القاهرة ـ «القدس العربي»: على مدار يومي السبت والأحد 5 و6 مارس/آذار سعت الحكومة لبث السكينة في قلوب المواطنين الذين باتوا يواجهون تهديدات تحول بينهم وبين تحقيق الحد الأدنى من الواجبات الملقاة على عاتقهم تجاه أسرهم، بسبب الغلاء الذي أصاب السلع كافة.. وبدورها سعت الحكومة لمحاصرة الغضب الشعبي من خلال سياسة العصا الغليظة في مواجهة جشع بعض التجار، وفي هذا السياق أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية شن حملات رقابية مكبرة لمنع التلاعب في الأسعار وضبط الأسواق ومنع الممارسات الخاطئة.
وحذرت الوزارة البقالين وجميع المنافذ التموينية من بيع السلع التموينية بأعلى من الأسعار التي قررتها الوزارة. وطالبت المواطنين أصحاب البطاقات، بالتقدم بشكوى في حالة بيع البقال التمويني بأسعار تفوق الأسعار التي فرضتها الوزارة. وأكدت أن البيع بسعر يزيد عن السعر المعلن عنه يمثل جريمة يعاقب عليها القانون. وكشفت الوزارة عزمها تطبيق المادتين الثانية والسادسة من قرار وزير التموين رقم 217 لسنة 2017 المعدل بالقرار رقم 330 لسنة 2017، الذي نص على، أن بيع سلعة غذائية بأزيد من سعرها المعلن أو المدون بفاتورة البيع الضريبية، يعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزيد عن سنتين وبغرامة مالية قد تصل إلى 5 آلاف جنيه. وناشدت وزارة التموين المواطنين أصحاب البطاقات التموينية محاسبة البقال التمويني على أسعار السلع التموينية، وفقا للقائمة التي وضعتها وزارة التموين. من جانبه طالب جهاز حماية المستهلك، المستهلكين بضرورة معاونته في عملية ضبط الأسواق والارتفاع غير المبرر في الأسعار، من خلال الإبلاغ عن أي شكاوى أو مخالفة لديهم حتى يتمكن من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين وضبط الأسواق. وأعلن الجهاز عن تلقي البلاغات على الخط الساخن، أو من خلال التطبيق الإلكتروني “حماية المستهلك”. وفي السياق ذاته قال المهندس عبد المنعم خليل رئيس قطاع التجارة الداخلية في وزارة التموين، إن هناك اكتفاء ذاتيا من جميع السلع المصرية نتيجة ضخ 50 مليار جنيه لتوفير السلع مع التوسع في إنشاء المخازن، وكشف عن تحرك من وزارة التموين لمن يستغل الأزمة الحالية في رفع الأسعار، واحتكار السلع كاشفا عن قوانين رادعة وإجراءات شديدة في هذا الأمر.
ومن تصريحات المسؤولين التي تعكس تنامي القلق من مجاعة مائية تهدد مصر ودول شقيقة قال الدكتور محمد عبد العاطي خلال مشاركته في مؤتمر المياة في بغداد: مصر والعديد من الدول العربية تُعد من أكثر دول العالم التي تُعاني من الشح المائي، الأمر الذي استلزم وضع السياسات اللازمة وتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى للتعامل مع التحديات المائية. ومن أخبار التعليم والتصدي لمحو الأمية: أكدت وزارة التضامن أنها تستهدف بناء 34 ألف مدرسة مجتمعية خلال المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” مع مراعاة توفر الإمكانيات البشرية والمادية، حيث ستنفذ على 3 سنوات.
مشروع الأمير
أشاد الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، بتصريحات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي خلال حواره لمجلة «أتلانتيك» الأمريكية، الذي تحدث خلاله في عدد من القضايا الدينية؛ منها ما يتعلق بالفقه وعلم الحديث النبوي وغير ذلك. وأضاف الهلالي في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن الأمير محمد بن سلمان يتكلم من أمانته الدينية وتواضعه الجمّ، مؤكدا أن تصريحات بن سلمان مدروسة بعناية وعلى بينة وبلسان يحرك الماء الراكد للأصوب، والقضايا التي طرحها الأمير، شديدة الأهمية، وأتمنى من كل مسلم أن يطرح ما طرحه الأمير السعودي على نفسه، وليعلم كل منا أن أحدا لن ينفعه يوم لقاء الله، ولا بد من أن يتحمل المسؤولية وحده في الدنيا. وطالب الهلالي، أصحاب الخطاب الديني؛ أن يبينوا علومهم التي يعلمونها دون كتمان، مؤكدا أن كل من يتحدث في الخطاب الديني عليه أن يكون أمينا في نقل وإبلاغ الناس بكل ما يعلمه، حتى لو لم يكن مقتنعا به، مؤكدا أن هناك الكثير من الأمور المكتومة والمستورة عن الناس، بدعوى أن الناس لا تحتمل أن تتعلم، أو أن هذه الآراء التي يخفونها لا تصلح لنا، وكأنهم يعلمون ما يصلح لنا وما لا يصلح. وأشاد بالمشروع الذي طرحه بن سلمان بشأن إصدار صحيح جديد للحديث تصنف فيه الأحاديث إلى متواتر وآحاد، قائلا: «حق الأمير محمد بن سلمان أن يقوم بإصدار كتاب الصحيح، الذي يتناول تصنيف وتحميص الأحاديث بشكل تفصيلي لتثقيف عموم المسلمين، وعلى أصحاب الخطاب الديني أن يُخبروا الناس بكل ما يعلمون، والرسول صلَّى الله عليه وسلم يقول: «من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة».
