الناصرة- “القدس العربي”:
قطع بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، إجازته العائلية في الجولان السوري المحتل، واجتمع في مقر هيئة الأركان مع وزير الأمن في حكومته يوآف غالانت، ومع قائد جيش الاحتلال هرتاسي هليفي، وقائد سلاح الجو، وقائد الاستخبارات العسكرية، وغيرهم.
وطبقاً للتسريبات والتقارير الصحافية، فقد قام نتنياهو بتوبيخهم على استمرار التصريحات والتسريبات حول تراجع أهلية الجيش وجاهزيته القتالية. فيما تتواصل التصريحات والتحذيرات من تراجع لياقة الجيش، والصادرة عن أوساط إسرائيلية سياسية وعسكرية، نتيجة حركة الاحتجاج داخل جيش الاحتياط، وإعلان عدد كبير من الطيارين الحربيين، وضباط وحدات النخب عن وقفهم التطوع، والمشاركة في التدريبات والعمليات العسكرية خاصة في سلاح الجو.
نتنياهو صرخ أمام القادة العسكريين موبّخا: “هذا جيش له دولة، وليس العكس..”.
وقبيل المصادقة على إلغاء “قانون المعقولية”، قبل عشرة أيام، والقاضي بسحب صلاحية المحكمة العليا بإلغاء قرارات حوكمية بدعوى كونها غير معقولة، وصل للكنيست عددٌ من قادة جيش الاحتلال لإطلاع المستوى السياسي على خطورة استمرار التشريعات الخلافية والسجالات الداخلية على وحدة الجيش ومعنوياته، لكن نتنياهو ووزراءه رفضوا اللقاء بهم قبل المصادقة النهائية على القانون الإشكالي الخلافي.
وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو إنه أمرَ قادة الجيش بالعمل على صيانة جاهزية الجيش وأهليته القتالية في الوضع الاعتيادي وفي حالات الطوارئ، وحذّرَهم من أن تزويد الصحافة بمعطيات وتقارير عن حالة التمرد والخلافات داخل الجيش يمسّ بإسرائيل ويشجع أعداءها.
وكشف عددٌ من وسائل الإعلام العبرية، اليوم الإثنين، أن نتنياهو صرخ، في اجتماعي أمس ويوم الجمعة الأخير، أمام القادة العسكريين موبّخا: “هذا جيش له دولة، وليس العكس..”.
وحسب التسريبات الإسرائيلية، فقد قال نتنياهو، ضمن توبيخه للقيادة العسكرية، إنهم يمسّون بقوة ردع الجيش الإسرائيلي.
وقالت القناة 13 العبرية إن نتنياهو اتهم قادة جيش الاحتلال بأنهم يلحقون ضرراً بهيبة وقوة ردع جيش الاحتلال، وذلك بعد قيام وسائل إعلام عبرية بنقل تصريحات عن قائد سلاح الجو الجنرال تومر بار، خلال لقاء بعشرات الطيارين الحربيين، مفادها أن استمرار المستوى السياسي بالتشريعات دون توافق يلحق ضرراً جسيماً بالجيش، وحدته وجاهزيته.
نتنياهو لقادة جيشه: كيف، ولماذا تصدرون مثل هذه العناوين؟ ألا تدركون أن ذلك يمسّ بصورة وقوة ردع الجيش؟
وتوضح صحيفة “هآرتس”، اليوم، أن نتنياهو طالبَ، أمس، قيادةَ الجيش التنكر للاقتباسات المنسوبة لقائد سلاح الجو، قائلاً: “كيف، ولماذا تصدرون مثل هذه العناوين؟ ألا تدركون أن ذلك يمسّ بصورة وقوة ردع الجيش؟”.
في المقابل، توضح “هآرتس” أن قائد جيش الاحتلال لم يتراجع عن موقفه، وقال إنه لا يستطيع أن يبقى صامتاً فيما يرى أن الخلافات تتغلغل إلى داخل الجيش وتنال من جاهزيته ولياقته. وهذا ما تؤكده صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم، في عنوانها الرئيس: “نتنياهو وقادة الجيش في مسار اصطدام”، منوهة بأن نتنياهو حمل عليهم بعد نشْر أقوالهم عن حالة الجاهزية القتالية للقوات، وهو يقول صارخاً في وجه قائد جيش الاحتلال، وقائد سلاح الجو: “يبدو أننا أمام جيش يملك دولة”.
وتؤكد “يديعوت أحرونوت” أيضاً ما قالته “هآرتس” حول ردود فعل قادة الجيش، منوهة، هي الأخرى، بأنهم لم يتراجعوا أمام نتنياهو، فقد قال قائد الجيش هليفي إنه مجبر على إطلاق إنذارات عندما يشخّص ضرراً يلحق بالجيش.
