رأي القدس يعقد وزراء خارجية الدول الاعضاء في حلف الناتو اجتماعا في لوكسمبورغ اليوم لبحث اسقاط الدفاعات الارضية السورية طائرة استطلاع تركية اخترقت الاجواء السورية. لكن دول الحلف تتبنى منهج التهدئة في العلن على الاقل وتتجنب التصعيد.وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي عقدوا اجتماعا خاصا بهم مساء امس، واكتفوا بوصف هذا العمل السوري بانه ‘غير مقبول’، وفرض عقوبات اقتصادية اضافية على سورية.اعتراف القيادة التركية بان الطائرة المستهدفة اخترقت الاجواء السورية، وسقطت في المياه الاقليمية السورية ايضا يعتبر مؤشرا على جنوحها للتهدئة، ولوحظ ان السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي التزم الصمت طوال اليومين الماضيين، ولم يطلق اي تصريحات نارية يتوعد فيها بالانتقام مثلما جرت العادة.سورية تخشى من ان يتمخض اجتماع وزراء خارجية دول الناتو عن قرار بهجوم عسكري عليها لان البند الخامس من ميثاق الحلف ينص على الرد الفوري على اي اعتداء تتعرض له اي دولة من الدول الاعضاء، وقد حذر الدكتور جهاد مقدسي الناطق الرسمي باسم الخارجية السورية من ان اي عدوان على بلاده سيتم التصدي له بحزم.هذه اللهجة السورية التهديدية تنفي ما تردد سابقا على لسان مسؤولين اتراك من ان السلطات السورية قدمت اعتذارا لنظيرتها التركية عن اسقاط الطائرة في الاجواء الدولية.الدكتور مقدسي هدد ‘بان الاجواء السورية والاراضي السورية والمياه السورية مقدسة بالنسبة الى الجيش السوري، مثلما ان الاراضي والمياه والاجواء التركية مقدسة بالنسبة الى تركيا’.لا نعرف ما اذا كانت سياسة ضبط النفس التركية هذه محسوبة بعناية، من حيث عدم الانجرار الى مصيدة التصعيد العسكري السورية والتورط في حرب لا ترى ان هذا هو الوقت المناسب لخوضها، ام انها تخفي خيارا عسكريا بات وشيكا قد يحدد وزراء خارجية حلف الناتو مكانه وزمانه في اجتماع اليوم.حلف الناتو، مثلما يقول خبراء قانونيون دوليون، يستطيع استخدام حادث اسقاط الطائرة الحربية هذه كذريعة للهجوم على سورية ودون الرجوع الى مجلس الامن الدولي، لان ميثاقه يعطيه مثل هذا الحق ويلزم الدول الاعضاء في الحلف بالمشاركة في هذا الهجوم في حال اقراره.من المؤكد ان الخبراء القانونيين السوريين يعلمون هذه الحقيقة، ولا بد انهم شرحوها لاصحاب القرار بشكل مفصل، ولذلك فان السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن الاسباب التي دفعت القيادة السورية الى اسقاط الطائرة التركية وهي التي لم تقدم على هذه الخطوة عندما اخترقت طائرات اسرائيلية الاجواء السورية اكثر من مرة في الماضي، ونفذت هجمات ضد اهداف سورية، من بينها تدمير المفاعل النووي الوليد في منطقة دير الزور شمال شرق البلاد؟الاجابة على هذا السؤال صعبة لندرة المعلومات والتزام القيادة السورية الصمت، لكن من غير المستبعد ان تكون هذه القيادة باتت منزعجة جدا من الدعم التركي المتزايد للجيش السوري الحر وتحويل الاراضي التركية الى قاعدة امداد للاسلحة والمعدات العسكرية للوحدات العسكرية التابعة له التي تعمل على الاراضي السورية، ولهذا قررت استدراج تركيا لمواجهة عسكرية، ولو محدودة، تخفف الضغط الداخلي على النظام السوري، وتعطي اشارة للداخل المنقسم بان البلاد تتعرض لعدوان خارجي على امل تحويل الانظار عن الازمة الداخلية.من الصعب تأكيد او نفي مثل هذه التحليلات، لكن ما هو منطقي وشبه مؤكد ان الحدود والاجواء والمياه الاقليمية للبلدين مرشحة للتسخين في الاسابيع والاشهر المقبلة.Twitter: @abdelbariatwan