لصوص المحنة
وننتقل إلى صراخ الجماهير من الغلاء حيث سعى زكي القاضي في “اليوم السابع” لصب غضبه على التجار: لا يمكننا أن نترك مكتسبات المرحلة لمن يهدرها، ولا يمكننا أن نجعل مستوى رضا الناس عن أحوال البلد متروكا في أيدى تاجر أو بائع أو في أيدى أصحاب المطاعم وغيرهم، ولا يمكننا أن نترك دورنا لغيرنا، فنبحث عمن يحل الأزمات ونحن موجودون، فالحقيقة أن وسائل الرقابة والشكاوى معلنة للجميع، ويمكن لأي مواطن في أي مكان في الجمهورية أن يتواصل مع الجهات المعنية للشكوى من ارتفاع الأسعار لدى تاجر أو مطعم أو مكان معين، وبدلا من الجلوس بالساعات على وسائل التواصل الاجتماعي في عمليات بحث ولايك وشير، لا جدوى منها، يمكننا في خمس دقائق أن نتقدم بشكوى في فلان الفلانى المسؤول عن ارتفاع الأسعار في منطقة بعينها. هل من المنطقى أن يجيبك بائع الفول والجرجير بأنه رفع الأسعار بسبب حرب روسيا وأوكرانيا، وهل من المنطقي أن ترتفع أسعار سلع موجودة لدى محلات السوبر ماركت وقد تم شراؤها بالأسعار القديمة. في معظم الأزمات يحدث ما يحدث في كل دولة في العالم، يوجد ما يمكن الإطلاق عليه مصطلح “حرامية الأزمات”، وهم أشخاص يستغلون الأزمات لرفع الأسعار وتحقيق المكاسب، وحين تضغط عليه بالسؤال يقول لك، أنا أشتري البضاعة بسعر مرتفع، وهو رد مسمم للغاية، فالبضاعة الجديدة فقط هي التي يشتريها بالسعر الأعلى، لكن البضاعة الموجودة لديه حاليا هي بضاعة بسعر أقل، ولا يجوز خلط الاثنين حتى يحقق منهما مكسبا، ومن هنا يجب على الجميع تعميم وسائل الرقابة والشكاوى في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وأمام العمارات والمباني وفي كل منطقة شعبية أو راقية، بحيث يضمن أي مواطن أن يقوم بدوره الرقابي والتشاركي مع الدولة في عملية ضبط الأسعار.
مصر الأخرى
في صدارة المحبطين بسبب المنزلق الذي نعيشه الدكتور الشافعي محمد بشير في “الوفد”: يوم الثلاثاء الماضي أول شهر مارس/آذار، نشرت جريدة “الوفد” في صفحتها الأولى الخبر التالي (قضت محكمة جنايات المنيا بإعدام 6 متهمين وعلى اثنين آخرين بالسجن المشدد عشر سنوات لقيامهم باختطاف طفل واحتجازه وإلقائه حيا في مصرف المحيط في مركز سمالوط شمال المنيا حتى لفظ أنفاسه الأخيرة بقصد طلب الفدية من أسرته).
