها قضية تحرر وطني أولا وأخيرا. هذه معضلة يصعب على «الترامبية المستأنفة» تجاوزها.

الذي كان سعيدا

يقول عبد اللطيف المناوي في “المصري اليوم”، قناعتي الراسخة أن مصلحة الحوثيين وبقاءهم شيء، ومصلحة اليمن واستقراره شيء آخر، هناك تعارض واضح بين الاثنتين. وهذا التعارض وضح تماما في اليومين الماضيين، حيث تتجه أحداث الحرب في اليمن إلى منحى جديد أشد مأساوية مما سبق. التطورات الأخيرة شهدت وصول مسيرة حوثية إلى تل أبيب، للمرة الأولى، بعد أكثر من نحو 200 هجوم حوثي استخدمت فيها الجماعة صواريخ باليستية وطائرات مسيرة، تم إسقاطها جميعا بفضل التدخل الإسرائيلي والأمريكي. المسيرة اليتيمة، التي وصلت تل أبيب، أسفرت عن مقتل شخص إسرائيلي، ولكن الأزمة ليست هنا، الأزمة في ما بعد. فقد شنت إسرائيل ضربة واسعة النطاق على ميناء الحديدة اليمني باستخدام ما يقرب من 20 طائرة F- 16 وF- 35، في عملية أطلقوا عليها اسم «اليد الطويلة»، في عملية انتقامية لا يختلف أحد على توقعها، فماذا تنتظر من إسرائيل تحت قيادة نتنياهو، الذي يريد الحفاظ على رأسه وسمعته حاليا، سوى الانتقام من أي ضربة، حتى لو كانت ضحيتها خدشا في يد مواطن. إسرائيل شنت غاراتها، وكانت النتيجة هي حرائق في ميناء الحديدة، لم يتم إطفاؤها حتى وقت كتابة هذه السطور. صار المئات من أبناء اليمن مستهدفين من طائرات إسرائيل، كل هذا بسبب مسيرة واحدة اختفى مُطلقوها عن المشهد. ما حدث مع اختفاء الحوثيين ربما يحدث بشكل يومي في اليمن، فقد احترقت مدن بأكملها، وسقط الآلاف من القتلى خلال السنوات الماضية، وتلاشت مظاهر الحياة تماما، بينما يختبئ قادة الحوثيين، ويغلقون هواتفهم خوفا من الاستهداف. لم تكن الخسائر المادية لإسرائيل سوى مؤقتة وقليلة، ويتم تعويضها بسرعة، ما يبرز عجز الحوثيين عن تحقيق تأثير حقيقي في الأمن الإسرائيلي، إذ لم يقتلوا جنديا إسرائيليا خلال تسعة أشهر من النزاع. وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك مَن يبارك للهجمات الحوثية، ويصفها بالشجاعة، دون أن يدرك أن هذه الأعمال تتسم بالغطرسة والكذب، ولا تترك تأثيرا إيجابيا يُذكر. في ظل هذه التطورات الخطيرة، يبقى السؤال المحوري هو: هل يمكن للحوثيين تحقيق أي تغيير حقيقي في الواقع الإقليمي، أم إنهم مجرد جماعة تسعى للفت الانتباه بأساليب خطيرة؟ سؤال مهم كان يجب أن نطرحه منذ زمن، إلا أن هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتبعاته جاء ليطرحه بقوة، هل هذه الجماعات هي مَن تستطيع التأثير في الوضع الإقليمي؟ السؤال سيظل مطروحا، ما دام آخرون يدفعون الثمن.

