تركيا تستعد لاستقبال الرئيس الإسرائيلي.. كيف تساعد حرب أوكرانيا في نجاح مساعي تطبيع العلاقات؟ 

حجم الخط
3

أنقرة- “القدس العربي”: يصل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة لرئيس إسرائيلي إلى تركيا منذ نحو 9 سنوات في توقيت مهم جداً بلغت فيه المخاوف الأوروبية من قطع إمدادات الغاز الروسي إلى ذروتها بالتزامن مع استعار الحرب في أوكرانيا، وهو ما يفتح آفاقاً كبيرة جداً أمام تعزيز فرص التعاون بين أنقرة وتل أبيب لنقل غاز شرق المتوسط إلى أوروبا من خلال الأراضي التركية.

ومنذ سنوات، تسعى أوروبا إلى إيجاد بدائل للغاز الروسي دون خطوات حقيقية في هذا الاتجاه، إلا أن الحرب الروسية على أوكرانيا، وبدء فرض عقوبات غربية واسعة على موسكو، وتهديد الأخيرة بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا، يتوقع أن يدفع دول الاتحاد إلى البحث عن كافة البدائل في أسرع وقت من أجل تأمين الاحتياجات الأساسية للقارة التي تستورد معظم احتياجاتها من الغاز.

وفي إطار العقوبات الغربية، أعلنت برلين وقف العمل وعدم منح التراخيص لخط نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، وهو ما نسف جهود سنوات من العمل في المشروع الذي بلغت تكلفته المليارات، لكن التطور الأهم كان بالتلويح الأمريكي بقرب اتخاذ قرار بحظر واردات النفط الروسي، وهو ما ردت عليه موسكو بالتلويح بوقف صادرات الغاز الروسي لأوروبا وهو ما ينذر بكارثة قد تلحق بالقارة قبيل انتهاء فصل الشتاء.

وفي هذا الإطار، اكتسبت زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا أهمية أكبر، لا سيما وأن الملف الأبرز على طاولة هرتسوغ والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيكون ملف شرق المتوسط، وإمكانية التعاون بين البلدين في مشروع لتصدير الغاز الإسرائيلي ودول شرق المتوسط الأخرى إلى أوروبا مروراً بالأراضي التركية.

ويتوقع أن تضغط الإدارة الأمريكية ودول في الاتحاد الأوروبي على أنقرة وتل أبيب من أجل تجاوز الخلافات في هذه المرحلة، والتركيز على ملفات الاتفاق والتعاون لمساعدة أوروبا في إيجاد بديل للغاز الروسي، وهو ما يخدم في الوقت ذاته مصالح البلدان، حيث تريد إسرائيل مشترين لاحتياطات الغاز الكبيرة التي اكتشفتها في السنوات الأخيرة، بنفس القدر الذي تريد فيه أنقرة تعزيز موقعها كممر استراتيجي لخطوط الطاقة بين الشرق والغرب.

وما يعزز التكهنات حول وجود ضغط غربي على أنقرة وتل أبيب من أجل التعاون في مشروع نقل غاز شرق المتوسط لأوروبا، الأنباء غير المؤكدة بعد حول زيارة متوقعة لرئيس الوزراء اليوناني إلى أنقرة خلال الأيام القليلة المقبلة، وهي زيارة في حال تمّت، فإنها ستركز على بحث تجاوز الخلافات في شرق المتوسط والتعاون في ملف تصدير الغاز لأوروبا.

ومن المتوقع أن يعقب زيارة الرئيس الإسرائيلي لأنقرة، مشاركة وزيري الخارجية والطاقة الإسرائيليين في مؤتمر أنطاليا الدبلوماسي الذي يبدأ أعماله الجمعة، بمشاركة عدد كبير من وزراء خارجية دول العالم، والذي يمكن أن يمهد لإجراء مباحثات تفصيلية أوسع بين الوزراء عقب لقاء الرؤساء المقرر الأربعاء والخميس.