والمصيبة الكبرى، أن المتهمين متعلمون وحاصلون على شهادات وتقترب أعمارهم من الثلاثين عاما أو تتجاوزها وتدور أحداث القضية خلال الفترة من 16 إلى 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011 عندما اختطفوا الطفل وأوثقوه بالحبال واقتادوه عنوة معصوب العينين والقوة إلى المصرف حتى أيقنوا غرقه قاصدين قتله للمطالبة بفدية مالية من أسرته. وكأننى كنت حاضرا تلك اللحظة المأساة للطفل، لكي تعيد إلى ذاكرتي مئات أو آلاف المآسي الإنسانية منذ أن بدأت إلقاء محاضراتى عن القانون الإنساني الدولي لطلاب كلية الحقوق، حتى أن طلابي في الكلية كونوا أسرة باسم “أسرة إنسان” مهمتها نجدة ومعاونة ضحايا المآسي والظروف الإنسانية الصعبة وكان ذلك دافعا لنشر مؤلفاتي عن قانون حقوق الإنسان، ومطالبتي المجلس الأعلى للجامعات، بأن يعتمد تدريس تلك المادة في جميع كليات الجامعات. واستجاب المجلس برئاسة الأستاذ الدكتور الإنسان مفيد شهاب، وقتما كان رئيسا لجامعة القاهرة، جزاه الله خيرا، وتخصصت في الدراسات العليا بالتركيز على الإنسانية وقانونها الدولي وممارساتي الشخصية في الحالات والقضايا الإنسانية التي نشرت عنها عدة مقالات، ما جعلني أنزعج بشدة من الخبر الذي نشرته جريدة “الوفد” في صفحتها الأولى يوم الثلاثاء الماضي وجعلتنى أتساءل: ما الذي جرى فيك يا مصر التي كنا وما زلنا وغنينا لها الأناشيد في المدارس (مصر.. مصر أمنا وحبنا) (مصر التي في خاطري وفي فمي أحبها من كل روحي ودمي يا ليت كل مصري يحبها مثلي أنا.. مثلى أنا) مصر التي حملنا السلاح من أجل الدفاع عنها في الحروب، ولو متنا في سبيلها فكيف يحدث فيها ما حدث للطفل الذي اتمثل فيه أولادي وأحفادي.
من الفائز؟
اهتم مصطفى السعيد في “الأهرام” بالبحث عمن سيحقق الانتصار في الحرب الدائرة الآن: الآثار الجانبية للعقوبات بدأت في الظهور على أوروبا والولايات المتحدة، فأسعار الغاز ارتفعت لنحو ثلاثة أضعاف، وقفز البترول إلى 120 دولارا للبرميل، وسعر القمح زاد 30% دفعة واحدة، دون أن توقف روسيا أو حتى تخفض صادراتها من الغاز والنفط والقمح، فماذا سيكون الحال لو أوقفت روسيا ضخ الغاز والنفط، الذي يشكل نحو 40% من احتياجات أوروبا؟ أو القمح الروسي والأوكراني الذي يمد العالم بنحو 30% من احتياجاته؟ هذا التساؤل وحده أربك دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لكن هناك ما هو أخطر، فقدرة روسيا على إيجاد بديل لصادراتها من الغاز والنفط والقمح متوافرة، ويكفيها سد احتياجات الصين والهند، أما بدائل أوروبا للغاز الروسي فباهظة التكلفة إن توافرت، وإذا أضفنا أن روسيا تصدر أيضا عددا من المعادن النادرة والضرورية للصناعات الأوروبية والأمريكية، وكذلك محركات صواريخ الفضاء التي لا ينتجها غيرها، وتحتاج الولايات المتحدة وألمانيا إلى سنوات طويلة لكي تتمكن من إنتاج بديل لها، ولهذا نجد أن دول الناتو هي التي ستعاني، لأن واردات روسيا من أوروبا متوافرة لدى الصين، أما الولايات المتحدة فقد وقعت في خطأ استراتيجي، عندما راهنت بأهم أوراقها وهو منظومة السويفت، التي جعلتها المتحكمة في النظام المالي العالمي، ووضعت الدولار على قمة العملات، فروسيا والصين متأهبتان لإطلاق منظومة بديلة، ستعاني لبعض الوقت في البداية، لكن ستزداد فعاليتها وتتوسع شبكتها، مستفيدة من اضطرار أوروبا إلى دفع ثمن الغاز والمعادن ومحركات صواريخ الفضاء عبر المنظومة المالية البديلة، واليوان الصيني مهيأ لأن يكون العملة العالمية الجاهزة لاحتلال مكان الدولار، معززا بالغطاء الذهبي الذي يزيده ثقة وضمانا، وفي هذه الحالة ستكون الضربة الارتدادية أقوى مرات من العقوبات الأوروبية – الأمريكية، وسينزل الدولار عن عرش العملات ومعه الاقتصاد الأمريكي، ليحدث أكبر انقلاب في موازين القوى على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية، والمؤكد أن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة استشعرت خطر الإقدام على هذه الخطوة من جانب روسيا والصين، نتيجة إبعاد البنوك الروسية عن منظومة سويفت، وتحاول تدارك ذلك باستثناء عدد من بنوك روسيا من قرار الإبعاد، وإلا فإن العواقب ستكون أسوأ بكثير، وتكون روسيا والصين أقرب إلى كسب الحرب الاقتصادية النووية.
