في صيف 2019، ثمة تعاون أمني وتجاري غير مسبوق يسود دولاً عربية مؤيدة للولايات المتحدة وإسرائيل، والعلاقات الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة ترتفع درجات. هذان الميلان يرتبطان الواحد بالآخر وينبعان من تصاعد التحديات المشتركة لكل الأطراف.
إن التوسع الإيراني نحو العراق، والبحرين، والسعودية (منطقة النفط الشيعية)، وحتى اليمن، وسوريا، ولبنان وغزة، وتهديد الإرهاب السني للإخوان المسلمين وفروعهم، مثل داعش والقاعدة، واجتياح أردوغان للعراق وسوريا وتواجده العسكري في قطر والصومال، والتحرر من وهم “الربيع العربي”، والاعتراف بكابوس التسونامي العربي – كل هذه توجد في خلفية رفع مستوى مكانة إسرائيل كحليفة مميزة للولايات المتحدة في المنطقة.
قبل نحو شهر، شرح أمين عام الجامعة العربية، وزير الخارجية المصري الأسبق، أحمد أبو الغيط، بأن “احتدام الأزمة في العلاقات مع إيران وتركيا لا يسمح بالحوار”. وقال أبو الغيط إن “إيران وأذرعها تهديد واضح على العرب والعالم والملاحة الدولية”، وأن “تركيا تتطلع إلى تحقيق أيديولوجيتها الإسلامية من خلال التدخل المباشر (في العراق، وسوريا، والصومال، وقطر) بحجة أن الأمر حيوي لأمنها القومي”. وتتدخل الدولتان في النزاعات العربية الداخلية، وأضاف: “إيران وتركيا تشعلان الأزمات في المنطقة”.
إن تركيز القوى العظمى والدول العربية على تهديد آيات الله يعكس الوزن الثانوي للمسألة الفلسطينية، كما تجسد في البحرين، وكذا في مؤتمر وارسو (شباط/فبراير 2019)، اللذين انعقدا دون تمثيل للسلطة الفلسطينية. كما أن التعاون الأمني والمدني بين إسرائيل والدول العربية يتعاظم رغم الجمود على المستوى الفلسطيني. وحسب مجلة “أتلانتيك مغازين” الأمريكية، فإن ولي العهد السعودي، مثل زعماء عرب كثيرين، “تعب من الفلسطينيين”، ويرى في إسرائيل عاملاً أساسياً في الوقوف في وجه “مثلث الشر”: إيران، والإخوان المسلمين، ومنظمات الإرهاب السنية الأخرى.
وحسب أقوال مؤسس مركز الدراسات الإستراتيجية في الإمارات العربية المتحدة، جمال السويدي: “الموضوع الفلسطيني لم يعد في رأس اهتمام العرب… ووزنه ينخفض في ضوء تحديات وتهديدات وجودية تقف أمام زعماء المنطقة”. وبالفعل، تبلغ “الغارديان” البريطانية عن تعاظم التعاون الأمني والتجاري بين إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان.
وحسب صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، التي تعبر عن مواقف الأسرة المالكة السعودية، فإن الولايات المتحدة تؤيد القصف الإسرائيلي لمواقع عسكرية إيرانية في سوريا كوسيلة لصد آيات الله. واللقاء في القدس بين مستشاري الأمن القومي للولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل دليل آخر على رفع مستوى مكانة إسرائيل الإستراتيجية.
وهكذا، فإن إسرائيل تطيل الذراع الإستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتساهم في صد عدوان آيات الله وفي استقرار الأنظمة العربية المؤيدة للولايات المتحدة، وتساعد في الحرب ضد الإرهاب الإسلامي. في الولايات المتحدة يفهمون بأن قدرات إسرائيل تقلص الحاجة إلى تعزيز منظومة حاملات الطائرات والألوية العسكرية في المحيط الهندي، وفي دول الشرق الأوسط، وفي البحر المتوسط، وتوفر على دافع الضرائب الأمريكي مليارات الدولارات في السنة.
إن تحديات الأمن في الشرق الأوسط خلقت بنية تحتية تاريخية لرفع مستوى العلاقات والتعاون الإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية المؤيدة للولايات المتحدة.
بقلم: يورام أتينغر
إسرائيل اليوم 16/7/2019