غزة- “القدس العربي”: رغم اتصالات التهدئة القائمة لإرساء تهدئة إنسانية مؤقتة في قطاع غزة، صعدت قوات الاحتلال، خلال الساعات الماضية، من هجماتها الدامية ضد كافة مناطق قطاع غزة، ما رفع عدد الشهداء والجرحى، وزاد من المأساة الإنسانية خاصة في مناطق شمال القطاع.
وحسب وزارة الصحة فقد ارتكبت قوات الاحتلال 10 مجازر جديدة ضد العائلات في قطاع غزة، خلال الساعات الـ 24 الماضية، راح ضحيتها 97 شهيدًا و123 إصابة.
واستشهد 9 مواطنين وأصيب آخرون جراء قصف طائرات الاحتلال حيًا سكنيًا بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة، حيث جرى نقلهم بعد عناء إلى أحد المشافي القريبة.
كما استشهد شابان وجرح آخرون في قصف الاحتلال منزلاً في شارع الهوجا بمخيم جباليا، كما استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي منازل لعائلة الغندور والكيلاني شمال غزة، ما أوقع عدداً من الشهداء والإصابات، جرى نقلها إلى مستشفى كمال عدوان.
وذكرت مصادر محلية أن جيش الاحتلال شن غارات بالطيران الحربي والمدفعية على العديد من المناطق الشمالية والشرقية لشمال قطاع غزة.
وفي مدينة غزة، أعلنت وزارة الصحة عن سقوط عدد من الشهداء، جراء استهدافات جديدة لجيش الاحتلال، حيث وصل 9 شهداء إلى مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة.
لازاريني: يقشعر بدني عندما أفكر في ما سيتم الكشف عنه من أهوال وقعت في هذا الشريط الضيق من الأرض
وأصيب عدد من المواطنين في قصف الاحتلال شارعَ الرشيد الساحلي، مقابل وسط قطاع غزة، فيما قصفت مدفعية الاحتلال المناطق الغربية لحي الزيتون جنوب مدينة غزة.
كذلك استشهد عدد من المواطنين، وأصيب العشرات بجروح مختلفة، في قصف الاحتلال منزلاً في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وقال شهود عيان إن عدداً من المواطنين استشهدوا، وأصيب آخرون، جراء قصف المنزل الذي يعود لعائلة “السدودي” بالمخيم.
وفي مدينة خان يونس، واصلت قوات الاحتلال هجومها البري العنيف، والذي وسع هجاته على المدينة منذ ثلاثة أيام، حيث قامت تلك القوات، خلال الساعات الماضية، بشن سلسلة غارات جوية استهدفت عدة منازل، كما شنت المدفعية الإسرائيلية هجمات أخرى، تركز غالبيتها على مدينة حمد السكنية شمال المدينة.
وذكرت مصادر طبية أنه وصل إلى مشفى غزة الأوروبي في المدينة 25 شهيداً، 17 منهم ارتقوا في قصف لمنزل عائلة الفقعاوي، حيث تمكنت طواقم الدفاع المدني بصعوبة من انتشال عددٍ من الأحياء من تحت ركام القصف العنيف.
كما انتشلت طواقم الإسعاف جثمان الشهيد أشرف علي القصاص (55 عاماً) قرب الهلال الأحمر بخان يونس، بعد فقدانه قبل أسبوعين تقريباً، كما جرى انتشال جثمان الشهيد إبراهيم حسن إسماعيل القصاص (24 عاماً) من وسط المدينة، بعد فقدانه قبل شهر تقريباً.
واستمرت الغارات أيضاً ضد مدينة رفح، حيث ارتفع عدد الشهداء، خلال الساعات الأربع وعشرين الماضية، إلى ١٧ شهيداً، جراء قصف عدد من المنازل شمال ووسط المدينة.
وفي حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الشهداء جراء العدوان المتواصل على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 30631، إضافة إلى 72043 إصابة.
ولا يزال أيضاً هناك آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، بسبب قلة الإمكانيات المتوفرة لطواقم الدفاع المدني، وفي ظل منع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف إليهم.
وفي السياق، أبقت سلطات الاحتلال على تشديد إجراءات الحصار على مناطق شمال قطاع غزة، ما فاقم من معدلات الجوع وسوء التغذية، التي وصلت إلى مستويات عالية، حيث ذكرت مصادر محلية أن جيش الاحتلال حال دون دخول العديد من شاحنات المساعدات الثلاثاء، في وقت تمكنت فيه عدة طائرات شحن كبيرة، من إلقاء كميات كبيرة من المساعدات جواً على تلك المناطق.
وحسب المعلومات، فإن عدة طائرات أردنية ومصرية وفرنسية وأمريكية، نفذت، الثلاثاء، أكبر عملية انزال جوي للمساعدات منذ بدء الحرب، فوق مناطق شمال القطاع.
واحتوت المساعدات على طرود غذائية ووجبات جاهزة للأكل، غير أن هذه العمليات لا تكفي احتياجات السكان الذين يعانون من قلة الأكل وسوء التغذية.
وكانت قوات الاحتلال قد شنت، خلال اليومين الماضيين، عدة غارات استهدفت منتظري المساعدات الغذائية التي تمرّ إلى مدينة غزة والشمال.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن الاستهدافات المتكررة لمنتظري المساعدات تمثل “إمعاناً في تعزيز المجاعة وتكريس الحصار”.