سيدفع الثمن
أكد طارق عباس في “المصري اليوم”، أن الروس عندما انطلقوا في حربهم ضد أوكرانيا، كانوا على يقين من أن تكلفتها ستكون باهظة على كل المستويات: «السياسية والعسكرية والاقتصادية»، لكنهم مع ذلك مضطرون إليها، خاصة أن أوكرانيا التي كانت حتى الأمس القريب جزءا من الدولة السوفييتية، باتت تسعى للانسلاخ عن روسيا والارتماء في أحضان حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ما يعني للروس وجود قواعد غربية على حدودهم وازدياد النفوذ الغربي عليها. وما سيمثله ذلك من تهديد أمني خطير لروسيا، الأمر الذي يصعب على رجل مثل الرئيس الروسي بوتين أن يسكت عليه، أو يغض الطرف عنه، كان أمام الأخير واحد من خيارين: إما أن يقف متفرجا على الغرب، وهو يزحف على بلده ويهدد أمنها ويتركها فريسة للألاعيب والحيل التي سبق أن تسببت في انهيار الاتحاد السوفييتي، أو التحرك سريعا ومهاجمة أوكرانيا ونزع سلاحها والحد من قدراتها العسكرية قبل فوات الأوان. بالطبع وقف أمام بوتين الأمريكيون والأوروبيون بالمرصاد، وأنذروه وحذروه وهددوه بعقوبات اقتصادية غير مسبوقة في التاريخ، لكن بوتين لم يُعِر تلك التهديدات والتحذيرات أي اهتمام، وفى فجر يوم 24 فبراير/شباط الفائت دارت عجلات الحرب، ومعها انهالت العقوبات فوق رأس الروس، وجُمدَت الأصول الروسية وأُخرِجَ البنك المركزي من محفظة التعاملات الغربية ومُنِعَ الطيران الروسي من التحليق فوق الأجواء الأوروبية والأمريكية وأوقف التعامل بالدولار، وبالتالي شُلَت المعاملات التجارية من وإلى روسيا، والمقصود من كل هذا لخصه الرئيس الأمريكي بايدن أمام الكونغرس بقوله: «سيمكننا بهذه العقوبات إضعاف روسيا اقتصاديا وعسكريا، وسيكون العالم الحر بعد انتهاء هذه الحرب أكثر قوة»، فهل سيكون العالم فعلا أكثر قوة كما يدعي الرئيس الأمريكي؟
عالم جديد
يرى طارق عباس أن العالم الذي يصفه جو بايدن بالحر هو في حقيقته غير حُر، وأسير ازدواجية المعايير، لأنه بالأمس القريب ترك الأمريكيون يهدمون العراق وأفغانستان بحجة امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل وضرورة حماية الأمن العالمي، قاصدين نشر الخوف وثقافة الغاب التي تمكن القوى من الضعيف، وعلى الرغم من تلك الجرائم لم يحرك أحد ساكنا، ولم يصطف هذا العالم الحر في مواجهة الأمريكيين الغزاة والتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبوها، في الوقت الذي ينظر فيه للحرب الروسية على أنها غزو لبلد هو في الأصل سوفييتي، الأمر الأكثر خطورة كامن في إصرار الغرب على توريط أوكرانيا في هذه الحرب، لأنه لو أراد سلامتها لوافق فورا على ضمها لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي. وضمن لها الحماية من أي مخاطر سوف تواجهها، بدلا من أن يمدها بالأسلحة الدفاعية في لحظات السقوط التي تتعرض لها، خاصة بعد سيطرة الروس على الشريط الساحلي على بحر أوزوف، ودخول أكبر المدن الأوكرانية «خيرسون» ومحاصرة «خركيف ومريوبول» وتمكين الانفصاليين ـ المدعومين من روسيا ـ من السيطرة على «لوغانسك ودونيتسك»، والأهم من ذلك كله محاصرة العاصمة «كييف» ومهاجمة مرافقها الحيوية ومستودعات الطاقة ومبنى الإذاعة والتلفزيون، بل السعي إلى فصل العاصمة عن حدودها الغربية لمنع وصول المساعدات العسكرية إليها. العالم لن يكون أقوى أبدا بعد انتهاء هذه الحرب ـ كما يدعى الرئيس الأمريكي ـ لأن هذه الحرب قد لا تنتهي في الأساس إلا بتدمير العالم، عندما ييأس الروس من تحقيق النصر وربما ـ حفاظا على هيبتهم ـ يلجأون لاستعمال السلاح النووي، الذي لن يبقي على أحد، ولن يكون في ظله منتصر أو مهزوم، وإنما سيكون الكل خاسرا، والكل سوف يدفع الثمن.