ليست خلاقة

هل هناك أيادٍ خفية تلعب في الشرق الأوسط؟ وهل ستضيع أي دولة من دول الشرق الأوسط لو غفلت عن تحقيق أمنها؟ وهل هناك مُخطط – قديم جديد- يحاولون إحياءه وتنفيذه بسرعة مُذهلة في هذه الأوقات؟ وهل هناك من ينفخ في النار لكي تشتعل أكثر في الشرق الأوسط؟ وهل ستتسع دائرة الصراع في الشرق الأوسط وهل ستخسر جميع دول الشرق الأوسط اقتصاديا؟ أجاب بلال الدوي في “الوطن” على ما سبق بالإيجاب، مؤكدا أن كل التوترات التي حدثت مؤخرا مُصطنعة ومُدبّرة بعناية، ولها مُخَطط مرسوم مُسبقا، وتوازن القوى معروف سلفا، والشد والجذب بين إحدى القوى الإقليمية وإسرائيل معلوم ومدروس بالمكان والزمان وبالأفراد، الميليشيات المسلحة يحاربون بالوكالة، ويلعبون دورا أقل ما يوصف به أنه «دور كومبارس» أو «دور مشبوه» أو «دور سَنيد».. المهم أن هذه الميليشيات تم إمدادها بالسلاح. وتم توفير التمويل اللازم لها لكي تنمو وتكبر وتزدهر وتُسيطر وتدخل في «اللعبة الدولية الكبرى».. تهدف «اللعبة الدولية الكبرى»، التي تحدث في الشرق الأوسط، إلى السيطرة على موارد الدول وثرواتها الطبيعية، وتركيع الدول التي ترفض الدخول في المعادلة التي تُفضى في نهاية المطاف إلى الحفاظ على أمن إسرائيل. منذ (20) عاما ونحن نشعر بأن هناك تحالفات مُريبة وتشابكات مُعقّدة تهدف إلى تفتيت دول الشرق الأوسط، أو (تفتيت المُفتّت). وهذا ما سموه «نظرية الفوضى الخلاقة»، التي صاغتها كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، وتحديدا عام (2004) وتعنى خلق حالة فوضى عارمة وعدم استقرار، ما يؤدي إلى بناء أنظمة جديدة على أطلال الأنظمة القديمة.

هناك مستفيد

تهدف السيناريوهات التي حدثنا عنها بلال الدوي، إلى تحقيق أهداف تصب في مصلحة من يقوم بهذه الفوضى.. وتسعى هذه النظرية لأن يخلقوا الإحباط أولا، ثم يُنشؤوا حالة النقمة في المجتمع، وتسود مشاعر الاحتقان لتتحول إلى مطالب يصعب تحقيقها. وللأسف فإن هذه النظرية تم تطبيقها في عدد من الدول وحقّقت هدفها، وتم تدمير عدد من الدول بنجاح. والآن، يبدو أننا بصدد صفحة جديدة من «نظرية الفوضى الخلاقة» تتم كتابتها خلال هذه الآونة، فالميليشيات المسلحة يُطلق عليها «الفاعلون من غير الدول». وهو اعتراف خطير بأنهم فاعلون، لكنهم ليسوا دولا، ويتم الدخول في مفاوضات معهم والجلوس معهم إلى طاولة المفاوضات، واعتبارهم قوة لا يُستهان بها، وهذا يُعطيهم شرعية دولية، بدلا من مجابهتهم والتصدي لهم وإصدار قرارات من منظمات دولية بأنهم تكتلات مُسلحة شكّلت جبهات وميليشيا تحمل السلاح وتقتل المواطنين وتُرهبهم وتُروّعهم وتُهدّدهم وتقضي على الأخضر واليابس وتعمل لصالح من يدفع لها الأموال. هناك من يستفيد من هذه الميليشيات المسلحة ليُحقق مآربه، وهناك من يستغلها، إذن هذه الميليشيات مشاركة في إفساد استقرار الشرق الأوسط، لا تُصدّقوا شعاراتها الكاذبة، واعلموا أن من يمولونها يُحركونها من وراء الستار.. لذلك يبدو أن إشعال الشرق الأوسط يتم عن قصد ودون حُسن نية.. يتم إشعال منطقة لتمرير تفاهمات أخرى في السر، يتم إشعال منطقة للتمويه على صفقات تتم في الظلام، يتم إشعال منطقة لعدم لفت الانتباه عن كوارث تتم في منطقة أخرى.. إنه «حِلف الشيطان» الذي يعبث بأمن الشرق الأوسط ويزيده اشتعالا بوضع الزيت على النار بين ليلة وضحاها.

