لندن ـ «القدس العربي»: أشعلت مقاطع فيديو تم تسريبها من كاميرات المراقبة في السجون المصرية موجة من الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي وأعادت التذكير بالمعتقلين السياسيين وحقوق الإنسان، والأوضاع التي تشهدها سجون النظام في مصر.
وبث الناشط المصري المعارض والمقيم في الولايات المتحدة علي حسين المهدي مقاطع الفيديو المسربة من كاميرات المراقبة المثبتة داخل زنازين الحبس الانفرادي التي يقيم فيها قادة جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من المعارضين في مجمع سجون بدر، وقال إنها تعود إلى شتاء العام الماضي.
ويظهر في أحد الفيديوهات، القائم السابق بأعمال مرشد عام جماعة الإخوان، محمود عزّت، وهو يتجول في زنزانة انفرادية، كما ظهر في مقطع آخر الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل، وهو المرشح الرئاسي الأسبق الذي كان يحظى بشعبية واسعة، وهو سياسي مستقل لا علاقة له بجماعة الإخوان.
وقال المهدي إن تجول عزّت بهذه الطريقة وهو مكتف اليدين يشير إلى شعوره بالبرد القارس مع انعدام وسائل التدفئة، موضحاً أن الفيديوهات المسربة تعود إلى فصل الشتاء من العام الماضي. ويظهر عزت في الفيديو بحالة صعبة، إذ يمشي بصعوبة، فيما وضع له فراش أرضي للنوم، بخلاف ما كان يتم تصويره في الفيديوهات الدعائية لمجمع سجون بدر الحديثة.
كما ظهر الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل في مقطع آخر، ويتبين من الفيديو أنه اضطر لاستخدام غطاء النوم الوحيد الذي يمتلكه من أجل إغلاق دورة المياه التي يستخدمها.
وفي تسريب آخر، سُمع صوت الشيخ محمود شعبان لأول مرة وهو يخطب داخل سجنه، ويردد التكبير غير مرة، فيما أظهرت لقطات أخرى إخراجه من الزنزانة الانفرادية على كرسي متحرك، ما يشير إلى أنه يعاني من ظروف صحية متردية.
كما بث المهدي لقطات مسربة للزنزانة التي يقبع فيها وزير التموين الأسبق الدكتور باسم عودة، والقيادي البارز في جماعة الإخوان، خيرت الشاطر، إلى جانب أنس البلتاجي، نجل القيادي في الجماعة المعتقل محمد البلتاجي.
وأكد المهدي أن لديه 70 ساعة من التسجيلات وأنه لم يبث سوى القليل منها، في إشارة إلى أنه قد يكشف المزيد خلال الفترة المقبلة.
وسرعان ما هيمنت هذه المقاطع على اهتمام المصريين على شبكات التواصل الاجتماعي وأشعلت موجة من الجدل، خاصة وأنها تتناقض تماماً مع الصور التي سبق أن بثها النظام عن مجمع سجون «بدر» والتي أظهرت أسرة وشاشات تلفاز وتجهيزات حديثة داخل الزنازين، وروجت بعدم وجود أوضاع سيئة داخل السجون وعدم وجود أي إهمال.
وتصدر الهاشتاغ «#تسريبات_سجون_السيسي» و«#تسريبات_سجون_مصر» قوائم الوسوم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً في مصر على شبكة إكس «تويتر سابقاً» إضافة إلى العديد من الوسوم الأخرى المرتبطة بهذه التسريبات، كما عاد الشيخ أبو اسماعيل ليتصدر حديث المصريين من جديد.
وكتب عضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين الدكتور محمد الصغير معلقاً: «الدكتور محمود عزت الأستاذ بكلية الطب وأحد كبار شيوخ التربية، ذكر أمام المحكمة جانبا مما يتعرض له في محبسه الانفرادي وهو شيخ ثمانيني، وجاءت تسريبات سجون مصر لتنقل صورة المعاناة من داخل الجدران الخرسانية، وانعدام كل مقومات الحياة في الزنزانة».
ونشر المحامي والباحث الحقوقي هيثم غنيم سلسلة تغريدات عن التسريبات المصورة قال فيها: «صديق بالخارج أرسل لي فيديو يتضمن ما اسماه (تسريبات سجون مصر) وطلب مني التحقق من صحة الفيديوهات الواردة به وهل هي من مجمع سجون بدر أم لا؟ وبالتحقق: نعم الفيديوهات من داخل زنازين الاحتجاز بالسجون الجديدة نظراً لتطابق الفيديوهات المسربة مع الفيدوهات التي نشرتها الدولة رسمياً».