خطأ في الحسابات
بلهجة حادة.. أدان الرئيس الأوكراني زيلينسكي موقف حلفائه الغربيين في حلف “الناتو” بعد تجديدهم رفض مطلبه بفرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا. وبدوره يقول جلال عارف في ” الأخبار” إنه من الطبيعي أن يطلب الرئيس الأوكراني أقصى الحماية من الحلفاء، لكن الحرب لها حساباتها التي يدفع من يتجاهلها أثمانا فادحة. وقد كان على زيلينسكي منذ البداية أن يعرف حدود مواقف كل الأطراف. صحيح أن أمريكا كانت تشجعه على التصلب في موقفه، وأن “الناتو” كان يكرر – قبل الغزو – رفضه القاطع لأي قيود على رغبة أوكرانيا أو غيرها في الانضمام إليه. لكن الخطاب السائد منذ بداية الأزمة أنه لا أمريكا ولا دول أوروبا ستحارب في أوكرانيا. ستدعم بالمال وبعض السلاح والموقف السياسي والعقوبات القاسية، لكنها لن تذهب لمواجهة عسكرية مع روسيا يمكن أن تكون البداية لحرب عالمية شاملة بأي حال من الأحوال. ومع بداية الغزو كانت إجراءات الرد الغربي تتصاعد، ولكن كانت القاعدة الأساسية هي أنه لا تدخل عسكري مباشر من دول “الناتو”. الرئيس الفرنسي قال بوضوح إن الرئيس الأوكراني اختار المقاومة وسنساعده، لكننا لسنا في حرب مع روسيا. وتحركت قوات من دول “الناتو”، إلى داخل الدول الأعضاء القريبة من مناطق الحرب، ولكن دون أي مشاركة مباشرة في القتال الدائر في أوكرانيا. الموقف واضح من البداية وازداد التمسك به بعد تصاعد المخاوف من صدام أكبر مع إجراءات الاستنفار النووي من الجانبين الروسي والغربي، التى استلزمت أن تعود القناة السرية للتواصل بين مخابرات أمريكا وروسيا للنشاط من أجل تجنب أي خطأ في هذا الملف الخطير. اللهجة المريرة التي يتحدث بها “زيلينسكي عن رفض “الناتو” فرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا لا تدل إلا على خطأ في الحسابات ولا شك في أن كل أطراف الصراع قد أخطأت بعض حساباتها بشكل أو بآخر فكانت هذه الحرب المدمرة. يدفع شعب أوكرانيا الفواتير، الأكبر لهذه المأساة. غريب ألا يدرك الرئيس الأوكراني حتى الآن أن أوكرانيا ليست إلا ساحة للحرب وضحية لها.
عنصرية لا تموت
فى الأيام الماضية، والكلام لداليا شمس في “الشروق” طالعتنا الوجوه المختلفة على الشاشات لتقول بتلقائية شديدة ما معناه، إن هناك فارقا كبيرا بين لاجئي سوريا والعراق وأفغانستان، والنازحين الأوكرانيين، وإن هؤلاء المنكوبين من أصحاب البشرة البيضاء والشعر الأصفر، الذين يسكنون في الجوار ويركبون سيارات مثل سائر الأوروبيين لا يمكن مقارنتهم بأبناء البلاد البعيدة، الذين كُتب عليهم اللجوء والسير على الأقدام حاملين بقجهم. هذا بخلاف ما ورد على الإنترنت من شهادات مسجلة بالصوت والصورة، تبين سوء المعاملة التي تعرض لها أصحاب البشرة الداكنة على الحدود مع بولندا مثلا، كما لو كان الفرار من الموت حقا للبيض دون سواهم، أما السُمْر فكان يتم أحيانا منعهم من الصعود لحافلات نقل المسافرين. انتشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يبين كيف تم انتزاع سيدة نيجيرية تحمل طفلا رضيعا من القطار لكي يحظى بكرسيها شخص آخر، أما تغريدات مواطنها ألكسندر سومتو (NZE) فقد ورد فيها تعرضه ورفاقه للإهانة بالروسية والأوكرانية عند محاولتهم مغادرة مدينة كييف باتجاه وارسو، لكن عندما اكتشف جلادوهم أنهم يفهمون اللغة، وأنهم قاموا بتسجيل مشاهد التوبيخ والتحقير لهم بالفيديو تراجعوا قليلا. الفيديوهات تفضح مثل هذه الممارسات وقد رأينا ذلك عدة مرات من قبل في الولايات المتحدة الأمريكية، حينما اندلعت مظاهرات منذ التسعينيات على خلفية انتشار تسجيل يظهر سوء معاملة أمريكيين من أصول أفريقية، كان آخرها حادثة مقتل جورج فلويد في مايو/أيار 2020، وانبرى المحللون في شرح جذور العنف وارتباطه بميراث العبودية والاستعمارية، رغم النضال الطويل لحركة الحقوق المدنية في الستينيات.
