اسطنبول ـ «القدس العربي»: قدم رئيس البرلمان التركي، بن علي يلدريم، أمس الاثنين، كتاب استقالته رسمياً إلى الجمعية العامة للبرلمان، إيذاناً ببدء استعداداته المكثفة لخوض انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول، ضمن الانتخابات البلدية/المحلية المقررة نهاية الشهر المقبل، والتي تكتسب أهمية بالغة لدى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم. ما دفع الرئيس رجب طيب اردوغان إلى توسيع اتفاقه مع حزب «الحركة القومية» في إطار «تحالف الجمهور» لتعزيز فرص نجاحه في هذا الاستحقاق الصعب. كما دفع اردوغان، بيلدريم رئيس البرلمان الحالي، ورئيس الوزراء السابق، للترشح، في محاولة لتعزيز فرص الحزب للفوز بمنصب بلدية إسطنبول، أكبر وأهم المحافظات التركية، وسط خشية كبيرة من تراجع شعبية الحزب، وإمكانية فوز المعارضة التي تسعى للتوحد خلف مرشح واحد في هذه الانتخابات.
ورغم محاولات اردوغان لإبقاء يلدريم في منصبه برئاسة البرلمان، وتعيين أحد نوابه مسيراً للأعمال إلى حين انتهاء الانتخابات المحلية، اضطر يلدريم للاستقالة تحت ضغط المعارضة التي بدأت تتشكك في قانونية خوض رئيس البرلمان للانتخابات دون الاستقالة من منصبه.
وأمس، قدم يلدريم كتاب استقالته رسمياً للجمعية العامة للبرلمان، وعقد عشاء وداع بحضور نواب البرلمان الحالي ورؤساء البرلمان السابقين، على أن تقبل الجمعية العامة طلبه، الثلاثاء، وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس جديد للبرلمان في التصويت الذي سيجري في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، ويتوقع أن الفائز فيه المرشح الذي سيتوافق عليه حزبي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» اللذان يمتلكان الأغلبية العددية في البرلمان.
ومن المتوقع أن يبدأ يلدريم حملته الانتخابية بشكل مكثف خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد أسابيع من حملة انتخابية غير مباشرة في إسطنبول تمثلت في لقاءات يومية مع هيئات وقواعد الحزب في المحافظة إلى جانب تقديم برنامجه الانتخابي عبر العديد من البرامج التلفزيونية التي شارك بها طوال الأيام الماضية.
في إطار الاستعدادات لخوض الانتخابات المحلية الهامة نهاية الشهر المقبل
وينافس يلدريم المرشح التوافقي لحزبي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية»، مرشح تحالف المعارضة أكرم إمام أوغلو، المدعوم من أحزاب «الشعب الجمهوري» و «الجيد» و«السعادة الإسلامي». ويتوقع أن يحصل على دعم غير معلن من قبل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وهو ما يجعل منه منافساً قوياً في الانتخابات. ويعيش في إسطنبول أكثر من 16 مليون مواطن تركي، أي ما يعادل قرابة 20٪ من الناخبين الأتراك، وتحمل المدينة أهمية استثنائية وتاريخية لكافة الأحزاب التركية، ويسيطر على رئاستها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وسبقه اردوغان منذ عام 1994، وخسارتها ستشكل هزيمة معنوية للحزب الحاكم الذي يؤكد أنه ما زال قادراً على الفوز في الاستحقاق الانتخابي المقبل.
واضطر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم لتوسيع «اتفاق الجمهور» مع الحزب «الحركة القومية»، ففي المرحلة الأولى أعلن حزب «الحركة القومية» عدم تقديم مرشحين له في بلديات إسطنبول وأنقرة وازمير، في المقابل أعلن «العدالة والتنمية» عدم تقديم مرشحين له لصالح مرشحي «الحركة القومية» في عدد من المحافظات التركية الأخرى.
ولكن قبيل يوم واحد من موعد تقديم لوائح المرشحين النهائية للجنة العليا للانتخابات، جرى سحب مزيد من المرشحين من الجانبين لتقديم مرشح لواحد عن «تحالف الجمهور» في محافظات تركية أخرى، وذلك لتعزيز فرص فوز مرشحي التحالف.
جاءت هذه الخطوة بعدما عززت أحزاب المعارضة تحالفاتها في محاولة جديدة لتحقيق نجاح انتخابي ضد اردوغان وتحالفه الانتخابي بعد فشل أحزاب المعارضة في تحقيق أي فوز أمام اردوغان منذ وصوله للحكم قبل أكثر من 16 عاماً.
لكن ما يزيد من صعوبة الانتخابات المقبلة على الرئيس التركي الآثار الصعبة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ أشهر، والتي أدت إلى انخفاض قيمة العملية المحلية وارتفاع نسب البطالة والتضخم، وهو ما ظهر على شكل ارتفاع كبير في أسعار الخضار والفواكه والاحتياجات الأساسية للمواطنين، في ظل محاولات حثيثة من قبل اردوغان للسيطرة على هذه المشاكل قبيل موعد الانتخابات.