إسطنبول ـ «القدس العربي» : أكدت تركيا، أمس الخميس، دعمها ومساندتها لدور الأردن في حماية المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة، وذلك عقب تقارير عن محاولات سعودية لمنازعة المملكة في دورها التاريخي في القدس، وسط مساع سعودية إسرائيلية مشتركة للحد من «النفوذ التركي المتصاعد في القدس».
وجاء في بيان للسفارة التركية: «نرى أن بعض التعليقات التي وردت في الإعلام في الآونة الأخيرة حول وصاية الأماكن المقدسة في مدينة القدس، ليست إلا إشاعة تهدف إلى تشتيت الأنظار عن الاستعدادات للضم الذي يتعارض مع القانون الدولي».
وتابعت: «تدعم تركيا بقوة دور الأردن في حماية الأماكن المقدسة»، و«نؤمن بأن الأردن يقوم بتحمل مسؤوليته على أفضل وجه».
وتعد دائرة أوقاف القدس، التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن، المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس (الشرقية)، بموجب القانون الدولي، الذي يعتبر الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل. كما احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس، بموجب اتفاقية وادي عربة للسلام، التي وقعها مع إسرائيل في 1994.
والإثنين، نقلت صحيفة «إسرائيل هايوم» عن مسؤولين سعوديين (لم تُسمهم)، قولهم إن الرياض وتل أبيب تجريان محادثات سرية بوساطة أمريكية منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، على خلفية إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «صفقة القرن» المزعومة وخطة ضم إسرائيل منطقة غور الأردن، لافتةً إلى أن «تلك المحادثات الحساسة والسرية تجريها فرق صغيرة من الدبلوماسيين ومسؤولي الأمن في إسرائيل والولايات المتحدة والسعودية، كجزء من خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط». وادعى الدبلوماسي السعودي أن «الأردنيين الذين يديرون الوقف القدسي اعترضوا بشدة على أي تغيير في مجلس الوقف حتى الأشهر القليلة الماضية، إلا أن عمّان غيّرت موقفها وسط وجود تركي مكثف في القدس الشرقية بشكل عام والمنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى بشكل خاص».
وزعمت الصحيفة أن «المسؤولين الفلسطينيين الذين انضموا إلى مجلس الأوقاف فتحوا الباب أمام الحكومة التركية للوجود في الموقع المقدس من خلال ضخ عشرات الملايين من الدولارات بأمر مباشر من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عبر المنظمات الإسلامية التركية غير الربحية»، وادعت أن «الأردن أبدى استعداداً لتغيير موقفه بشأن ضم ممثلين سعوديين إلى الوقف، شريطة أن يحتفظ بوضعه الحصري في الإشراف على المسجد الأقصى»، ولفتت إلى أن السعودية ربما تستخدم الإغراءات المالية لأمريكا وإسرائيل والأردن لتحقيق هذا المطلب.
وعلى خلفية هذه الأنباء، شنت وسائل الإعلام التركية ومنها القناة الرسمية الناطقة بالعربية (تي أر تي عربي)، هجوماً حاداً على السعودية، واتهمتها بالتعاون مع إسرائيل لتحجيم الدور التركي، التي قالت إنه يهدف إلى «تعزيز صمود أهالي القدس والوقوف في وجه مخططات التهويد الإسرائيلية»، ووصفت الدور السعودي في القدس بـ»التخريبي».
وفي السنوات الأخيرة، عززت تركيا حضورها في القدس من خلال تعزيز دعم الجمعيات والمؤسسات هناك وترميم منازل المقدسيين، إلى جانب قيام عشرات آلاف الأتراك بزيارة القدس سنوياً عقب دعوة وجهها أردوغان لزيارة المدينة لدعم صمود أهلها والتأكيد الدائم على هويتها الإسلامية، وهو ما بدأت إسرائيل التضييق عليه من خلال تعقيد إجراءات منح الأتراك تأشيرة زيارة القدس وتأخير الأتراك في المطارات الإسرائيلية بحجة الإجراءات الأمنية وصولاً لاعتقال وترحيل العديد من السياح الأتراك.
وكانت إسرائيل أعلنت عن حملة لـ«تحجيم النفوذ التركي في القدس» عقب ما قالت الصحافة العبرية إنه تحذير وصل تل أبيب من الرياض من تزايد النفوذ التركي في القدس، وجرى تطبيق ذلك من خلال تحجيم دور المعلمين الأتراك وسحب تراخيصهم وسحب تراخيص الجمعيات التركية ومكافحة نشاطها في القدس، لا سيما ما يتعلق بإعادة ترميم منازل المقدسيين. وفي الوقت الذي كانت تتزايد فيه الأنباء عن حملة إماراتية لتمويل شراء عقارات في القدس، قالت أطراف فلسطينية إنها يجري تسريبها للاحتلال.
وترى إسرائيل مصلحة كبيرة لها في خلق نفوذ سعودي في القدس مقابل تحجيم التركي والأردني، لا سيما مع الرفض التركي والأردني الحاد لصفقة القرن واعتبار القدس عاصمة موحدة لإسرائيل مقابل تساهل السعودي مع مشاريع الضم ودعمها لصفقة القرن، وهو ما ترى إسرائيل إنه سيساعدها في تمرير الصفقة، إلى جانب صمت السعودية في إثارة قضية القدس وفلسطين في المحافل الدولية مقابل الحراك التركي الكبير في إثارة القضية.
كلماتك يكتب بماء من ذهب لأنها في قمة الروعة