حضارة هشة
على عكس ما نظن هناك كما تشير داليا شمس علاقة وثيقة بين العنصرية والحداثة التي تقوم على ديناميات تضمين وإدماج من ناحية، وديناميات استبعاد من ناحية أخرى، إذ تسعى نحو توحيد النظم المعيارية وتوسع الأسواق، وفي الوقت ذاته نحو فرض التبعية على الأطراف الجيو ــ اقتصادية وترسيخ تراتبية العناصر المكونة للمجتمع. بعض المتخصصين في الشأن الأوروبي تحدثوا في بدايات الألفية الثانية عن حرب الأعراق ونظام أوروبي جديد، موضحين أنه منذ سقوط حائط برلين، وما تلاه من انهيار الاتحاد السوفييتي واندلاع حرب الخليج ونحن بصدد مرحلة مختلفة عما سبق في السبعينيات والثمانينيات، خط فاصل شهدنا من بعده توجها أكبر نحو تقسيم الجماعات الإنسانية إلى أجناس في مراتب متباينة، صار المسلمون مثلا وأصحاب البشرة الداكنة موضع اتهامات دائمة لاختلافهم الثقافي، وتكررت الحوادث التي تبرز ذلك. ربما لم يعد من اللائق استخدام ألفاظ وعبارات معينة حين نتكلم عن هؤلاء «المختلفين»، لكن الممارسات في أرض الواقع ظلت تذكرهم باختلافهم، وتجعلهم موضعا للانتقاد والشك لأنهم لا يحملون القيم الغربية السائدة ولا الملامح الشخصية. اختفت القطبية الثنائية وسادت التوجهات الليبرالية التي توحي بتراجع دور الدولة القومية أمام القوى التي تتخطى الحدود الوطنية، لكن في ظل كل هذه التغيرات عادت الحروب والصراعات المسلحة إلى الظهور كوسيلة للتدخل في مناطق تعتبر ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية حيوية، شهدنا رغبة في إعادة رسم خرائط العالم وفقا للمصالح والأهواء، ما نتج عنه نزوح الملايين من البشر وارتفاع عدد اللاجئين والمهاجرين، بشكل غير مسبوق. تنامت النبرة الشعبوية وعادت النزعات القومية للخروج إلى العلن، وتصاعدت التيارات اليمينية المتشددة، ما جعلنا نشهد حاليا ما نشهده من مظاهر عنصرية وفاشية، وكأننا رجعنا قرنا إلى الوراء. تحتاج أوروبا إلى الأيدي العاملة، لكنها تتبنى سياسات هجرة عجيبة غريبة تزيد من تفاقم المشكلة ومن الممارسات العنصرية. في الآونة الأخيرة، مع كورونا والحروب، شعرنا بمدى هشاشة ما كنا نظنه حضارة وحداثة. عاد الوجه القبيح للعنصرية والفاشية في كثير من الفجاجة.