ومنذ الإعلان قبل أيام عن رفع الولايات المتحدة الأمريكية دعمها السياسي والاقتصادي عن مشروع “إيست ميد” لنقل الغاز الإسرائيلي واليوناني من شرق البحر المتوسط إلى أوروبا، أطلق أردوغان إشارات متلاحقة على رغبة بلاده في تسريع خطوات تطبيع العلاقات مع إسرائيل من أجل الدخول في مباحثات بين أنقرة وتل أبيب على مشروع لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية.

وعلى الرغم من أن العلاقات التركية الإسرائيلية دخلت فعلياً في مسار إعادة تطبيع العلاقات منذ أشهر عبر سلسلة اتصالات وتصريحات إيجابية بين البلدين، إلا أن الأسابيع الأخيرة تشهد حراكاً مكثفاً وخاصة من الجانب التركي؛ من أجل تسريع هذا المسار للانتقال للحديث حول الملف الأهم الذي دفع أنقرة لمراجعة علاقاتها مع تل أبيب، وهو إمكانية توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية والاتفاق على مشروع لنقل غاز شرق المتوسط إلى أوروبا عبر تركيا.

وفكرة إقامة خط لنقل الغاز الإسرائيلي لأوروبا عبر الأراضي التركية غير جديدة، وسبق أن جرت مفاوضات طويلة بين البلدين، وكادا أن يتوصلا لاتفاق كبير في هذا الإطار، إلا أن تفجر العلاقات بين البلدين بسبب خلافات كبيرة حول الملف الفلسطيني وسياسات إسرائيل في المنطقة وخاصة شرق المتوسط، أدى إلى تجميد المشروع قبل أن تتجه تل أبيب لبحث بديل من خلال التعاون مع اليونان وقبرص بدعم أمريكي، وهو المشروع الذي أكدت أنقرة مراراً أنه لا يمكن أن ينجح بدونها وأنه عديم الجدوى اقتصادياً، ومع فشل هذا المشروع يتوقع أن تتجه تل أبيب لبحث فرص التعاون مع تركيا في ظل حاجتها الماسة لتصدير اكتشافاتها المتزايدة من الغاز.

وتصاعدت الخلافات بين تركيا وإسرائيل على خلفية اقتحام الجيش الإسرائيلي سفينة المساعدات التركية إلى غزة “مافي مرمرة” وقتل وإصابة عشرات المواطنين الأتراك، إلى جانب الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. حيث هاجم أردوغان إسرائيل مراراً واصفاً إياها بـ”دولة إرهاب تقتل الأطفال” كما جرى طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة واستدعاء السفير التركي من تل أبيب، فيما أعلنت أنقرة مؤخراً عن ضبط شبكات تجسس تعمل لصالح الموساد الإسرائيلي.

وزادت الخلافات مؤخراً مع الاصطفاف الإسرائيلي إلى جانب اليونان في الخلاف على التنقيب في شرق البحر المتوسط، ويعتقد أن أبرز دوافع التحرك التركي لإعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل ودول أخرى، هو إعادة رسم خريطة التحالفات حول أزمة شرق المتوسط التي باتت تمثل أولوية استراتيجية كبيرة لتركيا التي تسعى إلى الاستفادة من ثروات شرق المتوسط، وتفكيك تحالف شرق المتوسط الذي تقول إنه يهدف إلى عزلها وتهمشيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عابر سبيل:

    التجار الأتراك و الكرد انتهزو فرصة الحرب في أوكرانيا لكي يرفعوا أسعار المواد الغذائية المحسوبة على الحلال في أوروبا

  2. يقول ميساء:

    خابت دويلة إسرائيل وخاب مسعاها.،. والله يحرر فلسطين ويكسر شوكة إسرائيل كسرا لا جبر بعده أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا قولوا آمين يارب العالمين

  3. وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
    وانه لدو علم لما علمناه
    إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
    وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ
    إِنَّهُ عَزِيزٌ

    حَكِيمٌ

إشترك في قائمتنا البريدية