إسطنبول ـ «القدس العربي»: مع تأكيد تركيا بشكل قطعي أنها سوف تبدأ، الأسبوع المقبل، استلام منظومة إس 400 الدفاعية الروسية، انتقل الجدل والتكهنات حول إمكانية تفعيل المنظومة وإدخالها الخدمة من عدمه، وكذلك أماكن نشرها التي لم تحدد بشكل نهائي بعد، وسط ترجيحات أن تكون على السواحل القريبة من شرق البحر المتوسط، في ظل تصاعد الصراع بين دول الحوض على استخراج الغاز والنفط.
وعلى الرغم من أن الأزمة ما زالت على أشدها بين أنقرة وواشنطن، وصعوبة الجزم باستلامها قبيل وصولها عمليًا إلى الأراضي التركية، إلا أن اقتراب موعد التسليم وخروج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنتائج وصفت بـ«المطمئنة» من لقائه الأخير مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب على هامش قمة العشرين، أعطى مزيدًا من الزخم والجدية للتأكيدات التركية على موعد التسليم.
آخر هذه التصريحات جاءت على لسان إسماعيل ديمير، رئيس إدارة الصناعات الدفاعية التركية في رئاسة الجمهورية، الذي أكد، الخميس، أن بلاده سوف تبدأ باستلام المنظومة الروسية خلال الأسبوع المقبل.
وأضاف: «الرئيس (أردوغان) أعطى تاريخًا. انتهى الأسبوع الأول من يوليو/تموز، ندخل الآن الأسبوع الثاني، الأسبوع المقبل سوف ترون فعاليات إس 400»، ويشير بذلك إلى تصريح سابق لأردوغان تحدث فيه عن استلام المنظومة الروسية خلال النصف الأول من الشهر الجاري.
وردًا على سؤال حول إمكانية نشر المنظومة على المناطق القريبة من سواحل شرق المتوسط، قال: «تقوم القوات المسلحة التركية بتقييم الأماكن التي سوف تنشر فيها المنظومة، ومن ضمن هذه الأماكن شرق المتوسط».
وأضاف: «لا يوجد مخطط لتغيير موازين القوى في المتوسط، كما يقول البعض، لكن تركيا تقوم بالتحرك بناء على مصالحها، وتحرك المنظومة في المكان والوقت اللازمين».
وكانت الترجيحات والتقييمات كافة تتركز حول نشر المنظومة الروسية في العاصمة أنقرة بدرجة أساسية، وجرى الحديث عن أماكن محددة كقاعدة «أكينجي» الجوية، وإحدى التلال العالية على أطراف العاصمة. لكن في الأسابيع الأخيرة تسربت أنباء مختلفة عن تفكير أنقرة نشر إحدى بطاريات المنظومة الروسية على ساحل شرق المتوسط، وهو ما أثار مخاوف أطراف النزاع في المنطقة، لا سيما اليونان وقبرص اليونانية.
أنقرة لا تثق بتطمينات ترامب وتقوم بتخزين قطع غيار للأسلحة الأمريكية
وعلى الرغم من التأكيد التركي بأن التسليم سوف يبدأ في الأسبوع المقبل، لكن لم تنشر أي تفاصيل بعد حول آلية التسليم، وما إن كانت المرحلة الأولى سوف تشمل تسليم منظومة كاملة قابلة للتشغيل والتفعيل المباشر، أم أن التسليم سوف يكون بطيئًا ويشمل منصات تحضيرية وغيرها، يمكن أم تمتد لأشهر قبل أن يعلن عن اكتمال نصب منظومة كاملة قابلة للتفعيل.
ومن الحلول التي جرى طرحها طوال الأشهر الماضية أن تقوم تركيا باستلام المنظومة الروسية في مقابل أن لا تلجأ إلى إدخالها الخدمة لحين التوصل إلى حل ما مع الإدارة الأمريكية، التي تهدد بفرض عقوبات واسعة على تركيا لشرائها منظومة سلاح روسية، وتأكيدها أن المنظومة الروسية تتعارض مع أنظمة حلف «الناتو».
لكن واشنطن ترفض أيضًا حتى الآن المقترح التركي بتشكيل لجنة تقنية مختصة للتحقق من الادعاء الأمريكي بأن المنظومة الروسية تتعارض مع أنظمة طائرات إف 35 الحربية، التي أوقفت واشنطن تسليمها لتركيا كأولى العقوبات ضد أنقرة.
وحول العقوبات الأمريكية المتوقعة، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الخميس، إن «ترامب لديه بعض الصلاحيات منها تأجيل تطبيق العقوبات»، معتبرًا أنه «لا يوجد حتى الآن قرار أمريكي محدد بفرض عقوبات»، لكنه لفت إلى أن «تركيا لا تستند إلى تصريحات ترامب فقط، وتتوقع إمكانية فرض عقوبات أمريكية».
أردوغان سبق أن أوضح أن رفضًا من الولايات المتحدة لتسليم تركيا مقاتلات إف 35 التي اشترتها سيكون بمثابة سرقة».
وقال: «إن كنتم تبحثون عن زبون، وهذا الزبون يدفع بشكل منتظم، كيف يمكنكم عدم تسليمه بضاعته. سيكون ذلك بمثابة سرقة»، لافتًا إلى أن «تركيا دفعت 1.4 مليار دولار، كما ضخت صناعتها الدفاعية مبالغ كبيرة في إنتاج قطع من هذه الطائرات الحربية».
وعلى الرغم من تطمينات ترامب، إلا أن أنقرة تتوقع عقوبات تتعلق بصادرات الأسلحة الأمريكية من قبل وزارة الدفاع «البنتاغون»، كما تتوقع عقوبات أخرى من قبل الكونغرس. ولمواجهة هذه العقوبات المحتملة، قالت تقارير إن أنقرة طلبت كميات كبيرة من قطع غيار الأسلحة الأمريكية التي تمتلكها، لا سيما قطع غيار طائرات إف 16، وذلك تحسبًا لقرار أمريكي بوقف تصدير هذه القطع لفترة تتوقع أنقرة أن تكون قصيرة لحين تجاوز مرحلة رد الفعل الأمريكي.