عيونهم زرقاء
نبقى مع ما أسفرت عنه الحرب بصحبة خالد حريب في “البوابة”: عند تعامل الإعلام الغربي مع قضية اللاجئين الأوكرانيين، كان واضحا كمية العنصرية التي بثها في قضية اللجوء عموما والأوكرانيين بشكل خاص وعلى أكثر من فضائية، وأكثر من وسيلة إعلام مقروءة، ترددت جملة العيون الزرقاء والبشرة البيضاء، وأنه من غير المسموح به تشريد هؤلاء بسبب الحرب، وهو ما يعني ضمنا أن التشريد والشتات مسموح به للأفارقة والعرب وفقراء آسيا، أما الأوروبيون فهم أصحاب دماء نقية تختلف في تكوينها عن الضحايا الآخرين. وعلى سبيل المثال ما كتبه السياسي السابق في حزب المحافظين البريطاني دانيال هانان في صحيفة “تلغراف” البريطانية مشيرا إلى أن الضحايا الأوكرانيين “يبدون مثلنا جدا، وهذا ما يجعل الأمر مثيرا للصدمة بدرجة كبيرة”، وحسب ترجمة موقع “شفق نيوز” لما كتبه السياسي البريطاني نقرأ قوله “أوكرانيا بلد أوروبي، وشعبها يشاهد نتفليكس والمواطنون لديهم حسابات على أنستغرام، ويصوتون في انتخابات حرة، ويقرأون صحفا غير خاضعة للرقابة. الحرب لم تعد شيئا يتعرض له سكان فقراء وبعيدون. يمكن أن يواجهها أي شخص”. هذه التفاهة التي يعيشها ابن القارة العجوز وهذا التلاسن في قضية إنسانية من الدرجة الأولى، يجعلنا نتأكد من ازدواجية معايير المجتمع الدولي، وأننا في مصر على الأقل يجب أن لا نراهن إلا على مصريتنا. لم يكن السياسي البريطاني يغرد منفردا عن السرب، ولكن كبير مراسلي شبكة “سي بي أس نيوز” الأمريكية تشارلي داجاتا، خلال بثه رسالة له من كييف يوم الجمعة الماضي، قال “هذا ليس مكانا مثل العراق أو أفغانستان، التي شهدت نزاعات مشتعلة منذ عقود”، مضيفا “هذه مدينة متحضرة نسبيا، وأوروبية بمستوى ما، ومدينة لا تتوقع أو تأمل حدوث ذلك فيها”. لو أن مرصدا غير متمول تفرغ لرصد كمية التصريحات المعادية لنا في هذه الحرب، لاستطاع أن يقدم الحجة الدامغة على أننا نعيش على كوكب حقير تقود دفة الحياة فيه مجموعة من الانتهازيين مصاصي الدماء يتقدمهم ساكن البيض الأبيض ولا ينتهي طابورهم عند أصغر ديكتاتور في جمهوريات الموز.
بلطجة أولياء الأمور
نتحول نحو أوضاع التعليم المؤسفة التي اهتم بها محمود دياب في “الأهرام”: تكرر سيناريو الاعتداء الذي وقع أوائل الشهر الماضي من قبل عدد من أولياء الأمور على المعلمة التي رفضت الغش في الامتحانات داخل لجان مدرسة الشهيد الشقري في السنبلاوين في محافظة الدقهلية، حيث اقتحمت إحدى السيدات ومعها شاب بلطجي يرتدى عدة سلاسل في رقبته صباح الأربعاء الماضي مدرسة عثمان أحمد عثمان الإعدادية بنات في شارع الهرم في الجيزة وقامت هذه السيدة بالتعدي بالأيدي والإهانة اللفظية على الإخصائيات الاجتماعيات، وقامت بتمزيق ملابس مديرة المدرسة بسبب قيام المدرسة باستدعاء ولي أمر إحدى الطالبات للعثور معها على موبايل، الممنوع بقرار وزاري، مع الطلاب داخل المدارس، أثناء قيام الإخصائية الاجتماعية بعمل بحث اجتماعي للطالبة للحصول على مساعدات. وقد ادعت هذه السيدة في البداية أنها أمها ثم تراجعت بعد ذلك وقالت إنها إحدى قريبات الطالبة، وتبين أنها موظفة في وزارة الثقافة من خلال الاطلاع على بطاقتها الشخصية، وللأسف الشديد تم حدوث هذه الواقعة المؤسفة والمحزنة أمام وكيل إدارة العمرانية التعليمية الذي تواجد بالصدفة بالمدرسة، ومع ذلك تمت تسوية الموضوع وترك المعتدين يرحلون وهم يهددون بتأديب أعضاء المدرسة رغم انه من المفروض أن يتم القبض عليهما، لأن ذلك اعتداء على موظفين عموميين أثناء تأدية عملهم. فإلى متى يستمر هذا السيناريو ضد عناصر العملية التعليمية.