وأضاف غنيم: «الفيديوهات المسربة كانت لثلاثة أشخاص في ثلاث زنازين انفرادي، الفيديو الأول يظهر به ما يعتقد أنه بالفعل محمود عزت نائب جماعة الإخوان، والفيديو الثاني وفقاً لمصدر حقوقي تواصلت معه فهو للمعتقل حامد صديق وليس صلاح سلطان. ويلاحظ في الفيديوهات غياب السراير التي تظهر في دعاية السجون».
وتابع: «التسريبات والمحتوى الذي عُرضت من خلاله التسريبات تظهر العشوائية والحالة الانتقامية التي تعيشها مصر، وتلقي التسريبات نظرة على زنازين الاحتجاز داخل السجون الجديدة. كما تُظهر التسجيلات امكانية قيام النيابة العامة بالتحقق وبالأدلة من جميع حالات الإهمال الطبي داخل السجون عبر مراجعة المقاطع المسجلة، بدلاً من الاكتفاء ببيانات هزلية من وزارة الداخلية تكتفي بتكذيب المنظمات الحقوقية دون اثبات».
كما ينتهي غنيم إلى القول: «تفتح التسريبات أسئلة حول الخصوصية التي يتم من خلالها حماية تسجيلات النزلاء، في ظل أن المقاطع الدعائية لوزارة الداخلية تضمن مقاطع تظهر وجود كاميرات للمراقبة والتسجيل في زنازين النزيلات النساء». وكتبت معلقة تدعى «إيما» تقول: «محمود شعبان في زنزانته الانفرادية عاجز عن الحركة تماماً ومعزول عن العالم الخارجي، ولكنه يرعبهم بصوته وقوته وخُطبه من داخل المعتقل، لذلك لن تضم قوائم العفو أياً من هؤلاء الأسود، أسأل الله أن يجعل جنته في صدره ووحدته فرجاً وسعة له في دينه.. فك الله أسر الرجال».
وعلق ناشط يُدعى أحمد قائلاً: «لو جرائم السيسي تنحصر في اعتقال الأبرياء وفقط (بدون القتل والنفي والسرقات والاختلاسات وتضييع النيل وشغل المرتزقة وتهريب الاثار) لو هي دي تكون جريمته الوحيدة، ده أقوى دافع إنه مستحيل يسيب الكرسي لأي حد مهما كان اسمه او وضعه، الكرسي هو اسطوانة الاكسجين لحياته هو وعيلته».
وغرد الناشط عبد الله الشريف معلقاً: «أرادوا إذلالك فأبى ربك سبحانه وتعالى إلا أن يظهر عزتك رغم ضعفك وخطبتك من داخل زنزانتك الضيقة أسمعها الله للأمة».
وكتب أحد المعلقين: «حازم أبو إسماعيل هو الوحيد اللي بيتحاكم بتهمة الذكاء السياسي. السيسي مقموص إن الشيخ قال عليه ممثل عاطفي. زنزانتة الوحيدة اللي فيها كاميرا مراقبة مثبتة أمام الحمام، وهو ما اضطر الشيخ لوضع البطانية اللي بيتغطى بيها ساتر على الحمام، ووضع المرتبة كساتر ليه وهو نايم».
وقال آخر: «على عهدة الاستاذ علي حسين مهدي في تسريبات سجون مصر.. السيسي يضع كاميرا مراقبة داخل زنزانة حازم صلاح ابو سماعيل في مواجهة دورة المياه لكشف عورة الشيخ الجليل وإذلاله».
ونشر أحد النشطاء صور زنزانة الشيخ حازم أبو اسماعيل، وكتب معلقاً: «دي زنزانة بطلنا حازم صلاح أبو اسماعيل، سايبين القمامة ومش بيخرجوها، غير ان كاميرا المراقبة محطوطة ليه هوا بشكل خاص قصاد باب الحمام فراح شيخنا حط البطانية الوحيدة اللي عنده على مدخل الحمام حفاظاً على خصوصيته.. آثر النوم على الارض ولا إن حد يذله أو ينتهك خصوصيته».
يشار إلى أن وزارة الداخلية المصرية ردت على هذه الفيديوهات المسربة، وقالت في بيان إن «مقاطع الفيديو التي تداولها من قبل أحد العناصر الهاربة بالخارج بزعم كونها لنزلاء داخل أحد مراكز الإصلاح والتأهيل محرفة، ولا تمت بصلة للأشخاص الذين يدعي ناشر التسريبات أنهم من قادة الإخوان».
وتابعت الوزارة بأن «هذه المزاعم والتسريبات المفبركة، تأتي في إطار مخططات جماعة الإخوان لمحاولة إثارة البلبلة بعد أن فقدت مصداقيتها بأوساط الرأي العام» مضيفة «أن جميع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل بمن فيهم الأشخاص الواردة أسماؤهم بتلك الادعاءات يتلقون الرعاية الطبية الكاملة، ويستخدمون كافتيريات المراكز ويحضرون جلسات المحاكمة في القضايا المتهمين بها».