ويواصل مسؤولون سياسيون، خاصة من المعارضة، الإعراب عن خشيتهم الحقيقية من تراجع القوة الرادعة لجيش الاحتلال، ما قد يؤدي إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الأمر.
وكشفت الإذاعة العبرية العامة أن عدداً من قادة الجيش باتوا يسجلون ملاحظات ويوثّقون ما يجري يومياً، تحسباً لقيام لجنة تحقيق رسمية بحال تبيّنَ لاحقاً، وفي الاختبار العملي، أن الجيش فعلاً قد تضررّت لياقته. وتقول إن ذلك يحدث خلال الأسبوعين الماضيين، حيث يبدي مسؤولون رفيعو المستوى في الأذرع الأمنية قلقهم الحقيقي، وهم يتحدثون مع سياسيين، بشأن إمكانية تشكيل لجنة تحقيق تدرس مدى كفاءة جيش الاحتلال.
وطبقاً للإذاعة العبرية العامة، فقد علّق مسؤولون سياسيون على هذه المعلومة بالقول: “ثمة مخاوف حقيقية من المساس بقوة الردع لدى الجيش، ما قد يؤدي إلى لجنة تحقيق في حال وقعَ تصعيد أمني، ولم يتمكن الجيش من التعامل مع الحدث بشكل صحيح. وأضافت أيضاً أن رؤساء الأجهزة الأمنية راغبون في لفت انتباه رئيس الوزراء إلى حالة الأجهزة الأمنية، لا سيّما في الوضع الأمني الحساس حالياً.
في محاولة لترميم الثقة مع قادة الجيش امتنع نتنياهو، أمس، عن استخدام مصطلح “رافضي الخدمة العسكرية”، واكتفى بمصطلح مخفف: “الجنود الذين يشترطون الخدمة الاحتياطية”، وذلك في ظل طلبات قادة الجيش منه حضّ وزرائه على الكفّ عن مهاجمة قادة المؤسسة الأمنية علانية وبقسوة.
وضمن الانتقادات المتصاعدة الموجهة لحكومة الاحتلال ورئيسها، قال محرر صحيفة “هآرتس” ألف بن إن نتنياهو يريد إخضاع قادة الجيش وفق احتياجاته الخاصة، وإنه يفضل ولاءهم الشخصي على كفاءة الجيش، ويطالبهم بالسكوت، حتى لو انطوى ذلك على كارثة حقيقية في المستقبل تلحق ضرراً فادحاً بإسرائيل.
صحيفة إسرائيلية: ما يجري لا يقلّ خطورة عن حرب 1973، نظراً لتراجع الأهلية القتالية، التي من شأنها أن تظهر الجيش عارياً في حال نشبت مواجهة عسكرية.
من جهته، قال البروفيسور أوري بار يوسيف، من جامعة حيفا، والخبير في الشؤون الدبلوماسية والأمن القومي، إن إسرائيل ستشتاق يوماً ما لصدمة وكارثة حرب 1973، في إشارة إلى أن ما يجري فيها، اليوم، لا يقلّ خطورة، نظراً لتراجع الأهلية القتالية، التي من شأنها أن تظهر الجيش عارياً في حال نشبت مواجهة عسكرية قريباً، كما حصل في الأيام الأولى من حرب 1973.
وتابع بار يوسيف، في مقاله التحذيري: “رياح حرب 1973 تهب مجدداً في مناطقنا، ليس فقط بسبب ذكراها الخمسين الوشيكة، بل بسبب تشابه الأوضاع الحالية مع الأوضاع التي سادت البلاد، عشيةَ اندلاع تلك الحرب قبل خمسة عقود. منوهاً لتراجع قوة الردع، وهجمات استفزازية من قبل رؤساء الائتلاف الحاكم، وقلّة المسؤولية المستمرة من قبل رئيس الوزراء نتنياهو.. كل ذلك يقرّبنا من حرب متعددة الجبهات”.
ويصبّ بار يوسيف الماء على طاحونة قادة الجيش، الذين يفضّلون مواصلة التصريحات والكشف للإسرائيليين عن حقيقة التحديات الخطيرة التي يواجهها جيش الاحتلال، بسبب تغلغل الخلافات في صفوفه، واتساع حركة العصيان في الاحتياط، إذ قال إن هذا واجبهم؛ أن يقرعوا جرس الإنذار، بدلاً من الرضوخ لطلبات نتنياهو بالصمت، كي لا يتجرأ الأعداء على إسرائيل.