رأي القدس ربما تشكل عملية رفح، التي راح ضحيتها حوالى 16 جنديا مصريا كانوا يتناولون طعام الافطار عندما استولت خلية من خمسة اشخاص على عربتين مدرعتين لشن هجوم ضد اهداف اسرائيلية، نقطة تحول رئيسية في تاريخ الرئيس المصري محمد مرسي، وحركة الاخوان المسلمين على وجه الخصوص لما ترتب وسيترتب عليها من نتائج سياسية داخلية وخارجية.فهذه العملية لم تكشف عن حالة الفوضى الامنية التي تعيشها صحراء سيناء في الوقت الراهن وتمركز جماعات اسلامية متشددة فيها فقط، وانما عن مدى قوة الرئيس المصري الجديد وقدرته على اتخاذ القرارات الصعبة والحاسمة.ومن الجائز القول انه لولا هذه العملية لما تمكن الدكتور مرسي من اتخاذ قراراته الجريئة التي اصدرها امس باقالة رئيس المخابرات العامة نائب اللواء عمر سليمان والامتداد الطبيعي له ولسياساته، اللواء موافي مراد، وتعيين رئيس جديد للحرس الجمهوري، واقالة محافظ شمال سيناء، وتعيين قائد جديد للشرطة العسكرية.صحيح ان هذه القرارات صدرت بالتنسيق او بالتوافق مع الفريق حسين طنطاوي قائد المجلس الاعلى للقوات المسلحة، ولكن الصحيح ايضا ان اقالة هؤلاء الذين يعتبرون من اعمدة نظام الرئيس حسني مبارك الامني والعسكري لم تكن من الاولويات الملحة، وربما كان من الممكن ان تنتظر اسابيع او اشهرا اخرى.ربما يجادل البعض بان المسؤولين الجدد الذين جرى تعيينهم في هذه المناصب الامنية الحساسة قد لا يكونون رجال الرئيس المصري الجديد، وهذا جدل ينطوي على بعض الصحة، ولكنهم حتما لن يكونوا رجال الرئيس المخلوع حسني مبارك.لا شك ان هؤلاء الذين يتربعون على قمة الاجهزة الامنية المصرية، يتحملون المسؤولية الكبرى عن عملية معبر رفح هذه، وبالتالي الجنود الشهداء الذين سقطوا برصاص منفذيها، ولذلك يجب ان يعاقبوا ويدفعوا ثمن فشلهم الاستخباري ليس تقاعدا وعزلا وانما محاكمة ايضا على اوجه تقصيرهم.اللواء مراد موافي قال انه تلقى معلومات مؤكدة عن وجود تهديدات بهجوم ارهابي يستهدف وحدات في سيناء، مضيفا في تصريحات نسبتها وكالة الانباء المصرية الرسمية اليه، ‘ان هذه المعلومات لم تشر الى مكان او توقيت الهجوم’. وحاول التنصل من المسؤولية عندما قال ‘ان المخابرات العامة ابلغت الجهات المعنية بهذه المعلومات، وانها جهاز تجميع وتحليل المعلومات وليس جهة تنفيذية او قتالية، وان مهمته تنتهي عند ابلاغ هذه المعلومات للمعنيين بها في اجهزة الدولة’.اللواء موافي يريد ابراء ذمته، والقاء الكرة في ملعب وزارة الدفاع باتهامها بشكل مبطن بانها هي الجهة المقصرة لعدم تعاملها مع هذه المعلومات بالجدية الكافية، وربما يتهم ايضا، جهاز الامن المركزي بالقصور باعتباره مسؤولا عن امن الحدود.في جميع الاحوال جاءت هذه العملية الهجومية على بشاعتها في مصلحة الرئيس مرسي في نهاية المطاف، ووفرت له فرصة ثمينة لتطهير الاجهزة الامنية من بقايا النظام السابق ودون الصدام مع المجلس العسكري او مراكز القوى الامنية في مصر، وهذا يذكرنا بالمثل الذي يقول ‘قد يأتي الخير من باطن الشر’!Twitter: @abdelbariatwan