احرصوا على مصر

روشتة لإنقاذ مصر من الهلاك وضعها عمرو الخياط في “الأخبار”: هل أتاك حديث الأمن القومي؟ أم أنك منشغل بالتفكير في مشاكل حياتك اليومية أعلم أنها مشاكل مهمة وباتت حديث كل بيت، ولكن في زخم هذه المشاكل إياك أن تنسى أو تتناسى تهديدات الأمن القومي لبلدك، الذي تعيش فيه آمنا ومستقرا.. هل فكرت في جهود الدولة التي منحتك حق الحياة في وطن قائم وحولك دول تفككت ودخلت دوامة التقسيم والصراعات، وبات خروجها من النفق المظلم الذي دخلت فيه صعب للغاية قد يصل إلى المستحيل. أقول قولي هذا وأنا أراك عزيزى المواطن غير مدرك أن وطنك يتعرض للتهديد المباشر على كل حدوده، وأنت لا تكف عن الشكوى من دفع الفواتير لشراء احتياجاتك الأساسية والترفيهية. هل تريد أن تسمع فعلا أم أنك متغافل بإرادتك، حتى لا تكتشف الحقيقة التي ترتب عليك مسؤوليات وترتب عليك فروضا من التحمل والتحدي والمواجهة، قد تشغلك قليلا عن متابعة فيديوهات التيك توك وأخبار الساحل وقصص شيرين وحسام. أنت عزيزي المواطن إعلم أن أمنك الشخصي يتعرض يوميا لانتهاكات لا حصر لها، وأنت تتابع سموم الإرهاب على وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبحت سلبيا بعد أن أبهرت العالم بإقدامك في ثورتك التاريخية في 30 يونيو/حزيران، وبدلا من أن تقاطع وتدافع عن بلدك، عدت إلى كنبتك وجعلتهم يستمرأون أفعالهم ويشككونك في حياتك، وتناسيت أن مصر وطن يعيش فينا، وأنك مطالب أن تكون في الصف مدافعا عن أمنك وأمن وطنك القومي. عزيزي المواطن المصري أبشرك بأن آلة الحرب الإعلامية الدائرة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد وطنك قد تم تشغيلها بكامل طاقتها، لا يحول دون وصولها إليك سوى عزيمتك وإيمانك بأن وطنك في حاجة إلى صلابة وتوحد جبهته الداخلية. عزيزى المواطن اطمئن هناك رجال في مصر مرابطون على أرض المحروسة لديهم الوعي الكامل بأمننا القومي وعزيمة صلبة للدفاع عنه وحمايته، أمام الهجمات الشرسة التي نتعرض لها، فاستكانتك وانشغالك عن أمنك القومي يزيد من عبء هؤلاء الرجال، لأن توحيد الصفوف واستقامتها يعزز من مهامهم ويدحض أي فرصة لمن سعى لزعزعة استقرار وطنك، فانتصارك في حربك على الإرهاب، يحتم عليك الانتصار في معارك التشكيك والخداع على وسائل التواصل.

لكل من اسمه نصيب

يوقن أحمد إبراهيم في “الوطن” بأن لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب من اسمه نصيب: أشعر بطيبته، وأفتخر بهذه الشخصية التي تحظى باحترام وتقدير كبيرين دولي ومحلي، وهو بالفعل واجهة مشرفة لمصر وللمؤسسة الدينية المرموقة التي يمثلها. مثل ملايين المصريين تابعت زيارته الأخيرة إلى إندونيسيا وماليزيا وتايلند والإمارات، وكم كنا فخورين بهذا الاستقبال الأسطوري لفضيلة الإمام، الذي يعكس مكانته الشخصية، ومكانة الأزهر. وكان الاستقبال الشعبي في الدول الأربع لا يقل حفاوة عن الاستقبال الرسمي، التي وصلت لاصطفاف المواطنين في الشوارع لرؤية الإمام.. يتميز بالهدوء والتواضع وعمق التفكير والقوة في الحق والثبات على المبدأ ورفض الدنية، وكما يقول عنه صديقي الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي الشهير، حين تطالع وجه الإمام تلمح عينين واسعتين خاشعتين قانعتين، مع مسحة حزن نبيل تعبّر عنها هاتان العينان مع قسمات الوجه، وطيبة وسماحة.. كثير الصمت، ولكن إذا تحدّث انهمرت كلماته قوية وهادئة وحازمة ومؤكدة وقليلة ومركزة ومهذبة وموجهة نحو الهدف مباشرة. ورغم طيبته وسماحته وهدوئه وتواضعه، فإنه شديد الصلابة في الحق، ويفعل ذلك بهدوء وبأدب جمّ يفرض احترامه حتى على أشد مناوئيه. وهو لا يحب الظهور الإعلامي أو الظهور عموما، ولهذا تجده مُقلا في أحاديثه، رغم علمه الغزير والعميق، ويفضّل العمل أكثر من الكلام، خاصة العمل المؤسسى المنظم والمؤثر. زاهد متجرد لا تعنيه المناصب، رغم أنه نال منها الكثير، وكانت تسعى إليه سعيا دون تطلع منه، ورغم تقلده الكثير من المناصب، ما زال «الطيب» المفتخر يقيم في شقته في القاهرة بمفرده، تاركا الأسرة في مسقط رأسه في القرية، ويواظب على زيارتها حتى لا تنقطع صلته بجذوره، ويرتدي الجلباب والكوفية الصعيدية في بساطة وهدوء وتواضع. وقد تعرض «الطيب المفتخر»، وما زال، لحملات هجوم من جهات متعدّدة، فهاجمه العلمانيون والمتطرفون والإخوان المسلمون، وقد صمد أمام كل ذلك، وحافظ على هدوئه واتزانه وأدبه الجم. «الإمام» واسع المعرفة والاطلاع، وشخصية منفتحة على ثقافات كثيرة إلى جانب إجادة لغات أجنبية أخرى. «الإمام المفتخر» نظيف القلب واليد واللسان ويعمل في خدمة الإسلام والمسلمين دون تقاضي أجر من منصبه.