شيكولاته لمكة
فى حلقة «صاحبة السعادة» التي وصفها الدكتور خالد منتصر في “الوطن” بالرائعة مع النجم محمد صلاح، ظهر وجه آخر غير وجه لاعب كرة القدم المحترف، وهو وجه المربي لبنتين جميلتين «مكة وكيان»، رب الأسرة الذي رغم مشاغله المتعدّدة وازدحام جدوله الرهيب، إلا أنه يضع جدولا صارما للتربية، يحقّق فيه المعادلة الصعبة ما بين عشق البنت لأبيها واحترام المعايير والمقاييس التي يضعها لصحتها الجسدية والنفسية والعقلية، كتبت من قبل أن سر نجاح صلاح ونجوميته ليس أنه لاعب كرة حريف فقط، ومراوغ سريع فقط، وهداف متفوق فقط، ولكن لأن مسامه العقلية والروحية انفتحت لتتشرّب الثقافة الغربية، وهذا لا يعني الانسحاق أو الدونية على الإطلاق، ولكنه يعني فك شيفرة وأبجديات الحداثة، وعلى رأسها أسلوب تربية الطفل هناك والتعامل معه كثروة بشرية وعضو فاعل في المجتمع، لا بد أن نحافظ عليه، لأنه ليس ملكا خاصا للأب والأم. أضاء صلاح عدة نقاط في غاية الأهمية في حواره مع الجميلة إسعاد يونس، ليس كل ما يحبه الطفل ويمتعه هو مفيد، ويجب الانصياع له، فليس هناك في العالم أجمل من الشيكولاتة، ولا يوجد كائن بشري في الكون يكره طعم الشيكولاتة، ورغم ذلك فالنجم محمد صلاح لا يعطى ابنته مكة إلا قطعة شيكولاتة واحدة في الأسبوع، تعجّب الكثيرون وصدموا من هذا التصريح، رغم أن صلاح طبّق فيه معايير الجمعيات العلمية العالمية لطب الأطفال بالحرف، واستفاد من تحذيراتهم ضد الإفراط في الشيكولاتة، لدرجة منعها النهائي قبل عمر السنتين، صلاح بهذا التصريح يضع قاعدة صحية مهمة في التربية، فهو يدرك جيدا الشيكولاتة وتأثيرها في الأسنان واللثة، والأهم يدرك تأثير الكافيين على الجهاز العصبى للأطفال، حتى قطعة الشيكولاتة التي يمنحها كهدية هو يدرسها طبقا لتلك الثقافة التي تشرّبها والت علمته أن يعود إلى المرجع العلمي لطلب الحقيقة، فيسأل هل يقدم شيكولاتة بيضاء أم غامقة؟ وما نسبة السكر والكافيين في كل منهما، إلخ، وهذا يقتل ثقافة الفهلوة اللاعلمية العشوائية التي تسكن أمخاخ الكثيرين عندنا، ويؤكد على طلب الإجابة من مرجع العلم الصحيح.
دمه بارد
أطلق الفنان حسين فهمي، العديد من التصريحات النارية التي نقلها عنه حسين شمعة في “الجمهورية”، عقب تكريمه في مهرجان الأقصر للسينما الافريقية. وقال فهمي: السينما عندي دراسة، واعتذرت عن أدوار كثيرة لأنني أستطيع عمل أدوار مختلفة، ودرست كثيرا وعندما كنت أجسد دورا أحاول فهم الشخصية ودراستها قبل أن أقدمها، حتى أعرف طبيعة كل شخصية، حتى أننى حين قدمت فيلم “جري الوحوش” لجأت للطبيب لكي أعرف نوع المرض الذي سأقدمه وتفاصيله”. وأضاف حسين فهمي: تعرضت للكثير من الانتقادات خلال مشواري الفني، خاصة بعدما فضلت التمثيل عن الإخراج، مشيرا إلى أنه تعرض لهجوم كبير في هذا الوقت من الإعلامي مفيد فوزي وأحمد صالح.
وأضاف “مفيش حد مكنش بيستلمني، وأنا بروح السينما ألاقي الجمهور بيبقى مبسوط من الفيلم، كان كل يوم مفيد فوزي يكتب: حسين فهمي فنجان قهوة بارد في يوم ساقع”، وتابع: “الأسبوع اللي بعده حسين فهمي، تلاجة 14 قدم، فا أنا كنت لازم أثبت أني ممثل، وبدأت آخذ جوائز. وفيما يخص رأيه في المهرجانات الفنية، أكد أنه من الممكن أن يصنع مهرجانا سينمائيا في أي مكان في العالم، بشرط أن نفكر خارج الصندوق، والمهرجان يجب أن يكون فيه شكل، زي مهرجان كوميدي، مهرجان رعب، وواحد صاحبي قالي عايز أعمل مهرجان سينما في الغردقة، قلت له لأ، الغردقة، مينفعش فيها مهرجان سينما، أصل فيه مهرجان في الجونة، فقلت له إعمل مهرجان سباق للمراكب، زي بره”. وأكد: “لازم نفكر خارج الصندوق، ممكن يبقى في طنطا فيه مهرجان، أو بنها، أو أسيوط، بس مش ضروري أن الأفلام زي بعضها، إحنا لازم نفكر ونعمل مهرجانات، والمهرجانات لازم تكتر، لأن السينما عالم تاني خالص عالم جميل رائع”.