التهديد الأوروبي الجديد الذي ينشر أبيرام زينو وأريك بندر تقريراً عنه في «معاريف» هو تهديد لا يمكن إدراكه. فاذا لم يقتنع الاتحاد الاوروبي بأنه توجد في اسرائيل آلية مصداقة لفصل الرقابة البيطرية بين اسرائيل والمناطق الأخرى خلف الخط الاخضر، بما في ذلك هضبة الجولان، يحتمل أن يقرر الاتحاد الوقف التام لاستيراد مشتقات الحليب والدواجن والمنتجات الحيوانية من اسرائيل كلها. وهذا هو تجسيد لسيناريو كارثي لم يحلم به أحد في اسرائيل في مثل هذه المرحلة المبكرة.
يخيل لي أن احتمال ان يحصل هذا يقترب من الصفر، حاليا. فقد أدخل الاوروبيون هذا الفيل الى الغرفة كي يتمكنوا من اخراجه في المرحلة النهائية. وفي منتصف الصالون لن تتبقى سوى العنزة، التي هي مقاطعة البضائع التي مصدرها المستوطنات، وهذا خطير بحد ذاته.
ومثلما قالت «معاريف» قبل بضعة أسابيع، ستكون هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها مقاطعة أوروبية ذات مغزى على منتجات تأتي من اسرائيل أو لها صلة بها.. إن التسونامي السياسي بات هنا، وهو يغطي نفسه بأسباب بيروقراطية، بيطرية، لوجستية وفنية، ولكنه حي ويرفس لنا في الرأس.
ينبغي لأمر واحد أن يكون واضحاً: هذه القصة مخططة. فهذا ليس الاوروبيون وحدهم. خلفهم، يختبىء الأمريكيون. فقبيل ولاية أوباما الثانية، تلك التي حاول رئيس الوزراء أن يمنعها، تقرر بين الادارة وبين الاتحاد الأوروبي طريقة عمل جديدة ضد حكومة نتنياهو، على فرض أن هذه ستواصل رفضها. فالولايات المتحدة لا يمكنها أن تفرض على اسرائيل عقوبات حقيقية، لأن الكونغرس لن يسمح لها بذلك. وفي البيت الابيض يعرفون موازين القوى، ولهذا فقد أخذ الاوروبيون مهمة العقوبات، أما الامريكيون فيلذعون نتنياهو بوسائل أخرى – كتأخير توريد الذخيرة أثناء الحرب مثلاً، وتقليص مظلة الاسناد الدولي، وأمور كهذه. أما الاوروبيون فأخذوا على عاتقهم العمل الأسود، والان يبدأ هذا بالتجسد امام ناظرينا.
ولم نتحدث بعد عما ينتظرنا في أعقاب «الجرف الصامد»، فقد قالت الوزيرة تسيبي لفني في نهاية الاسبوع إنه ستكون هنا انتفاضة سياسية موضع فخار، وبالضبط عندما يحصل هذا، قررت حكومة نتنياهو تنفيذ مصادرة الأراضي الأكبر في السنوات الاخيرة في غوش عتصيون. وكانت هذه المصادرة العنوان الرئيسي اليوم في الكثير جداً من الصحف والمواقع في العالم، بما فيها تلك التي تعطف بشكل عام على اسرائيل، وكان يفترض بهذا أن يكون «عقابا» للفلسطينيين على اختطاف الفتيان الثلاثة في غوش عتصيون، لكن التوقيت الحالي والوضع السياسي والرفض الاسرائيلي وصورة نتنياهو في العالم تجعل هذا الان رافعة هائلة للشتائم ضدنا.
في نهاية المطاف، بقيت الصيغة البسيطة صحيحة: يمكن لاسرائيل أن تحظى بحرية عمل أمني، فقط اذا ما ضمنت لنفسها ائتماناً سياسياً، أما رئيس الوزراء فملزم بأن يُمسك في يد واحدة بمطرقة 5 كيلوغرام وباليد الثانية غصن زيتون حقيقي وليس من البلاستيك، أما الغصن الذي يحمله بنيامين نتنياهو الان فليس سوى غصن وهمي، لا ينظر إليه العالم بجدية. في اللحظة التي يقع فيها عبء البرهان على كاهله، وليس على الطرف الاخر، تبدأ المشاكل. والان يتبين أنها تأتي بالجملة.
معاريف 2/9/2014
بن كسبيت