كيف تصبح فاشلا؟

جمعية في أمريكا اسمها “الفاشلون المتحدون”.. شروط الانتساب لها كما يوضح لنا خالد حمزة في “المشهد”: أن يثبت المتقدم فشله في المدرسة والزواج والعمل والعلاقات الاجتماعية، رئيس هذه الجمعية ألّف كتابا بعنوان “كيف تصبح فاشلا”.. ولاقى الكتاب نجاحا فاق التوقعات، ما دعا أعضاء الجمعية لطرد الرئيس بتهمة النجاح، يا ترى.. كم مليون فاشل في مصر من المئة مليون.. يمكن أن يروي قصته الفريدة مع الفشل من يوم ما ولدته أمه على أرض المحروسة. وكم مليون من هؤلاء يمكن أن يؤلف كتابا عن تجربته الفاشلة.. وكم مليون يمكن أن يقرأوا ذلك الكتاب. فيتحول كل فاشل في مصر لمليونير.. بل قل لملياردير بين ليلة وضحاها. ويصبح لدينا بدل الكام ألف عربية جاغوار الفاخرة.. مليون جاغوار.. الفاشل في مصر.. لديه حكاياته وتجاربه منذ نعومة أظفاره، وبعد أن دعوا عليه قبل مولده.. روح يا ابني إلهي تتولد وتعيش وتموت في مصر. ويبدو أن أبواب السماء كانت مفتوحة على مصراعيها لذلك الدعاء الذي طال معظم المصريين. فنال الواحد منهم نصيبه على تلك الأرض.. بداية من المعاناة في الحصول على شهادة محترمة تغنيه عن سؤال اللئيم. ومرورا باللهاث للحصول على وظيفة.. يادوب تكفيه قوت يومه.

«حاجة تانية»

يبدو من وجهة نظر الكثيرين ومن بينهم خالد حمزة أن الفاشلين فاشلون.. ولو علقوا على رقابهم فانوسا. فتجد الواحد منهم في مصر ولا عارف يكفي نفسه.. يفكر في الزواج من فاشلة أخرى.. ليضيفا إلى فشلهما فشلا آخر.. يتوج بمجموعة من الفشلة الجدد.. صبيان وبنات، وربنا يديم الفشل يا فشلة بامتياز.. ويا ريت الفشل وقف على ذلك.. فهناك فشل متكرر.. فالواحد منهم – ولله في ذلك حكمة لا نعلمها- يتحول من فشل لفشل.. فتجده راضيا قانعا بمعاناته اليومية.. مع زحام المواصلات ورزالات البشر الفاشلة أمثاله، ومع فشله في تدبير فواتيره المزمنة.. مع المياه والكهرباء والغاز ومصاريف العيال وأم العيال الفشلة برده.. والتي لا تنتهي ابدا. وأضف لذلك.. فشله في التحرك من دائرة الفقر لما فوق الفقر بقليل.. أيوه.. الفشل في مصر.. حاجة تانية. ولا ينفع معه تجارب لفشلة تروى في كتاب، أو رفع اليد للسماء ترجو الخلاص.. هو على رأي الإنكليز.. “هوبليس كيس”.. يعني حالة ميؤوس منها والعياذ بالله، ولا ينفع معها دعاء ولا كشف رأس عند مقام الست الطاهرة السيدة زينب.. ولا حتى شموع تضاء عند محراب.. الست تريزا.

