في تغريدة له في الثامن عشر من الشهر الحالي، وبمناسبة حلول ما يعرف بذكرى «خراب الهيكل»، أطلق رئيس وزراء الصهاينة نفتالي بينيت تغريدة أصرّ فيها على ما اعتبره «حق الصلاة لليهود والمسلمين»، في تعليقه على سماح قوات احتلاله لمجموعة كبيرة من رعاع المستوطنين، لاقتحام المسجد الأقصى، أو ما سماه بـ»جبل الهيكل»، لأداء ما يعرف بـ»الصلوات التلمودية».
التغريدة أثارت سخطاً واسعاً لما شكلته من اختراق غير مسبوق لما ارتبط بالمسجد الأقصى من واقع قانوني تاريخي يمنع عرفاً اليهود من الصلاة داخل ساحات المسجد. وعليه عاد بينيت في اليوم الذي يليه، وبعد بيان صادر عن الأردن للاحتجاج على ما جرى، وموقف البعض الآخر الناقد الذي وصفه البعض بالمخجل، ليحاول تعديل كلامه عبر مكتبه، الذي قال إن بينيت كان يقصد حق الزيارة وليس حق الصلاة.
قصد بينيت كلامه، أم لم يقصده، فإنه لم يقم بإزالة تبعات التغريدة من أخبار وتعليقات باتت ملتصقة بالشبكة العنكبوتية، وهو بذلك استفاد من تكنولوجيا الإعلام الاجتماعي، ليبقي على التغريدة المذكورة في مواقع عدة، وهو ما يؤهلها عبر محركات البحث لتبقى في متناول رواد الشبكة العنكبوتية. ولو انك ذهبت إلى محرك البحث وكتبت التالي: بينيت حق الصلاة، لوجدت قائمة طويلة من المراجع التي تتناول هذا الموضوع، حتى أن النفي ذاته بات مدرجاً ضمن القائمة ذاتها، وبذلك يكون الخبر ونفيه وبفعل تقنيات الإعلام الإلكتروني، باتا عائمين في فضاء الإعلام الرقمي بصورة تساهم في ترسيخه واستدامته. وبهذه الطريقة أصبح «حق الصلاة لليهود في المسجد الأقصى، أو كما تقول إسرائيل «جبل الهيكل» حاضراً في ذهن الإعلام، حتى إن بعض المؤسسات الغربية ومنها، مؤسسات أممية ودبلوماسية مرموقة، لم تكلف ذاتها البحث والتمحيص، فلجأت من خلال موظفيها الصهاينة أو من غيرهم المرتجل ممن تهمه الامتيازات الوظيفية، من دون بذل مجهود عقلي، لاستعمال مصطلح «جبل الهيكل»، إلى أن واجهت أيضاً انتقاداً مماثلاً لما واجهه بينيت.
يتم اليوم اختلاق الأكاذيب، أو افتعال الأحداث لحرف المسار عن أي جهد دولي قد يفضي إلى تطور، ربما يراه الفلسطينيون إيجابياً
وعليه تصبح الأكذوبة المتعمدة أو الخبر غير الصحيح، صحيحاً مع تكرار الخطأ الذي توفره الشبكة العنكبوتية ووسائل وتقنيات الكذب الشائعة. المفارقة أيضاً أن البعض طوّر مفهوم الإجهاض السياسي مع كل محطة يعتقد البعض أن فيها مساحة من الأمل قد ترى النور، بما يرتبط بالصراع العربي الإسرائيلي، حيث يتم اليوم اختلاق الأكاذيب، أو افتعال الأحداث لحرف المسار عن أي جهد دولي قد يفضي إلى تطور، ربما يراه الفلسطينيون إيجابياً. فما أن غادر مثلاً المبعوث الأمريكي هادي عمرو المنطقة، وأطلق تصريحاً إيجابياً حول زيارته مستبشراً بأمل جديد، حتى جاء بينيت وصادق على اقتحام المسجد الأقصى في ذكرى «خراب الهيكل» المزعوم، وهو ما سطّح أخبار عمرو وجعلها بلا قيمة تذكر. وكأنه أبى، أي بينت، إلا أن يرسل رسالة واضحة لسيد البيت الأبيض الجديد مفادها، أن إسرائيل هي صاحبة القول الفصل، وأن لا أحد يمتلك القدرة على إملاء إرادته على الدولة. ربما يكون الأمر في إطار تبادل الأدوار بين إسرائيل وأمريكا. أياً كان الحال، فإن حرف الاهتمام في عصر التقانة لم يعد بحاجة إلى حروب ومعارك، وإنما لأخبار أو تطورات موازية مفبركة تخطف الأضواء.
كذب إسرائيل ومراوغاتها إذن قد استفادا من تطورات التكنولوجيا، وقد تسخره دولة الاحتلال أكثر فأكثر نحو مستقبل جديد، يتم الحديث فيه بالتضليل والادعاء والمناورة على قاعدة سمعناها تاريخياً إكذب، إكذب، ثم إكذب حتى تصدق نفسك، بل حتى يصبح الأمر الذي تروج له مسلماً به. وعليه فإن ترويض العقل في ظل تكنولوجيا الكذب وبالاعتماد على التكرار، إنما يجعل من الممنوع مقبولاً، والمستهجن أمراً عادياً، أو على الأقل قابلاً لتعايش الإنسان معه بصورة تقلب المحظور، فيصبح استخدام المصطلحات المطلوبة أمراً مألوفاً .
كاتب فلسطيني
يا معالي الوزير السابق في السلطة الفلسطينية نحترم كتاباتك ونقر ان المواضيع التي تطرحها لا بآس بها ولكن هل لك ان تهمس في اذن الرئيس عباس والمقربين منه بآن قوات الاحتلال ورئيس وزراء الاحتلال لم تكن لتجرآ علي الاقتحام اليومي للاقصي لولا تخاذل السلطة وتغاضيها عن المواضيع الاساسية في القضية الفلسطينية لحساب المرتبات والامتيازات والكراسي.