وكانت أكبر مجزرة لمنتظري المساعدات تلك التي حصلت في منطقة غرب مدينة غزة على شارع الرشيد، والتي سقط فيها 118 شهيداً، ومئات الجرحى.
إلى ذلك فقد أكدت منظمة الفاو أن 80% من سكان غزة يصنفون بأنهم في وضع الكارثة والمجاعة بسبب الجوع، وأشارت المنظمة إلى أن 25% من سكان قطاع غزة في مناطق الشمال والوسط في وضع كارثي نتيجة انعدام الغذاء.
وفي السياق، حذّرت منظّمة الصحة العالمية من أن عشرات الأطفال يموتون جوعاً في مشافي شمالي قطاع غزة جراء النقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية.
يشار إلى أن المفوض العام لـ “الأونروا” فيليب لازاريني قال إن 5% من سكان غزة إما قُتلوا أو جرحوا أو فقد أثرهم. وذكر أن معاناة السكان يستحيل وصفها بالشكل الملائم، إذ يضطر الأطباء إلى بتر أطراف الأطفال المصابين بدون تخدير، وينتشر الجوع في كل مكان وتلوح في الأفق المجاعة التي هي من صنع البشر.
وجاء ذلك في كلمه له خلال اجتماع عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول عمل الوكالة المعنية بغوث وتشغيل لاجئي فلسطين، حيث أشار لازاريني إلى مقتل أكثر من 100 شخص، قبل أيام، أثناء سعيهم اليائس للحصول على الطعام، فيما يموت أطفال لا تتعدى أعمارهم بضعة أشهر بسبب سوء التغذية والجفاف.
وقال: “يقشعر بدني عندما أفكر في ما سيتم الكشف عنه من أهوال وقعت في هذا الشريط الضيق من الأرض.
ما مصير نحو 300 ألف شخص معزولين في الشمال، انقطعت عنهم الإمدادات الإنسانية؟ كم من الأشخاص ما زالوا تحت الأنقاض بأنحاء قطاع غزة؟ ما الذي سيحدث لنحو 17 ألف طفل أصبحوا يتامى، تم التخلي عنهم في مكان تزداد خطورته وانعدام القانون فيه”.
وأشار إلى خطورة أي هجوم على رفح، حيث يتركز وجود نحو 1.4 مليون نازح وشيك. وأكد عدم وجود مكان آمن أمام سكان غزة، يمكن أن يتوجهوا إليه.
وأضاف: “على الرغم من كل الأهوال التي عاشها أهل غزة، والتي شهدناها، إلا أن الأسوأ ربما لم يأتِ بعد”.
لازاريني: الأونروا غير قادرة على امتصاص الصدمات المالية، خاصة في ظل استمرار الحرب في غزة، التي أوصلتها إلى “حافة الانهيار”
وأشار لازاريني إلى أن محكمة العدل الدولية أصدرت، في السادس والعشرين من كانون الثاني/يناير، أمراً ملزماً قانوناً يتضمن تدابير مؤقتة تتعلق بالفلسطينيين في غزة، تشمل مطالبة إسرائيل باتخاذ كل التدابير التي بمقدورها لمنع ارتكاب أعمال تقع في نطاق المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
ويشمل ذلك، كما قال، تمكين تقديم الخدمات والمساعدات الأساسية التي تشتد الحاجة إليها. وأضاف أن هذا الأمر صدر في سياق حرب أدت خمسة أشهر فقط منها إلى مقتل أطفال وصحفيين وعاملين صحيين وموظفين بالأمم المتحدة، بأعداد تفوق أي مكان آخر بالعالم أثناء الصراعات.
وأشار لازاريني إلى أن السلطات الإسرائيلية أخبرته، قبل أسبوع من صدور حكم محكمة العدل الدولية، أن “12 من بين 30 ألف موظف في الأونروا، يُدّعى أنهم شاركوا في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر المروّعة”.
وأضاف أنه لم يتلق أي معلومات أخرى بهذا الشأن منذ ذلك اليوم، لافتاً إلى أن خطورة الادعاءات تطلّبت منه القيام بعمل عاجل، حيث أنهى عقود الموظفين المعنيين من أجل صالح الوكالة.
وأشار إلى سير عمليتين متوازيتين هما: تحقيق مستقل يجريه مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية للكشف عن الحقائق بشأن هذه الادعاءات، وبشكل منفصل تجري مراجعة مستقلة، بتكليف من الأمين العام، لنهج الأونروا بشأن التعامل مع إدارة المخاطر والحياد.
وعلى الرغم من التدابير العاجلة والحاسمة والطبيعة غير الموثقة للادعاءات، كما قال لازاريني، “علقت 16 دولة تمويلها للأونروا بإجمالي 450 مليون دولار، محذراً من أن “الأونروا” غير قادرة على امتصاص الصدمات المالية، خاصة في ظل استمرار الحرب في غزة، التي أوصلتها إلى “حافة الانهيار”.
وشدد لازاريني، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، على ضرورة حل الأزمة المالية التي تواجهها الوكالة لتتمكّن من مواصلة عملياتها المنقذة للحياة.