تفاصيل الرحلة

أسرعت دون أن تلم بكل التفاصيل، رغم أن الرحلة فيها كثير من المخاطرة والمخالفات للقوانين بين بعض الدول. وكما أخبرتنا خولة مطر في “الشروق”، ملأت الاستمارة بكل التفاصيل وبين كل سؤال وآخر كانت تتعثر فتعاود الاتصال بذاك الصديق للتأكد من أنها لن تضع ما يمكن أن يشكل عائقا آخر.. أخذت نفسا طويلا وجلست تتأمل وتراءت لها صور القدس وحيفا ويافا ورام الله.. جرت نحو مكتبتها الخاصة ونبشت الكتب حتى عثرت على روايات غسان كنفاني، بل كل مؤلفات محمود درويش، كانت مكتبتها مليئة بكتب وصور وحكايات فلسطين وخرائطها. لم تمض سوى أيام وجاءها الرد سعدت بقبولهم لطلبها، قبل أن يغلقوا باب التسجيل وسعدوا بها لأنها عربية ولم يسجل كثير من العرب، لأن الرحلة ككل سنة هي في مركب كبير يمر بعدد من الموانئ في مدن وبلدان تعيش اضطرابات، حروبا أو احتلالا كما حال فلسطين. تنبهت أن جواز سفرها حينها ــ عكس الآن ــ تعليمات واضحة وصارمة فمن يخالفها قد يتعرض للعقاب تحت طائلة القوانين المعادية لدولة الاحتلال، والرافضة لبناء أي علاقات حتى لو كانت زيارة لفلسطين وللأصدقاء، هناك من أول شجرة الزيتون حتى شجرة التين تلك في تلك الباحة في القدس.. أسرعت في الاتصال بصديقها وكأنها المرة الأولى التي تخبره، رغم أنه يعرف كل ذلك وقد أخبرها بأنهم لن يختموا جوازات سفرهم، بل سيمنحونهم تأشيرة على ورقة فقط قالت له ولكن ماذا عن الفلسطينيين كيف سيرون زيارتنا هذه؟ طمأنها أنهم يريدونهم هناك، كان كل ذلك قبل سنين من «الهرولة» نحو تل أبيب.

لبحر يافا

تحركت السفينة من ذاك الميناء وما هي إلا ليلة، أو أقل، حسب خولة مطر إلا وصديقها يناديها «انظري فلسطين» جرت هي إلى أعلى طابق بذاك المركب الضخم وقفت تراقب شاطئ فلسطين يقترب والمباني التي تبدو صغيرة تكبر ثم تكبر، حتى وقفت ولاصقت فلسطين.. ردت على صديقها «هذه فلسطين صح؟ معقولة فلسطين؟” ابتسم هو ليقول: «نعم نعم لماذا لا تصدقين، وتوقفي الآن دعينا نَرَ ماذا سيفعل المسؤولون الصهاينة في هذا الميناء عندما يرون بنتا عربية، بل هي من الخليج؟» نزل جميع الركاب من دعاة السلام وجمعيات تنادي باللاعنف وغيرهم ومروا على مختلف الحواجز والإجراءات حتى جاء دورها.. فجأة قال لهم ذاك الرجل وهو يتأملهم منذ دخولهم أرض الميناء ومكاتب الهجرة وغيرها «أنتم عرب من وين؟» قدموا أوراقهم فانشغل هو أكثر بصديقها قائلا له: «أهلي جاءوا من بلدك وما زالوا يتذكرونها بكثير من الحب» ودار رأسه بعد محادثة مجاملة، بل كان واضحا أن صديقي يريد أن يخلص بشكل سريع من هذا الموقف والآخر يريد إطالة الكلام.. أفرج عنا وما أن خرجنا من الميناء حتى تلقينا ذاك الصديق الفلسطيني الرائع وزوجته بالأحضان وفرح كبير، وهنا بدأت جولة من شمال فلسطين إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها ومن بحر يافا إلى أزهار حيفا، ثم أزقة القدس القديمة.. راحت هي تبحث عن أعلى بقعة في القدس والصديق الفلسطيني، لم يتوقف عن الحديث والشرح وتقديم المسخن والمقلوبة والفلافل ثم طبعا الكنافة النابلسية وأحاديث النساء من جدات إلى الأمهات والأخوات والبنات والحبيبات كلهن لأحاديثهن مذاق آخر مختلف عن كل النساء العرب.. هن يتقن فن حب الأرض والتضحية من أجلها حتى لا يرحلوا ولا يهجروا..

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية