تستطيع اسرائيل ان تكسب اذا تخلت عن سياسة الغموض الذري

حجم الخط
0

سيعود سفير اسرائيل في طوكيو نسيم بن شتريت هذا الاسبوع الى البلاد من اليابان، بعد ست سنوات ناجحة. وقد حضر كعادته في هذا الشهر في هيروشيما المراسم السنوية لذكرى القاء أول قنبلة ذرية. وسمع بن شتريت بصحبة السفير الامريكي جون روس المضيفين يخطبون متحدثين عن فظاعة ذلك اليوم في 1945، حينما ظهرت القنبلة منقضة من خلال السماء الزرقاء. ولم يُذكر قط الانتماء القومي لمُلقي القنبلة لأنه ما صلة الامريكيين بالكارثة.
يُقدم باراك اوباما في الاشهر الاخيرة أمثلة مختلفة عن ملاءمة الدبلوماسية للمصلحة، فقد حدد في سورية خطا أحمر سيفضي تجاوزه الى تدخل عسكري، وهو استعمال السلاح الكيميائي. وحينما فشل الردع واستُعمل السلاح الكيميائي تم تحريك الخط. لأن المس بالصدقية أرخص من التورط.
وفي مصر داور اوباما بين الحظر القانوني على مساعدة عسكرية لدول أُسقط حكمها الديمقراطي بانقلاب وبين الرغبة في ضبط النفس بسبب عزل محمد مرسي وسيطرة الضباط التي يُرى أنها أخف الضررين. وكان الحل كلاميا بانكار أنه نُفذ انقلاب. ولم يقلب الطاولة هجوم قوات الامن على مؤيدي مرسي ايضا. ففي الحالات المتطرفة تكون الامم والقيادات مستعدة لحروب أهلية ايضا. في مقابل عشرات آلاف الضحايا في سورية ومئات الضحايا في مصر قُتل في الحرب الأهلية الامريكية أكثر من 600 ألف من 30 مليونا، أي 2 في المئة من عدد السكان من دون مقارنة بين عبد الفتاح السيسي أو بشار الاسد وابراهام لنكولن الذي هو معبود اوباما.
إن الرد الامريكي على التصعيد الداخلي في مصر هو إبراء ذمة. وتجميد المدد العسكري والغاء تدريب مشترك ضربتان خفيفتان عابرتان. فلا أحد يريد نسخة مصرية من عمل جيمي كارتر البراق الذي تنكر في ايران للشاه وجاء بآية الله الخميني في مكانه.
لم يتلقَ السيسي الى الآن عقابا امريكيا أشد من عقاب مناحيم بيغن. ففي غضون سنة بين حزيران/يونيو 1981 ويونيو 1982، ورغم قاعدة مناصرة أساسية من قبل ادارة ريغان، سُجل على اسرائيل بيغن ثلاث عقوبات وهي: تعليق إمدادها بطائرات اف 16، والغاء مذكرة تفاهم على تعاون استراتيجي، وتهديد ظاهر بعقوبات أشد. وقد سبب ذلك الهجومُ على المفاعل الذري العراقي وضم هضبة الجولان وقصف أهداف مدنية في حرب لبنان. ومع مرور الزمن والاشخاص في القيادة الاسرائيلية برد الغضب وأُلغيت العقوبات.
إن إغماض العيون في الادارة الامريكية وفي مجلس النواب يلغي السبب الرئيس للغموض الذري الاسرائيلي، الذي يُعلل له بالخوف من استعمال آلي لعقوبات مذكورة في القانون، لكنه لا توجد آلية بالفعل لأنه حينما يريد الرئيس الامريكي ورؤساء الذراع التشريعية تُستعمل مواد تملص.
يحيا الامريكيون في سلام مع الهند وباكستان الذريتين اللتين ألغتا الغموض الذري المتعلق بـ’ماذا’ بعكس ‘كم’، و’أين’ و’المدى والقوة والدقة’. وهذه هي السياسة المختارة حينما يكون توازن المصالح يؤيد ضبط النفس. إن إزالة جزئية لستار الغموض الذري لا يساوي في قيمته التحلل من السلاح الذري؛ بل هو فقط يُنهي لعبة الاختباء الشفافة. وستشمل المسيرة السياسية في المنطقة مباحثات في نزع سلاح الابادة الجماعية. فهذا هو الطلب المصري الدائم الذي انضم اليه في هذا الشهر مع ارتباط بالمبادرة السعودية، الأمير تركي الفيصل الذي كان في الماضي سفير بلاده في واشنطن ورئيس الاستخبارات السعودية.
أدى الغموض الذري مهماته بشرف ويستطيع أن يعتزل عمله. صاحب وول وورث باربر، وهو من أكثر السفراء الامريكيين صداقة لاسرائيل منذ نشأت، صاحب عاصفة العلاقات حول ديمونة في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته. وتحدث باربر في مذكراته عن انه يفترض ان اسرائيل تملك سلاحا ذريا لكن لا ينبغي التأثر بذلك لأنها لن تستعمله في نوعي الاراضي اللذين يميزان الشرق الاوسط، وهما الرمل الصحراوي والتجمعات السكنية.
تستطيع سياسة ذكية لحكومة اسرائيل ان تكسب مقابل التخلي عن الغموض الذري، وهذه مسألة توقيت. إن الوضع الاقليمي الآن يُقدم لحظة مُريحة لذلك.

هآرتس 18/8/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية